شيدت في مدينة إشبيلية الاسبانية إحدى أهم منصات تطبيقات الطاقة الشمسية، على مساحة 800 هكتار، باستثمار 1,2 بليون يورو. وتقوم شركة ''أبنجوا'' بتجربة تركيب أنواع مختلفة من التقنيات التي تأمل أن تصبح اقتصادية في المديين القريب والبعيد.
تحتوي منصة ''سوليوكار''، التي ستفوق الطاقة المركبة فيها 300 ميغاواط حين تكتمل سنة 2013، على أربع تقنيات أساسية يتم تطويرها: الأبراج الشمسية (50 ميغاواط)، المكثفات المنحنية (250 ميغاواط)، الصحون الشمسية اللاقطة (80 ميغاواط)، الخلايا الفوتوفولطية (3,1 ميغاواط). في هذه المنصة ثلاثة أبراج شمسية. الأول صغير ومخصص للأبحاث والتطوير. والثاني (PS 10) بطاقة 10 ميغاواط، وهو أول تطبيق تجاري لهذه التكنولوجيا في العالم يولد الكهرباء ويبيعها للشبكة العامة، بعد تركيز الطاقة الشمسية من 624 لاقطاً شمسياً بمساحة 120 متراً مربعاً لكل منها على البرج الذي يرتفع 115 متراً. وينتج هذا البرج طاقة تكفي 6000 منزل، وتصل كفاءة تحويل طاقة الشمس إلى بخار إلى 92 في المئة.
أما الثالث (PS 20) فهو أضخم برج تجاري في العالم، وهو نسخة مطورة عن البرج الأول بطاقة 20 ميغاواط وتكنولوجيا محسنة تم تدشينها في أيلول (سبتمبر) 2009 بحضور ملك وملكة إسبانيا. يحتوي هذا المشروع على 1255 عاكساً شمسياً بمساحة 120 متراً مربعاً لكل منها، تركز الطاقة الشمسية على برج مركزي طوله 165 متراً لتوليد الطاقة من تبخير الماء، ليتم بيعها الى الشبكة العامة بقيمة 0,3 سنت يورو للكيلوواط ساعة. ينتج هذا البرج طاقة تكفي 10,000 منزل، ويحول دون إصدار 12,000 طن من ثاني أوكسيد الكربون.
ويتم حالياً دراسة تركيب برج جديد (AZ20) ذي فعالية أعلى، بناءً على الدروس المستخلصة من البرجين الأولين. وتبقى حاجة هذه المعامل حالياً الى كميات كبيرة من المياه عائقاً أمام التوسع في استخدامها في المناطق الجافة. كذلك تحاول الشركة التغلب على مشكلة تخزين الطاقة، وقد توصلت حتى الآن إلى امكانية تخزين لساعة واحدة فقط.
تقوم المكثفات الشمسية المنحنية بتركيز أشعة الشمس على أنبوب وسطي يحوي سائلاً ناقلاً للحرارة لإنتاج البخار ثم الكهرباء. ويتم تركيب ثلاثة معامل (Solnova 1,3,4) من هذا النوع حالياً بقدرة 50 ميغاواط لكل منها. ويحتوي كل معمل على 300,000 متر مربع من المرايا و4320 وحدة لاقطة بطول 12,5 متراً للوحدة، ويغطي 120 هكتاراً. وقد تم عام 2009 الإنتهاء من تركيب أول هذه المعامل. وتعمل ''أبنجوا'' على تطوير صناعة المرايا والتجهيزات الكهربائية للمشروع محلياً. كما تعمل على تركيب معملين آخرين (Solnova 2,5) بالتكنولوجيا ذاتها والقدرة ذاتها.
أما تكنولوجيا الصحون الشمسية اللاقطة، التي تتابع الشمس وتركز أشعتها على نقطة مركزية فوق الصحن مثلما تفعل صحون الأقمار الإصطناعية أو لواقط البث التلفزيوني، فما زالت في طور التحديث والتطوير. وتهدف الشركة إلى تركيب 80 ميغاواط من القدرة باستعمال هذه التكنولوجيا.
وتضم المنصة ''معمل إشبيلية للطاقة الفوتوفولطية'' بقدرة 1,2 ميغاواط، وهو أكبر معمل تجاري يحوي عواكس منخفضة التركيز (1,5 ـ 2,2 مرة) ويتابع الشمس على محورين. وقد تم ربطه بالشبكة العامة في نيسان (أبريل) 2006، وهو يعمل بشكل متواصل منذ كانون الأول (ديسمبر) 2006. يضم هذا المعمل 154 هيكلاً، يحوي كل منها 36 لوحة شمسية بمساحة 100 متر مربع. ويتم تجربة ثلاث فئات من العواكس لرفع الكفاءة: عاكس واحد، عاكسان أفقيان، وعاكسان عموديان. وينتج المعمل 2100 ميغاواط ساعة سنوياً، وهو يقوم على مساحة 12 هكتاراً، وتبلغ مساحة الخلايا الضوئية فيه 5913 متراً مربعاً.
تضم المنصة أيضاً معمل ''كاسكويميدا'' الذي يحوي 135 هيكلاً متابعاً للشمس على محورين من دون تركيز شمسي، و18 هيكلاً متابعاً بتركيز عال (500 مرة) وطاقة إجمالية تبلغ 1,89 ميغاواط على مساحة 17 هكتاراً. وقد فاقت إنتاجية هذا المعمل خلال عامه الأول كل التوقعات، وأنتج 4 ملايين كيلوواط ساعة، مجنباً إنتاج 1250 طناً من ثاني أوكسيد الكربون.
حازت هذه المنصة جائزة الطاقة الشمسية للعام 2008 كأفضل مساهمة في تطوير الطاقة الشمسية في إسبانيا، التي تمنحها الجمعية الأوروبية للطاقة المتجددة. وبسبب التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة، تحولت هذه المنصة الى محجة للبيئيين والسياسيين، بمن فيهم أعضاء من البرلمان الأوروبي. ويفترض أن تنتج حين اكتمالها طاقة نظيفة تكفي 153,000 منزل، وتجنب انبعاث 185,000 طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً. وتتوقع الشركة أن تصبح كلفة الطاقة الكهربائية الشمسية مساوية لكلفة الطاقة من الوقود الأحفوري بحلول سنة 2017. أما من ناحية الاقتصاد المحلي، فتوظف هذه المنصة 300 شخص.
وقد بدأت ''أبنجوا'' دراسة وتنفيذ بعض مشاريع الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا، خصوصاً في المغرب والجزائر. ويتم تركيب معامل هجينة تعمل على الغاز والطاقة الشمسية لزيادة الفعالية. كما تتعاون الشركة مع عدة مشاريع أوروبية ـ متوسطية لتركيب عدد من المعامل في منطقة جنوب المتوسط الغنية بأشعة الشمس.
الدكتور أحمد حوري أستاذ الكرسي الأوروبي العربي للطاقة المتجددة في المؤسسة الأوروبية العربية للدراسات العليا في غرناطة بإسبانيا.
كادر
أطلقه الملك محمد السادس لينتج 10% من كهرباء المغـرب
المشروع المغربي للطاقة الشمسية
محمد التفراوتي (الرباط)
يتمتع المغرب بموقع جغرافي استراتيجي كمركز رئيسي في المبادلات الكهربائية المتنامية بين بلدان البحر المتوسط، فضلاً عن وجوده في ملتقى طرق طاقية عالمية. وهو يتميز بمؤهلات ضخمة من الطاقة الشمسية، من خلال إشعاع يفوق خمسة كيلوواط / ساعة في المتر المربع يومياً على مدى 3000 ساعة سنوياً.
وقد انخرط المغرب في مشاريع ذات بعد إقليمي، من قبيل المخطط المتوسطي الشمسي ومشروع ''ديزيرتيك''، تشجع على تقوية التفاعل بين مشاريع إنتاج الطاقة الشمسية في الفضاء الأورو ـ متوسطي.
وترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، في قصر المؤتمرات في ورزازات جنوب المغرب، حفل تقديم ''المشروع المغربي للطاقة الشمسية'' الذي تبلغ الاستثمارات المخصصة لإنجازه تسعة بلايين دولار. وأفادت السيدة أمينة بنخضرة، وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، أن هذه المبادرة تروم إنشاء قدرة إنتاجية للكهرباء الشمسية تبلغ 2000 ميغاواط في أفق 2020. وسيرفع المشروع حجم إنتاج الطاقة الكهربائية من أصل شمسي إلى 10 في المئة من الطلب الوطني على الكهرباء سنة 2020.
وسيتوفر المغرب على طاقة نظيفة تمكنه من تقليص استيراد حاجاته من الطاقة بتوفير مليون طن من المحروقات الأحفورية سنوياً، مما سيؤدي أيضاً الى تجنب انبعاثات ما يناهز 3,7 ملايين طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
وأبرز السيد علي الفاسي الفهري، المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء، أن هذا المشروع يعد من أضخم مشاريع إنتاج الكهرباء من مصدر شمسي على الصعيد الدولي، وسيمكن من بلوغ طاقة إنتاجية من الكهرباء تناهز 4500 جيغاواط / ساعة سنوياً، أي ما يعادل 18 في المئة من الإنتاج الوطني الحالي. وهو سيرفع حصة الطاقات المتجددة في المغرب إلى 42 في المئة بحلول سنة 2020، في مقابل 26 في المئة حالياً. وسيبدأ سنة 2015 استغلال محطة ورزازات، وهي المحطة الأولى من المحطات الخمس المنتقاة التي تبلغ مساحتها الإجمالية 10 آلاف هكتار. أما المحطات الأربع الأخرى ـ عين بني مطهر، فم الواد، بوجدور، وسبخت الطاح ـ فسيتم تشغيلها ابتداءً من سنة 2020.
وأضاف أن حجم إنتاج الطاقات المتجددة سنة 2020 سيتوزع بالتساوي بين الطاقة الشمسية (14 في المئة) والطاقة الريحية (14 في المئة) والطاقة الكهرمائية (14 في المئة).
وينشد هذا المشروع، موازاة مع إنتاج الكهرباء، تطوير برامج أخرى من قبيل التدريب والتخصص التقني والبحث والتطوير وتأهيل صناعة شمسية مندمجة وإمكانية تحلية مياه البحر. وسيتم من خلاله إنشاء مركز متخصص بأبحاث الطاقة. كما تم إحداث ''الوكالة المغربية للطاقة الشمسية'' التي تتولى الإشراف على تنفيذ المشروع.
أما التمويل فسيكون عن طريق سندات عمومية وخاصة، وطنية وأجنبية، فضلاً عن آليات التمويل المتوفرة في إطار التعاون الثنائي أو المتعدد الأطراف.
يشار الى أن ''المشروع المغربي للطاقة الشمسية'' مشروع مندمج للإنتاج الكهربائي باستعمال الطاقة الشمسية، في إطار الإستراتيجية الطاقية الجديدة التي تم وضعها بتوجيهات ملكية وتولي أولوية بالغة لتنمية الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة. وقد اختيرت خمسة مراكز لإطلاقه، تتوزع ما بين ورزازات كأول محطة مدرجة، يتوقع أن تدخل حيز الاستغلال سنة 2015.