Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
ديبرا أموس (NPR) الجفاف في سورية  
شباط (فبراير) 2010 / عدد 143
 يواجه الشرق الأوسط أسوأ أزمة مائية منذ عقود. فخلال ثلاثة مواسم متتالية امتنعت الأمطار السنوية عن الهطول بالكميات المألوفة. وجفت أراض زراعية شاسعة في أنحاء المنطقة، من العراق وسورية الى لبنان وجنوب شرق تركيا.
في حين كان النفط هو المورد الذي ميز القرن الماضي، فان المياه وشحها قد يميزان هذا القرن. ويقول خبراء إن المناخ يزداد سخونة في منطقة ''الهلال الخصيب''، مما يزيد نقص المياه ويساهم في خلق ظاهرة جديدة هي ''لاجئو المياه''. وفضلاً عن موجات الجفاف لسنوات متتالية، انحسر دفق المياه الجارية باقامة السدود على نهري دجلة والفرات.
قلما سقط المطر على الأراضي الزراعية الجافة المتشققة في شمال سورية خلال هذا الشتاء. في الماضي، كانت الحقول خضراء معظم السنة، لكن موجات الجفاف الصيفية ألقت بثقلها وكانت كلفتها باهظة. أرض البادية رعوية شاسعة في شرق سورية، يربي فيها آلاف الرعيان قطعان الغنم. وفي البادية قرية تقليدية تدعى الدامي، بيوتها على شكل قبب بيضاء من الطين المشوي. في الصيف هجرها سكانها كلياً خلال أقسى أشهر الجفاف. وتقول القروية نوفا حميد (51 سنة) التي ترعى الأغنام منذ طفولتها: ''لم يكن هناك ماء، بل رمال كثيرة غطت كل شيء وملأت حتى المطبخ".
الحياة لم تكن سهلة في القرية. لكن أسمر محمد (43 سنة)، وهو راع لف جسمه بثوب من الصوف الأسود اتقاء من برد الشتاء، يقول إنه كان ''غنياً'' يملك أكبر قطيع في المنطقة. لكنه اضطر الى سوق قطيعه مسافة تزيد على 250 كيلومتراً بحثاً عن الماء. وبسبب الجفاف وانعدام العشب اضطر الى شراء العلف لخرافه الـ 275، ما اضطره بالتالي الى بيع البعض منها لإطعام البقية. ويتابع بحزن: ''كان علي أن أفعل ذلك وإلا نفقت، وعلي إطعام اطفالي. قبل الجفاف، كان لدي 400 رأس، وكانت أحوالنا جيدة، لكن هذا الجفاف ينغِّص عيشنا".
 
لاجئو المياه
في سورية حالياً أكثر من 160 قرية هجرها سكانها. وأفاد تقرير للأمم المتحدة حول الجفاف أن 800 ألف مواطن سوري فقدوا مصدر رزقهم. وترك مئات الألوف أراضيهم التي كانت خصبة فتحولت غباراً متناثراً، ونصبوا الخيم قرب المدن الكبرى باحثين عن أي نوع من العمل.
يقول الخبير الاقتصادي السوري نبيل سكّر: ''إنها حالة طوارئ، واذا مرت علينا سنتان أخريان من الجفاف فعندئذ سنتعرض لأزمة''. وقد عمل سكر سابقاً لدى البنك الدولي، ويرأس حالياً شركة استشارية خاصة للتنمية والاستثمار. وهو أجرى أبحاثاً حول هذه الحالة الطارئة وتكاليفها الاقتصادية والاجتماعية. ويضيف: ''لقد خرجت وشاهدت بعض الناس في الخيام، وسألتهم من أين يأتون وكيف يتدبرون أمورهم، فكانوا يجيبونني بأنهم يجدون أعمالاً لمدة قصيرة. لكن هذا لا يفي بمتطلبات الحياة".
النزوح الجماعي الى المدن أفرز مجتمعاً جديداً من المهجَّرين في سورية والعراق. يقول حسين عامري، وهو خبير بادارة المياه في الشرق الأوسط وأستاذ في معهد المناجم بولاية كولورادو الأميركية: ''إن شح المياه يدفع الناس الى ترك أراضيهم''. ويرى أن إخفاقات السياسة زادت هذه الحالة الطارئة سوءاً، معتبراً أن ''هؤلاء اللاجئين هم لاجئو مياه بامتياز''، مشيراً الى أن أزمة المياه تراكمت طوال سنوات.
ويضيف عامري: ''إن لاجئي المياه هم نتاج تغير المناخ، وسوء ادارة موارد المياه، والتفجر السكاني، وأمور كثيرة. إنها عاصفة كاسحة تدمر القطاع الزراعي الريفي في سورية والعراق".
 
تقنيات متخلفة
تقع مدينة تدمر الى الشرق من العاصمة السورية دمشق، وتعتبر آثارها الرومانية جاذباً للسياح وبالتالي مصدر رزق للسكان المحليين. وتدمر التي ألحق بها الجفاف أضراراً بالغة هي أيضاً مقر استجابة الحكومة السورية للمشكلة. وتشمل اجراءات الطوارئ تقديم مساعدات غذائية للعائلات وقروض ميسَّرة للمزارعين. وفي المكتب الحكومي للتنمية، يشير محسن نحاس الى أن تدمر تختبر تقنيات جديدة للاقتصاد بالمياه، ومنها الواحة التي يتم إنشاؤها حيث تروى المزروعات بنظام التنقيط. ويعرض للزوار صوراً توضح ما يتصدى له: عاصفة غبارية ضخمة الى حد أنه يمكن مشاهدتها من الفضاء على محرك البحث ''غوغل إيرث''. الأوضاع على الأرض لا تحتمل: رمال تذرها الرياح الى داخل البيوت، فتمتزج مع الطعام وتغشي أبصار السكان. ومع اتساع رقعة الجفاف، تلوح أزمة غذائية، ولأول مرة بات على سورية الآن أن تستورد القمح.
ويرى نبيل سكّر أن الأوضاع لن تتحسن ما لم تغير البلاد تاريخاً من الهدر المائي والتقنيات الزراعية التي عفا عليها الزمن. ويقول: ''لسوء الحظ، لم ندخل التكنولوجيا الحديثة، ولذلك نعتمد كلياً على سقوط المطر''. لكنه يؤكد أن انحباس المطر ليس السبب الوحيد للمشكلة، فسورية والعراق يعزوانها الى شبكة السدود الهائلة التي أقامتها تركيا على نهري دجلة والفرات، ما قلص الامدادات المائية بنسبة 50 في المئة.
وتركيا منبع النهرين اللذين تعتمد عليهما سورية والعراق. وهناك اتفاقية غير رسمية تحدد تدفق المياه في مجرى النهرين. يقول سكر: ''عندما تسوء علاقاتنا بتركيا، يخفضون دفق المياه رغم الاتفاقية. وحالياً، الحمد لله، علاقاتنا ممتازة مع تركيا، ونأمل ألا نشهد قطعاً للمياه".
تقول تركيا إن هناك مياهاً كافية للجميع، لكن سورية والعراق يهدران حصتيهما. ويرى خبير المياه حسين عامري أن الأتراك على حق جزئياً، مشيراً الى أن ''المسألة تتعلق بالمياه، لكنها تمتد أبعد من المياه''. ويعتبر أن المفتاح لتلافي أزمة مائية هو إدارة أكثر كفاءة لمورد شحيح، لكنه يضيف أن السياسة هي المشكلة وليس المناخ: ''كثير من العرب يعتقدون أن تركيا تحاول أن تثبت نفسها كقوة إقليمية عظمى، وهي تستغل المياه كأداة لتعزيز ذلك النفوذ''.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.