Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عماد فرحات الدين يحمي الأرض  
شباط (فبراير) 2010 / عدد 143
 اجتمع المسلمون والمسيحيون واليهود والبهائيون والبوذيون والهندوس والشنتو والطاويون والسيخ في قلعة وندسور قرب لندن، ولديهم جميعاً أجندة بيئية موحدة: حماية البيئة والمناخ. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 استضاف ''تحالف الأديان والمحافظة على البيئة'' (ARC) ومقره بريطانيا، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، نحو 200 مندوب من تسعة أديان رئيسية في العالم يمثلون 60 طائفة ومنظمة دينية.
أعلن المجتمعون عدداً من المبادرات العملية، من اختيار عشر مدن لتنفيذ خطة عمل إسلامية لمدة سبع سنوات، الى حماية الغابات المقدسة (تمتلك الأديان أو تدير 5 في المئة من غابات العالم)، وطباعة الكتب المقدسة على ورق صديق للبيئة (يطبع كل سنة نحو 15 مليون نسخة من القرآن الكريم و75 مليون نسخة من الانجيل)، وبرامج مكثفة للتوعية البيئية من خلال الدور الرسمي وغير الرسمي للأديان في المدارس. وتشمل المبادرات أيضاً امداد جميع المعابد الطاوية في الصين بالطاقة الشمسية، واعتماد معايير بيئية جديدة لملصقات المنتجات تستند الى مبادئ الايمان، وغرس 8,5 ملايين شجرة في تنزانيا، واختيار مصادر وقود مستدامة بيئياً لمعابد السيخ في الهند (التي تقدم الطعام لنحو 30 مليون شخص يومياً)، وتخضير المنشآت الدينية، واعتماد سياسات السياحة البيئية لحجاج الأماكن المقدسة.
ويتعاون تحالف ARC مع الأديان الرئيسية في العالم لتطوير برامجها البيئية بناء على تعاليمها ومعتقداتها وممارساتها. وقد أطلق برنامج الأمم المتحدة الانمائي عام 2007، بالشراكة مع التحالف، برنامجه للعمل مع الأديان الرئيسية من أجل التصدي لتغير المناخ والقضايا البيئية، بحيث تنظر في كيفية تطوير ''التزامات بعيدة المدى من أجل كوكب ملائم للحياة''، تحدد سلوك المؤمن ونظرته لأجيال مقبلة. فتوصلت الأديان المختلفة الى مجموعة كبيرة من المبادرات المبنية على معتقداتها وممارساتها، سوف تصاغ في خطط لخمس وسبع وثماني وتسع سنوات.
لماذا الأديان؟ لأن معظم الناس يعتنقون ديناً، وتصل الأديان الى 85 في المئة من سكان العالم الذين يبلغ عددهم نحو 6,8 بلايين نسمة. وبحسب ''أطلس الأديان'' للعام 2007، هناك نحو 2,1 بليون مسيحي في أنحاء العالم، و1,34 بليون مسلم، وأكثر من 950 مليون هندوسي، ونحو 60 مليون طاوي، و24 مليون سيخي، و13 مليون يهودي. لذلك فان ما تفعله الأديان أو لا تفعله بموجوداتها وبنفوذها يؤثر كثيراً.
وتمتلك المؤسسات الدينية أوقافاً شاسعة تشكل 7 الى 8 في المئة من سطح الأرض الصالح للعيش. ولديها شبكات ضخمة من وسائل الاعلام. وهي تقدم خدمات الصحة والتعليم، وتدير أو تساهم في أكثر من نصف المدارس في أنحاء العالم، وتشرف على أكثر من 7 في المئة من الاستثمارات المالية الدولية. وكثيراً ما تكون القيادات الدينية موضع ثقة أكثر من الحكومة والقادة العسكريين.
ولعل أهم من كل ذلك، في رأي مارتن بالمر أمين عام تحالف الأديان وحماية البيئة، أن الأديان هي مصدر إلهام ورجاء في وقت يشعر أناس كثيرون باليأس لضخامة التحديات البيئية التي يواجهها العالم. وهو يضيف: ''ساعدت الأديان طوال قرون في تحفيز الناس والمجتمعات على العمل. انها توفر الاستقرار والقدرة على التكيف والاحتمال في عالم فشلت فيه مبادرات كثيرة لافتقارها الى عمق الجذور. وهي يمكن أن تأتي بمنظور طويل الأمد يكون مبنياً على التفاؤل أكثر مما على الخوف".
 
مبادرة إسلامية خضراء
وفق خطة إسلامية مدتها سبع سنوات (2010 ـ 2017) سوف تصبح المدينة المنورة، وهي ثانية أهم المدن الاسلامية بعد مكة المكرمة، مدينة خضراء نموذجية. والمدينة المنورة نقطة انطلاق استراتيجية لها القدرة على إطلاق حملة خضراء في مناطق مجاورة.
قدم خطة السنوات السبع في مؤتمر وندسور الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية. ومن المبادرات الرئيسية التي تشملها:
- تنظيم وتنفيذ ''حج أخضر''، فهناك ما بين مليونين وثلاثة ملايين شخص يزورون مكة أثناء موسم الحج وحده، لذا فان تحقيق حج صديق للبيئة سوف يثمر فوائد فورية.
- انشاء ''مسجد أخضر'' وتقديم هذا النموذج لأبنية اسلامية أخرى في أنحاء العالم.
- في المرحلة الأولى، تطوير مدينتين أو ثلاث مدن نموذجية خضراء. وفي المرحلة الثانية، تهيئة عشر مدن اسلامية اخرى لتنفيذ النموذج.
- ادخال التوعية البيئية في التربية الاسلامية.
- اصدار نسخ قرآنية ''خضراء'' تطبع على ورق منتج من خشب مستدام.
- إحداث قناة تلفزيونية متخصصة تركز على الاسلام والبيئة.
- إحداث نظم مكافآت وجوائز للتفوق في هذا المجال.
بوجود نحو بليون ونصف بليون مسلم في أنحاء العالم حالياً، فان خطة السنوات السبع لا تمهد الطريق فقط لزيادة التعاون والحوار بين الأديان، بل سيكون لها أيضاً أثر بيئي كبير. وبحضور الدين كأساس جديد لحركة خضراء، بات للقضايا البيئية الحيوية جمهور جديد وقوة حياتية جديدة لهما القدرة على دفعها بسرعة الى الأمام. وهذا لا ينتج فقط زيادة في الوعي، وإنما حلولاً فعالة وطويلة الأجل لعدد متزايد من الهموم البيئية.
كادر
البابا بندكتوس: إذا شئت زرع السلام فاحمِ الخليقة
خصص البابا بندكتوس السادس عشر رسالته التقليدية في رأس السنة الميلادية 2010 لدعوة الناس الى تعديل أنماط حياتهم من أجل إنقاذ الأرض والبشرية، معتبراً أن المسؤولية البيئية ضرورية للسلام العالمي. هنا مقتطفات من رسالته
ان النمو البشري الكامل مرتبط بشكل وثيق بالواجبات المتأتية من علاقة الإنسان مع البيئة الطبيعية، لكونه عطية من عند الله للجميع ويقتضي مسؤولية مشتركة تجاه الإنسانية بأسرها وخصوصاً تجاه الفقراء والأجيال الآتية.
لعشرين سنة خلت، وإذ كرس البابا يوحنا بولس الثاني رسالة يوم السلام العالمي لموضوع ''السلام مع الخالق، السلام مع الخليقة كلها''، لفت الانتباه إلى علاقتنا مع الكون الذي يحيط بنا لكوننا خلائق الله. ''يشعر المرء في أيامنا ـ كتب البابا ـ بالإدراك النامي أن السلام العالمي مهدد ... حتى من عدم الاحترام الواجب للطبيعة''. ويضيف أن الضمير الإيكولوجي ''يجب ألا يُخنق بل أن يُعزز لكي ينمو وينضج عبر تعبير ملائم عنه في برامج ومبادرات عملية''. لقد أشار كثير من أسلافي إلى العلاقة القائمة بين الإنسان والبيئة. فعلى سبيل المثال، أكد البابا بولس السادس أنه ''من خلال استغلال مفرط للطبيعة قد يجازف (الإنسان) بتدميرها وقد يقع ضحية لهذا الخراب''. وأضاف أنه في تلك الحالة ''لا تصبح البيئة المادية تهديداً مستديماً وحسب ـ التلوث والنفايات، أمراض جديدة، قوة دمار مطلقة ـ إنما الإطار البشري لا يعود تحت سيطرة الإنسان، ما يؤدي إلى نشأة بيئة مستقبلية قد لا تُحتمل. هذه معضلة اجتماعية ذات أبعاد واسعة تتعلق بالأسرة البشرية بكاملها".
في العام 1990 تحدث البابا يوحنا بولس الثاني عن ''أزمة إيكولوجية''. وإذ أكد على طابعها الأدبي أشار إلى ''الضرورة الأدبية الملحة لتضامن جديد''. يصبح هذا النداء أكثر إلحاحاً اليوم أمام تنامي أشكال أزمة لا بد من اعتبارها بطريقة مسؤولة. كيف نبقى لا مبالين بالمعضلات المتأتية عن ظواهر مثل تغير المناخ، والتصحر، وتدهور وتقلص قطاعات إنتاجية زراعية واسعة، وتلوث الأنهر والمياه الجوفية، وفقدان التنوع البيولوجي، وازدياد ظواهر طبيعية قصوى، وإزالة الغابات في المناطق المدارية والاستوائية؟ كيف لنا تجاهل ظاهرة ''لاجئي البيئة'' المتنامية: أشخاص يضطرون، بسبب تدهور البيئة التي يعيشون فيها، الى مغادرتها ـ وترك ما يملكون في غالب الأحيان ـ لمواجهة مخاطر تهجير قسري؟ كيف لنا ألا نتصرف حيال نزاعات دائرة وأخرى متوقعة مرتبطة بالموارد الطبيعية؟ إنها مسائل تحمل تأثيراً قوياً على ممارسة الإنسان، شأن الحق في الحياة والتغذية والصحة والنمو.
على كل حال، لا يمكن تقييم الأزمة البيئية بمعزل عن المسائل المرتبطة بها، لعلاقتها القوية بمفهوم النمو نفسه وبرؤية الإنسان وعلاقاته مع أمثاله والخليقة. لذا من الحكمة إجراء مراجعة عميقة وبعيدة النظر في نموذج النمو الذي نعتمده، تأخذ في الاعتبار معنى الاقتصاد وغاياته لتصحيح ما يشوبه من خلل وعيوب. هذا ما تقتضيه صحة الكوكب الإيكولوجية، وما تتطلبه خصوصاً الأزمة الثقافية والخُلُقية للإنسان التي تبرز أعراضها منذ زمن في أنحاء العالم كافة. تحتاج الإنسانية إلى تجدد ثقافي عميق وإعادة اكتشاف تلك القيم التي تشكل الأساس الصلب لبناء مستقبل أفضل للجميع. إن الأزمات التي تجتازها الإنسانية حالياً ـ أكانت ذات طابع اقتصادي أم غذائي أم بيئي أم اجتماعي ـ هي أيضاً في العمق أزمات خُلُقية مترابطة، إذ تجبرنا على إعادة رسم مسيرة البشر المشتركة. أزمات تلزمنا خصوصاً بنمط حياة مطبوع بالاعتدال والتضامن، مع قواعد وأشكال التزام جديدة تتطلع بثقة وجرأة إلى الخبرات الإيجابية وتنبذ بحزم تلك السلبية. على هذا النحو فقط تصبح الأزمة الحالية فرصة للتميّز ولتخطيط استراتيجي جديد.
من الضروري أن يحترم النشاط الاقتصادي البيئة بشكل أفضل. عندما تتوافر الموارد الطبيعية تتوجب حمايتها من خلال تقييم مدى تأثيرها البيئي والاجتماعي على النشاطات الاقتصادية. ويعود إلى المجتمع الدولي والحكومات الوطنية إعطاء المؤشرات الصحيحة للتصدي بشكل فاعل لسوء استغلال البيئة. فمن أجل حماية البيئة وصيانة الموارد والمناخ لا بد من التصرف ضمن احترام قواعد دقيقة، ومن وجهة النظر القانونية والاقتصادية، والتضامن في الوقت نفسه مع سكان المناطق الأكثر فقراً ومع الأجيال الآتية.
يبدو أمراً ملحاً التوصل إلى تضامن صادق بين الأجيال. ينبغي ألا تتحمل أجيال المستقبل ثمن استخدامنا الموارد البيئية المشتركة. لقد ورثنا الأجيال الغابرة، واستفدنا من عمل أبناء زمننا، لذلك تقع على عاتقنا واجبات تجاه الجميع، ولا يسعنا بالتالي ألا نكترث بالأجيال الآتية لتوسيع حلقة الأسرة البشرية. التضامن العالمي هو نفع لنا وواجب علينا. إنها مسؤولية الأجيال الحاضرة تجاه الأجيال الآتية، وهي تقع أيضاً على عاتق الدول والمجتمع الدولي. من بين أسباب الأزمة البيئية الحالية، لا بد من الإقرار بالمسؤولية التاريخية للبلدان الصناعية. ومع ذلك فإن البلدان الأقل نمواً، وخصوصاً الاقتصادات الناشئة، ليست معفاة من مسؤولياتها تجاه الخليقة، لأن من واجب الجميع تبني إجراءات وسياسات بيئية فاعلة بشكل تدريجي. قد يحصل هذا بسهولة أوفر لو أدت المصالح الخاصة دوراً أقل في تقديم المساعدات وتقاسم المعرفة والتكنولوجيات النظيفة.
يبدو بصورة جلية أن موضوع التدهور البيئي يتعلق بتصرفات كل واحد منا، بأنماط الحياة ونماذج الاستهلاك والإنتاج السائدة حالياً والمرفوضة غالباً من وجهة النظر الاجتماعية والبيئية وحتى الاقتصادية. بات من الضروري أن يحصل تبدل في الذهنية يحمل الجميع على تبني أنماط حياة جديدة ''يكون فيها البحث عن الحق والجمال والخير والتعاون مع الغير في سبيل نمو مشترك عناصر تحدد خيارات المستهلك والتوفيرات والاستثمارات''. ودور التوعية والتنشئة يقع بنوع خاص على عاتق مختلف مكونات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الساعية بحزم وسخاء لنشر مسؤولية إيكولوجية تكون أكثر ارتباطاً باحترام ''الإيكولوجيا الإنسانية''. ينبغي بالتالي تحسيس وسائل الإعلام في هذا الإطار من خلال طرح نماذج إيجابية تكون مصدر وحي لها. الاهتمام بالبيئة يقتضي رؤى واسعة وشاملة للعالم وجهداً مشتركاً ومسؤولاً، للعبور من منطق يستند إلى المصلحة القومية الأنانية إلى رؤية تطال احتياجات جميع الشعوب. لا يسعنا البقاء غير مبالين بما يحصل حولنا، لأن تدهور أي شطر من الأرض يعود بالضرر على الجميع.
إذا شئت زرع السلام، فاحمِ الخليقة. وبالتالي فإن حماية البيئة الطبيعية لبناء عالم سلام هي واجب على كل شخص وعلى الجميع.
كادر
المطران الياس عوده: من أجل بيئة حيَّة...
لنغيِّر نمط عيشنا ولنتصرَّف بذكاء
مقتطفات من عظة رأس السنة التي ألقاها المطران الياس عوده، متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس، صباح 1 كانون الثاني (يناير) 2010
نتوجه إلى الرب الخالق لنسأله البركة في بداية السنة، ونطلب إليه أن يجعل السنة المقبلة سنة خير ورفاه واستقرار بإرسال الأمطار في أوقاتها، وانتظام الرياح، واعتدال الفصول وسائر أسباب الخِصْبِ ووَفْرَةِ الغلال. لطالما كان انتظامُ الكون موضعَ تساؤلٍ وتعجب عند العلماء، وغير المؤمنين منهم بشكل خاص.
لطالما فتش الملحدون عن سببٍ علمي لهذا التناغم العجيب الفريد في الطبيعة وما زالوا. وجوابُنا نحن معشرَ المؤمنين بالله الواحد أنه هو تعالى مَن خلق هذا الكون على هذا الشكل المنسّق وهو من ملّك الإنسان عليه. ولكن ماذا فعل الإنسان؟ عوض أن يحافظ على البيئة التي يعيش فيها، لكي يحافظ على نفسه، على حياته وحياة ذرّيته، راح يعيثُ فيها خراباً.
الإنسان مبدعٌ خلاّق حين يشاء، وأنانيٌّ هدّام في معظم الأحيان، يسخّرُ كل شيء لمصلحته، غير عابئ بالنتائج السلبية لأعماله، وغير مهتم بمن سيأتي بعده. هكذا، على مر الأجيال، وبسبب تعدّيه على الطبيعة، بدأ نظام الطبيعة يتبدل، فلم نعد نشهد فصولاً أربعة، وارتفعت حرارة الأرض وعمَّ الجفاف والتصحّر والتلوّث فانقرضتْ أنواع نباتية وحيوانية، وزالت غابات كثيرة، وكثرت العواصف والأعاصير والفيضانات. ونتج عن هذه الكوارث الطبيعية تشريد الملايين، فشهدنا بعد لاجئي الحروب لاجئين بسبب الكوارث الطبيعية، وبعد الجوع بسبب الفقر جوعاً بسبب شح الموارد الطبيعية. وهناك مَن يبشرنا بخطر ذوبان الكتل الجليدية إذا استمرت حرارة الأرض بالإرتفاع، بسبب انبعاث الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، مما سيؤدّي إلى ارتفاع منسوب مياه البحر وربما إلى زوال بعض الجزر والبلدان.
صورة سوداوية بلا شك، تجلّت بشكل واضح بعد قمة كوبنهاغن التي تلاقى خلالها مسؤولو الدول لمعالجة مشكلة هذا الكوكب الفريد الذي نعيش عليه.
نحن لا نعرف الكثير عن بقية الكواكب، والأمر العجيب أنّ الإنسان يحاول اكتشافها ويهدر الوقت والمال من أجل ذلك، ولم يَعِ إلاّ متأخراً أنّ عليه الإهتمام بكوكبه، بالأرض، وحمايتها بكل ما تختزنه من خيرات وما تحويه من تنوّع بيئي، وأنّ عليه الحفاظ على توازنها ليحافظ على الحياة عليها.
إنّ تأمين بيئة حية نظيفة مسؤولية مشتركة علينا جميعاً نحن البشر أن نتحمّلها. وأعتقد أنه يتوجب علينا تغييرُ نمط عيشنا والتصرّفُ بذكاء والتخلّصُ من العادات السيئة للحصول على نوعية حياة أفضل.
وهناك أمور بسيطة للغاية، إذا حاولنا القيام بها، نكون قد ساهمنا في الحفاظ على بيئتنا ومددنا يد العون للمسؤولين الذين نطالبهم بالكثير وقد نبخل عليهم بالقليل مما هو في مقدورنا.
فماذا يُكلّفنا إذا زرع كلٌّ منا شجرةً في أرضه أو شتولاً على شرفة منزله، وإذا خفف من هدر الماء أو الطاقة، وإذا تجنّب صيد الطيور لتبقى سيمفونية زقزقتها تملأ السماء، أو توقّف عن قطع الأشجار أو التسبب في حرق الغابات أو تلويث الهواء؟
ولمَ لا يكون كلٌّ منا صديقاً للبيئة فلا يستعمل ما هو مؤذٍ لها ويستبدله بما هو مفيد؟ لِمَ لا نستعمل مثلاً الطاقة الشمسية عوض مصادر الطاقة الأخرى، وقد حبانا الله مناخاً تشرق فيه الشمس كلَّ يوم تقريباً؟ ولِمَ لا نستعمل مصادر الطاقة المتجددة التي يكثر الحديث عنها في أيامنا كالرياح والمياه والشمس لتوليد الكهرباء عوض الاتكال على المعامل أو المولدات التي تنفث سموماً في الهواء؟ ولِمَ لا نزرع الأشجار في مواقع الكسارات والمقالع التي استنزفناها، وكلنا يعرف أنّ الشجرة تختزن الكربون الذي يسبّب الاحتباس الحراري وتعطي الأوكسجين الذي ينقي الهواء؟ ولِمَ لا نفرز النفايات ونستفيد منها عوض تكديسها في بعض الأماكن وتشويه البيئة وإيذائها؟ ولِمَ لا نحافظ على المساحات الخضراء عوض هدرها من أجل بناء الأبراج وتكديس الباطون؟
الأمثلة كثيرة ومعظمها في متناول الجميع. ومتى عمّ الوعي البيئي وخفّ الجشع وتحسَّنَ السلوكُ البشري، ربما خفّ أنينُ الطبيعة وخفّ الضرر الذي يلحق بالإنسان وبسائر الكائنات الحية.
ربّنا خلق الكون وما فيه، ثم خلق الإنسان مَلِكاً على الكون، ومن واجب الإنسان الحفاظ على نفسه وعلى بيئته، وكلها نِعَمٌ سماوية، لذلك درجت العادة على تقديم بواكير الأرض للخالق، عربون شكر وتمجيد.
ربَّ قائل ما بالك مهتم بالطبيعة والبيئة والإنسانُ في بلدٍ قد لا يجد مَن يهتم به.
في القديم قيل صاحب الحق سلطان. لا أدري إن كان هذا المَثَل ينطبق على أصحاب الحق في أيامنا، لأن بعضهم قد لا يجدون مَن يعترف بحقهم أو يدافع عنهم للوصول إلى حقهم. وأنا أقول هذا القول بمرارة لأني أعرف بعض هؤلاء.
إن لم يكن الإنسان محترماً في وطنه فهل يُحترم هذا الوطن؟ نحن نفترض أن احترام الإنسان وحقوقه أولوية الأولويات، وهو موضوع غير قابل للنقاش، والأديان السماوية جميعها دعت إلى ذلك، ودساتير البلدان الراقية تصون حقوق الإنسان وحريته، لذلك كان حديثنا اليوم عن الطبيعة التي يشوّهها الانسان.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.