Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
اللـيشمـانيـا  
أذار (مارس) 2010 / عدد 144
 تعتبر المنطقة العربية من المناطق المدرجة على خريطة الدول التي يستوطنها مرض الليشمانيا، الذي يسبب ندباً وتشوهات جلدية، خصوصاً في الأماكن المكشوفة من الجسم كالوجه واليدين، كما يشكل عبئاً مالياً على الحكومات.
وتفيد منظمة الصحة العالمية بحصول زيادة حادة في أعداد المصابين بالليشمانيا الجلدية خلال السنين العشر الماضية، ويقدر عددهم بنحو 12 مليوناً في العالم، بزيادة سنوية تراوح من 1,5 مليون الى مليوني حالة. كما تحصل 500 ألف حالة جديدة من الليشمانيا المعوية التي قد ودي الى الوفاة ما لم تعالج. وترى المنظمة أنه على مدى سنوات طويلة تم الاستخفاف بتأثير هذا المرض علىالصحة العالمية، ويرجع ذلك أساساً إلى عدم الوعي لآثاره الخطيرة على الصحة.
وهذا المرض هو أكثر انتشاراً في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، لكن إصابات سجلت حديثاً بين الجنود الأميركيين الذي خدموا في أفغانستان والعراق.
أوضح الدكتور عبود طحان، رئيس قسم الأمراض الجلدية في المنطقة الوسطى من سورية، أن التغيرات البيئية مثل إزالة الغابات وبناء السدود ومشاريع الري الجديدة وموجة التحضر الكبيرة من الأرياف إلى المدينة والهجرة غير المحصنة من المناطق الموبوءة إلى المناطق السليمة، هي من أهم أسباب زيادة انتشار المرض.
ويساهم التحضر غير المدروس في نقل العديد من الأمراض الريفية إلى المدن ذات الكثافة السكانية العالية. ويرى الدكتور طحان أن خطورة المرض تكمن غالباً في التشوهات التي تحصل للمريض، ''خصوصاً إذا كان طفلة صغيرة أصيبت في وجهها، مما سيؤثر على مستقبلها''. ومن أعراض الليشمانيا الجلدية ظهور حبات عقدية صغيرة تشبه حبوب العدس، لا تلبث أن تتحول إلى تقرحات تختفي عادة بعد سنة إذا تركت بلا علاج، لكنها تترك ندباً وتشوهات في المناطق المصابة. وقد تستمر في بعض الحالات ثلاث أو أربع سنوات.
 
حبة حلب وبغداد
وأوضح الدكتور ياسين زكية، طبيب الأمراض الجلدية في مديرية صحة حمص، أن لهذا المرض أسماء محلية كثيرة، منها حبة حلب وحبة بغداد وحبة السنة. ويسببه طفيلي من الأوالي (بروتوزوا) تنقله أنثى حشرة تدعى الفاصدة أو ذبابة الرمل. وأكد أن العلاج متوفر مجاناً في المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة في سورية، ويركز على معالجة المرض من دون ترك تشوهات، وذلك بحقن المادة الدوائية داخل الحبة حيث الإصابة. وفي حال تعدد الإصابات في أنحاء الجسم يلجأ إلى الحقن العضلي. أما في الحالات المزمنة والمفرطة التدرن والثؤلولية، فيلجأ إلى الرش بالنيتروجين السائل، وهو غير مستحب لعلاج جميع الحالات كما يفعل البعض، وينصح باستخدامه في حدود ضيقة نظراً لكونه يترك تشوهات.
ونصح الدكتور زكية بالوقاية الشخصية، عبر ارتداء ملابس تغطي الجسم كله، ووضع شبك معدني ضيق الفتحات على النوافذ، واستخدام ''ناموسية'' عند النوم، ورش المبيدات خصوصاً على الشقوق، واستخدام الوسائل الطاردة للحشرات كبعض المراهم والأجهزة الصاعقة.
وأوضحت الطبيبة البيطرية تولين الجندي، التي تكمل دراساتها العليا في كلية الطب البيطري في مدينة حماه، أن الفاصدة أو ذبابة الرمل التي تنقل المرض تصنف علمياً من البعوض وليس من الذباب كما يوحي اسمها، ويمكن تفريقها شكلياً عن البعوض العادي بأن أجنحتها تشكل زاوية 45 درجة مع السطح الذي تقف عليه. والجندي ناشطة بيئية وعضو لجنة البيئة في فرع الهلال الأحمر السوري في حمص. وهي أكدت على ضرورة عدم تخريب السلسلة الغذائية لما لها من أهمية في الحفاظ على التوازن البيئي. فعلى سبيل المثال، يسبب الاصطياد الجائر للطيور الجارحة، وهي من الأعداء الطبيعية لجرذ الحقل، زيادة في أعداده وبالتالي زيادة في أحد مصادر العدوى بطفيلي الليشمانيا. كما أكدت على ضرورة الالتفات إلى موضوع التغيرات المناخية بشكل جدي، لما له من أثر بالغ في انتشار مثل هذه الأمراض المنقولة بمفصليات الأرجل، نتيجة توفر درجات الحرارة المناسبة لتكاثر هذه المفصليات ومنها الفاصدة، وبالتالي انتشار الأوبئة.
وركزت الجندي على ضرورة قطع دورة حياة الطفيلي وكسر سلسلة العدوى، ومكافحة الكلاب الشاردة في المناطق الموبوءة في حال ثبوت إصابتها بالمرض، ومعالجة الأشخاص المصابين بسرعة كي لا يشكلوا مصادر إضافية للعدوى. ونصحت بالتوعية البيئية والاهتمام بالنظافة الشخصية والعامة واعتماد الطب الوقائي لتجنب انتشار مثل هذه الأمراض.
 
مكافحة في سورية
النظافة والممارسات البيئية السليمة هي عنصر أساسي في مكافحة المرض. فيرقات ذبابة الرمل تعيش وتتغذى على المواد العضوية، وهذا يدعو الى الإسراع في معالجة مياه الصرف الصحي بالطرق العلمية المختلفة، وبعضها لا يكلف الكثير. وتنفذ في سورية الآن محطات معالجة باستخدام نبات قصب الزل، وتمتاز هذه الطريقة بانخفاض كلفتها وسهولة التنفيذ والاستثمار، إضافة الى توسيع رقعة الغطاء الأخضر. وقد وضعت وزارة الإسكان خطة طموحة لتنفيذ 23 محطة معالجة لمياه الصرف الصحي بالقصب خلال سنتي 2009 و2010، موزعة على قرى وبلدات في أنحاء سورية. وتعتمد هذه التقنية في بلدان متقدمة ونامية، ففي الدانمارك مثلاً أكثر من 120 محطة معالجة من هذا النوع.
وقد ازدادت الإصابات بمرض الليشمانيا في سورية باطراد خلال السنوات القليلة الماضية بحسب منظمة الصحة العالمية، وتوسعت رقعة المرض بشكل كبير منذ عام 1993. ففي حلب وجدت 3900 حالة عام 1998، تطورت إلى 4700 إصابة في العام التالي، ووصلت إلى 8000 إصابة عام 2001. وقدر الدكتور ياسين زكية حصول نحو 18 ألف إصابة في حلب عام 2008.
بعض القيادات السورية وضع يده على الجرح. فقد قام وزير الادارة المحلية الدكتور تامر الحجة، حين كان محافظاً لحلب، بتحويل الاعتمادات المالية للطرق في محافظته والتي لم تتجاوز نسبة التنفيذ فيها 70 في المئة إلى بناء محطات معالجة لمياه الصرف الصحي.
وبات من الضروري الاسراع في تطبيق طرق حديثة لإدارة النفايات الصلبة. وثمة مثال يقتدى في مدينة حمص، حيث قام مهندسون محليون بتحويل مكب نفايات المدينة من مكب عشوائي ظل على تلك الحال عشرات السنين وسبب مشاكل كبيرة للمدينة وسكانها، إلى مطمر صحي مراقب نال شهادات تقدير من وكالات تعاون دولية مثل ''جايكا".
وفي حمص أيضاً، وهي ''عاصمة التلوث'' كما يسميها ميشال خياط محرر صفحة البيئة في صحيفة ''البعث''، وضع المحافظ خطة طموحة سميت ''حلم حمص''. تمحور جزء كبير منها حول كيفية التخلص من مسببات التلوث الكبيرة القائمة في المدينة، كالمصفاة ومعامل الأسمدة وغيرها، عبر نقلها إلى عمق البادية السورية، وتمويل مصاريف النقل من خلال استثمار أراضي هذه المنشآت الصناعية التي تداخلت مع المدينة عقارياً، كإقامة مشاريع سياحية أو غيرها على هذه الأرض.
ان خطة وطنية طموحة تقوم بها قيادة الدولة ضرورية لمكافحة توسع رقعة المرض. فالموضوع أكبر من أن تتولاه وزارة الصحة وحدها، بل يجب تضافر جهود الحكومة مجتمعة، لإزالة الأسباب غير المباشرة. من ذلك زيادة عدد محطات معالجة الصرف الصحي وتحسين كفاءتها، والإدارة السليمة للنفايات الصلبة، وإنشاء شبكة وطنية للإنذار المبكر تتناقل المعلومات حول الإصابات المرضية التي يمكن أن تسبب وباءً، ومكافحة المرض مباشرة عبر قطع دورة حياة الطفيلي وكسر سلسلة العدوى ومعالجةالمصابين بسرعة وكفاءة، وتأمين المبيدات اللازمة للبلديات.
هذه المكافحة ليست مسؤولية وزارة الصحة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة مع وزارات أخرى.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
أحمد حنفي مختار (الشارقة) مساجد ''خضراء''
أليستير ليون (رويترز، صنعاء) اليمـن: الميـاه أم القاعــدة؟
بيجينغ - "البيئة والتنمية" عمارة صينية خضراء
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.