Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
نبيل زغدود (تونس) طاقة نظيفـة لتونس  
أذار (مارس) 2010 / عدد 144
 أمام النضوب الذي أصبح يتهدّد احتياطات العالم من النفط والغاز الطبيعي، بدأت تونس تتّجه نحو ترشيد استهلاك الطاقة. ويعتبر هذا التوجّه خياراً استراتيجياً تحرص كبرى اقتصادات العالم على تكريسه، خصوصاً بعد الرجّة التي أحدثها الارتفاع الكبير لأسعار النفط في السوق الدولية خلال السنوات القليلة الماضية.
والى ذلك، تسعى تونس الى حسن استغلال مخزونها من الطاقات المتجددة، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، عبر العمل على انجاز العديد من البرامج الرائدة في هذا المجال. ولعل أحدثها ''المخطط الشمسي التونسي'' الذي تم اعتماده في تشرين الأول (أكتوبر) 2009، ويشتمل على مختلف المجالات المتعلقة بكفاءة الطاقة والطاقات المتجددة، تماشياً مع المخطط الشمسي المتوسطي الذي يعتبر الحاضنة الكبرى لمثل هذه المشاريع في حوض المتوسّط.
ويجمع المختصون على أن البلدان المتوسطية ستواجه أكثر فأكثر تحديات طاقيّة ومناخية كبيرة خلال السنوات المقبلة، مما يجعلها تعمل في نطاق مشترك بهدف التحكم بالطاقة واستعمال الطاقات البديلة والتصدي لتغير المناخ.
 
المخطط الشمسي التونسي
وفقاً للمرصد المتوسطي للطاقة، تتمتع تونس بقدرة على تحقيق مشاريع للطاقة النظيفة تبلغ 26 في المئة من مجمل المشاريع المزمع تنفيذها في البلاد، متقدمة بذلك على البلدان المغاربية والعربية، ما عدا الأردن الذي تبلغ قدرته الإنشائية في مجال الطاقة المتجدّدة 32 في المئة. وباعتبارها طرفاً في المرحلة النموذجية للمخطط الشمسي المتوسطي التي تمتد خمس سنوات (2009 ـ 2014)، ستنفذ تونس 26 مشروعاً للطاقات البديلة بإنتاج يعادل 3042 ميغاواط من الطاقة الكهربائية الشمسية. وإثر الانتهاء من المرحلة الأولى للمخطط الشمسي المتوسطي، يدخل مرحلة الانجاز الممتدة من سنة 2011 الى سنة 2020 تاريخ دخول مرحلة الانتاج، ويفترض أن يموّلها البنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية. وسيمكن هذا المخطط من تبادل شمالي ـ جنوبي للطاقة الخضراء عبر الشبكة الأوروبية المندمجة. ويبقى أهم أهداف المخطط الشمسي التونسي الاقتصاد بنحو 660 كيلوطن مكافئ نفط سنوياً، بالإضافة إلى تجنب انبعاث 1,3 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.
وتقدّر كلفة المخطط الشمسي التونسي الممتد على الفترة 2010 ـ 2016 بنحو ثلاثة بلايين دولار. ويضم 40 مشروعاً، يخصّص قسم كبير منها لاستغلال الطاقة الشمسية لتسخين الماء والتبريد وتطوير إنتاج الطاقة الكهربائية للاستهلاك المحلي والتصدير، فتصبح تونس قاعدةدولية لإنتاج وتصدير الطاقة المنتجة شمسياً.
من جهة أخرى، يشتمل مشروع ينفذ خلال سنتين على نصب 91 توربينة هوائية عملاقة لتوليد الطاقة اعتماداً على الرياح. ومن المنتظر أن تستعمل هذه المنشآت والتجهيزات في تحويل الطاقة المنتجة إلى كهرباء لإدماجها وترويجها ضمن شبكة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، التي ستقتصد 120 ألف طن مكافئ نفط من المحروقات و43 ألف متر مكعب من الماء سنوياً.
وتأتي هذه المشاريع في نطاق الإستراتيجية التونسية المتّبعة في مجالات التنمية المستدامة والنهوض بالطاقات المتجددة ومقاومة ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تشير الدراسات الأوّلية إلى النجاح في تقليص انبعاث 300 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
بيّنت الدراسات أن تونس تمتلك قدرات عالية لتطبيق تكنولوجيا الطاقة الشمسية الحرارية لإنتاج الكهرباء، وأن الأراضي التونسية تتلقى يومياً ما يعادل 2000 واط في الساعة من أشعة الشمس. وهذا استوجب تشخيص عدة مناطق لتثبيت مركزيات للطاقة الشمسية الحرارية، بالاعتماد على الإشعاع الشمسي المتوفر ونوعية التربة مع دراسة عناصر أخرى، منها توزيع الطاقة على الشبكات الكهربائية والتزود بالمياه لتبريد المركزية. وتؤخذ جميع هذه العناصر بعين الاعتبار لاختيار المواقع المناسبة لهذه المشاريع. ومن المنتظر في غضون الأشهر القليلة المقبلة الانطلاق بأول مشروع تطبيقي لتكنولوجيا مركزيات الطاقة الشمسية الحرارية، ليدخل حيّز الاستغلال سنة 2013.
تبدو آفاق مشروع المخطّط الشمسي التونسي واعدة، مع توصل عدة أبحاث إلى تجاوز مشكلة تخزين الكميات الهائلة من الطاقات المتجددة، خصوصاً بعد تمكّن الخبرات التونسية في هذا المجال من توفير بطاريات ذات سعة تخزين عالية. وهذا ما يعمل المركز البيئي في جزيرة جربة في جنوب البلاد على تنفيذه في مساحة 9167 كيلومتراً مربعاً. وتتميز هذه المنطقة بوجودها ضمن ما يسمى ''مجال الخطوط المشمسة دائماً''. كما يسعى المشروع إلى إنشاء خمسة مراكز لإعداد الخبراء والفنيين وتدريب اليد العاملة في هذا المجال.
 
ديزرتيك: طاقة نظيفة من الصحراء
ببادرة من المؤسسة الألمانية  DESERTEC، المتخصصة باستغلال شمس الصحارى لتوليد الكهرباء، انطلق في تموز (يوليو) 2009 مشروع يحمل الاسم نفسه، بهدف إقامة شبكة للطاقة مرتبطة في ما بينها تغذيها محطات للطاقة الشمسية من المغرب إلى السعودية. وهذا مشروع واعد، فبلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط تمتاز بمناطق صحراوية شاسعة وقليلة السكان وتعرف بنهار طويل على امتداد السنة، وهي تتمتع بمزايا ''خارقة'' يمكن استغلالها في مجال الطاقات النظيفة بما في ذلك طاقة الريح والشمس.
يندرج مشروع «ديزرتيك» لتطوير استغلال الطاقة الشمسية في الصحراء، بما فيها التونسية، في إطار إنتاج الكهربـاء من أجـل سد الحاجات المحليـة وتصـديـر الفـائض. وهو يجمع بين البعدين الطاقي والبيئي من خـلال إنشاء شبكة كهربائية مترابطة تتزود من المركـزيات الشمسية الحرارية في المغرب العربي وتمتد إلى المملكة العربية السعودية، وتتفرع منها كابلات بحرية توصلها بالقارة الأوروبية. وسيتم استغـلال 85 في المئة من الطاقة المنتجة في البلدان المحليـة، وتصدّر الـ 15 في المئـة المتبقية الى بلدان أوروبية.
ويرتكز مشروع «ديزرتيك» على مبدأ أن كل كيلومتر مربّع من الصحراء يتلقى سنوياً طاقة شمسية تعادل 1,5 مليون برميل نفط. وبالتالي فإن المساحة الاجمالية للصحارى في الكرة الأرضية يمكن أن تتلقى طاقة شمسية تعادل مئات أضعاف الطاقة المستهلكة في العالم. ومن شأن تغطية 0,3 في المئة من صحارى العالم البالغة مساحتها 40 مليون كيلومتر مربع بالمركزيات الشمسية الحرارية تأمين حاجات جميع سكان الأرض من الطاقة لسنة كاملة. لذلك، يرى العديد من المختصّين أن هذا المشروع الذي يندرج في إطار تعاون شمالي ـ جنوبي هو بمثابة المبادرة المهمة التي ستمكن دول حوض البحر المتوسّط من إنتاج كميات هائلة من الطاقة النظيفة المتجدّدة.
 
استثمار في الشمس
تبرز دراسات عالمية أن تقنية الطاقة الشمسية قادرة على زيادة حصتها التنافسية في السوق العالمية من 12 في المئة إلى 23 في المئة سنة 2012، مع التقليل من تلوث البيئة. ومع ذلك، يواجه استخدام نظم الطاقة الشمسية العديد من المشاكل والتحديات، باعتبارها صناعة تقنية متقدمة وتدخل ضمن المحفزات الرئيسية لتنمية الدخل القومي لبلدان كثيرة بينها تونس. وقد ثبت نجاح التجارب الدولية في استخدام الطاقة الشمسية واستثمارها، كما في ألمانيا التي يتوقع أن يصل حجم مبيعاتها من منتجات الطاقة الشمسية إلى 8 بلايين يورو سنة 2012، ما يجعل نصيبها في السوق الأكبر في العالم.
وهذا يدعو إلى تفعيل جميع الوسائل الممكنة، بما في ذلك البحث العلمي والمبادرات الوطنية، لكي تتمكّن البلدان العربية من تملّك المقومات التنافسية ودخول قائمة الدول المنتجة لتطبيقات تكنولوجيا الطاقة الشمسية. وقد كان للأزمة الاقتصادية العالمية كبير الأثر في جعل تونس تستفيد من توظيف هذه الطاقات واستثمارها، لكونها مصدراً لا ينضب ولا يلوث، مقارنة بالمصادر الأحفورية أو النووية للطاقة.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.