تقول جانين بنيوس خبيرة المحاكاة الأحيائية (biomimicry): "إننا محاطون بعبقرية في الطبيعة، فقد نظمت الكائنات الحية أولوياتها، وتعلمت منذ قديم الزمان كيف تنتج السلولوز وتصنع الأوراق وتبني بيوتاً لصغارها وتعزل نفسها عن المياه".
يتعلم البشر من الكائنات الحية دروساً مفيدة حول كيف تصمَّم الأشياء لكي تدوم. فمن استلهام العبقرية التصميمية في الطبيعة، تم إنتاج عصي للمكفوفين تطلق ذبذبات فوق سمعية مستوحاة من الوطاويط، وكهرباء مولدة بتقنية سمك الانكليس الصاعق، ورقائق راديو مستوحاة من قوقعة الأذن البشرية.
درس باحثون في شركة JR-West للقطارات الفائقة السرعة في اليابان كيف تغطِّس أنواع من الطيور رؤوسها في الماء من دون أن تحدث تموجات.فتوصلوا الى طريقة لتخفيف عصف الهواء الذي يحدث عند دخول قطاراتهم الأنفاق بسرعة قصوى.
واقتبست شركة Sharklet Technologies أفكاراً من أسماك القرش التي تغطي جلدها حراشف تطرد الجراثيم طبيعياً. فتوصلت الى صنع سطوح مضادة للبكتيريا تطردها بشكل أفضل من المنظفات الكيميائية التي تتراجع فعاليتها مع نشوء جراثيم مقاومة للمواد الكيميائية.
وتحاكي شركة Qinetiq للصناعة الفضائية وشركة Grimshaw للهندسة المعمارية تقنيات تستخدمها خنافس الصحراء لجمع الماء من الضباب. وهما تستعملان مواد مصممة بشكل مماثل تُطلى بها الطائرات لمنع تكون الجليد، وتطلى بها الأبنية والصفائح لجمع الماء بفاعلية تفوق شباك حصاد الضباب بعشرة أضعاف.
وتحتجز شركة Calera غاز ثاني أوكسيد الكربون في طوب «أخضر» بناء على تركيبة اقتبستها من المرجان.
ومن خلال محاكاة أصوات الدلافين ذات الترددات الفريـدة، طـور المهنـدسونجهـاز Modem عـالي الأداء يستعمل تحت الماء لنقل البيانات. وهو يستخدم حالياً في نظام الانذار المبكر من تسونامي في أنحاء المحيط الهندي.
ويسود اعتقاد أن الماء ينزلق عن أوراق الشجر لأنها ملساء، ولكن تبين أن هذا الاعتقاد خاطئ. فالماء الذي يسقط على أوراق نبتة اللوتس غير الملساء «يطفو» على طبقة من الهواء المحتبس في شقوق دقيقة لا تحصى على سطحها. ولا تلبث كريات الماء أن تنزلق عند هبوب أخف نسمة أو حدوث أقل اهتزاز للأوراق، آخذة معها جسيمات الغبار الملتصقة. وبناء على ذلك، تم ادخال مواد ذات خشونة ميكروسكوبية الى جيل من الدهانات والزجاج والسيراميك، مما يقلل الحاجة الى عمليات تنظيف كيميائية أو مجهدة.
مبنى Eastgate مجمّع مكاتب في مدينة هراري في زمبابوي، يحتوي على نظام لتكييف الهواء صمم على غرار بيوت النمل الأبيض ذات التبريد الذاتي، التي تبقى الحرارة داخلها ثابتة بفارق درجة واحدة نهاراً وليلاً، فيما تتفاوت الحرارة في الخارج بين 42 درجة و3 درجات مئوية. ويستهلك المبنى 10 في المئة من طاقة التكييف التي تستهلكها أبنية بحجمه.
وقد طور قسم فولفو في شركة فورد للسيارات عام 2005 نظاماً مقاوماً للاصطدام يحاكي طريقة طيران أسراب الجراد من دون أن تصطدم الواحدة بالأخرى. ومن خلال دراسة الآلية العصبية التي تحكم هذا الطيران، ابتكرت الشركة نظاماً يتحسس حدوث تصادم وشيك فيطلق تحذيراً للسائق.
وينتظر أن تصنع في وقت قريب خلايا شمسية شبيهة بورق الشجر، وخزفيات صلبة للغاية كأصداف آذان البحر، وتكنولوجيات أخرى لا تحصى.
ان الطبيعة هي أفضل مختبر للأبحاث والتطوير.