قالت عدلى توبة من بلدة عيترون في جنوب لبنان: «منذ سنتين أجني ثماراً شهية من حديقتي. أشجار الليمون لم تكن تحمل شيئاً، فباتت الآن مثقلة بالثمار. ولن تجدوا سفرجلاً في السوق بجودة السفرجل الذي تجود به حديقتي. كل ذلك لأنني أعيد استعمال المياه الرمادية الناتجة من منزلي لري أكثر من 50 شجرة".
والمياه الرمادية هي التي تنتج من جلي الأواني وغسل الملابس ومن المغاسل وأحواض الاستحمام، وتستثنى منها المياه التي تحتوي على فضلات الانسان الصلبة والسائلة التي تسمى «مياهاً سوداء".
لم تكن حديقة عدلى منتجة طوال السنين الماضية بسبب شح المياه في البلدة. لكن تجربها النموذجية تدل على فوائد نظم معالجة المياه الرمادية في انتاج المحاصيل وتحسين الأمن الغذائي. وهي أحضرت معها سلة ليمون الى ورشة العمل التي أقيمت في آذار (مارس) 2010 لرؤساء البلديات في قضاء بنت جبيل لاطلاعهم على هذه التقنية. وأعربت أمام الحضور عن رضاها على أداء نظام المعالجة المكون من أربعة براميل وشبكة الري بالتنقيط الموصولة به في حديقة منزلها.
عدلى توبة من المستفيدين من مشروع الجمعية الايطالية للعمل المدني التطوعي (GVC)، الهادف الى تحسين الوضع البيئي في قضاء بنت جبيل وتفعيل النشاط الاقتصادي في القطاع الزراعي، الذي يموله برنامج ROSS التابع لمنظمة التعاون الايطالي. وقد نفذت الجمعية اللبنانية للتكنولوجيا الملائمة (LATA) أربعة مشاريع لمعالجة المياه الرمادية واعادة استعمالها في قضاء بنت جبيل خلال الفترة 2008 ـ 2010. وتم تركيب نوعين من نظم المعالجة: نظام الأربعة براميل في 100 منزل، ونظام الحوض المحصور (confined trench) في خمس مؤسسات (مساجد ومدارس).
خلال العام 2008، تم تركيب 100 نظام معالجة من أربعة براميل في بلدتي عيترون وعين إبل، حيث تم اختيار 50 منزلاً في كل بلدة. وفي آخر مشروع من المشاريع الأربعة، تم تركيب ثلاثة نظم لمعالجة المياه الرمادية من نوع الحوض المحصور، واحد في حديقة للوقف في عيترون واثنين في حديقتي مسجدين في بنت جبيل. وتتم حالياً اعادة استعمال المياه الرمادية المعالجة في المواقع الثلاثة لري الأشجار والنباتات في الحدائق.
كانت هناك ثلاثة أنواع من ورش التدريب التي أجريت للمستفيدين. في الورشة الأولى، أجرى خبراء LATA تدريباً للسكان المحليين، حيث تم تعريفهم على حسنات معالجة المياه الرمادية وإعادة استعمالها، بما في ذلك فوائدها الصحية والبيئية والاقتصادية.
وتلتها ورشة تدريب لمجموعة من الفنيين من البلدتين، لتعزيز القدرات على المستوى المحلي. وأثناء التدريب الميداني الذي دام يوماً، نوقشت عملية المعالجة اللاهوائية التي تحدث في نظامي الأربعة براميل والحوض المحصور، وتم توضيح جميع الأجزاء المكونة للنظامين وتحديد وظائفها، وشرح تقنيات الصيانة. ومن خلال ورشة التدريب هذه، اكتسب الفنيون المحليون القدرة على تركيب نظم معالجة المياه الرمادية وصيانتها وإصلاح الأعطال التي قد تلحق بها.
لكن النشاط الأكثر إنتاجية في المشروع كان ورشة تدريب رؤساء البلديات التي نظمت في آذار (مارس) 2010 بالتعاون مع اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل، وبحضور رئيس الاتحاد المهندس عفيف بزي. وقدم خبراء LATA عروضاً (PowerPoint) حول مجالات تكنولوجيا المياه الرمادية وفوائدها الاقتصادية والصحية والبيئية المحتملة في المنطقة. وفي نهاية الورشة، أبدى رؤساء البلديات ورئيس الاتحاد حماسة بالغة إزاء الانجازات التي حققتها المشاريع الأربعة التي نفذت في منطقتهم. وقرروا أن يروجوا مفهوم المياه الرماديةفي بلداتهم الاثنتي عشرة، حيث ستكون كل أسرة قادرة على استخدام 100 الى 150 متراً مكعباً من المياه الرمادية المعالجة لري مزروعاتها.
وخرج رؤساء البلديات من ورشة العمل بالتوصيتين الآتيتين لترويج استعمال المياه الرمادية في بلداتهم: أولاً، تقديم البلديات حوافز اقتصادية لتشجيع أصحاب المنازل على استعمال هذه النظم في حدائقهم. ثانياً، جعل فصل المياه الرمادية ومعالجتها وإعادة استعمالها إلزامياً للحصول على رخص البناء في المنطقة.
|