Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
أي مصير ينتظر أحياء الأرض؟  
حزيران (يونيو) 2010 / عدد 147
 تواجه النظم الطبيعية التي تساند الاقتصاد والحياة وسبل العيش في أنحاء الأرض خطر التدهور والانهيار السريعين، ما لم يتخذ إجراء سريع وجذري وخلاق للحفاظ على تنوع الحياة واستخدامه بشكل مستدام. ويؤكد تقرير «التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي» (GBO-3) أن العالم أخفق في الوفاء بهدفه تحقيق خفض ملموس في معدل فقدان التنوع البيولوجي بحلول سنة 2010.
يستند التقرير، الثالث من نوعه والصادر حديثاً عن الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، إلى التقييمات العلمية، والتقارير الوطنية المقدمة من الحكومات، ودراسة عن السيناريوهات المستقبلية. وهو سيكون من المدخلات الأساسية في المناقشات التي سيجريها قادة العالم ورؤساء الدول في اجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 أيلول (سبتمبر). وستكون استنتاجاته أيضاً في صلب المفاوضات التي ستجريها حكومات العالم في قمة التنوع البيولوجي المقرر عقدها في ناغويا باليابان في تشرين الأول (أكتوبر).
يحذر التقرير من احتمال فقدان ساحق آخر للتنوع البيولوجي، ومعه خفض شديد في خدماته الضرورية للمجتمعات البشرية، كلما اقتربنا من «حدود الخطر» المتعددة التي تتحول فيها النظم الإيكولوجية إلى حالات بديلة أقل إنتاجية قد يصعب أو يستحيل التعافي منها.
وتتضمن حدود الخطر المحتملة التي تم تحليلها ثلاث نقاط أساسية: أولاً، موت مساحات كبيرة من غابة الأمازون، بسبب تفاعلات تغير المناخ وإزالة الغابات وحرائق الغابات. ثانياً، تحوّل كثير من بحيرات المياه العذبة ومسطحات المياه الداخلية الأخرى إلى حالات يرتفع فيها مستوى المواد العضوية أو تغلب عليها الطحالب بسبب تراكم المغذيات (eutrophication)، ما يؤدي الى نفوق الأسماك على نطاق واسع. ثالثاً، انهيارات مضاعفة للنظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية، بسبب مزيج من تحمض المحيطات وارتفاع حرارة المياه ما يؤدي إلى ابيضاضها، والصيد المفرط والتلوث بالمغذيات، ما يهدد عيش مئات ملايين البشر الذين يعتمدون على موارد الشعاب المرجانية.
ولكن يمكن تجنب هذه النتائج إذا اتخذ إجراء فعال ومنسق للحد من الضغوط المتعددة المفروضة على التنوع البيولوجي. فعلى سبيل المثال، هناك حاجة إلى إجراء عاجل لخفض التلوث الذي مصدره اليابسة، وممارسات الصيد التدميرية التي تضعف الشعاب المرجانية وتجعلها أكثر تعرضاً لآثار تغير المناخ وتحمض المحيطات. وعلى صانعي السياسة مقاربة التحديات المترابطة لفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ باعطائها أولوية متساوية وبتنسيق وثيق اذا أرادوا تجنب التأثيرات الشديدة لكل منهما. ومن شأن الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية التي يدعمها أن يساعد في تخزين كمية أكبر من الكربون، مما يخفض تراكم المزيد من غازات الدفيئة في الجو. وسيتمكن الناس من التكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ الذي لا يمكن تجنبه، إذا بذلت جهود لجعل النظم الإيكولوجية أكثر تكيفاً، مع تخفيف الضغوط الأخرى.
 
صيحة تنبيه للبشرية
يصف تقرير GBO-3 استراتيجية جديدة ممكنة لخفض فقدان التنوع البيولوجي، مع التعلم من الدروس المستفادة من الفشل في الوفاء بهدف 2010. وتشمل هذه الاستراتيجية معالجة الأسباب الكامنة أو العوامل غير المباشرة الدافعة لفقدان التنوع البيولوجي، مثل أنماط الاستهلاك وآثار التجارة المتزايدة والتغير الديموغرافي. كما تتضمن رفع الدعم المؤذي عن بعض الأسعار والخدمات.
ولا يمكن أن ننظر إلى الفقدان المستمر للتنوع البيولوجي على أنه مسألة منفصلة عن الشواغل الأساسية للمجتمع. فتحقيق الأهداف، مثل التصدي للفقر وتحسين الظروف الصحية والمالية والأمنية للأجيال الحالية والقادمة، سيتعزز كثيراً إذا أعطينا التنوع البيولوجي الأولوية التي يستحقها. ويشير التقرير إلى أنه، باستعمال جزء ضئيل من الأموال التي جمعتها حكومات العالم على الفور خلال عامي 2008 و2009 لتجنب انهيار اقتصادي، يمكن تفادي انهيار أكثر خطورة وأشد أثراً في نظم دعم الحياة على الأرض.
 
التنوع البيولوجي سنة 2010
أظهر تقرير GBO-3 عدم الوفاء بالهدف الذي وضعته حكومات العالم عام 2002، وهو «تحقيق خفض محسوس بحلول سنة 2010 في المعدل الحالي لضياع التنوع البيولوجي على الأصعدة العالمية والإقليمية والوطنية». ويمكن القول بالتأكيد إن أياً من الأهداف الثانوية الواحد والعشرين التي تصاحب الهدف العام لسنة 2010 لم يتحقق على المستوى العالمي، وإن تحقق بعض منها جزئياً أو محلياً. وتظهر عشرة من المؤشرات الرئيسية الخمسة عشر، التي وضعتها اتفاقية التنوع البيولوجي، اتجاهات غير مؤاتية. ولم تدَّع أي حكومة أنها أوفت كلياً بهدف 2010 على المستوى الوطني، وأفاد نحو خُمس الحكومات صراحة بأنها لم تحقق هذا الهدف.
الأنواع التي تم تقييم تعرضها لخطر الانقراض تقترب من الانقراض عموماً. وتواجه البرمائيات أكبر الأخطار، فيما تتدهور حالة الأنواع المرجانية بأسرع معدل. وهبطت وفرة أنواع الفقاريات استناداً إلى الأعداد التي تم تقييمها بنحو الثلث في المتوسط بين عامي 1970 و2006، وتواصل انخفاضها على المستوى العالمي، مع حدوث تراجع شديد في المناطق الاستوائية وبين أنواع المياه العذبة.
وما زالت الضغوط الرئيسية الخمسة التي تدفع مباشرة إلى فقدان التنوع البيولوجي إما ثابتة وإما متزايدة، وهي: تغير الموئل، الاستغلال المفرط، التلوث، الأنواع الدخيلة الغازية، وتغير المناخ. وتتراجع الموائل الطبيعية في معظم مناطق العالم من حيث نطاقها وسلامتها، خصوصاً الأراضي الرطبة ذات المياه العذبة، والموائل الجليدية البحرية، والأهوار الملحية، والشعاب المرجانية، ومسطحات الأعشاب البحرية، والشعاب المأهولة بالأسماك الصدفية. ولكن تحقق تقدم ملحوظ في إبطاء معدل فقدان الغابات المدارية والمنغروف في بعض المناطق.
ويواصل التنوع الجيني للمحاصيل والمواشي انخفاضه في النظم الزراعية، وتشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 60 سلالة من الماشية انقرضت منذ العام 2000.
وأحرز تقدم كبير في زيادة عدد المناطق المحمية على اليابسة وفي المياه الساحلية. غير أن 44 في المئة من المناطق الإيكولوجية الأرضية و82 في المئة من المناطق الإيكولوجية البحرية (أي المناطق التي تضم نسبة كبيرة من الأنواع المشتركة والموائل المختلفة) تقع دون نسبة الحماية المستهدفة وهي 10 في المئة. ومعظم المواقع ذات الأهمية الخاصة للتنوع البيولوجي تقع خارج المناطق المحمية.
 
أي مستقبل؟
تظهر التوقعات بشأن أثر التغير العالمي على التنوع البيولوجي استمرار انقراض الأنواع بخطى متسارعة غالباً، وفقدان الموائل الطبيعية، والتغيرات في توزيع الأنواع وأعدادها ومجموعات الأنواع والمناطق الأحيائية، خلال القرن الحادي والعشرين. وهناك خطر عال لحدوث خسارة هائلة للتنوع البيولوجي وما يصاحبها من تدهور في مجموعة كبيرة من خدمات النظم الإيكولوجية، إذا تم دفع نظام الأرض الى ما بعد حدود قصوى أو حدود خطر معينة.
وكانت التقييمات السابقة قللت من احتمال فقدان حاد للتنوع البيولوجي، استناداً إلى سيناريوهات معقولة، لأن التأثيرات الناتجة عن تجاوز حدود الخطر لتغير النظام الإيكولوجي لم تؤخذ في الاعتبار سابقاً. ولكن هناك فرصاً أكبر مما حددته التقييمات السابقة لمعالجة أزمة التنوع البيولوجي مع المساهمة في تحقيق الأهداف الاجتماعية الأخرى، وذلك مثلاً بالحد من تغير المناخ من دون استخدام واسع النطاق للوقود الحيوي وما يصاحبه من فقدان للموائل الطبيعية.
ويمكن منع التغيرات في التنوع البيولوجي والنظم الايكولوجية، أو تخفيضها بشكل ملموس أو حتى عكسها، إذا اتخذت إجراءات قوية وعاجلة وشاملة وملائمة على المستويات الدولية والوطنية والمحلية.
 
استراتيجية إنقاذية
يطرح التقرير الثالث حول التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي عدداً من العناصر التي يمكن اعتمادها في إطار استراتيجية مستقبلية لخفض فقدان التنوع البيولوجي وتجنب أسوأ الآثار المترتبة على السيناريوهات التي تم تحليلها. وأهم هذه العناصر:
- تدخل مستمر ومكثف لخفض فقدان التنوع البيولوجي، وذلك مثلاً بتوسيع المناطق المحمية وتعزيزها، وبرامج تستهدف الأنواع والموائل المعرضة للخطر.
- إجراءات مستمرة ومكثفة لتقليل الضغوط المباشرة على التنوع البيولوجي، مثل منع التلوث بالمغذيات في المياه العذبة ومياه البحر، وقطع الممرات التي تدخل منها الأنواع الدخيلة الغازية، وتطبيق ممارسات أكثر استدامة في مصايد الأسماك والغابات والزراعة.
- كفاءة أكبر كثيراً في استخدام الأراضي والطاقة والمياه العذبة والمواد، لتلبية سكان متزايدين وأكثر رخاء.
- استعمال حوافز السوق وتجنب اعانات الدعم الضارة، للتقليل من الاستخدام غير المستدام للموارد والهدر في الاستهلاك.
- تخطيط استراتيجي للتوفيق بين التنمية والحفاظ على التنوع البيولوجي، والإبقاء على الخدمات المتعددة التي تقدمها من النظم الإيكولوجية المعتمدة على هذا التنوع.
- استعادة النظم الإيكولوجية الطبيعية لصون الخدمات اللازمة للمجتمعات البشرية، مع الاعتراف بأن حماية النظم الإيكولوجية الحالية هي أقل كلفة بكثير من تركها تتدهور.
- العمل على ضمان تقاسم المنافع الناشئة من استعمال الموارد الجينية والحصول عليها وما يرتبط بها من معارف تقليدية (مثلاً من خلال تطوير العقاقير ومستحضرات التجميل)، وتقاسمها بإنصاف مع البلدان والثقافات التي أخذت منها.
- التواصل والتعليم وزيادة التوعية حتى يفهم الجميع قيمة التنوع البيولوجي والخطوات التي يمكنهم اتخاذها لحمايته، بما في ذلك إدخال تغييرات في أنماط الاستهلاك والسلوك الشخصي.
 
كادر
وضع التنوع البيولوجي في المنطقة العربية
أعد المكتب الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا ملحقاً لتقرير «التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي»حول الوضع في المنطقة حذر فيه من ارتفاع وتيرة فقدان التنوع البيولوجي. هنا أبرز ما جاء فيه:
سجل في المنطقة العربية بأسرها 1084 نوعاً من النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض، منها 24 في المئة أسماك، و22 في المئة طيور و20 في المئة ثدييات. وتتعرض الثدييات لخسائر كبيرة في الأعداد نتيجة تدمير موائلها. وفي المشرق، انحصرت أعداد الوعول والغزلان وتوزعها الطبيعي من حيث الرقعة الجغرافية. وانخفضت أعداد النمور كثيراً في جبال شبه الجزيرة العربية. وبات المها العربي (Oryx leucoryx) منقرضاً في البرية، ولكن تم انقاذه عن طريق الاستيلاد في الأسر في عدد من البلدان العربية. وفي جزيرة سقطرى اليمنية 250 نوعاً متوطناً مهدداً بالانقراض. وفي عُمان 136 نوعاً نباتياً مهدداً، و46 في المئة من جميع الأنواع المتوطنة عرضة للخطر. وفي الأردن، تصنف طيور الطيهوج الرملي المستدق الذيل (Pterocles alchata) والقطا العراقي (Fulica atra) وحجل فلسطين (Ammoperdix heyi) والصقر الجوال (Falco peregrines) بأنها نادرة ومعرضة للخطر.
النباتات الطبية البرية تصبح نادرة أو مهددة بالانقراض بسبب تدمير موائلها، نتيجة تغيرات في استخدام الأراضي والاقتلاع المفرط والأحوال المناخية القاسية. وفي الأردن، تتقلص مساحة موائل الزعفران (Crocus hermoneus) والصعتر السوري (Origanum syriacum) في حين أصبح الكبر (Capparris decidua) مهدداً بالانقراض. وفي جبل العرب جنوب سورية، هناك أدلة على أن 50 في المئة من خسائر الأنواع النباتية هي نتيجة سوء الممارسات الادارية. أما ابيضاض المرجان في منطقة الهيئة الاقليمية لحماية البيئة البحرية (ROPME) فأثر على 20 الف كيلومتر مربع من المسطحات المرجانية، ما يشكل نحو 7,9 في المئة من اجمالي الغطاء المرجاني العالمي. وتأثرت أعداد الأطوم (بقر البحر) في البحرين وقطر والامارات بشكل كبير نتيجة النشاطات العمرانية البحرية التي دمرت معظم مسطحات الأعشاب البحرية التي تتغذى بها.
وقد بذلت في المنطقة جهود للحفاظ على التنوع البيولوجي في مجالات أساسية عدة، كإدارة الموارد الطبيعية واقامة المحميات غير أنها ـ كما هي حال بقية مناطق العالم ـ لم تنجح في تحقيق أهداف التنوع البيولوجي لسنة 2010. فهي لا تزال تعاني من الضغوط المستمرة على الموارد الطبيعية، كأساليب استخراج المياه غير المنضبطة، وسوء إدارة الأراضي الرطبة والمراعي، وتلوث البيئات البحرية، واستصلاح الأراضي، وعمليات الجرف التي لم تتم معالجتها على نحو فعال.
في ضوء هذه المعطيات المقلقة، هناك حاجة الى جهود كبيرة في المنطقة للوفاء بالأهداف العالمية للتنوع البيولوجي التي حددتها الخطة الاستراتيجية، والأهداف الجديدة لما بعد سنة 2010 بموجب الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.