سوف تستثمر مصانع الاسمنت حول العالم أكثر من 3,5 بلايين دولار سنة 2010 في نظم للتحكم بتلوث الهواء، وسوف يخصص نحو 50 في المئة من هذا الاستثمار للفلاتر (المصافي) النسيجية، وفق أحدث التقديرات التي أوردتها تقارير شركة ماكلفاين. وبحلول سنة 2015، سوف ترتفع المصاريف الى نحو خمسة بلايين دولار سنوياً، وسيكون جزء من هذه الزيادة نتيجة مقاييس جديدة لملوثات هوائية خطرة صدرت في الولايات المتحدة في حزيران (يونيو) 2010. ويتوقع أن تسفر هذه المقاييس عن إنشاء أكثر من 100 نظام تنظيف لازالة حمض الهيدروكلوريك، وعدد مماثل من الفلاتر الجديدة لمراعاة حدود المعادن والجسيمات السامة في الانبعاثات.
هذه القواعد قد تدفع معظم المصانع الى تركيب مؤكسدات حرارية ارتجاعية للالتزام بالحدود القصوى للهيدروكربونات. وقد أسفرت دعوى قضائية حديثة أقيمت ضد شركة «لافارج نورث اميركا» وشركتين تابعتين لها عن غرامة مدنية بقيمة خمسة ملايين دولار، فضلاً عن تركيب معدات جديدة للتحكم بتلوث الهواء بلغت قيمتها نحو 170 مليون دولار. وأسفرت تسويات دعاوى قضائية عن أولى وحدات التخفيض الحفزي الانتقائي (SCR) للتحكم بأكاسيد النيتروجين. هذه الطريقة تستلزم رساميل تفوق كثيراً الطريقة الانتقائية غير الحفزية (SNCR) التي تقتضي فقط حقن اليوريا أو الأمونيا في المناطق الساخنة من النظام. وتستخدم الطريقة غير الحفزية في عدد من المصانع حول العالم، بينما يطبق التخفيض الحفزي الانتقائي في مصانع قليلة.
لقد باتت الفلاتر النسيجية خيار مصانع الاسمنت الجديدة للتحكم بالانبعاثات من الأتون، فضلاً عن عمليات التحويل والسحق المختلفة. وباتت الصين أكبر سوق للفلاتر النسيجية، اذ تستأثر بنحو 50 في المئة من انتاج الاسمنت العالمي وهي مستمرة في توسيع بنيتها التحتية.
وتستمر اوروبا في تخفيض مطرد لانبعاثات الغازات الحمضية وأكاسيد النيتروجين المسموح بها. ونتيجة ذلك، تستخدم نظم لازالة حمض الهيدروكلوريك في مصانع الاسمنت في أوروبا أكثر من أي قارة أخرى، على رغم الانتاج القليل نسبياً للاسمنت. فألمانيا لا تنتج إلا 1,3 في المئة من إسمنت العالم بالمقارنة مع 1,9 في المئة في ايطاليا و2,1 في المئة في اسبانيا.
وسوف تحدد الأنظمة مواقع انتاج الاسمنت. وتتوقع «جمعية اسمنت بورتلاند» أن تشكل مستوردات الاسمنت الى الولايات المتحدة 18 في المئة من المجموع سنة 2020 إن لم تصدر مقاييس جديدة لتلوث الهواء، لكنها سترتفع الى 33 في المئة مع صدور الأنظمة الجديدة.
ويتوقع ارتفاع تكاليف التحكم بالزئبق، الذي تقدر انبعاثاته من مصانع الاسمنت في الصين بـ 75 طناً في السنة، ومن محطات الطاقة الصينية التي تعمل على الفحم بـ 100 طن سنوياً. وهذا يتباين مع مصانع الأسمنت في الولايات المتحدة التي تطلق 15 طناً ومحطات الطاقة التي تطلق 50 طناً. ويمثـل الزئبق العنصـري (elemental mercury) جزءاً جوهرياً من مجمل انبعاثات الزئبق من مصانع الأسمنت، وهو ينتقل عبر القارات مما يجعله مشكلة عالمية.
ويشغل عدد من مصانع الاسمنت مرسِّبات كهرستاتية لازالة الجسيمات. ومع اصدار حدود أكثر صرامة للانبعاثات، تستمر هذه المصانع في عمليات تحديث المرسبات أو استبدالها بفلاتر.
هناك فرصة كبيرة لتكنولوجيا مبدعة في إنتاج أنظف للاسمنت. والاختلاف في مستويات الملوثات من مصنع الى آخر يستدعي تكييف الحلول مع حاجات كل مصنع على حدة. فقد يحتاج أحد المصانع الى ازالة 99 في المئة من الزئبق، لأن الحجر الكلسي المحلي يحتوي على نسبة مرتفعة منه وهذا يستدعي تكنولوجيا جديدة. وقديكون أحد الحلول نظام تنظيف على مرحلتين: تنظيف حمض الهيدروكلوريك، وتنظيف ثاني أوكسيد الكبريت. وتنتج المحارق في أوروبا حمض الهيدروكلوريك التجاري بهذه الطريقة فتحقق ربحاً، وفي الوقت ذاته تحقق ازالة فعالة جداً للزئبق.
ومع مبادرات مواجهة تغير المناخ، هناك اهتمام بأنواع بديلة من الوقود لمصانع الاسمنت. ويسعى منتجو الاسمنت الأوروبيون الى الحصول على مصادر متجددة للكتلة الحيوية مثل العشب الذي يستعمل لانتاج التبن (Switchgrass). وسوف يؤثر اختيار الوقود على كلفة وأداء معدات التحكم في تلوث الهواء.
كادر
"سيمكس" خفضت انبعاثاتها 21%
خفضت شركة Cemex انبعاثاتها الكربونية لكل طن من الاسمنت الذي تنتجه بنسبة 21 في المئة، مقارنة بانبعاثاتها عام 1990، وهي في صدد خفضها 25 في المئة بحلول سنة 2015، وفق تقرير التنمية المستدامة لسنة 2009 الذي أعدته الشركة.وقد أدت مبادرات لمكافحة تغير المناخ نفذتها سيمكس الى منع انبعاث 1,5 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، ما يعادل انبعاثات نحو 290 ألف سيارة ركاب في سنة واحدة.
وزادت سيمكس استعمال أنواع من الوقود البديل من 10,3 في المئة عام 2008 الى 16,4 في المئة عام 2009 من مجموع استهلاك الطاقة في مصانع الاسمنت التابعة لها. وهذا يتجاوز هدفها البالغ 15 في المئة لسنة 2015، وقد وفَّر ما يعادل مليون طن من الفحم وجنّب 1,2 مليون طن من الانبعاثات الكربونية.
وفي مجال الطاقة المتجددة، أكملت سيمكس مشروع مزرعة الرياح EURUS الذي يزود 25 في المئة من طاقة مصنعها في المكسيك. ويقوم مركز التكنولوجيا والابداع التابع للشركة في سويسرا بتطوير مواد بناء مقتصدة بالطاقة لاستعمالها في الانشاء المستدام.
ويقوم مشروع آخر، مُوِّل جزئياً بهبة من وزارة الطاقة الأميركية، باختبار التطبيق التجاري لاحتجاز ثاني أوكسيد الكربون باستعمال تكنولوجيات المواد الماصة الصلبة والتخزين الجيولوجي، في أحد مصانع الاسمنت التابعة للشركة.
CO2 من مصنع إسمنت لزراعة طحالب الوقود الحيوي
صناعة الاسمنت هي من الصناعات الأكثر اطلاقاً لثاني أوكسيد الكربون، اذ تساهم بخمسة في المئة من الانبعاثات العالمية، ولا يتجاوزها إلا قطاعا الفولاذ ومصافي النفط. وتخطط شركة Pond Biofuels لاحتجاز الانبعاثات الكربونية من مصنع سانت ماري للاسمنت في أونتاريو، كندا، لزراعة وحصاد كتلة حيوية من الطحالب الغنية بالمغذيات، من أجل تزويد أفران المصنع وأسطول شاحناته بالوقود العضوي.
وتم إنشاء خط أنابيب لنقل ثاني أوكسيد الكربون من المصنع الى المرفق النموذجي لشركة «بوند بيوفيولز» الذي يمتص هذا الغاز باستعمال الطحالب من نهر مجاور. وسوف تستعمل الشركة ايضاً الحرارة الصناعية المهدورة من مصنع الاسمنت لتجفيف الطحالب قبل تحويلها الى وقود حيوي. وتلقى الشريكان تمويلاً من مراكزالمقاصّة في أونتاريو.
وأشارت التحليلات الى أنه اذا اقترن انتاج الطحالب باستراتيجية لمعالجة المياه المبتذلة، بحيث تتم ازالة النيتروجين والفوسفور منها بواسطة الطحالب، ويلقمان مع ثاني أوكسيد الكربون الناتج من المداخن، فان ذلك يعوِّض معظم الأعباء البيئية الناتجة من زراعة الطحالب.
وهناك شركات اخرى مثل «كاليرا» تحاول بدلاً من ذلك تنظيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من مصانع الاسمنت، باحتجاز هذا الغاز وتخزينه مع خفض كمية الانبعاثات الناجمة عن صنع الاسمنت.