Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
حسان حراجلي "سيدرو" لطاقة أنظف في لبنان  
تموز-آب (يوليو-اوغسطس) 2010 / عدد 148-149
 ترمز CEDRO الى مشروع «دعم تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والطاقة المتجددة لنهوض لبنان»، وهي تعني بالإسبانية شجرة الأرز. وقد وهبت الحكومة الاسبانية مبلغ 9,73 مليون دولار من خلال «صندوق نهوض لبنان» لانشاء «سيدرو» عام 2007، بعد العدوان الاسرائيلي عام 2006. ويتولى برنامج الأمم المتحدة الانمائي إدارة هذا المشروع المستمر حتى 2012، بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه ووزارة المال ومجلس الانماء والاعمار.
بعد ثلاث سنوات على إطلاقه، قدم سيدرو كثيراً من الجوانب التثقيفية والدروس المكتسبة في لبنان. وتشجع هذه الدروس على تنفيذ مبادرات مماثلة في أنحاء العالم العربي، لكي تترسخ أسواق كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في المنطقة وتصبح أكثر نضجاً وقدرة على المساهمة في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، ما يخفض في الوقت ذاته انبعاثات غازات الدفيئة من قطاع الطاقة.
يعمل سيدرو على ثلاث جبهات معاً: جبهة التكنولوجيا وجبهة الأبحاث وجبهة التوعية الوطنية. وتستأثر التكنولوجيا بالجزء الأكبر من عمله، مع التركيز على التوليد الصغري (micro – generation) الذي هو شكل مصغَّر من «التوليد الموزَّع»، حيث لا تزيد قدرات التوليد من المصادر القليلة الكربون على 50 كيلوواط في تطبيقات الكهرباء أو الحرارة. وقد تم حتى الآن تركيب 25 نظاماً فوتوفولطياً، قدرة كل منها 1,2 أو 1,8 كيلوواط، في مؤسسات عامة في مختلف المناطق اللبنانية بينها مدارس وتجمعات سكنية وبلديات. هذه النظم مزودة بأجهزة التحويل والضبط وتسجيل البيانات وبطاريات التخزين المساندة.
وسوف يتم في المستقبل القريب اختيار مواقع لاختبار توافر الرياح، من خلال تركيب عدادات تسجل سرعة الرياح. وسوف تركب نظم رياح صغرية (micro–wind systems) حيثما تتوافر رياح كافية في المواقع المختارة.
كذلك تم تركيب نظم كبيرة لتسخين المياه بالطاقة الشمسية، تراوح سعتها بين 2000 و12,000 ليتر، في مؤسسات عامة مثل مستشفى صيدا ومستشفى الهرمل الحكومي. وهي تؤمن وفورات كبيرة في استهلاك وقود الديزل لتسخين المياه.
وثمة مبادرات نموذجية لاضاءة الشوارع، منها إضاءة فوتوفولطية في البترون وأصيا في الشمال، والانارة بالصمام الثنائي (diode) الباعث للضوء (LED) في أحد شوارع بلدة المختارة الشوفية.
لا يمكن قياس نجاح الجبهة التكنولوجية إلا بمقدار مبادرة القطاع الخاص الى تقديم الاستثمارات المماثلة. فمشروع سيدرو هو مشروع نموذجي بموازنة محدودة، وهدفه الرئيسي المساعدة في تمهيد السبيل لتطبيقات كفاءة الطاقة والطاقة والمتجددة. ولتحقيق ذلك يتم تحديد العوائق أمام رواج المولدات الصغرية في لبنان، والعمل على إزالة هذه العوائق، وهي في معظمها تكنولوجية ـ اقتصادية.
على سبيل المثال، تم تصميم جميع النظم المركبة لتصدير الكهرباء الفائضة، لكن القوانين حالياً تمنع هذا التصدير. ففي عطلة نهاية أسبوع مشمسة عندما تكون المدارس مقفلة والبطاريات ممتلئة، يكون هناك بلا شك فائض في الكهرباء يمكن استعماله في مكان آخر، لكنه حالياً يُهدر. وتعمل وزارة الطاقة والمياه على قانون للاقتصاد بالطاقة، وإذا تم ادخال قياس العدّاد الصافي (net metering) في القانون، فسوف تتغير الجدوى الاقتصادية لتطبيقات الطاقة المتجددة بشكل استثنائي، اذ ان الكهرباء الفائضة المصدَّرة يمكن اقتطاعها من الكهرباء المستوردة عند إصدار الفواتير، كما يمكن الاستغناء عن استعمال البطاريات للتخزين، ما يخفض كلفة تطبيقات الطاقة المتجددة بنسبة 25 في المئة على الأقل.
ويستخدم قياس العداد الصافي في كثير من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة. وهو خيار بسيط ومجد تقنياً وادارياً يجب أخذه في الاعتبار، ليس في لبنان فحسب بل في أنحاء العالم العربي، خصوصاً حيث لا تنفذ تعرفات تغذية الشبكة العامة بسبب عدم توافر التمويل أو الارادة السياسية لترويج الطاقة المتجددة، أو بسبب الوضع العام للكهرباء كما في لبنان حيث التعرفات الراهنة أقل كثيراً من معدل كلفة التوليد.
 
جبهة الأبحاث
أشار رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في البيان الوزاري وفي قمة كوبنهاغن، الى أن لبنان سوف يعمل للحصول على 12 في المئة من مزيجه الكهربائي من مصادر متجددة بحلول سنة 2020. أما كيفية تحقيق ذلك فقد تركت لمزيد من الدراسات. ومشروع سيدرو يساعد في ردم فجوة المعرفة بمصادر الطاقة المتجددة لتحقيق هذا الهدف بحلول سنة 2020. فجميع تطبيقات الطاقة المتجددة المركبة مزودة بأجهزة لتسجيل البيانات ستمكن من تقييم الأداء التقني والفوائد الاقتصادية للنظم. وبنتيجة هذه التطبيقات سيتم تعميم امكانات التوليد الصغري في لبنان وفق سيناريوهات متنوعة.
ومن جهة أخرى، تعاقد سيدرو مع شركة معتبرة دولياً لانجاز «أطلس الرياح الوطني» أواخر هذه السنة، حيث سيتم تحديد «الامكانات المقيدة» لقدرة طاقة الرياح البرية والبحرية على نطاق واسع في لبنان. وتعني «الامكانات المقيدة» استثناء جميع المناطق التي لا يمكن إقامة مزارع الرياح فيها، مثل المناطق الحضرية والعسكرية والمحميات الوطنية.
وفي أيار (مايو) 2010، أطلق سيدرو الاستراتيجية الوطنية للطاقة الحيوية في لبنان. ويمكن الحصول على الكتلة الحيوية لتوليد الحرارة والطاقة من ممارسات الادارة التقليدية للغابات، مثل تفريد الأشجار وتقليمها في الأحراج والحدائق العامة والغابات المدارة بشكل مستدام. كما يمكن الحصول عليها من «محاصيل الطاقة» التي تزرع لاستعمالها بشكل رئيسي في توليد الطاقة، ومن المخلفات الزراعية مثل القش والقشور والنوى. وهناك مصدر ثالث للطاقة الحيوية هو النفايات التي تتحلل حيوياً، ومواد أخرى تشمل حمأة مياه الصرف المعالجة والروث الحيواني ومخلفات الطعام والخشب المتخلف من عمليات البناء. وثمة مصدر أخير، هو الغاز الحيوي (بيوغاز) الذي يتم الحصول عليه بالتحرير القسري للغاز المنبعث من المطامر.
تلبي مصادر الطاقة الحيوية ما يصل الى 25 في المئة من اجمالي الاستهلاك الطاقوي في بلدان مثل السويد وفنلندا، و15 في المئة في بلدان أخرى مثل البرتغال والنمسا والدنمارك، و5 في المئة من بلدان مثل اليونان وإسبانيا والمجر، ويبلغ المعدل في بلدان الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين 6,7 في المئة. أما في لبنان، فاستعمال الكتلة الحيوية ضئيل، ويقتصر غالباً على الحطب للتدفئة. لذلك ينبغي تقييم الامكانات ضمن معايير «استدامة» صارمة، تضمن التحقق من عدم وجود تأثيرات سلبية على امدادات الغذاء وأسعاره وعلى المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأخرى.
الى ذلك، سوف يحلل مشروع سيدرو الحاجة الى تقييم امكانات الطاقة المائية والطاقة الشمسية المركَّزة. وسوف تساهم الدراسات المذكورة أعلاه في توضيح امكانات الطاقة المتجددة في لبنان، ويعود للحكومة والقطاع الخاص تحقيق هذه الامكانات.
 
التوعية الوطنية
يركز مشروع سيدرو أيضاً على نشر الوعي في المجتمع بشأن تطبيقات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. وتستهدف هذه التوعية تلاميذ المدارس التي تركب فيها نظم الطاقة المتجددة، فضلاً عن التغطية الاعلامية في المجتمع لنشر أهمية هذه التطبيقات لأمن الطاقة وتنوع مصادرها وللرفاه الاقتصادي الوطني، فضلاً عن الحاجة الى تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة وتحمل المسؤولية تجاه الأجيال المقبلة.
إن مشاريع مثل سيدرو هي حيوية لأسواق الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في الشرق الأوسط. وبما أن هذه الأسواق ما زالت في مرحلة الانطلاق، فان توفير مصادر مضمونة وكافية للتمويل يخلق الاستقرار الضروري في السوق لتشجيع القطاع الخاص على توسيع استثماراته في الطاقة المتجددة. ففي العام 2008، على سبيل المثال، قدمت عشر شركات محلية تعمل في مجال الطاقة المتجددة طلبات للدخول في مناقصات للفوز بمشاريع سيدرو، وقد نجحت سبع منها بالدخول في قائمة الشركات المختارة لاستدراج العروض. وفي سنة 2010، قدمت 27 شركة طلبات لادراجها في القائمة، ونجحت 13 منها في الوصول على أساس حد أدنى من المعايير المطلوبة. وتشغِّل كل من هذه الشركات ما بين 15 و50 موظفاً، ومن شأن مشاريع مثل سيدرو إحداث «رافعة» في السوق، بحيث لا تقبع هذه الشركات بانتظار اطلاق مشاريع من سيدرو وحده، وإنما تنشد فرصاً أخرى في القطاع الخاص.
وإضافة الى ذلك، فان تقوية سوق الطاقة المتجددة تزيد المنافسة وتخفض تكاليف التطبيقات. ففي العام 2009 مثلاً، فازت شركة بعقد تركيب نظام لتسخين المياه بالطاقة الشمسية سعته 6000 ليتر بقيمة 150 ألف دولار تقريباً. وفي 2010، أبرم عقد آخر لنظام بحجم مماثل قيمته 100 ألف دولار، أي بانخفاض في سعر الكلفة يزيد على 30 في المئة.
لقد أظهر تقرير حول نظام الكهرباء في لبنان أن شركة الكهرباء قادرة «إسمياً» على تزويد نحو 2100 ميغاواط سنوياً. لكن بسبب أعطال محطات التوليد ونواقص إمدادات الوقود والاعتداءات العسكرية، فان الكمية الفعلية للكهرباء المزودة تراوح بين 1600 و2000 ميغاواط. وحتى مع الكهرباء التي تستورد من سورية ومصر، فان الدولة غير قادرة على تلبية كامل الطلب الذي بلغ نحو 2600 ميغاواط عام 2006، ويقدَّر ارتفاعه بنسبة تتراوح بين أربعة وستةفي المئة سنوياً.
اذا أراد لبنان الاعتماد فقط على الحلول التقليدية والمركزية للامدادات، فهو يحتاج الى ثماني محطات جديدة قدرة كل منها 600 ميغاواط بحلول سنة 2030، لسد الثغرة الحالية بين الطلب والعرض، وتلبية الطلب المتنامي الذي يقدر بنحو 6 في المئة سنوياً، والاستعداد لسحب المحطات العاملة حالياً من الخدمة، وضمان خسارة احتمالية للحمل في حدود 9 في المئة (أي تقليل من انقطاعات التيار بما يتماشى مع المعايير الدولية). ويجب أيضاً التخلي عن المولدات الخاصة التي تعمل على الديزل (المازوت) وتشكل عبئاً اضافياً على المواطنين الذين يضطرون الى تسديد فاتورتي كهرباء، كما أن لها تأثيرات لا يستهان بها على صحتهم وراحتهم. وذلك عبر الارتقاء بنظام الكهرباء الراهن، خصوصاً تخفيض الخسائر التقنية وغير التقنية التي تراوح حالياً بين 30 و40 في المئة من الكهرباء المنتجة، وصيانة محطات التوليد الحالية جيداً. وهذا يعادل بناء محطة طاقة بحجم محطة الذوق كل سنتين ونصف سنة، وهي مهمة مستعصية في ظل الدعم الحكومي الضخم للقطاع بكامله، الذي يراوح حالياً بين 0,6 و1,6 بليون دولار وفقاً لأسعار النفط العالمية، علماً أن لبنان يستورد نحو 99 في المئة من احتياجاته الطاقوية الأولية. لهذه الأسباب، فان أي خطة ستنفذها الحكومة اللبنانية يجب أن تتضمن بشكل أساسي إدارة الطلب، وكفاءة الطاقة، وتكنولوجيات منخفضة الكربون.
التطبيقات الصغيرة النطاق للطاقة المتجددة في العالم العربي سوف تستفيد الى حد بعيد من هبات لتنفيذ مشاريع مثل سيدرو من خلال تقديم عروض تنافسية وشفافة. والى أن يتم اعتماد تعرفات لتغذية الشبكة العامة في المنطقة، فإن الحكومات العربية مطالبة بالمبادرة الى اطلاق هذه الهبات، التي تساعد في إقامة سوق للطاقات المتجددة وفي دفع نظام الطاقة نحو الاستدامة أو على مسار التنمية المستدامة.
حسان حراجلي مدير مشروع "سيدرو"
 
كادر
دعم أوروبي جديد
خصص الاتحاد الأوروبي مؤخراً 15 مليون يورو على شكل تسهيلات جديدة لدعم استثمارات توفير الطاقة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في لبنان. وتهدف هذه التسهيلات الى الحد من الصعوبات التي تعاني منها هذه المؤسسات بسبب تكاليف الطاقة المرتفعة، وزيادة قدرتها التنافسية عبر إيجاد حوافز لها للاستثمار في كفاءة الطاقة واستخدام تقنيات الطاقة المتجددة.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.