كلمة سمو الأمير حمزة بن الحسين بمناسبة اطلاق تقرير المنتدى العربي للبئية والتنمية «أثر تغير المناخ على البلدان العربية» في المركز الثقافي الملكي في عمّان، 27/6/2010
يسعدني أن أنقل إليكم تحيّات سيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه وتمنياته لمنتداكم أن يوفقكم الله ويسدد خطاكم. أحييكم وأرحب بكم أحر ترحاب في عمّان الزاهرة، وهي تفتح لكم ذراعيها في لقاء الأخوة والمحبة، فأهلاً بكم وأنتم في أوطانكم حيثما تنزلون.
تلتقون اليوم في هذه الرحاب على ما درجتم عليه من كريم العادة التي اتخذتموها في لقاءاتكم لإعلان تقرير المنتدى، وفيه من صادق جهدكم وخالص نواياكم في خدمة أمّتكم، ومن غزير علمكم وتميزكم، ومن أبحاثكم المعمّقة وملاحقاتكم الدقيقة وتقصيكم ومتابعاتكم لتطورات التحديات البيئية وتقلبات المناخ من حولكم، ومن صائب فهمكم للأسباب والمسببات، ما يساعد على تثبيت الوعي بقضايا البيئة وحماية المحيط، والعمل على مجابهة ما وراء تلك القضايا من تحديات مستقبلية.
إنكم بعملكم المتخصص الجاد تكونون مصدراً من مصادر المعرفة الاقليمية بأوضاع البيئة والمحيط في البلاد العربية، وسيصنع ذلك ـ بما فيه من مقابلات ومقارنات ـ مرتكزات جديدة تقوم على ما تمثله أوضاع الأقاليم العربية من وحدة وتنوع، ويقدم أنظاراً مشتركة للتعاون والتماس الحلول الميسرة الرشيدة.
إن أهم ما يمكن أن يقدم في المرحلة الراهنة هو العمل على رفع مستوى الوعي بالتحديات البيئية وما تخبئه من إشكالات صعبة أو مستعصية، وعن كيفية التعامل معها. ويبدأ ذلك بإقامة جسور الحوار مع أصحاب القرار الذين سيجدون فيكم الرافد الداعم المتحرك لتحقيق ما بدأوا به من مشاريع تنفيذية في مجالاتهم الوطنية. وسوف يساعد ذلك المنطق الموفق على اتخاذ شتى الوسائل لنشر الوعي بالاعلام العلمي الواضح، والتربية المدرسية والاجتماعية الهادفة بالاستناد الى خطط محكمة.
إن هذه الخطوة المباركة بعد انجازها ـ بمشيئة الله ـ ستكون بداية العمل المشترك المتعاون بين أصحاب القرار والقطاعات العامة والخاصة، ويكون من أولوياتها تهيئة الأمة لمعرفة مخاطر التغيير المناخي الذي نرتقبه، وما يخبئه هذا التغيير من تحديات كبيرة قاسية قد تختلف من منطقة الى أخرى ومن بلد الى آخر، ولكنها تجتمع بقدرتها على تغيير مجرى حياة الناس وتضطرهم مُجبرين غير مُخيرين الى إعادة التكيّف مع ما يحدث من تغييرات متحدية. ومن سلسلة التحديات القادمة التي علينا أن نُعدّ ونستعد لها مع تغيّر المناخ: نضوب مصادر المياه المحدودة في العالم، ونزارة مياه الشرب التي تزداد خطورتها مع تزايد الانفجار السكاني مع ما يرافقه من تقلّص في الأراضي الزراعية، وانكماش الانتاج الغذائي والحيواني وأزمة التنوّع الحيوي، بالاضافة الى مخاطر ارتفاع منسوب مياه البحر على بعض الدول العربية.
إن الإرض ومحيطها هي مهدنا وقرارنا، وعليها استخلف الله الإنسان وجعل له ما في الأرض جميعاً. وكما نهانا سبحانه عن العبث والإفساد بقوله تعالى: «ولا تعثوا في الأرض مفسدين»، أمرنا أيضاً بإعمار الأرض، وأشار سبحانه الى أنها المجال الذي يتخذ لخير الانسان بقوله تعالى: "فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
بارك الله في جهودكم ونتمنى لمنتداكم ولكم جميعاً التوفيق والنجاح.
|