Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
نوريمستو أونيشي (بريسباين، أوستراليا) أوستراليا العطشى ترشف مياه البحر  
أيلول (سبتمبر) 2010 / عدد 150
 طاف المستكشفون البريطانيون الأوائل في الأجزاء الداخلية من اوستراليا، القارة المأهولة الأكثر جفافاً في العالم، بحثاً عن بحر داخلي عذب عله يكون مصدراً لمياه الشرب. حتى أن مستكشفاً شديد اليقين جر قاربه مئات الكيلومترات بعيداً من الشاطئ، لكنه لم يجد في الداخل إلا صحراء. واليوم، يتحول الاوستراليون في الاتجاه المعاكس: الى البحر.
في أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في تاريخ البلاد، تنفق المدن الخمس الكبرى في أوستراليا 13,2 بليون دولار على محطات تحلية قادرة على سحب ملايين الليترات من مياه المحيطات المجاورة كل يوم، وازالة الملح منها وانتاج مياه صالحة للشرب. وخلال سنتين، عندما يتم انجاز المحطة الأخيرة وتشغيلها، سوف تكون المدن الرئيسية قادرة على سحب نحو 30 في المئة من مياهها من البحر.
ما زالت البلاد تنهض من أسوأ موجة جفاف استمرت عقداً، تقول الحكومة ان تغير المناخ زادها سوءاً. وقال روس يونغ، المدير التنفيذي لاتحاد شركات المياه في اوستراليا: «نحن نعتبر أنفسنا في وضع حرج بالنسبة الى التغيرات في نظم الامدادات المائية التي يسببها تغيـر المنـاخ»، واصفـاً الـ 13,2 بليون دولار بأنها «كلفة التكيف مع تغير المناخ".
لكن خيار التحلية يواجه انتقادات حادة واحتجاجات من السكان. فكثير من أصحاب المنازل غاضبون من ارتفاع فواتير المياه. والبيئيون الذين يخشون من تأثير المحطات على المناخ يصفون المشاريع بأنها «فيلة بيضاء نهمة للطاقة». ويقول بعضهم ان اجراءات أكثر تشدداً للاقتصاد في استهلاك المياه، مثل فرض استعمال غسالات ملابس وأجهزة كهربائية أخرى أكثر كفاءة، من شأنها اجتناب هدر كبير في الامدادات الحالية.
وساعدت التحلية أيضاً في كبح الحماسة من أجل «اوستراليا كبرى»، الخطة التي أملت من خلالها الحكومة السابقة المؤيدة للهجرة بأن يرتفع عدد سكان البلاد من 22 مليون نسمة الآن الى 36 مليون نسمة بحلول سنة 2050. «إنه تبذير كبير للمال»، قالت هيلين ماير وهي قابلة قانونية متقاعدة في مدينة توغون حيث دشنت ولاية كوينزلاند الشمالية الشرقية محطة تحلية بكلفة بليون دولار العالم الماضي. وأضافت: «لقد كلف بناؤها كثيراً من المال، وهي تستهلك كثيراً من الطاقة. أوستراليا بلد جاف، وأعتقد أن لدينا مياهاً تكفي 22 مليون نسمة فقط. ماذا نفعل عندما يرتفع عددنا الى 36 مليوناً؟"
تمتد المحطة على مساحة ستة هكتارات قرب مطار وأحياء سكنية، وتوفر المياه لمدينة بريسباين عاصمة كوينزلاند، ومناطق أخرى في جنوب شرق الولاية، وهي المنطقة الأسرع نمواً في البلاد. وعلى رغم مشاكل تقنية أدت الى اغلاق المحطة موقتاً في الآونة الأخيرة، فقد كانت تزود المنطقة بستة في المئة من حاجاتها المائية، ولديها القدرة على توفير 20 في المئة.
دامت موجة الجفاف من العام 2000 الى العام 2009، حيث انخفض منسوب المياه في الخزان خلف سد ويفنهو الأكبر الى 16 في المئة فقط من سعته في إحدى المراحل، في مقابل 98 في المئة مؤخراً. ولم تستوعب سلطات الولاية حجم الأزمة حتى العام 2005، وتحركت سريعاً بعد ذلك.
فرضت السلطات قيوداً على استعمال المياه، ودعمت شراء خزانات منزلية لتجميع مياه الأمطار. وأنفقت الولاية نحو 8 بلايين دولار لاستحداث شبكة امدادات مائية هي الأكثر اتقاناً في البلاد. فأقامت سدوداً وخطوط أنابيب لوصل 18 شركة مياه مستقلة في شبكة توزيع واحدة. ومن أجل منطقة «منيعة للجفاف»، بنت الولاية مرافق لانتاج المياه، باعادة تدوير مياه الصرف الصحي واستعمالها لأغراض صناعية، وبتحلية مياه البحر. ويمكن تعديل إنتاج المياه المحلاة وفق مستويات الأمطار.
قال باري دينين، رئيس شركة المياه في جنوب شرق كوينزلاند: «عندما بدأ تشغيل آخر محطة تحلية، أمطرت السماء»، مضيفاً أن لدى المنطقة الآن مياهاً كافية للسنين العشرين المقبلة. وأوضح: «لدينا طريقة لتشغيل شبكة التوزيع بحيث أنه، عند ظهور أي اشارة جفاف في المرة المقبلة، نستطيع بناء مرفق آخر أو تشغيل مرفق آخر، فتصبح لدينا إمدادات مائية كافية".
وتراهن مدن أخرى على الأمر نفسه. فمدينة بيرث، التي افتتحت أول محطة تحلية في البلاد عام 2006، تبني محطة ثانية. وبدأ تشغيل محطة سيدني أوائل هذه السنة. وهناك محطات قيد الانشاء قرب ملبورن وأديلايد.
قبل سنوات قليلة، كانت معظم محطات التحلية الكبيرة في العالم تقع في الشرق الأوسط، خصوصاً في السعودية، لكن شح المياه يغير ذلك. ففي الولايات المتحدة، حيث محطة كبرى فقط تعمل في خليج تامبا، يمضي مسؤولون قدماً لاقامة محطات مقترحة في ولايتي كاليفورنيا وتكساس، وفق توم بانكراتز مدير الاتحاد الدولي للتحلية الذي مقره في توبسفيلد بولاية مساتشوستس. أما الصين، التي افتتحت مؤخراً أكبر محطة تحلية لديها في تيانجين، فيمكن أن تتجاوز السعودية كرائد عالمي.
ويعارض كثير من البيئيين وخبراء الاقتصاد توسع مشاريع التحلية، بسبب ارتفاع كلفتها ومساهمتها في الاحترار العالمي. وتستأثر الطاقة اللازمة لازالة الملح من مياه البحر بنحو 50 في المئة من كلفة التحلية، علماً أن اوستراليا تعتمد على الفحم لتوليد معظم كهربائها، وهو نافث رئيسي لغازات الدفيئة.
يقول نقاد ان التحلية سوف تزيد تغير المناخ الذي يفاقم نقص المياه في أوستراليا. ولجعل التحلية «مستساغة» سياسياً، تستمد محطات اوستراليا طاقة من مزارع رياح بُنيت حديثاً، أو من مصادر غاليةالكلفة تصنف بأنها طاقة نظيفة. وبالنسبة الى منازل المدن التي تملك محطات تحلية، من المتوقع أن تتضاعف فواتير المياه خلال السنوات الأربع المقبلة، وفق اتحاد شركات المياه.
ولكن يعتبر كثيرون أن هناك بدائل أرخص ثمناً، ويؤيدون اجراءات للاقتصاد في الاستهلاك، فضلاً عن ادارة أفضل لاحتياطات المياه الجوفية ومجمعات المياه. وقال ستيوارت وايت، مدير معهد المستقبل المستدام في جامعة التكنولوجيا في سيدني: «كل المدن التي بنت محطات تحلية لم تستنفد إمكانات الاقتصاد بالموارد الطبيعية». وأضاف أنه، حتى من دون قيود، تستطيع المدن أن توفر بسهولة 20 في المئة من مياهها. واعتبر أن المدن يجب أن تمارس «الاستعداد للتحلية» من خلال وضع خطط لبناء محطة، لكن يجب ألا تنفذ هذه الخطط إلا كملاذ أخير في حال حدوث جفاف حاد.
وتكلف التحلية في أوستراليا ما بين 1,75 دولار ودولارين للمتر المكعب، بما في ذلك تكاليف الانشاء والطاقة النظيفة والانتاج. وقال بانكراتز ان الأسعار قد تكون الأعلى في العالم، وان التحلية كانت أرخص في بلدان تعتمد مقاييس بيئية أقل تشدداً، مضيفاً أن الكلفة لدى محطة جديدة عادية في العالم اليوم تبلغ نحو دولار لكل متر مكعب.
يقول معارضو التحلية ان بديلاً أرخص وأكثر رفقاً بالبيئة هو اعادة تدوير مياه الصرف الصحي، لكن اقناع الناس بشربها أمر صعب وحساس سياسياً. وقد تراجعت شركة مياه في جنوب شرق كوينزلاند عن خطتها الأولية لادخال مياه الصرف المعاد تدويرها في خزانات مياه الشرب، بعد أن بدأت تمطر مؤخراً.
قال ديفيد مـاسون المقيم في توغـون: «هناك وصمة ضد المياه المعاد تدويرها. لكن بما أن هناك هذا المقدار فقط من المياه في العالم، وقد وُجدت داخل جسم شخص ما أو في مكان آخر خلال الـ 250 مليون سنة الماضية، فقد لا تكون بالشيء السيئ. على الأقل، قد تكون أفضل من التحلية».
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.