جامعة الروح القدس في الكسليك (USEK) هي مؤسسة خاصة للتعليم العالي في لبنان، تم تأسيسها عام 1961. ومثل جميع المؤسسات الكبرى في العالم اليوم، تساهم الجامعة في ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن نشاطات أساسية، أهمها: توليد الطاقة واستهلاكها، المواصلات، السفر الجوي، التدفئة والتبريد، النفايات.
ويعتبر لبنان من البلدان التي دفعت جزية كبيرة في ما يتعلّق بقطاع الطاقة من جـرَّاء الحروب والفساد، الأمر الذي أدى الى أزمة طاقة وطنية متواصلة. وتتجلى النتيجة في معاناة المدن والقرى من نقص في توافر التيار بشكل متواصل. ولتعويض هذا النقص، أنشأ القطاع الخاص شبكة للطاقة موازية لشبكة الحكومة، تقوم حاليـا بإنتاج ثلث إجمالي الطاقة المتوافرة في لبنان.
تحتاج جامعة الروح القدس شهرياً الى 100 ألف كيلوواط ساعة. وتؤمن مولدات الديزل الموجودة في حرمها الرئيسي 40 ألف كيلوواط سـاعة، يرافقها انتاج نحو 615 كيلوغراماً من ثاني أوكسيد الكربـون (CO2) يوميـاً. كما تستهلك الجامعة شهرياً نحو 60 ألف كيلوواط ساعة من كهرباء الدولة، منتجةً بذلك نحو 800 كيلوغرام CO2 . ويدخل حرمها يومياً نحو 2700 سيارة، تنتج نحـو 16 ألـف كيلوغـرام CO2 يومياً، فضلاً عن غازات ملوثة أخرى.وبالإضافة الى النقل البري، تسبِّب نشاطات السفر الجوي نسبة عالية من الانبعاثات. فما لا يقل عن 300 شخص من أسرة الجامعة يسافرون كل عام لأهداف تربوية ومؤسساتية. وهناك أيضاً التلوث الضوضائي الذي يمكن أن يتسبَّب بأمراض جسدية ونفسية.
وتصدر نسبة عالية من الانبعاثات عن نظامي تدفئة وتبريد الغرف والمياه، اللذين يستهلكان معظم طاقة المؤسسة وتبلغ انبعاثاتهما أوجها خلال فصلي الشتاء والصيف.
ولكونها مؤسسة تعليمية تستضيف يومياً آلاف الأشخاص، تستهلك الجامعة القرطاسية بشكل كبير، كالأقلام والملفات والورق والمواد اللاصقة، التي تنطلق نسب عالية من الانبعاثات خلال كل مرحلة من مراحل إنتاجها.
وتنتج الجامعـة سنوياً أطناناً من أنواع النفايات: العادية، والإلكترونية، ومخلفات عمليات البناء والهدم، والأسمدة، والمواد الكيميائية الخطرة التي تُستخدم في المختبرات، وغيرها. وتنبعث من هذه النفايات مستويات مرتفعة من غازات الدفيئة وغيرها من الغازات التي تضر بنوعية الهواء الخارجي.
ويشكِّل تنفس الانسان الطبيعي مصدراً آخر لانبعاثات الكربون. وتضم أسرة الجامعة نحو 7000 طالب و1000 أستاذ و290 موظفاً. وإذا أخـذنا في الاعتبـار أن هؤلاء يقضون نصف يوم في حرمها، وأن معدل تنفس الإنسان يولِّد نحو 450 ليتراً (ما يوازي 900 غرام) من ثاني أوكسيد الكربون، يتبين أن الجامعة تصـدر يومياً نحو 7000 كيلوغرام CO2 من جراء التنفس البشري.
انطلاقاً من هذه البينات، وفي مبادرة للمساهمة في الحد من تغير المناخ، باشرت جامعة الروح القدس سنة 2010 عملية التحول الى أول جامعة مستدامة وحيادية الكربون في الشرق الأوسط. وركَّز مكتب التنمية في الجامعة وفريق من الخبراء على أربعة محاور رئيسية في استراتيجيتهم، هـي: تشييـد مبـان وفقـاً لمعـاييـر LEED، عمليـات الاستدامة، نظام المواصلات، تغيير السلوك الجماعي. وتم إعداد خطة عمل لتطبيق «خريطة طريق» لبلوغ الأهداف المتوخاة على مراحل مختلفة، تتضمن ما يأتي:
خطوات قصيرة الأمد ( 2010 ـ 2012)
يُحتَّم على جميع المباني التي سيتم تشييدها أن تستجيب لمعايير LEED الذهبية الصادرة عن مجلس المباني الخضراء الأميركي، أو ما يعادلها. وستخضع جميع الأبنية الحالية للتجديد لتستجيب لمعايير LEED الفضية أو ما يعادلها.
وستباشر الجامعة إنتاج 30 في المئة على الأقل من استهلاكها للكهرباء من خلال مصادرها المتجدّدة، وذلك في غضون أربع سنوات من تاريخ إطلاق مشروع الاستدامة. كما ستعتمد سياسة شراء الأجهزة الموفِّرة للطاقة، التي تستوجب شراء معدّات مصادق عليها تستوفي معيار Energy Star الدولي، واستبدال الأجهزة الحالية التي لا تتوافق مع هذه المتطلبات.
وفي غضون خمس سنوات، ستصبح الجامعة حرماً خالياً من السيارات والآليات. وستدعم المبادرات التي تهدف الى تعزيز النقل المشترك في حرمها، والى توفير الحافلات المكوكية (shuttle) لجميع الأساتذة والموظفين والطلاّب والزوّار.
خطوات متوسّطة الأمد (2012 ـ 2018)
ستسعى الجامعة الى إخلاء حرمها من السيارات والى اعتماد نظام الحافلات المكوكية الهجينة (هايبريد) التي تعمل بالوقود والكهرباء، إضافة الى نظام نقل كهربائي لتنقلات الطلاب في أنحاء الجامعة. وستبني موقفاً متعدّد الطوابق تحت الأرض خارج الجزء الرئيسي من حرمها، وبذلك تستفيد من سطح أخضر لا تقلّ مساحته عن 17 ألف متر مربّع، يكون بمثابة متنزه يقصده الطلاّب وسائر العاملين في المؤسسة.
وسوف تشيد الجامعة أحدث معالمها، وهو مبنى فرنسوا باسيل الطبي، بحسب معايير نظام LEED البلاتينية، أي أعلى درجة في التصميم الصديق للبيئة. وسيشمل تصميم الكلّية الجديدة أجهزة متطوّرة لتوفير الطاقة وتحسين استخدامها وتقليص الهدر وتأمين الراحة للعاملين فيها. وستعمل أجهزة أكثر تطوراً على تخزين مياه الأمطار والتخفيف من هدرها. الى ذلك، سيُبنى المجمّع الرياضي الجديد وفقاً لأعلى معايير الاستدامة البيئيّة، بما فيها تزويده كلياً بالطاقة المتجدّدة.
بالإضافة الى تشييد مبان صديقة للبيئة، ستزوّد الجامعة البنى الحالية بآليات أفضل لحفظ الطاقة وكفاءة استخدامها. وستسعى بالتالي الى استبدال مولّدات الكهرباء الخاصة التي تعمل على المازوت (الديزل) بمصادر متجدّدة وأكثر نظافة مثل الطاقة الشمسيّة والهوائيّة.
كذلك تتضمن خطة العمل إعادة النظر في هندسة المناظر الطبيعيّة في حرم الجامعة وتعديلها للاقتصاد في استهلاك المياه وتخفيف حدة أثر «الجزيرة الحرارية». كما سيتم زرع مجموعة متنوّعة من الشتول والأشجار المحلية والنباتات المقاومة للجفاف.
وسوف يُعتمد نظام شامل لإعادة تدوير النفايات، مع تخصيص فسحة لجمع المواد المفروزة. وترافق ذلك عملية تكرير المياه بأحدث التقنيات، واعادة استخدام مياه الصرف المعالجة.
الى ذلك، ستباشر الجامعة إدراج مبادرات للاستدامة فيخدماتها الغذائية، عن طريق شراء منتجات محليّة مباشرة من المنتجين. ومن التدابير المقترحة اعتماد قائمة طعام موسميّة تقوم بشكل أساسي على المنتجات المحليّة.
خطوات طويلة الأمد (2017 ـ 2025)
سيقوم فريق عمل خطة الاستدامة والحياد الكربوني بتحديد الخطوات الطويلة الأمد، وفقاً لتطبيق الخطوات القصيرة والمتوسطة الأمد وتقويمها.
واعتبرت السيدة كلود خوري عازار، مديرة مكتب التنمية في جامعة الروح القدس، أن الهدف المتوخى من مشروع «نحو جامعة خضراء لمستقبل مستدام» ليس بالمهمة السهلة: «نحن في صدد القيام بنوع من النهضة البيئية التي تتضمن ثورة على طريقة تفكيرنا، حتى بشأن أبسط الأمور». وأضافت: «نهدف الى خلق بصمة جامعة الروح القدس الخضراء، وهي عبارة عن خطة عمل تمكِّن الجميع، من شركات وأفراد وطلاب ومزارعين وغيرهم، من تقديم مساهماتهم الفريدة والخاصة في تنفيذ هذه المهمة».
كادر
مهمات لفريق العمل المناخي في الجامعة
- إعداد قائمة بانبعاثات غازات الدفيئة من الجامعة.
- تحديد النسبة الإجمالية لتخفيض مستويات ثاني أوكسيد الكربون (على سبيل المثال: 50 في المئة بحلول سنة 2025).
- تطوير خطة العمل المناخية لتصبح مستدامة بحلول 2025، وتتضمن حلولاً مفصلة لتحقيق حيادية الكربون وبرنامجاً عملياً لتطبيق هذه الحلول.
- إكمال المخطط الجامعي الرئيسي بحلول سنة 2015 بما يتضمنه من تحسين للأبنية الى أقصى حد ووضع استراتيجيات للحد من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة.
- إشراك الأطراف المعنية بالمشروع في سياسة الجامعة لتحقيق الاستدامة.
- تقدير وتخصيص موارد مالية لدعم عملية تحقيق الإستدامة.