أسماك القرش المعروفة اليوم، والتي يعود وجودها إلى أكثر من 300 مليون عام خلت، هي نحو 375 نوعاً في 30 عائلة. وتختلف في أشكالها وأحجامها وألوانها وأسنانها، كما تختلف في أساليب حياتها وغذائها وطرق تزاوجها وإنجابها.
تتراوح القروش في أحجامها من القرش الحوت الذي يصل طوله إلى أكثر من 15 متراً إلى القرش القزم الذي لا يزيد طوله على 17 سنتيمتراً. ولها فكوك قوية تحمل أسناناً بأعداد هائلة قد تصل إلى 3000 سن، ما بين عاملة ومساعدة. وليست لأسنان القروش جذور كالتي لأسنان البشر، مما يعرضها للتهشيم أو السقوط بشكل مستمر. وتقتصر وظيفة الأسنان هنا على تمزيق الفريسة وتقطيعها فقط من دون مضغها، ثم يبتلعها القرش تباعاً. وتعوِّض القروش أسنانها التي تفقدها خلال فترة قصيرة قد لا تتعدى 24 ساعة، وهي تستخدم آلاف الأسنان خلال مدة حياتها. وتشكل الأسنان القديمة معظم أحافير القروش، اذ ان هياكلها «العظمية» تتكون من غضروف يتحلل سريعاً.
تشم القروش الروائح وتتعرف عليها من مسافات بعيدة قد تربو على 100 متر. بل تصل حدة الشم لديها الى درجة أنها تتعرف على رائحة قطرة دم ذائبة في المياه. لذا يمكنها في تتبع فرائسها حتى في أحلك لحظات الظلام.
ويتحرك القرش برشاقة مذهلة وسرعة كبيرة على رغم ضخامته، وذلك بفضل كبده الذي يبلغ 25 في المئة من حجم جسمه، ويحتوي على مادة أقل كثافة من ماء البحر.
ومعلوم أن جميع القروش من آكلات اللحوم، وإن اختلف ما تفضله من أطعمة. فمنها السريع الماهر في الصيد ويتغذى على الحبار أو يطارد الثدييات البحرية. وهو يقيّم فريسته بدقة بالغة، ومن أول عضة، بحيث يستطيع تقدير كمية الدهن الذي سيحصل عليه منها، وهل تستحق عناء المحاولة أم لا. وبسبب هذه الميزات يمكن القول إن لحوم الفقم وأسود البحر تعد فرائس مثالية، بينما لا يعد الإنسان أكلة شهية. وقد تصيد القروش أنواعاً أخرى من القروش، ومن أشهر ما يقوم بذلك القرش الأبيض الكبير والقرش النمر والقرش ذو الرأس المطرقة.
أما الأنواع الضخمة، كالقرش الحوت والقرش الكبير الفم، فلا تمارس الصيد كغيرها، اذ تتغذى بطريقة الترشيح حيث تمرر الماء من فمها الضخم لتحصل على كميات هائلة من الكائنات الطافية والحيوانات الدقيقة، ثم تتخلص من الماء.
عموماً، يأكل القرش كل يوم ما يعادل 2 في المئة من وزنه فقط. وبأسنانه الفولاذية يمكنه قضم كتلة هائلة من أي حوت، وشطر أسد البحر بقضمة واحدة. ومع ذلك يؤكد العلماء أن أسماك القرش ليست كلها آكلة للبشر، بعكس ما هو شائع، وأنها لا تهاجم الإنسان إلا في حالات قليلة. ويعتبر القرش الثور أكثر الأنواع تعرضاً للإنسان، لأنه من أكثرها انتشاراً، ويتردد على المياه الضحلة التي يسبح فيها الناس. وهناك أنواع أخرى تهاجم الإنسان، كالقرش الرمادي والقرش الأزرق والقرش النمر والقرش ذي الرأس المطرقة. أما أشرسها هجوماً فهو القرش الأبيض الكبير، وقيل إن الضحية لا تنجو من فكيه.
ويقول الخبراء إن هجوم القرش على الغواصين في المياه العميقة يكون عن طريق الخطأ غالباً، إذ يختلط الأمر عليه فيتصور أن الإنسان بملابس الغوص هو أسد بحر أو عجل بحر، وكلاهما فريسة مفضلة لديه. أما الهجوم الذي يتم عند سطح الماء فينتج غالباً من إثارة الإنسان للقرش، الذي يصبح شديد الخطورة عند إثارته. ومع هذا فجميع القروش الخطرة نادراً ما تقترب من المناطق المأهولة، بل تفضل الابتعاد عن بيئة الإنسان.
في حين تقتل القروش نحو 20 شخصاً سنوياً، يقدر أن نحو 100 مليون قرش تصاد سنوياً. ولقد سعى الإنسان طويلاً إلى الاستفادة من القروش، مروجاً حولها الأباطيل. فها هو يأكل لحومها إذ انها لذيذة ومقوية لصمامات القلب، ويستخدم زيت أكبادها كمصدر مهم للفيتامين «أ» وفي صناعة الصابون ومستحضرات التجميل، ويستعمل جلودها وأسنانها في صناعة بعض الأدوات والأسلحة، ويصنع من زعانفها أجود أنواع الغراء، ويستخرج مادة السكالامين المقاومة للسرطان من معدتها، ويستغل جلودها كحقائب وأحذية غالية للسيدات، ويعد من زعانفها حساء يقدم كنوع من الأكلات التقليدية الفاخرة في مآدب الزواج والاحتفالات في الصين وتايلاند وكوريا وسنغافورة وغيرها من البلدان الآسيوية، ويقال ان له تأثير العقاقير المقوية جنسياً.
وغالباً ما تُـقتل القروش طمعاً بحساء زعانفها. فيقوم الصيادون بالتقاط القرش حياً، وينزعون زعانفه بشفرة معدنية ساخنـة، ويرمونه في المياه من دون زعانف، فيموت القرش غير القـادر على الحركة اختناقاً أو افتراساً. وقد باتت زعـانف القـروش سلعة تجارية رئيسية في الأسواق السوداء حول العالم، وتباع بنحو 400 دولار للكيلوغرام. وفي 2010 أصبحت هاواي الولاية الأميركية الأولى التي تمنع حيازة هذه الزعانف والاتجار بهـا.
ما يعنينا هنا أن الدراسات العلمية تكذّب اليوم الاشاعات والأساطير التي حيكت حول القرش، لا سيما بعد أن تأكد أنه لا يشتهي لحم الإنسان، ولو هاجمه فبدافع من الخوف والدفاع عن النفس. أما أفلام هوليوود عن القروش فلا شيء تقدمه سوى زرع الرعب في نفوس رواد الشواطئ. وقد صرنا نحن المتوحشين تجاه هذا المخلوق الذي يقع في قبضتنا باستمرار، غير عابئين بتدمير التنوع الأحيائي ولا بانقراض أحد أقدم الكائنات الحية على كوكبنا الأرضي. وقد وجد العلماء أن أكثر الأنواع تعرضاً لخطر الانقراض هي القرش الأبيض الكبير والقرش الحوت والقرش الكبير الفم، وقد اختفت في كثير من مواطنها الطبيعية. وهناك نحو20 نوعاً آيلة الى الاختفاء، ما حدا بالحكومات الغربية على توقيع معاهدة روما لسنة 1999 التي تحرِّم صيد بعض أنواع القروش في فترة تكاثرها.
وفي آذار (مارس) 2010 خذلت اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض (CITES) اقتراحاً من الولايات المتحدة وجزر بالاو يلزم البلدان الأعضاء بتنظيم صارم للاتجار بعدة أنواع من القروش. ووافقت غالبية الأعضاء على الاقتراح، لكنه لم ينل ثلثي الأصوات المطلوبة لاقراره. وتصدرت الرفض الصين التي هي أكبر سوق للقروش في العالم، واليابان التي تقاوم محاولات توسيع الاتفاقية لتشمل الأنواع البحرية.