Monday 25 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
محمد مصطفى الخياط مشروع فريد لحماية الطيور من توربينات الرياح  
كانون الثاني / يناير 2024 / عدد 310
صنّف العلماء الطيور إلى نحو عشرة آلاف نوع تنتشر في أرجاء الكرة الأرضية، منها الصغير الذي لا يزيد طوله عن بضعة سنتيمترات والكبير الذي يفوق بُعد ما بين جناحية الثلاثة أمتار. وقد ارتبط الكثير منها بالدين والأساطير، فصار هدهد سليمان رمز الحكمة والبصيرة النافذة، وتحوّل غراب قابيل في الثقافة العربية إلى رمز للشؤم -وكان الأحرى به أن يكون رمزاً للـمُعلّم- بينما تعتبره الثقافة الإنكليزية رمزاً للحياة، وحظيت البومة بنظرتين متباينتين أشدّ التباين بين الثقافتين العربية والأوروبية، إذ تراها الأولى نذير شؤم، وتراها الثانية رمزاً للحكمة.
 
كما صوَّرَ المصري القديم العديد من الطيور على جدران المعابد والمقابر وجعل من بعضها حروفاً في اللغة الهيروغليفية، وجاء على رأسها الصقر مُجسّداً الإله حورس.
 
ومنها المغرّد جميل الصوت والصورة، ومنها الناعق الذي لا يُستحب سماعه، ومنها ما لا يطير كالبطريق، ومنها الصافات المهاجرات لآلاف الكيلومترات، تُسبّح بحمد ربها ذو العزة والملكوت، ويغلب على الطيور المهاجرة تمتعها بهيكل انسيابي يكسوه ريش تغلّفه طبقة شمعية تخفض معامل الاحتكاك مع الهواء عند الطيران، وعدم البلل عند السباحة والغوص في الماء بحثاً عن الطعام.
 
بخلاف الطيور المتوطّنة، تقطع الطيور المهاجرة آلاف الكيلومترات في أسراب على شكل الرقم (٨)، في الخريف هرباً من شتاء أوروبا القارس إلى دفء إفريقيا، حيث تتكاثر وتربّي أفراخها، وما إن يهلّ فصل الربيع حتى تشرع أسرابها عائدة صوب أوكارها في أوروبا عبر مسارات ثابتة لا تتغيّر، جناحٌ على جناح.
 
 
الطيور المهاجرة في رحلتي الربيع والخريف
تختلف استراتيجية الهجرة باختلاف أنواع الطيور وهي تعبر ثلاث مسارات يشترك فيها البحر المتوسط، تُعرف بالشرقي والغربي وعبر البحر المتوسط، نسبة إلى الاتجاهات الجغرافية لتلك المسارات.
 
يمتد المسار الشرقي على طول ساحل البحر المتوسط مروراً بالبوسفور في تركيا فوادي غور الأردن، وهناك تتشعب الطيور إلى مسارات فرعية؛ فيعبر قسم منها إلى سيناء والساحل الغربي للبحر الأحمر ونهر النيل، في حين يطير القسم الآخر محاذياً غرب سورية والأردن مروراً بالساحل الشرقي للبحر الأحمر في السعودية واليمن، وصولاً إلى أقصر مسافة فاصلة بين قارتي آسيا وأفريقيا، وهي ذات شكل جغرافي أقرب إلى عُنق زجاجة، عند منطقة خليج السويس في مصر، ويطلق عليه الأخدود الأعظم، فتستقر فيها بعض الأنواع كاللقلق الأبيض والرَخَمة، وتُكمل بعضها إلى وسط وجنوب أفريقيا.
 
في المقابل تستفيد بعض الأنواع، وبالتحديد الطيور المغرّدة، من قدرتها على الطيران لمسافات طويلة دون توقف في عبور البحر المتوسط، مستخدمة بعض الجُزُر كمحطات استراحة، مروراً بجنوب إيطاليا فصقلية ومالطة، ثم تونس، وهو ما يُعرف بمسار عبر البحر المتوسط (إيطاليا-تونس).
 
في حين يمرّ المسار الثالث والأخير بالساحل الغربي للبحر المتوسط، عبر مضيق جبل طارق في الغرب وبمحاذاة شواطئ المحيط الأطلسي، حيث تقضي الطيور فصل الشتاء في غرب أفريقيا الأكثر دفئًا مقارنة بطقس أوروبا البارد.
 
مسارات هجرة الطيور من أوروبا إلى إفريقيا عبر مصر وتونس والمغرب  
 
مشروع صون الطيور الحوامة
في المتوسط، يهاجر أكثر من مليون ونصف المليون طائر، منها سبعة وثلاثون نوعاً حواماً، بما فيها خمسة أنواع مهددة بالانقراض، عبر مسار البحر الأحمر، ثاني أهم مسار للهجرة في العالم، وذلك خلال رحلتي الربيع والخريف من كل عام. من هنا تحتل مصر مكانة هامة، نظراً لموقعها الجغرافي كجسر بين قارات العالم، الذي جعل من بعض مواقعها الجغرافية مسارات حرجة خلال رحلات هجرة مسار الطيور، مثل سهل القاع ورأس محمد والعين السخنة.
 
وتعرف الطيور المهاجرة الحوامة كاللقلق وأبو منجل والحدءات والصقور والنسور بقدرتها على الطيران مع تيارات الهواء الصاعدة الساخنة، وهو ما يساعدها على الطيران وقطع مسافات طويلة دون بذل مجهود كبير.
 
وتستطيع الطيور الحوامة قطع مسافة 300 كيلومتر يومياً، تتجنب فيها المسطحات المائية قدر الإمكان باحثة عن أضيق ممرات العبور بين الكتل اليابسة، معتمدة على خرائط بيولوجية تُخَزِّن فيها كافة البيانات ذات الصلة بمسار الهجرة. لذا قد تؤدي التغيُّرات الجغرافية لبعض المناطق الواقعة في مسار الهجرة إلى تعريض هذه الطيور لمخاطر جسيمة قد تودي بحياتها.
 
أيضاً قد يؤدي الامتداد العمراني والسياحي وإنشاء أبراج الاتصالات في المسارات الحرجة إلى تعرُّض الطيور للخطر، سواء عند طيرانها على ارتفاعات منخفضة أو هبوطها للاستراحة أو تناول الطعام في مقالب القمامة وقنوات الصرف الصحي، حيث تصبح عُرضَة للتسمم والإصابة بالأمراض، فضلاً عن تعرُّضها لعمليات الصيد الجائر.
 
من هنا يراعى قبل إنشاء مشروعات اقتصادية تنموية إجراء دراسات بيئية تختص بدراسة أثر هذه المشروعات على الحياة النباتية والحيوانية وكذلك موائل الطيور سواء المتوطنة أو المهاجرة.
 
الملاحظ في مصر توافق المناطق الواعدة المميزة بسرعات رياح عالية على ساحل البحر الأحمر، مثل منطقتي جبل الزيت وخليج السويس، مع أحد نقاط العبور الرئيسية للطيور المهاجرة من قارة آسيا إلى القارة الإفريقية، الأمر الذي استدعى اتخاذ تدابير احتياطية تقلل مخاطر اصطدامها بتوربينات الرياح.
 
أمام تحدي المواءمة بين التنمية الاقتصادية، مثل إنشاء مشروعات طاقة الرياح لحصد أكبر قدر ممكن من الطاقة النظيفة ذات الكلفة المنافسة لنظيرتها من المصادر الأخرى، والحفاظ على البيئة ممثّلة في عناصرها الثلاث: الحياة النباتية، والحيوانية، والطيور الحوامة، ولدت فكرة مشروع الطيور الحوامة المهاجرة Migratory Soaring Birds Project.
 
 
خطوات على الطريق
أمام ارتفاع وتيرة المخاطر التي تتعرض لها الطيور جراء التلوُّث والصيد الجائر وخطوط نقل الكهرباء، ولدت فكرة المشروع عام 2005. وفي ذلك الوقت لم تكن قد أقيمت مشروعات طاقة رياح في أي من مناطق خليج السويس أو جبل الزيت.
 
في عام 2003 أصدرت هيئة الطاقة المتجددة ، بالتعاون مع معمل ريزو الدنماركي "Risø DTU National Laboratory for Sustainable Energy" أطلس رياح خليج السويس، استعرضت فيه البيانات المناخية للموقع الأكثر جاذبية لمستثمري طاقة الرياح، من حيث سرعات الرياح، واتجاهاتها، وكذلك كثافة الهواء، والضغط الجوي، ودرجات الحرارة.
 
أظهر الأطلس تميُّز الموقع بمتوسط سرعات رياح تجاوز حاجز 10 أمتار في الثانية، وانبساط تضاريسه وامتدادها كحصيرة تنساب كنهر من رمل قلّما تعترضه هضاب أو مناطق صخرية، فضلاً عن تميُّز تربته الرملية بإمكانية استخدامها في الأعمال المدنية والإنشائية للبنية التحتية للمشروعات.
 
من هنا حظي الموقع بمكانة متميزة على صعيد الطاقة المتجددة وأُدرج ضمن الخطة الوطنية للتوسع في مشروعات طاقة الرياح. وبالتوازي كان التعاون الذي بدأت أولى خطواته بين جهاز شؤون البيئة ومنظمة BirdLife International عام 2005، يتطوّر مع الوقت، حتى تبلور في صياغة مشروع إقليمي على مرحلتين، وهو يغطي دولاً تقع على مسار هجرة الطيور هي مصر والأردن ولبنان وجيبوتي. وقد بدأ تنفيذ مرحلته الأولى عام 2009 واستغرقت سبع سنوات، تلاها بدء المرحلة الثانية عام 2016، لتنتهي بدورها في حزيران (يونيو) 2023.
 
الجدير بالذكر أن المشروع الإقليمي لصون الطيور الحوامة المهاجرة لا يقتصر على الدول الأربع السابق ذكرها، بل يضم إلى جانبها سبع دول أخرى هي إريتريا وإثيوبيا والسودان واليمن وسورية وفلسطين والسعودية، تقع جميعها على مسار الهجرة خلال موسمي الربيع والخريف من كل عام.
 
ونظراً لتنوُّع المخاطر التي تواجه الطيور الحوامة المهاجرة، فقد أدرج المشروع الإقليمي قطاعات أخرى ذات صلة، ضمّت أربعة قطاعات شملت الزراعة والصيد والسياحة وإدارة النفايات، إلى جانب قطاع الطاقة. ويرجع ذلك إلى المخاطر المحتملة الناجمة عن تنمية هذه القطاعات؛ مثل الاستخدام المفرط للمبيدات في الزراعة وجذب محطات معالجة الصرف الصحي للطيور الباحثة عن مصدر مياه، مما يؤدي إلى غرق وتسمم كثير منها، إلى جانب احتمالات اصطدام الطيور الحوامة بتوربينات الرياح وكابلات الضغط العالي للكهرباء حال إقامتها في مناطق تقع في مسار هجرة الطيور، من دون اتخاذ تدابير وقائية.
 
لذا يعدّ استخدام الرادار كوسيلة لرصد الطيور عن بُعد واتخاذ قرار وقف التوربينات لحين مرورها بالغ الأهمية. ورغم أن العاملين في مجال الطاقة يرون في توقف التوربينات خسارة لطاقة ينقّبون عنها بلا هوادة، إلا أن هذا الحل يسمح بشيء من التعايش بين تقنيات إنتاج الطاقة والطيور. من جهة أخرى تستخدم تقنيات تعتمد على كاميرات خاصة، ما إن ترصد طيراً حتى تُصدِر ذبذبات عالية الصوت تكفي لإبعاد الطيور عن مرمى ريش التوربينات، وقد أثبتت هذه التقنيات نجاحها مع معدلات طيور أقل من تلك التي تتوافر في مسارات الهجرة.
 
إن إقامة مشروعات في الموائل التي تحط فيها الطيور خلال هجرتها قد يهدد حياتها أو يصيبها ببعض الأمراض، ومن هنا تأتي أهمية إجراء دراسات بيئية ترصد وتراقب التأثيرات المحتملة لإقامة المشروع، ليس فقط على الطيور وإنما على الحياة النباتية والحيوانية بثرائها وتنوُّعها وتفرُّدها أيضاً. فاستخدام المياه في تلك المشروعات، سواء للغسيل أو داخل عمليات الإنتاج نفسها، قد يهدد حياة الطيور، خاصة عندما تعود مياه الغسيل محمّلة بالكيماويات والرواسب، أو عند سحب كميات من الماء تهدد حصول تلك الطيور على حاجتها. ليس هذا فحسب، بل إن إنشاء أبراج عالية للاتصالات ونقل الكهرباء وغير ذلك قد يعرضها لأخطار التصادم.
 
 
نموذج يحتذى
تحت مظلة جهاز شؤون البيئة، كونه المؤسسة الوطنية المنوط بها حماية البيئة وتحديد أطر السياسات البيئية والأولويات والمبادرات المنفذة في سياق التنمية المستدامة القادرة على تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة ومتطلبات واحتياجات الأجيال القادمة، عَمِلَ مشروع صون الطيور الحوامة المهاجرة بعدة مراحل ساهمت في تطور أداءه يمكن تلخيصها في المحاور التالية:
 
المحور الوطني المتمثّل بتضفير التعاون المشترك، حيث يستهدف المشروع الإقليمي خمسة قطاعات للعمل والتعاون، هي الزراعة والطاقة والسياحة وإدارة النفايات والصيد. ومن هذا المنطلق جرى في كانون الأول (ديسمبر) 2012 توقيع مراسم أول مذكرة تفاهم بين جهاز شؤون البيئة، وهيئة الطاقة المتجددة.
 
وقبل استعراض مراحل التعاون بين المؤسستين، يجب جلاء بُعد هام جداً، ألا وهو النظرة البعيدة الأفق، العميقة التفاصيل، الشاملة التقييم من كِلا الجانبين لطبيعة عمل الطرف الآخر وأهمية التكامل فيما بينهما، عدا ذلك تتأثر بيئة الأعمال سلبياً وبدلاً من تحوُّل مشروعات الطاقة المتجددة، وخاصة الرياح، إلى مصدر جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة تتحسن معها البيئة الاقتصادية في مصر، تصبح مجالاً طارداً للاستثمار، لا يُعبّر عن أداء الدولة في هذين المجالين؛ البيئة والطاقة المتجددة. وقد أدى اتفاق الرؤى ويقين كل طرف أن نجاحه مرهون بالتوافق مع شريكه، إلى فتح آفاق تبادل الرأي والأفكار بهدف تعظيم القيمة المضافة لمشروعات الطاقة المتجددة والبيئة معاً.
 
من هنا شملت مجالات التعاون بين الطرفين التخطيط المشترك والدراسات البيئية، بما فيها مراقبة الطيور وتحديد الإجراءات اللازمة لحماية الطيور الحوامة، وكذلك الورش الإقليمية ذات الصلة بالطاقة ومسارات الطيور الحوامة.
 
المحور الدولي، حيث يرجع تأسيس مشروعات الطاقة المتجددة في مصر إلى التعاون المشترك مع الدول الصديقة في تخصيص قروض ميسّرة، تتسم بانخفاض معدل الفائدة السنوي وطول فترة السداد، وتضمين بعضها نسبة منح. وقد ساهم بتك التعمير الألماني، ممثلاً للحكومة الألمانية في تمويل أربع مشروعات لطاقة الرياح؛ ثلاث في الزعفرانة بقدرة إجمالية حوالي 130 ميغاواط، ومشروع في جبل الزيت بقدرة 240 ميغاواط، بإجمالي استثمارات تصل إلى 400 مليون يورو.
 
بطبيعة الحال، أُجريت دراسات بيئية استراتيجية لمنطقة جبل الزيت أسفرت عن تحديد مساحات تتجاوز 650 كيلومتر مربع ذات حساسية عالية للطيور المهاجرة، وعليه تم استبعادها من مخططات تنفيذ المشروعات. ومساحات أخرى يمكن إنشاء مشروعات طاقة متجددة فيها مع تطبيق الإجراءات الاحترازية للإيقاف عند الطلب Shut-Down on Demand، ممثلة في رصد مسارات الهجرة خلال موسمي الربيع والخريف من كل عام، وتحديد الإجراء المناسب للتوربينات الواقعة في تلك المسارات، من إيقاف مؤقت ريثما تمر أسراب الطيور، وتحديد مدة الإيقاف، إلى جانب تصوير وتسجيل بيانات من قبيل أنواع الطيور وارتفاعاتها، وكذلك الوفيات والإصابات Causalities، لتحليلها واستخدامها في تطوير معايير الإيقاف عند الطلب، وذلك بديلاً عن الإيقاف الكامل نهاراً لتلك المشروعات خلال موسمي الهجرة، مما يترتب عليه فقد كبير للطاقة وتأثُّر اقتصاديات المشروعات سلباً.
 
ويكاد يكون مشروع طاقة الرياح قدرة 240 ميغاواط في منطقة خليج الزيت المشروع الريادي الأول لتطبيق آلية الإغلاق عند الطلب والنموذج الأول لمسيرة شهدت تطورات مستمرة.
 
في آذار (مارس) 2014، عُقد اجتماع في مكتب الدكتور عمرو السماك، الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة، ضم المهندس شعبان خَلَف، الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والدكتور أسامة الجبالي، مدير مشروع صون الطيور الحوامة، ولفيف من ممثلي الجهاز والهيئة، كان حجر الزاوية في بناء التعاون المشترك، وكان المدماك الرئيسي الذي تأسس عليه التعاون بين المؤسستين. وخلال أربعة عشر يوماً، كان فريق العمل المشترك في الموقع بكامل معداته ولوجستياته وأطقمه يشارك في رصد مسارات الطيور المهاجرة، إلى جانب المكتب الاستشاري البرتغالي Strix International، ليستمر التعاون المشترك والعمل يداً بيد لبناء الخبرات المحلية.
 
وتبع ذلك العمل مع مؤسسات التمويل الدولية من إسبانيا في عام 2016، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، الجايكا، في عام 2018، على رصد مسارات هجرة الطيور لمشروعي رياح قدرة 120 ميغاواط، و220 ميغاواط، على التوالي.
 
وقد تراكمت خبرات الخبراء المحليين عاماً بعد عام وأصبح بإمكان مكتب استشاري مصري القيام بأعمال الرصد وإيقاف التوربينات عند الطلب، وتحليل البيانات.
 
محور توطين الخبرات وبناء الكوادر المحلية، إذ إنه، فضلاً عن التدريب العملي في مواقع محطات رياح جبل الزيت، تم تطوير أدوات الرصد والتواصل بين فريق العمل، ساعد استخدام الرادارات في رصد الطيور على تحديد أعدادها وارتفاعاتها ومدى خضوعها لمعايير الإيقاف بفترة كافية تسمح لمشغّلي التوربينات بإيقافها بشكل سلس يتلافى الإيقاف المفاجئ الذي يؤثر سلبياً على كفاءة التوربينات.
 
كذلك، خُفِضَ الزمن بين الإبلاغ عن طلب التوقف والبدء في الإيقاف من نحو أربعة دقائق إلى أقل من 25 ثانية، وقد ساهمت كل هذه التحسينات في تلافي اصطدام أسراب الطيور المهاجرة بتوربينات الرياح، وبالتالي انخفضت أعداد الإصابات والوفيات من موسم إلى آخر.
 
مركز التميُّز البيئي
تأسس المركز بشراكة بين هيئة الطاقة المتجددة وجهاز شؤون البيئة في موقع الهيئة في منطقة جبل الزيت على البحر الأحمر، بهدف تأهيل الكوادر الوطنية ووضع كود شامل للموارد البشرية المشاركة في أنشطة مراقبة الطيور؛ بداية من الرصد وانتهاءً بتحليل البيانات وإعداد التقارير.
 
ويجري التدريب من خلال الإعلان على الموقع الإلكتروني للهيئة وجهاز شؤون البيئة، يتم بعدها فحص الطلبات وتحديد القائمة المستوفية للضوابط والشروط الخاصة بالتدريب. ويجري التدريب –عادة- على مجموعتين في كل موسم هجرة؛ خريف وربيع، لضمان اكتساب المتدربين المهارات العملية والتعرُّف على الطيور على الطبيعة ومعايشة نمط حياتها.
 
وقد شهدت الدورات التدريبية عدة مؤشرات إيجابية هامة ظهرت في الإقبال المتزايد على الدورات، مشاركة المجتمع المدني بما يعكس الاستفادة الاجتماعية لمثل هذا التدريب في زيادة فرص العمل، ورفع معدل التوائم مع الأنشطة الاقتصادية في المنطقة. فإلى جانب مشروعات الطاقة المتجددة، تُعرف المنطقة أيضاً بغِناها بموارد البترول، مما يقلّص معدلات البطالة. مؤشر آخر تمثّل في إقبال الصقّارين على الانخراط في أنشطة رصد الطيور ليصبح نموذجاً فاعلاً وإيجابياً.
 
كما تميّزت المشاركة النسائية في التدريب، حيث تمثّل المشاركة النسائية أكثر من 25 في المئة في الدورات التدريبية، شاركن في كافة أنشطتها، ليس هذا وحسب بل شاركت المرأة كمُحاضِرة أيضاً، في رسالة تؤكد صلاحية مجال رصد الطيور المهاجرة الحوامة.
 
وقد منح قانون تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، القانون 203 لسنة 2014، الفرصة أمام القطاع الخاص المحلي والدولي لإنشاء مشروعات طاقة متجددة، وبحلول عام 2015 بدأ تحالف مصري، ياباني، فرنسي إنشاء أول مشروع طاقة رياح قدرة 250 ميغاواط في منطقة خليج السويس على ساحل البحر الأحمر يبيع بمقتضاه الكهرباء المنتجة إلى الشركة المصرية لنقل الكهرباء، وعليه تم في عام 2016 توقيع بروتوكول رباعي ضم إلى جانب رُكني العمل المشترك، هيئة الطاقة المتجددة وجهاز شؤون البيئة، كلاً من الشركة المصرية لنقل الكهرباء والمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، ضَمَنت بموجبه الشركة المصرية لنقل الكهرباء في عام 2017 اتفاقيات شراء الطاقة الموقعة بينها وبين المستثمرين، تولي المركز الإقليمي الإشراف على رصد مسارات الطيور خلال موسمي الهجرة.
 
وشمل التعاون مع المؤسسات الدولية اتساع رقعة التعاون وكذلك تعميق مجالاته بين جهاز شؤون البيئة ومشروع صون الطيور الحوامة، منها على سبيل المثال BirdLife International التي تعدّ الراعي الأول للطيور على مستوى العالم، والبنك الدولي والبنك الأوروبي للإعمار والتنمية، وغيرها من المؤسسات الدولية ذات الصلة.
 
شهد عام 2018 نقلة نوعية على مستوى التعاون مع المؤسسات الدولية، حيث ترأست مصر اجتماعات اتفاقية الطيور المهاجرة خلال انعقاد الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوُّع البيولوجي في مدينة شرم الشيخ، حيث عُدّ التعاون بين كل من جهاز شؤون البيئة ممثّل في مشروع صون الطيور الحوامة وهيئة الطاقة المتجددة، نموذجاً للاتفاقيات الدولية المعنية بالتغيُّرات المناخية والتنوُّع البيولوجي والأنواع البرية المهاجرة، ومنهاجاً يمكن نسخه في العديد من الدول الأخرى.
 
وقد تواكب ذلك مع الاهتمام بتعميق الخبرات المحلية على أسس علمية قدم فيها مجمع جبل الزيت لطاقة الرياح بمشروعاته الثلاث، بإجمالي قدرات 580 ميغاواط مقسمة على 290 توربينة، فرصة كبيرة لبناء الخبرات المحلية، استضافت فيها قاعة اجتماعات المهندس عبد الرحمن صلاح الدين دورات تدريبية امتدت من الصباح الباكر حتى المساء استهدفت زيادة فرص العمل بتعليم ونقل خبرات إلى ابناء المجتمع المحلي في مدينة رأس غارب، للحدّ من فرص البطالة وفتح آفاق عمل جديدة شملت الرجال والسيدات، وكذلك التدريب التحويلي وخاصة للصقّارين ، فضلاً عن الطلبة في كليات العلوم في الجامعات المختلفة مما أهّل عدد لا بأس به للعمل في السوق المحلي وخفض الطلب على الخبراء الأجانب.
 
وقد تكللت هذه الجهود المخلصة بتحقيق النجاح عاماً بعد عام، ليحصل المشروع على جائزة الطاقة العالمية 2020، كشهادة اعتراف واستحقاق عالميتين بتميزه وجدارته أن يكون نموذجاً يحتذى ولعرض تجربته المتميزة على أجندة المؤتمرات العالمية، آخرها المؤتمر الاقليمي حول الطاقة والطيور في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، وخلال فعاليات مؤتمر الأطراف المناخي السابع والعشرين في مدينة شرم الشيخ تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، حيث جرى التوجه نحو المشروعات الكبرى لضمان مستقبل أكثر اخضراراً.
 
 
الدكتور محمد مصطفى الخياط، الرئيس التنفيذي، هيئة الطاقة المتجددة، مصر
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.