Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
أمل المشرفية مؤتمر المناخ "كوب 28" في الإمارات: طموح لموازنة المصالح الاقتصادية والبيئية العالمية  
كانون الأول / ديسمبر 2023 / عدد 309
يمثّل مؤتمر الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ (كوب 28) الذي ينعقد في دبي فرصة حاسمة لمعالجة تغيُّر المناخ. وفي نهاية عام من الظواهر الجوية المتطرّفة، والتقارير العلمية التي تسلّط الضوء على الحاجة الملحّة إلى التحرُّك، تتجه كل الأنظار نحو قادة الدول لاتخاذ قرارات حاسمة تستجيب للتحذيرات المستندة إلى وقائع وتضع الأمور في نصابها الصحيح.
 
وتناقش القمة المناخية مجموعة من القضايا الأساسية، أبرزها خفض الانبعاثات، وسبل الحفاظ على الهدف المناخي بإبقاء احترار الكوكب ضمن 1.5 درجة مئوية، وتوحيد البلدان في مواجهة تغيُّر المناخ، وموازنة المصالح الاقتصادية والبيئية. ويمثّل الوصول إلى تفاهمات حول مستقبل الوقود الأحفوري، وردم الهوّة في تمويل العمل المناخي ودعم قدرات البلدان النامية، أهم المؤشرات على نجاح القمة.
 
تباين المواقف من الوقود الأحفوري
فيما يواجه العالم أزمة مناخ متصاعدة، من المتوقع أن يصبح مؤتمر "كوب 28" معلماً بارزاً في المعركة العالمية لمواجهة هذه القضية الملحّة. وفي قلب المعركة تكمن قضية الوقود الأحفوري المثيرة للجدل، حيث يواجه أنصار التخلُّص السريع منه فريقاً من المطالبين بعدم وقف استخدامه قبل الوصول إلى بدائل مضمونة، لعدم التسبب بصدمة اقتصادية مفاجئة. وبين هؤلاء من يدعم تطوير تقنيات جمع الكربون وإعادة استخدامه أو احتجازه بأساليب مأمونة، مما يطيل عمر استخدام الوقود الأحفوري على نحو نظيف. فالمطلوب الحدّ من الانبعاثات لا وقف استعمال انواع محددة من الوقود.
 
ويؤكد المطالبون بالتخلُّص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري على مدى إلحاح أزمة المناخ، بحجّة أن التحوُّل السريع والبعيد المدى عن مصادر الطاقة الكثيفة الكربون أمر ضروري لتجنب أسوأ آثار تغيُّر المناخ. ويشيرون إلى الإجماع العلمي على أن الأنشطة البشرية، وفي المقام الأول حرق الوقود الأحفوري، هي التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بسرعة. وإذ لا يعارض هؤلاء تطوير تقنيات عملية لالتقاط الكربون الناجم عن حرق الوقود الأحفوري واحتجازه، يحذرون من أن حراجة الموقف لا تسمح بالاستمرار في نفث الانبعاثات في انتظار الوصول إلى حلول عملية واقتصادية بديلة.
 
ويؤكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، في تقريره "فجوة الانبعاثات لعام 2023" الصادر قبل أيام من انعقاد (كوب 28)، على أن الطاقة الأحفورية، من فحم حجري ونفط وغاز طبيعي، هي المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة، إذ تمثّل حالياً 86 في المائة من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون. ويرى "يونيب" أن التحوُّل العالمي لأنظمة الطاقة هو أمر ضروري، بما في ذلك في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث هناك أهداف إنمائية ملحقة ينبغي تحقيقها بالتوازي مع التحوُّل بعيداً عن الوقود الأحفوري. ففي حين قد تتمكن الدول الغنية من تحقيق التزاماتها في الوصول إلى حياد كربوني في منتصف القرن، إلا أنّ الدول النامية لن تستطيع تحقيق هذا ما لم تحصل على الدعم الكافي، من تمويل ونقل للتكنولوجيا والتدريب.
 
وتدعم الدول الأوروبية الدول الأكثر عرضة لآثار تغيُّر المناخ في مطالبتها قمة "كوب 28" بحزمة من إجراءات التخفيف من حدة تغيُّر المناخ، تفضي إلى خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بشكل أسرع. ومنها التعهد بزيادة قدرة الطاقة المتجددة العالمية ثلاثة أمثال بحلول عام 2030، والتخلُّص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري، المسبب الرئيسي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بعدما كانت القمة السابقة في شرم الشيخ حصرت "الخفض التدريجي" بالفحم الحجري. ويرافق هذا ازدياد المطالبات من الدول الأكثر تضرراً والحركات المناخية الشعبية حول العالم باعتماد "الوقف التدريجي" السريع بدلاً من "الخفض التدريجي" البطيء.
 
وفي المقابل، يعارض أصحاب المصالح في مجال الوقود الأحفوري، بما في ذلك شركات الطاقة ومستثمروها والبلدان التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الوقود الأحفوري، مثل الصين وروسيا، "الوقف التدريجي" السريع. وهم ينظرون إلى مثل هذا التحوُّل باعتباره تهديداً لاستقرارهم الاقتصادي ونفوذهم السياسي، ويعتبرونه مدمّراً للغاية ومكلفاً اقتصادياً، حيث سيؤدي إلى نقص الطاقة، وفقدان الوظائف، وزعزعة الاستقرار الاقتصادي العالمي.
 
وفي محاولة للوصول إلى أرضية مشتركة، تؤيد رئاسة المؤتمر مقاربةً أقل تشدداً، تقوم على خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري تدريجياً (Phase Down)، مع تطبيق التقنيات التي تدعم خفض الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري وتقنيات التقاط وحجز الكربون. وكان سلطان الجابر، رئيس "كوب 28"، دعا إلى أن تجمع القمة كل الأطراف المعنية حول طاولة المفاوضات، بما فيها قطاع الوقود الأحفوري، معتبراً أن الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري هو أمر حتمي.
 
ويوجد حول العالم حالياً 425 مشروعاً لاستخراج الوقود الأحفوري، قيد التنفيذ أو التطوير، كل منها لديه احتياطيات يمكن أن ينبعث عنها أكثر من مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. وكانت كمية الانبعاثات الكربونية التي سجّلها عام 2022 بلغت رقماً قياسياً وصل إلى 57.4 مليار طن، وفقاً لتقرير "فجوة الانبعاثات لسنة 2023".
 
غياب المساواة والتمويل المناخي
يلعب غياب المساواة دوراً واضحاً في إفشال الجهود المناخية العالمية ويشير تقرير "فجوة الانبعاثات لعام 2023" إلى عدم المساواة في الانبعاثات القائمة على الاستهلاك بين البلدان المختلفة وداخل البلد الواحد. وقد تبيّن على صعيد العالم أن 10 في المائة من السكان الذين يتمتعون بأعلى مستويات الدخل كانوا مسؤولين عما يقرب من نصف الانبعاثات (48 في المائة)، ويعيش ثلثا هذه المجموعة في البلدان المتقدمة. أما مجموع 50 في المائة، الذين يمتلكون أدنى مستويات الدخل، فلم يساهموا سوى في 12 في المائة من إجمالي الانبعاثات.
 
وتمثّل عدم المساواة قضية ضاغطة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيُّر المناخ، لأنها تقلّص المساحة التي يمكن أن تختبئ خلفها الحكومات والشركات والأفراد. ويعزز تأثير هذه القضية الزخم الكبير الذي اكتسبته الدول النامية بعد فرض تمويل الخسائر والأضرار خلال مؤتمر "كوب 27" في شرم الشيخ.
 
وكان فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية، أكّد على الحاجة إلى "تعاون دولي عادل وفعّال" لتحقيق صافي انبعاثات صفرية، ومعالجة عدم المساواة باعتباره أمراً ضرورياً لتمهيد الطريق نحو مستقبل مستدام. ويقترح "يونيب" زيادة حجم المساعدات المالية الدولية بشكل كبير مقارنةً بالمستويات الحالية، وإعادة توزيع مصادر رأس المال العامة والخاصة الجديدة بشكل أفضل، لتوجيهها نحو البلدان المنخفضة الدخل، وإعادة هيكلة هذه المصادر من خلال اعتماد آليات التمويل التي تعمل على خفض تكاليف رأس المال.
 
ويلعب تمويل المناخ دوراً حاسماً في تمكين العمل المناخي، لاسيما في البلدان النامية التي تتأثر بشكل غير متناسب بآثار تغيُّر المناخ. ورغم أن تحقيق هدف تأمين مبلغ 100 مليار دولار سنوياً للتمويل المناخي يمثّل خطوةً كبيرةً إلى الأمام، إلا أنه يتضاءل أمام الكلفة الحقيقية لمعالجة مشاكل تغيُّر المناخ التي تبلغ تريليونات الدولارات سنوياً. ووفقاً للتقديرات، تحتاج الاقتصادات الناشئة والنامية إلى أكثر من 2.4 تريليون دولار من الاستثمارات السنوية في العمل المناخي بحلول 2030 لتحقيق أهداف اتفاق باريس المناخي.
 
ومن المتوقع أن يركّز "كوب 28" في دبي على معالجة فجوة تمويل المناخ وضمان حصول البلدان النامية على الموارد اللازمة لمعالجة تغيُّر المناخ، بما في ذلك تقديم البلدان المتقدمة ضمانات بشأن تعزيز موارد صندوق المناخ الأخضر، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية لتعزيز فعاليتها في دعم العمل المناخي. ومن على الطاولة وضع إطار لاتفاق جديد بشأن تمويل المناخ، يهدف إلى تعزيز تدفُّق الموارد إلى الدول النامية، على شكل استثمارات لا قروض فقط.
 
يمثّل مؤتمر الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ في دبي فرصة أخرى لمعالجة أزمة المناخ التي تهدد مستقبل البشرية. وإذا تمكنت القمة من تحقيق أهدافها في الوصول إلى اتفاق بشأن مستقبل الوقود الأحفوري، وسدّ فجوة تمويل المناخ، ومعالجة عدم المساواة في الانبعاثات والتأثيرات الناجمة عن تغيُّر المناخ، فستكون خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة وعدالة للجميع.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.