Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
كاظم المقدادي مؤتمر دبي للمناخ والتحدّيات الساخنة  
حزيران / يونيو 2023 / عدد 303
تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ COP 28"" في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 12 كانون الأول (ديسمبر) 2023، متطلعة لإستقبال العالم في المؤتمر والعمل مع الأطراف المعنية كافة لتحقيق نتائج ومخرجات متوازنة وطموحة وشاملة للجميع، لتكون إرثاً يمنح الأمل للأجيال القادمة.
 
تلك هي طموحات أممية اَنية وملحة في ظل ما يواجهه مؤتمر دبي من تحديات ساخنة، وضرورة إيجاد حلول ومعالجات جدية وعاجلة، مقرونة بتنفيذ الإلتزامات، إذا ما أرادت الأطراف المعنية الحدّ من وطأة المشكلات المزمنة المتعلقة بالتغيُّرات المناخية وتداعياتها الإقتصادية-الإجتماعية والبيئية والصحية والأمنية، التي واجهتها المؤتمرات السابقة وأخفقت في تحقيق حتى أهمها وأكثرها إلحاحاً.
 
فهل ستلبي نتائج ومخرجات COP 28 التطلعات الأممية التي طال إنتظارها، من حيث راهنيتها وفاعليتها وضمان إلتزام الدول الغنية بتعهداتها؟
 
هذا التساؤل مشروع إذا ما أُخِذَت بعين الإعتبار الوقائع التالية:
 
1. فشل خطة الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، الذي أكّده مؤخراً علماء من جامعة كونكورديا الكندية، مستندين في تحليلهم إلى دراسات علمية مكرّسة لحالة المناخ العالمي، ولدراستهم للإتجاهات التي أدّت الى إرتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، ولإستخدامهم للنتائج في تنبؤاتهم- وفقاً لمجلة Science- موضحين أنه مع الأخذ بالإعتبار الأوضاع الحالية، فإن احتمال تحقيق هدف الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين يعادل الصفر عملياً. لأن هذا يتطلب تخفيض الانبعاثات المسببة للإحتباس الحراري بنسبة 43 في المئة بحلول عام 2030، بينما هي آخذة في الارتفاع حالياً.
 
وهذا يدل على إستمرار التقاعس في تنفيذ اتفاقية باريس لعام 2015، التي صادقت عليها 195 دولة، ومن ضمنها دول الإتحاد الأوروبي، والداعية لتخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون على مدى العقود الثلاثة المقبلة، للحفاظ على ارتفاع الحرارة دون 1.5 درجة مئوية.
 
علماً بأن COP 27 في شرم الشيخ عام 2022 شهد تنازع الوفود بشأن الأرقام التي تحدد مقدار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يجب خفضها خلال السنوات المقبلة، وكيفية تضمين جهود إزالة الكربون الاصطناعي أو الطبيعي في المعادلات. وعدا هذا،عارضت الولايات المتحدة بشدة فكرة "المسؤولية التاريخية" عن التغيُّر المناخي، وهي التي أطلقت أكبر قدر من ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي منذ التحوُّل الصناعي.
 
2. قبل 14 عاماً، تعهدت الدول المتقدمة بتقديم 100 بليون دولار سنوياً لتمويل مكافحة تغيُّر المناخ ومساعدة الدول النامية في التعامل مع تبعات تزايد درجات الحرارة العالمية، ولكنها تقاعست عن الوفاء بإلتزاماتها، الأمر الذي جعل الأمم المتحدة تصف التقاعس، على لسان مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، بـالمهزلة، لاسيما وأن تلك الدول تتحمل المسؤولية الأكبر عن الاحتباس الحراري، ناسية أو متناسية أنها تعهدت خلال محادثات المناخ التي عُقدت تحت رعاية الأمم المتحدة في كوبنهاغن عام 2009 بتمويل المشاريع المتعلقة بالمناخ في البلدان الأشد فقراً، بحلول عام 2020.
 
3. تبنى COP 27 إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" لدعم الدول النامية المعرضة بشكل خاص لمواجهة التداعيات الخطيرة الناجمة عن ظاهرة تغيُّر المناخ. هذا القرار إعتبره البعض "خطوة نحو العدالة المناخية". وهناك من إعتبره "أحد القرارات التي نجحت في دفع العالم للانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ". بينما عملياً يجري حتى الآن الحديث عن "تفعيل" الصندوق، ولم يتضح بعد كيفية تفعيله، ولا الدول التي ستدفع الأموال، ولا كيفية تحديد أي الدول معرضة للخطر وتستحق تلقي الدعم المالي من الصندوق، فضلاً عن عدم تحديد مقدار الأموال التي سوف تُدفع. لذا لابد من حسم الأمور في COP 28 في دبي.
 
4. منذ إنشاء "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ" (IPCC) في عام 1988، بوصفها الهيئة العلمية التي تضم علماء من جميع أنحاء العالم، لتقديم المشورة إلى الأمم المتحدة حول التغيُّرات المناخية في العالم، أصدرت الهيئة مجموعة من التقارير العلمية، كانت الأساس الذي ارتكزت إليه الاتفاقيات المناخية منذ بدأت مؤتمرات الأطراف قبل 28 عاماً.
 
اَخر تقاريرها صدر في اَذار (مارس) الماضي، وهدف أن يكون غطاءً يستوعب الكمّ الكبير من الأبحاث التي أجريت حول ظاهرة الاحتباس الحراري منذ اتفاق باريس للمناخ عام 2015. وقد أكّد التقرير ما هو معروف منذ سنوات: "أن المناخ يتغيَّر أسرع من المتوقَّع، والنتائج ستكون مدمّرة وكارثية في غياب معالجات فورية "- برأي الخبير البيئي العربي نجيب صعب، الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد). كما أن الحل لا يزال بعيد المنال، لأن الدول المتقدمة لم تلتزم بما وعدت به في المؤتمرات والمعاهدات المناخية منذ ثلاثة عقود.
 
وقد لخّص التقرير عمل اللجنة وأبحاثها خلال خمس سنوات، وتوصّل إلى استنتاجات وتوصيات يُفترض أن تشكّل الخلفية العلمية للخيارات السياسية التي ستناقشها قمة المناخ في دبي. وأبرز الاستنتاجات أن حَصْر ارتفاع معدلات الحرارة بدرجة ونصف درجة مع نهاية هذا القرن لم يعد هدفاً ممكن التحقيق، بسبب التأخر في تنفيذ الالتزامات المطلوبة لتخفيض الانبعاثات الكربونية. وهذا يعني أن نطاق الآثار التي لن يمكن وقفها سيتوسَّع، أكان في ارتفاع البحار أو الجفاف أو تسارع وتيرة الكوارث الطبيعية المتطرفة وحجمها، مما يستتبع زيادة ميزانيات التكيُّف، استعداداً للتعامل مع تأثيرات لم يعد ممكناً ردُّها.
 
لكن هذا لا يعني –يوضح صعب- أننا دخلنا في قَدَر محتوم لن تجدي معه أي تدابير، كما يروّج بعض أرباب الصناعات والنشاطات الملوِّثة. فتسريع تدابير خفض الانبعاثات، وإن كان لن يوقف ارتفاع الحرارة عند درجة ونصف درجة، سيضع حدّاً للارتفاع، لتجنُّب نتائج أكثر كارثية. كما يمكن، خلال فترة زمنية، امتصاص جزء من فائض غازات الاحتباس الحراري، إما بأساليب طبيعية مثل زيادة مساحات الغابات، أو صناعية بالتقاط الكربون من الجو وتخزينه. أما زيادة الانبعاثات بلا حدود فيضع التغيُّر المناخي وتأثيراته خارج أي ضوابط يمكن التعامل معها.
 
إلى هذا، أعلن الوزير الإماراتي سلطان الجابر، الرئيس المعيّن لـCOP 28، أن المؤتمر المقبل يسعى لتحقيق الهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تداعيات تغيُّر المناخ، ووضع الصيغة النهائية للاتفاق على مضاعفة تمويل التكيُّف. وأوضح، في كلمته أمام اجتماع وزراء الطاقة في آسيا الذي أقيم مؤخراً ضمن فعاليات أسبوع الهند للطاقة في مدينة بنغالور الهندية، أن النقلة النوعية التي نحتاج إليها لتسريع التقدم تتطلب توفير التمويل بشكل مُيسَّر وبتكلفة مناسبة، مشيراً إلى أن التمويل المطلوب يُقدّر بتريليونات الدولارات.
 
ودعا الجابر إلى ضرورة اعتماد سياسات داعمة للعمل المناخي والنمو الاقتصادي بشكل متزامن لضمان انتقال في قطاع الطاقة يشمل الجميع ولا يترك أحداً خلف الرَكب.
 
وأضاف أن الدول النامية لم تشهد سوى قدر ضئيل من العدالة حتى الآن في ما يتعلق بتحويل الطاقة، والحاجة ماسة لتوفير رأس المال من أجل التشغيل الكامل لصندوق "الخسائر والأضرار" الذي تبناه COP 27.
 
وحثّ الرئيس المعيّن على التكاتف الدولي ليكون "مؤتمر الأطراف" في دبي مؤتمر النتائج العمليّة واحتواء الجميع، لافتاً إلى أن التقدم المحرَز لا يزال بعيداً عن المطلوب.
 
خلاصة القول:
يشهد العالم بأجمعه تفاقم التغيُّرات المناخية وأضرارها وخسائرها الجسيمة. والجميع يقر بضرورة إتخاذ الإجراءات المطلوبة، بما فيها الدول المتقدمة التي لم تلتزم بتعهداتها.
 
فهل سيكون مؤتمر المناخ في دبي فرصة جديدة لإحداث نقلة نوعية لحلول ومعالجات مناخية وتمويلية عاجلة، تضع مصلحة الشعوب وتطلعاتها المشروعة بالحد عاجلاً من الكوارث والأضرار الناجمة عن التغيُّرات المناخية، على رأس أولويات المفاوضات الجديدة؟
 
الجواب ينتظر إنعقاد المؤتمر وما سيتمخّض عنه من قرارات جديدة، وفيما إذا كان سيلزم الدول بضمانات للإيفاء بتعهداتها.
 
 
د. كاظم المقدادي،أكاديمي عراقي متخصص بالصحة والبيئة، مقيم في السويد
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.