Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عبدالهادي نجّار بعد خسارتها حقول النفط والغاز سورية تفقد معظم طاقتها  
شباط / فبراير 2017 / عدد 227
أزمة الطاقة في سورية، التي تفاقمت خلال السنوات الماضية، بدأت قبل الأحداث. فخلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، تحوّلت سورية من بلد مصدّر للمشتقات النفطية إلى بلد مستورد لها. وتزامن ذلك مع ارتفاع في أسعار النفط أدّى إلى صعوبات في توفير الدعم الحكومي لأسعار الوقود وحصول نقص في المشتقات النفطية. كما ارتفع الطلب على الطاقة نتيجة الاستثمارات الجديدة في البلاد والانفتاح على استيراد السيارات بمعدلات قياسية بعد فترة تقييد طويلة.
 
وقد حاولت الحكومة السورية مواجهة الضغوط في القطاع النفطي باتخاذ عدد من الترتيبات من بينها البدء برفع الدعم الحكومي عن المازوت (الديزل) والبنزين والكهرباء. وكانت الزيادات كبيرة، إذ ارتفع سعر الليتر الواحد من وقود الديزل من 15 إلى 25 ليرة سورية عندما كان سعر صرف الدولار الأمريكي يعادل 45 ليرة.
 
تغيير أسعار الطاقة كان أحد الأسباب المباشرة للأزمة التي تفجّرت في شهر آذار (مارس) 2011. ومع أنه تم التراجع عن رفع أسعار الوقود، إلا أن الاحتجاجات كانت قد تطورت وخرجت الأمور عن السيطرة.
 
 
تصاعد أزمة الطاقة
 
بدأت مشاكل الطاقة في سورية تزداد بشكل مطرد مع ازدياد حدة التوترات الداخلية. وكانت بدايتها بتضرر شبكات الكهرباء ومراكز التحويل ضمن المدن، ثم بدأت التعديات على خطوط نقل الوقود بين المحافظات، فتعرض خط نقل الديزل بين حمص وحلب للتخريب والسرقة في أكثر من ستين نقطة على طول الخط.
 
وفي شهر آب (أغسطس) 2011 فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي مجموعة من العقوبات على قطاع النفط السوري، وفي كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه توقف عمل جميع الشركات الأوروبية الفاعلة في سورية، وكذلك امتنعت الشركات المورّدة للديزل والغاز عن تنفيذ التزاماتها.
 
في عام 2012 توسّعت الاشتباكات شرقي البلاد حيث حقول النفط، وبدأت المجموعات المسلحة تفرض سيطرتها في المنطقة تدريجياً، إلى أن استولت على أهم وأكبر حقل نفطي في البلاد هو حقل العمر في محافظة دير الزور في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013. وبهذا تراجع إنتاج النفط اليومي في سورية من 387 ألف برميل مطلع عام 2011 إلى 15 ألف برميل نهاية عام 2013.
 
وحيث كان يتم إنتاج مجمل الكمية المتبقية في المنطقة الوسطى، تراجعت هذه الكمية مع استيلاء "تنظيم الدولة" على مدينة تدمر وسيطرته على عدد من الحقول في جوارها، لا سيما حقل جزل النفطي في أيار (مايو) 2015 وفي كانون الأول (ديسمبر) 2016.
 
وعلى نحو مشابه، تراجع الإنتاج اليومي للغاز من 23.8 مليون متر مكعب في عام 2011 إلى 14.8 مليون متر مكعب في عام 2014، ثم إلى 8.2 مليون متر مكعب في نهاية عام 2016، بعد فقدان السيطرة على حقول شاعر والهيل وجحار، التي تعد أضخم حقول الغاز في سورية وتقع قرب مدينة تدمر.
 
وهكذا فقدت الحكومة السورية معظم مصادرها النفطية والغازية ومحطاتها الكهرمائية الرئيسية، بعد سيطرة المجموعات المسلحة على سدود نهر الفرات الثلاثة (تشرين والثورة والبعث) التي وفّرت ما نسبته 6 في المئة من أصل 46.4 مليون ميغاواط - ساعة من الكهرباء جرى توليدها في عام 2010.
 
حسب تقارير رسمية، بلغ الطلب على الطاقة الكهربائية في سورية ما مجموعه 50.7 مليون ميغاواط - ساعة في عام 2011، وكان مجمل الإنتاج من الكهرباء 49 مليون ميغاواط - ساعة، أما في عام 2015 فقد تراجع الإنتاج إلى 19.9 مليون ميغاواط - ساعة فقط.
 
وكانت محطات كهربائية كبيرة خرجت عن الخدمة في سنوات الحرب، أهمها محطة حلب الحرارية، أكبر محطة لتوليد الكهرباء في سورية، وكذلك توقف العمل في توسعة محطة تشرين قرب دمشق في عام 2012، وتعرضت للقصف محطات توليد الكهرباء في محردة والزارة ضمن محافظة حماة.
 
أما أقسى ضربة تعرض لها قطاع الطاقة في سورية، بعد فقدان مصادر الطاقة الكهرمائية على نهر الفرات، فيتمثل بتفكيك ونهب محطة زيزون الحرارية في محافظة حماة خلال النصف الثاني من عام 2015، واستيلاء "تنظيم الدولة" على أهم منشأة للغاز في البلاد هي معمل غاز كونيكو قرب مدينة دير الزور، ثم قصفها وخروجها عن الخدمة في آذار (مارس) 2016، وكذلك قيام "تنظيم الدولة" بتفجير معمل غاز حيان قرب مدينة تدمر مطلع عام 2017 الذي كان يوفّر نحو ثلث حاجة البلاد من الغاز لتوليد الكهرباء.
 
 
 
تفجير معمل غاز حيان
 
وفي المحصلة، تراجعت حصة الأسرة من وقود الديزل من ألف ليتر مطلع عام 2011 إلى مئتي ليتر مطلع عام 2017، وارتفع سعر الليتر من 25 ليرة إلى 180 ليرة وفق السعر الرسمي، وتجاوز أكثر من 300 ليرة في السوق السوداء. علماً أن سعر صرف الدولار ارتفع في الفترة نفسها من 45 ليرة سورية إلى أكثر من 500 ليرة، ولم يترافق ذلك مع زيادات ملموسة في الرواتب والأجور.
 
أما الطاقة الكهربائية فخضعت للتقنين منذ نهاية عام 2011 وبلغت مدة قطع الكهرباء 18 ساعة يومياً مطلع عام 2017 في أفضل الحالات، حتى أن مناطق عديدة تحولت للاعتماد على مولدات الكهرباء المشتركة كما في مدينة حلب. وارتفع سعر الشريحة العليا لاستهلاك الكهرباء في الأغراض التجارية والمنزلية من 7 ليرات للكيلوواط - ساعة في عام 2011 إلى 29 ليرة في عام 2016 وفق الأسعار الرسمية.
 
 
بدائل الطاقة
 
مع تراجع مصادر الطاقة التقليدية المتاحة، قام السوريون باختبار العديد من البدائل سواء لتأمين محروقات التدفئة في الشتاء أو لتوفير الطاقة الكهربائية على مدار العام.
 
اعتباراً من عام 2012 ازدادت بشكل كبير التعديات والقطع الجائر للأحراج، وأصبح الحطب مصدراً أساسياً لتوفير التدفئة في الكثير من المنازل، وارتفعت أسعاره حتى تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من الحطب أكثر من 100 ليرة سورية في مطلع 2017.
 
 
 
قطع الأشجار الحرجية
 
وقد جرى تكرير المشتقات النفطية بشكل بدائي، لا سيما في المناطق الشرقية من البلاد، حيث ظهرت أمراض صحية نتيجة سوء ظروف التكرير، إضافة إلى حصول بعض الوفيات نتيجة انفجار مستوعبات التكرير.
 
 
 
تكرير النفط بشكل بدائي
 
كما توسّع استخدام فحم الكوك النفطي كمصدر للطاقة بديل عن الديزل في بعض الاستثمارات، وبشكل خاص في منشآت تربية الدواجن. أما المخلفات الصلبة لعصر الزيتون (الجفت)، التي كان التخلص منها يمثل همّاً بالنسبة لأصحاب المعاصر، فقد أصبحت تجفف وتضغط على شكل أسطوانات، وأخذت تلقى رواجاً في تدفئة المنازل كبديل عن الحطب، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من الأسطوانات الجافة 80 ليرة سورية مطلع عام 2017.
 
 
 
أسطوانات مخلفات عصر الزيتون
 
وبشكل عام، اعتمدت الأسر السورية على كهرباء الشبكة العامة كمصدر للتدفئة خلال الساعات القليلة التي تتاح فيها يومياً، ومن توفرت لديه القدرة المالية استخدم الديزل أو الغاز، وفي المرتبة الثالثة جاء استخدام الحطب ومخلفات الزيتون ومواد أخرى كمصدر للطاقة.
 
بقيت الشبكة العامة هي المصدر الرئيس للطاقة الكهربائية. ومع تراجع فترات التغذية الكهربائية اليومية، اعتمد السوريون على شحن بطاريات السيارات وتأمين الإنارة باستخدام أشرطة الصمامات الثنائية الباعثة للضوء "الليدات" LEDs. وانتشرت الليدات على نطاق واسع في المدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة إلى جانب المنازل والمحال التجارية.
 
يبلغ طول شريط الليدات متراً واحداً، ويتراوح ثمنه ما بين 200 إلى 600 ليرة سورية حسب شدة الإضاءة، وهو يكفي لإنارة غرفة متوسطة الأبعاد بشكل جيد لعدة ساعات مع استهلاك محدود من الطاقة.
 
 
 
أشرطة الليدات الرائجة في سورية
 
أما المولدات الكهربائية العاملة على البنزين ذات الاستطاعة الصغيرة أو تلك العاملة على الديزل ذات الاستطاعة المتوسطة والكبيرة، فانحصر استخدامها في بعض المؤسسات الكبيرة. أما في المناطق التي غابت عنها تغذية الشبكة العامة، فقد تحولت المولدات الكهربائية إلى مصدر رئيسي للتيار الكهربائي حتى في المنازل، وأصبح مصطلح "الأمبيرات" تعبيراً رائجاً نسبةً إلى وحدة القياس التي تسعّر بها الكهرباء.
 
أما الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) فبقي محدوداً نظراً لارتفاع كلف التأسيس، ولكنها كانت الحل الوحيد في الحالات التي لا يتوافر فيها تيار الشبكة العامة أو الوقود اللازم لتشغيل المولدات، كما في المناطق النائية والمخيمات.
 
 
أجهزة شحن باستخدام الطاقة الشمسية
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.