البعض يعتبر حماية الطبيعة والحفاظ على التنوع الحيوي رفاهيّة لا قدرة للعالم على تحمّلها. لكن الاكتشاف العلمي الأحدث لمعالجة الأورام السرطانية قد يتكفل بتبديل هذا الفهم الخاطئ.
أساس العلاج، الذي تم الإعلان عنه في جامعة لندن، بكتيريا تم استخراجها من أعماق البحار المظلمة. هذا النوع من البكتيريا خامد وغير فعّال في الظلام الدامس، لكنه يتحول إلى عنصر شديد الفعالية عندما يتعرض للضوء.
علاج الخلايا السرطانية بالأساليب التقليدية، أكانت بالاستئصال الجراحي أم بالأشعة، تؤثر بدرجات متفاوتة على الخلايا المحيطة السليمة، وغالباً ما تفضي إلى مضاعفات جانبية. العلاج الجديد، الذي أثبت فعالية لبعض الأورام حين يتم تشخيص المرض في مراحله الأولى، يقضي على الخلايا المريضة فقط. ويتم تحفيز البكتيريا البحرية "النائمة"، بعد ضخّها في الشرايين المظلمة، بتعريض الخلايا المصابة لأشعة اللايزر بواسطة الألياف الضوئية.
قد يؤدي تطوير هذه التقنية وتعميمها كعلاج معتمد في المستشفيات حول العالم إلى إنقاذ ملايين الأشخاص سنوياً. فلو انحصر وجود تلك البكتيريا في منطقة بحرية تعرضت للردم والخراب والتلوث، لكان العالم خسر فرصة نادرة لتعزيز صحة البشر. هل نعرف ماذا كانت تخبّئ لنا الشعاب التي دمرتها مطامر النفايات على الشواطئ وردم البحار لتوسيع المساحات المبنية، فكأن الأرض لم تعد تتسع لساكنيها؟
تقدّر الأنواع الحية الموجودة في العالم بنحو عشرة ملايين، ولكن ما تم تصنيفه منها حتى اليوم لا يتجاوز المليونين. ومع أن الحفاظ على هذه الكائنات أساسي للتوازن الطبيعي، فإن العالم يخسر عشرات آلاف الأنواع سنوياً بسبب النشاطات البشرية العشوائية.
لا تقتصر الموارد الطبيعية على الكائنات الحية، كما لا تنحصر فوائدها في الطب. فالتنمية عموماً تقوم على استثمار موارد الطبيعة، واستنزاف الموارد على نحو غير متوازن يؤدي في النهاية إلى خسارة العناصر الأساسية للتنمية نفسها. وتحضرني هنا قصة الرجل الذي حصل على دجاجة تعطيه بيضة ذهبية واحدة كل يوم، وعندما شق بطنها طمعاً بالحصول على كثير من البيض الذهبي دفعة واحدة، خسر كل شيء. الطبيعة أيضاً تحتاج إلى وقت محدد وظروف ملائمة لإعادة إنتاج مواردها، وإذا استنزفناها خسرنا كل خدماتها وإيراداتها.
بعد الهدر المتوحش للموارد الطبيعية، طمعاً بالربح السريع وتحقيق النمو الرقمي على حساب نوعية الحياة، تواجه البشرية اليوم التحدي الأكبر المتمثل في تغيّر المناخ. ارتفاع معدلات الحرارة العالمية سيؤدي إلى انقراض أنواع حية في البحر والبرّ، وخسارة أراض صالحة للزراعة والصناعة والسكن بسبب الحر والجفاف وارتفاع البحار، وانهيار التوازن الطبيعي.
إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استنزاف الموارد الطبيعية بحجة استثمارها لمصلحة الناس، كمثل الذي يذبح الدجاجة التي تبيض ذهباً.
|