هذه هي بداية السنة، وهو الوقت المناسب لمحلّلي بلومبرغ لاستشراف المستقبل وتوقع ما ستحمله 2018 للتحوّل النظيف في قطاعي الطاقة والنقل.
بشكل موجز، ستعرف الطاقة والنقل النظيفان اندفاعة جديدة هذا العام، وإن كانت هناك بعض الجوانب المظلمة. إن التوقعات التفصيلية التالية وضعتها مجموعة من فرق المحلّلين في مؤسسة "بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة"، وهي تغطي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتخزين الطاقة، والسيارات الكهربائية، والنقل الذكي، والغاز في أميركا الشمالية، والغاز المسال عالمياً، وسياسة الولايات المتحدة، والأسواق النشطة في الصين والهند.
قبل كل شيء، لا بد من تحديد المؤشرات العامة حول ما يمكن أن يدفع هذا التحول قدماً إلى الأمام، أو ما يمكن أن يعوقه. إن استمرار الهبوط في تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبطاريات الليثيوم أيون يعني أن الفرص السوقية ستبقى متاحة أمام الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية. في 2017، شهدنا أرقاماً قياسية جديدة لتعرفة الطاقة في المزادات حول العالم. على سبيل المثال، لم يكن أحد يتصور قبل سنتين أو ثلاث سنوات فقط أن تصل التعرفة إلى 18.60 دولار لكل ميغاواط من الرياح البرية في المكسيك.
فيما يخص البطاريات، تراجعت أسعار وحدات الليثيوم أيون بنسبة لا تقل عن 24 في المئة خلال السنة الماضية، وهذا فتح آفاقاً جديدة على مزيد من التحسينات في التكلفة، والتحول إلى المركبات الكهربائية، مع الاستغناء عن المركبات التقليدية العاملة على محركات الاحتراق الداخلي خلال عشر سنوات نتيجة الاستهلاك وفارق التكلفة.
التحليل التفصيلي، الذي أجراه فريق بلومبرغ، يشير إلى أن اتجاهات خفض التكاليف ستظل قائمة في السنوات القادمة بفضل وفورات زيادة الإنتاج والتحسينات التقنية. إن عدم وجود اتجاه مستقيم لانخفاض التكاليف يشير إلى أهمية الموازنة بين العرض والطلب من جهة وأسعار المنتجات من جهة أخرى.
كما أن الارتفاع الذي شهده الاقتصاد العالمي في الأشهر الأخيرة يمكن أن يكون مفيداً في إحراز التحول ضمن قطاعي الطاقة والنقل لأنه يدفع أسعار النفط والفحم (وبدرجة أقل الغاز) إلى الصعود، وهذا يجعل المنافسة أميل لصالح الطاقة الريحية والشمسية والمركبات الكهربائية. من دون شك، ثقة المستثمرين في هذين القطاعين تحسنت بشكل تام، فمؤشر "نيكس" الذي يتتبع أداء أسهم 100 شركة عاملة في الطاقة والنقل النظيفين حول العالم ارتفع بمقدار 28 في المئة بين نهاية 2016 ومطلع هذه السنة.
وننتقل هنا إلى الجانب المظلم من التقديرات، إذ يوجد مجال للقلق حول بعض المخاطر الدولية مع بداية 2018، وكيف يمكن للأحداث التي تصيب أكثر من مكان في العالم أن تؤثر في عملية تحوّل الطاقة. أبرز هذه المخاطر هي قدرة الأسواق المالية المزدهرة على التعايش الصعب طوال عقد من الزمن مع احتمال حدوث صدمة سياسية أو جيوسياسية، ومن ذلك مثلاً: حصول صدام بين الرئيس دونالد ترامب وروبرت مولر المستشار الخاص الذي يحقق في التدخل الروسي خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية، أو نشوء خلل في التقديرات في ما يخص شبه الجزيرة الكورية، أو وقوع صراع عسكري بين إيران والسعودية.
وتوجد أخطار سوقية تقليدية أكثر، فالاقتصاد العالمي يتخوف من احتمال تشديد السياسات النقدية، ليس في الولايات المتحدة فحسب، وإنما أيضاً في أوروبا واليابان. كما أن أسعار الفائدة على المدى الطويل ارتفعت في الآونة الأخيرة، وهي بلغت في الولايات المتحدة 2.5 في المئة حالياً على قروض العشر سنوات بعد أن كانت 2 في المئة في أيلول (سبتمبر) الماضي. إن حصول تحرّك أكبر في الاتجاه ذاته يمكن أن يؤثر على تكلفة رأس المال، وبالتالي يؤثر على القدرة التنافسية النسبية للتقنيات ذات النفقات الرأسمالية المرتفعة والنفقات التشغيلية المنخفضة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
مع كل هذا، فإن التقدم الذي يمكن إحرازه في التحوّل ضمن الطاقة والنقل يبقى حساساً للنجاح أو الفشل الذي يصيب الشركات الرائدة، وقدرة البلدان على إدارة مزيج الطاقة المتغير. وفيما يلي توقعات محلّلي بلومبرغ لسنة 2018.
1. مرة أخرى، استثمارات الطاقة النظيفة في حدود 330 بليون دولار
تُظهر أرقام استثمارات الطاقة النظيفة، التي نشرتها بلومبرغ في 16 كانون الثاني (يناير) 2018، أن السنة الماضية شهدت زيادة بمقدار 3 في المئة عن السنة التي سبقتها و7 في المئة مقارنة بأرقام 2015، وبلغ مجموع الاستثمارات في سنة 2017 333.5 بليون دولار. ويبدو أن أرقام 2018 ستكون مشابهة جداً لأن العوامل التي تدفع لزيادة هذه الأرقام تقارب نوعاً ما العوامل التي تدفع لخفضها.
إن الانخفاضات الحادة في الكلف الرأسمالية لمشاريع الطاقة الشمسية، وإلى حد ما مشاريع الطاقة الريحية، تعني أن ما مجموعه بليون دولار قادر على شراء المزيد من القدرة الكهربائية مقارنة بالعام الماضي. استثمارات مزارع الرياح البحرية قد تتراجع دون عتبة 20.8 بليون دولار التي تحققت في 2017 إلا إذا جرى رصد الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع الفرنسية في هذه السنة.
وفي الاتجاه المعاكس، يمكن أن تكون الاستثمارات التي تضخها أسواق الأسهم أعلى بكثير من تلك المحققة في 2017 عندما كانت بحدود 8.7 بليون دولار فقط، ما لم تشهد الأسواق حالة تباطؤ عامة. إحدى الشركات العاملة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية تتحضر لطرح عام أولي مقداره 2 بليون دولار في بورصة شينزن الصينية. ومن المتوقع حصول نمو متزايد هذه السنة في تركيبات الطاقة الشمسية، وكذلك في مشاريع تخزين الطاقة. وبالتالي، فإن هذا الاتجاه الصاعد للاستثمارات سيكون كافياً لتغطية الاتجاه الهابط للكلف الرأسمالية.
2. 100 جيغاواط من الطاقة الشمسية، وأكثر
سيصل مجموع تركيبات الطاقة الشمسية العالمية في سنة 2018 إلى 107 جيغاواط على الأقل، مقارنة بنحو 98 جيغاواط كانت متوقعة في السنة الماضية. أيضاً، فان دولاً جديدة ستتحول إلى أسواق هامة للطاقة الشمسية. بشكل عام، من المتوقع أن تبقى الصين مهيمنة على تركيبات الألواح الكهرضوئية باستطاعة تتراوح بين 47 و65 جيغاواط، وستحظى أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا بحصّة معتبرة من مجموع التركيبات الجديدة. على سبيل المثال، ستضيف المكسيك إلى استطاعتها الكهربائية من الطاقة الشمسية 3 جيغاواط في 2018، وستتراوح تركيبات مصر والإمارات والأردن بين 1.7 إلى 2.1 جيغاواط.
طفرة التركيبات في الصين، التي عرفت في 2017 زيادة استثنائية بلغت 53 جيغاواط، لا تزال غير منطقية حيث لم يتم تحديد آلية توفير الدعم الحكومي الذي تحتاجه. ويجري تنفيذ العديد من مشاريع الطاقة الشمسية في الصين قبل الحصول على الدعم الحكومي، ويبدو أن المستثمرين والمطورين واثقون بقدرة الحكومة على إيجاد طريقة ما لتوفير حصتها من التمويل، وفي حال فشلها يمكن تعويض جزء من الخسارة من عوائد بيع الطاقة.
يمكن للصين أن تعمل على وضع آلية إئتمان إلزامية للطاقة المتجددة في 2018 توجد حلاً جزئياً لمسألة توفير الدعم الحكومي. إن نصف التركيبات الجديدة في الصين ستكون موصولة بشبكات التوزيع، وهذا يعني أن المشاريع الصغيرة ستكون قادرة على بيع الطاقة للمستهلكين المحليين من دون الخضوع إلى مسألة الحصص. ويتوقف نجاح هذه الآلية على قدرة كبار المطورين على تجزئة مشاريعهم إلى صفقات صغيرة.
3. تركيبات الطاقة الريحية تقترب من رقمها القياسي
بلغت الاستطاعة العالمية المركبة لمزارع الرياح البرية والبحرية 56 جيغاواط في سنة 2017، وهي تزيد قليلاً عما تم تركيبه في سنة 2016 (54 جيغاواط)، ولكنها تقل عن الاستطاعة القياسية التي جرى تحقيقها في سنة 2015 (63 جيغاواط). من المتوقع أن يستمر الانتعاش في سنة 2018 بحيث تصل الاستطاعة المضافة إلى نحو 59 جيغاواط، قبل أن تحقق مزارع الرياح في سنة 2019 رقماً قياسياً جديداً عند 67 جيغاواط مع اقتراب انتهاء مهلة الائتمان الضريبي الأميركي الذي يدعم إنتاج الطاقة المتجددة. ومن المرجح أن تشهد الصين وأميركا اللاتينية نمواً في توليد الكهرباء من الطاقة الريحية بين سنتي 2017 و2018.
وتبقى أسواق المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا والصين هي القائدة في قطاع الطاقة الريحية البحرية. كما توجد مؤشرات على تحضير الولايات المتحدة وتايوان لإطلاق سلسلة من المشاريع في هذا المجال خلال بضع سنوات. ومن أبرز المشاريع في هذه السنة، إعلان هولندا عن عطاء لتنفيذ مشروعين لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح من دون دعم حكومي يبلغ مجموع استطاعتهما 700 ميغاواط، وقد أبدت شركتان استعدادهما للمشاركة في العطاء، ومن المتوقع أن تنضم شركات أخرى، مما سيعزز التنافس بين المطورين كمؤشر على تحسن جدوى توليد الكهرباء من الرياح في عرض البحر.
4. انخفاض أسعار البطاريات على الرغم من ارتفاع أسعار المعادن
ستستمر أسعار بطاريات الليثيوم في الانخفاض في سنة 2018، ولكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالسنوات السابقة نتيجة ارتفاع أسعار الكوبالت وكربونات الليثيوم بمقدار 129 و29 في المئة على التوالي. ارتفاع أسعار المعادن سيؤدي إلى زيادة الأسعار الوسطية للبطاريات في 2018، وهذا سيكون له صدى إعلامي واسع يتناول الخطر الذي سيحيق بثورة المركبات الكهربائية ومستقبل تخزين الطاقة. على الرغم من ذلك، من المتوقع أن تتراجع الأسعار الوسطية لوحدات التخزين بمقدار 10 إلى 15 في المئة مدفوعة بزيادة مستوى الإنتاج، وزيادة الاستطاعة الوسطية للبطاريات، وتحسينات كفاءة التخزين بنسب تتراوح بين 5 و7 في المئة.
إن انخفاض تكاليف النفقات الرأسمالية، والحاجة المتزايدة للموارد المرنة، وزيادة الثقة في التكنولوجيا الآمنة، ستستمر في تعزيز الاتجاه الإيجابي لتخزين الطاقة. سعة التخزين العالمي في 2018 ستتجاوز 2 جيغاواط/4 جيغاواط ساعة، وستكون كوريا الجنوبية أكبر سوق في تخزين الطاقة للسنة الثانية على التوالي. مع ذلك، تبقى السوق هشّة والتوقعات حول انتشار الاعتماد على البطاريات غير واقعية. وفيما يتم الترويج للبطاريات على أنها الحل لكل المشاكل المتعلقة بانقطاعات الطاقة المتجددة، بما في ذلك تآكل السعر نتيجة تأثير نظام الجدارة، والموازنة على مستوى النظام، والقيود المفروضة على الشبكة، فإن السياسات لا الاقتصادات هي التي ستقود معدلات الاتجاه الإيجابي. إن الكثير من العاملين في قطاع الطاقة وصناعة القرار يملكون فهماً محدوداً لمسألة تخزين الطاقة، وهذه قضية هامة لأن الاستثمار في بدائل مثل محطة تعمل بالغاز الطبيعي ويبلغ عمرها 25 سنة ستتطلب فترة التزام طويلة من قبل المستثمر، من شأنها أن تقلل من فرص الاستثمار المرنة الأخرى مثل تخزين الطاقة، أو تؤدي إلى تراكم الأصول التي تكسد بمرور الوقت.
5. مبيعات السيارات الكهربائية في حدود 1.5 مليون سيارة
ستكون مبيعات السيارات الكهربائية في 2018 قريبة من 1.5 مليون سيارة، وستمثل الصين أكثر من نصف السوق العالمية. وسيشكل ذلك ارتفاعاً بمقدار 40 في المئة مقارنة بسنة 2017، وهو معدل نمو طفيف نتيجة تخفيض الصين لدعمها الحكومي المباشر تحضيراً لإلزام الشركات الصينية بزيادة حصة السيارات الكهربائية في مبيعاتها لتبلغ 10 في المئة اعتباراً من 2019. ومن المحتمل أن تنخفض المبيعات في الربع الأول ثم تستعيد عافيتها بقية العام.
ستحتفظ أوروبا بموقعها باعتبارها السوق الثانية للسيارات الكهربائية عالمياً. وتزداد المخاوف المتعلقة بجودة الهواء في المناطق الحضرية الأوروبية. كما أن انتكاسة سيارات الديزل ستعود بالمنفعة على سوق السيارات الكهربائية. ستبقى الأنظار متوجهة إلى ألمانيا التي شهدت تضاعفاً في مبيعات السيارات الكهربائية في 2017، وقد يتكرر الأمر في 2018. من المتوقع أن تكون حصيلة مبيع السيارات الكهربائية في أميركا الشمالية نحو 300 ألف سيارة مع نهاية 2018. شركة تسلا ستكون هي اللاعب الأكبر في هذه السوق، وإذا استطاعت أن تحقق أهدافها الإنتاجية، فإن مبيعات الولايات المتحدة ستكون أعلى من ذلك بكثير.
6. السيارات ذاتية القيادة ستقطع 15 مليون كيلومتر
مع نهاية 2017، قطعت السيارات ذاتية القيادة أكثر من 8.3 مليون كيلومتر. ومع نهاية 2018، من المتوقع أن تكون المسافة المقطوعة أكثر من 13 مليون كيلومتر. إن معظم المسافات التي جرى تسجيلها كانت من قبل مركبات اختبارية، ولكن هذا الأمر قد يتغير في 2018. المنافس الرئيسي لتحقيق مزيد من الكيلومترات هو سيارات شركة تسلا، علماً أنها لم تفعّل بعد القيادة الذاتية الكاملة في سياراتها التي باعتها، كما أن ميزة "الملاحة الآلية المحسّنة" التي تم تفعيلها في سياراتها قد تراجعت منذ أبرمت اتفاق شراكة مع "موبيلي" في أيلول (سبتمبر) 2016. إذا تغلبت تسلا على هذه التحديات في 2018، فإنه ستكون القائدة في مجموع المسافات التي تقطعها السيارات ذاتية التحكم المملوكة من قبل المستهلكين في القطاع الخاص.
هناك أيضاً مصدر إضافي لتحقيق المزيد من الكيلومترات هو السيارات الذاتية القيادة جزئياً التي بدأت ببيعها كل من جنرال موتورز ومرسيدس وتويوتا. ومن المحتمل أن تكون مساهمة هذه المركبات أقل من مساهمة أسطول تسلا، ذلك أن هذه الشركات فرضت قيوداً تحد من الظروف التي تتيح للمستهلكين الاعتماد على القيادة الذاتية. ويمكن أن تصبح السيارات الخاصة مصدراً رئيسياً لمزيد من الكيلومترات ذاتية القيادة في 2018 بحيث يتجاوز مجموعها 15 مليون كيلومتر. ومع ذلك، هناك مخاطر قد تنجم عن إساءة استخدام المستهلكين للتكنولوجيا، وفي حال زيادة الحوادث قد يتم فرض قيود أكثر تشدداً تحول دون اتساع انتشار استخدام المركبات ذاتية القيادة.
7. ارتفاع إضافي في استخراج الغاز واستثماره في الولايات المتحدة
تتوقع بلومبرغ أن يكون مؤشر "نيمكس" للغاز الطبيعي في حدود 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مع تغيرات بنسبة 10 في المئة حول هذا المتوسط. ويتحكم الطلب الموسمي وأحداث السوق القصيرة الأمد في تغيرات الأسعار. وستستمر أسواق الغاز الطبيعي في النمو في سنة 2018 مدفوعة بارتفاع الإنتاج المحلي والطلب المتزايد حيث تبقى الأسعار مقاربة لأسعار 2017.
وكانت سنة 2017 شهدت إنتاجاً أميركياً هائلاً وصل إلى 77.3 بليون قدم مكعب في اليوم استناداً إلى تقديرات بلومبرغ، وقد تحقق هذا الرقم القياسي نتيجة عودة الحفارات للعمل بفضل تعافي الأسعار والتقدم التكنولوجي الذي حسّن جدوى الإنتاج. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في 2018، ما سيدفع الأسعار إلى أقل من 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وإجمالاً تتوقع بلومبرغ أن يحقق إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي الجاف رقماً قياسياً جديداً يتجاوز 80 بليون قدم مكعب مع نهاية السنة.
2017 عرفت أيضاً زيادةً ملحوظةً في استهلاك الولايات المتحدة للغاز الطبيعي وتصديره. وساعد انتعاش أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 18 في المئة، ليبلغ 3.02 دولار، في عكس المستويات القوية التي حققها تحويل الفحم إلى غاز في الأسواق الأميركية خلال سنتي 2015 و2016. ومن المتوقع في هذه السنة أن يشهد إنتاج الغاز زيادة نسبتها 4 في المئة، أي 26.6 بليون قدم مكعب في اليوم، على الرغم من التركيبات الجديدة للطاقة الريحية والشمسية التي ستولد 17 جيغاواط وتؤثر على حصة الغاز الطبيعي في سوق الطاقة. وتعزى هذه الزيادة في المقام الأول إلى الإنتاج المجدي لكميات جديدة من الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، ما سيجعل الفحم بعيداً أكثر فأكثر عن مزيج الطاقة. وستلعب الصادرات مرةً أخرى دوراً هاماً في تثبيت أرصدة الغاز الطبيعي وأسعاره، إلى جانب تنفيذ مشروعين جديدين لإسالة الغاز الطبيعي.
8. تجارة الغاز الطبيعي المسال تقترب من 120 بليون دولار
سيشهد السوق العالمي للغاز الطبيعي المسال عاماً آخر من النمو الكبير. وكان الطلب في 2017 ارتفع بنسبة 10 في المئة ليصل إلى 285 مليون طن في السنة، وهو أسرع نمو منذ 2011، وتتوقع بلومبرغ زيادة أخرى بنسبة 7 إلى 10 في المئة هذه السنة أيضاً. وسيؤدي نمو أحجام التداول، مع ارتفاع أسعار، إلى زيادة تجارة الغاز الطبيعي المسال لتبلغ 120 بليون دولار، أي بنمو قدره 15 في المئة مقارنة بالسنة الماضية. إن العوامل الرئيسية التي يجب رصدها هي نمو الطلب الصيني، والقدرة التنافسية للغاز الطبيعي المسال مقارنة بالنفط والفحم.
وكان متوسط سعر الغاز الطبيعي المسال في آسيا، المنطقة التي تستهلك نحو 75 في المئة من الإنتاج العالمي لهذا الوقود، بلغ 9 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في الربع الرابع من 2017 بزيادة قدرها 35 في المئة عن الربع الأخير من 2016، مما يشير إلى ضيق في سوق الغاز الطبيعي المسال في فصل الشتاء. وتعزى الزيادة إلى الصين حيث يبذل الصناعيون والأهالي جهوداً حثيثة للتحول من الفحم إلى الغاز، وفي الوقت ذاته كان الطلب على الغاز لغرض التدفئة في فصل الشتاء مرتفعاً في أجزاء أخرى من العالم.
في الشهر الأول من 2018، ارتفع السعر الفوري أعلى من ذلك ليتجاوز 11 دولاراً، ما يطرح تساؤلات جديدة حول ضيق سوق الغاز المسال. فمن ناحية، توجد العديد من العوامل التي تدعم نمو الطلب، مثل الاستهلاك المتزايد في الصين لتحسين نوعية الهواء، ومراكز الطلب الجديدة مثل بنغلادش وباكستان، وسياسة الطاقة التي تفضل الغاز في كوريا الجنوبية. ومن ناحية أخرى، ستكون هناك زيادة في الإنتاج في 2018 تبلغ 35 مليون متر مكعب، ما يؤشر إلى حصول انفراج في سوق الغاز الطبيعي المسال.
9. الفحم ينسلّ من بين أصابع ترامب
ستواصل إدارة ترامب إزالة كل العقبات التي تجدها لإنعاش توليد الطاقة من الفحم في الولايات المتحدة، ولكنها لن تتمكن من إيقاف التراجع الحتمي للاعتماد على الفحم. فعلياً، جرى التخطيط لأن تكون 2018 ثاني أعلى سنة تشهد إغلاقاً للمحطات العاملة على الفحم في تاريخ الولايات المتحدة. ويمكن للأسبوع الأول من 2018، الذي كان بارداً على وجه الخصوص، أن يزيد من إجمالي الطاقة المولدة من الفحم، ولكن الطاقة الإجمالية ستعرف انخفاضاً على مدار العام. وكانت لجنة تنظيم الطاقة الاتحادية رفضت قبل أيام طلباً من وزير الطاقة ريك بيري لمكافئة محطات الفحم والمحطات النووية على "المرونة" المفترضة التي توفرها للشبكة العامة. رفض اللجنة، التي تفاخر باستقلالها، كان نتيجة 5 أصوات معارضة من دون وجود أي تأييد للمقترح.
ويمثل الإعفاء الضريبي، الذي نجا من تشريعات خفض الضرائب في السنة الماضية، عاملاً حاسماً في دعم الطاقة الريحية والشمسية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من وجود أسئلة معلّقة حول كيفية تمويل المشاريع الأميركية في أعقاب التغييرات الضريبية القادمة، فإن مشاريع 2018 تبدو في وضع سليم نسبياً. ومع ذلك، إذا اختار ترامب فرض رسوم جمركية تجارية أو غيرها من القيود على الخلايا الكهرضوئية المصنّعة في الخارج، فإن أسعار الألواح الكهرضوئية سترتفع محلياً، ما سيجعل جزءاً معتبراً من مشاريع الطاقة الشمسية الأميركية غير مجدية اقتصادياً. والمفارقة، أن ترامب سيبرّر هذا التحرك غالباً من خلال إعلانه عن دعم قطاع الطاقة الشمسية لصالح شركتين صانعتين مقرهما في الولايات المتحدة تدفعان باتجاه زيادة التعرفة.
10. الفحم يتراجع في الهند، والصين تبني مشاريع شمسية أصغر
سيستمر تحوّل مزيج الطاقة في أكبر سوقين لها في آسيا، الهند والصين، على الرغم من أن البلدين يواجهان فرصاً وتحديات مختلفة جداً. الهند اجتازت سنة مليئة بالتناقضات، فعلى الرغم من إقلاعها بمشاريع طاقة متجددة تبلغ استطاعتها 12 جيغاواط، إلا أن الاستثمارات الجديدة في الطاقة النظيفة تراجعت بمقدار 20 في المئة بسبب إلغاء عدد من المزادات والمفاوضات على عقود الطاقة. من ناحية أخرى، عرفت الهند سنة ضعيفة في إضافات الوقود الأحفوري نتيجة تأخر تنفيذ عدد كبير من المشاريع عن مواعيدها النهائية. إن الفجوة بين التمويل والتنفيذ يعني أن ثالث أكبر اقتصاد في آسيا سوف يشهد غالباً تنفيذ 10 جيغاواط من الطاقة المتجددة في 2018، في حين أن 13 جيغاواط من الوقود الأحفوري هي قيد التنفيذ حالياً، وكثير منها سيأتي من مشاريع مدوّرة من السنة الماضية.
مع ذلك، ستكون 2018 هي السنة الأخيرة التي يتفوق فيها الوقود الأحفوري على مصادر الطاقة المتجددة في الهند. واعتباراً من سنة 2019، سيكون لزيادة اليقين في سياسة البلاد العامة تجاه الطاقة المتجددة، إلى جانب تراجع إنتاج الفحم، دور مؤثر في زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والتخلي عن الوقود الأحفوري. وسيكون ذلك معلماً أساسياً بالنسبة لبلد يعتبره كثيرون ساحة معركة أساسية في الصراع للحد من النمو العالمي في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وفي 2018، ستستمر أيضاً اندفاعة الصين نحو الطاقة الشمسية، وستشهد نقطة تحول يتم فيها بناء مشاريع طاقة شمسية متصلة بشبكات التوزيع (توتر متوسط ومنخفض) أكثر من تلك المتصلة بشبكات النقل (توتر مرتفع). كما سيتضاعف حجم مشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة لتوفير الكهرباء اللازمة ضمن نطاق المنزل والمكتب والمنشأة.
إن الفارق بين الربط مع شبكات التوزيع في مقابل الربط مع شبكات النقل لا يقتصر على حجم الاستطاعة المولّدة، وإنما يعني أن مصدر الطاقة سيكون قريباً من مكان الاستهلاك، وهذا سيقلل من الضياعات الفنية ويزيد من الجدوى. ستكون مشاريع الربط مع شبكات التوزيع أصغر حجماً حيث سيجري تركيب 70 في المئة منها على الأسطح. والأهم من ذلك، أن الأنظمة المحلية الصغيرة ستكون أسرع القطاعات نمواً في مشاريع شبكات التوزيع في الصين، وستتضاعف استطاعتها لتبلغ 14 جيغاواط في 2018.
أنغوس ماكرون هو رئيس تحرير Bloomberg New Energy Finance