Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
بقلــم واصف شرارة حرائق الأحراج المفتعلة والإجراءات العديمة النفع   
اذار (مارس) 2011 / عدد 156

لعل الخامس من كانون الأول (ديسمبر) 2010 كان اليوم الأكثر سواداً في تاريخ الثروة الحرجية في لبنان، اذ اندلع ما يتجاوز 120 حريقاً على مساحة الوطن من أقصى شماله الى أقصى جنوبه ومن بقاعه الى شماله ومن جبله الى ساحله. لم تسلم منطقة من حريق التهم آلاف الأشجار المعمّرة وأدى الى خسارة ملايين الأمتار المربعة الخضراء التي يحتاج تعويضها الى نحو نصف قرن. وبحسب ما صرح به المدير العام للدفاع المدني، فإن أكثر من 90 في المئة من هذه الحرائق وغيرها هي من فعل البشر.

الإجراءات الرادعة بحق مفتعلي الحرائق لم تتخذ بعد، ولا تتم محاسبة المسؤولين وتحديد المقصرين والوزارات المعنية، علماً أن الأحراج وأعمال التحريج والمشاتل أصبحت منذ نحو عشر سنين من مسؤولية وزارة البيئة. أضف الى ذلك المساحات الشاسعة من أجود الأراضي الزراعية التي يقتطعها الزحف العمراني والتي تقدر بين 5 و6 آلاف دونم سنوياً. وهنا أيضاً نسأل عن عدم سن القوانين التي تحمي الأرض الزراعية وتشجع البناء في الأراضي الصخرية والجرداء، عبر تقديم حوافز تستهدف حماية السهول والأراضي الخصبة التي يصعب تعويضها. وهذا يدفعنا الى النظر في المرسوم 2366 الصادر عام 2009 والقاضي بتصنيف الأراضي، الذي يحدد عوامل الاستثمار بين متدنية ومتدنية جداً، وهو لم يوضع موضع التطبيق لأنه يحتاج الى آلية تنفيذية.

البيان الوزاري للحكومة السابقة حدد ضرورة التوصل سنة 2011 الى انتاج مليون غرسة من الشتول سنوياً. إذاً يفترض أن يحتل التحريج حيزاً هاماً ويعتبر قضية وطنية عملاً بالشعار القائل: «التشجير الاجباري بدل التجنيد الاجباري». وهذا يتطلب وضع الخطط التنفيذية انطلاقاً من أهمية الشجرة في حياة الانسان والحفاظ على التربة وتنقية الهواء.

نحن نلاحظ المضي بأعمال التحريج التي تقوم بها مؤسسات حكومية ومنظمات غير حكومية وجمعيات أهلية وبيئية وبلديات. لكن هذا العمل المهم سيذهب أدراج الرياح إذا لم يتابع. فالعناية بالغرسات المزروعة يجب أن تستمر على مدى ثلاث سنوات ريّاً وتعشيباً، ويجب حمايتها من قطعان الماشية ومن الحرائق المفتعلة وغير المفتعلة، علماً أن هناك أشجاراً مثل الصنوبر اذا احترقت لا تجدد نفسها بل تتعرض لليباس، عكس البلوط والغار والخرنوب والشوح وغيرها.

وبحسب الاحصاءات، فإن خسارة لبنان من المساحات الخضراء خلال الفترة الواقعة بين 1995 و1999 قدرت بنحو 23 مليون متر مربع التهمتها النيران. وبلغت الخسائر خلال حرب صيف 2006 نحو 37 مليون متر مربع. أما في العام 2007 فبلغت المساحة المحترقة نحو 45 مليون متر مربع.

واذا كنا تناولنا الحرائق كخطر يتهدد المساحات الخضراء، فإن هناك تهديدات أخرى لا تقـل خطورة، ومنها الألغام والقنابل العنقودية التي تركتها القوات الاسرائيلية في مناطق الجنوب وأدت الى خسائر كبيرة في الأرواح والى تقلص المساحات الزراعية المستثمرة ومساحات الغابات. كما أن الرعي الجائر وقطع الأشجار وانجراف التربة وتلوث مصادر المياه والجفاف والافراط في استثمار مصادر المياه الجوفية وانتشار المقالع والكسارات غير المرخّصة والانتشار العمراني العشوائي، كلها مجتمعة، عوامل تؤدي الى خسارة مساحات من الأراضي الزراعية. يضاف الى ذلك الفقـر وانعـدام فرص العمل اللذان يؤديان الى هجرة الأرض.

وطبقاً للمادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، فان المناطق القاحلة وشبه القاحلة الجافة هي مناطق معرضة للتصحر، حيث يتراوح معدل تساقط الأمطار السنوي نسبة الى معدل التبخّر المحتمل بين 0,5 و0,6 في المئة. على هذا الأساس، فإن 60 في المئة من مساحة لبنان تقع ضمن دائرة الخطر.

إن المجتمع المدني مدعو لنشر ثقافة بيئية بين الناس تبيّن منافع الشجرة وضرورة التشجير. فالشجرة أكثر من رمز لرقيّ الانسان، وهي أيضاً حاجة عملية وضرورة عيش يتزايد إلحاحها بتزايد العمران والتصنيع في المدن والقرى. إنها رمز للحياة، فكيف لنا أن نراها تحترق؟

المهندس واصف شرارة رئيس المصلحة الفنية للمشروع الأخضر في وزارة الزراعة في لبنان.

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.