Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
يحيى الزهراني (الرياض) الأثر البيئي لقطاع رئيسي في السعودية المسؤولية البيئية لشركات المناجم  
نيسان (أبريل) 2011 / عدد 157

 

تعتبر عمليات المناجم والتعدين من الأنشطة الصناعية المؤثرة في الاقتصاد ودفع عجلة التنمية المحلية والدولية. لكنها أيضاً أحد مصادر النفايات الخطرة، وهناك عدد من العوامل والتحديات والقوانين الدولية والإقليمية والمحلية التي تحكمها.

العامل الاقتصادي للتلوث مهم جداً، من منظور التكنولوجيا المتطورة والكلفة الباهظة لمعالجة المشاكل البيئية الصادرة من النشاط الصناعي، بالإضافة الى قيمة علاج المواطنين المتأثرين بالتلوث، ناهيك عن كلفة علاج العمال.

التحدي الثاني متمثل في غياب العامل الاجتماعي السياسي، وبالتحديد ما يسمى «متلازمة نيمبي» (NIMBY) التي ظهرت عام 1980 وانتشرت بعد ذلك عن طريق وزيـر البيئـة البريطـاني نيكـولاس رايدلي بعبـارة not in my backyard  (ليس في باحتي الخلفية). هذا المبدأ يعطي المجتمع المحلي الحق في رفض أي أنشطة كيميائية أو صناعية أو تنقيبية ضمن نطاقه العمراني، وبالتالي يمثل دور استقلالية المجتمع في اختيار الأنشطة التي تقع في محيطه القروي أو المدني.

إنتاج المواد السامة قد يكون مباشراً، أي بنشاط الصناعة نفسه، أو غير مباشر كنتيجة جزئية للنشاط الصناعي. ومن هذه النتائج الجزئية ما يتعلق بنقاوة الهواء الذي قد يتأثر بأعمال التنقيب والتعدين، نظراً للغبار الذي يثار في جوار عمليات الحفر وما يتبعه من إصابات آنية قد تهدد سلامة العامل والمجتمع المحيط، أو عواقب متراكمة على مدى السنين تؤثر سلباً على صحة العامل في المنشأة الصناعية أو السكان المجاورين لها وتكون عامل تدهور لمستوى نظافة البيئة وتراكم الملوثات.

 

أنظمة خليجية

جاء في نظام التقويم البيئي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن النشاطات البشرية والعمرانية والصناعية يرافقها في الغالب كثير من التأثيرات البيئية السلبية، التي تؤدي إلى تأثير ضار على صحة الإنسان ونوعية البيئة وقدرة الموارد الطبيعية على التجدد والاستمرار. وأقر المجلس في  قمة مسقط عام 1985«اعتماد مبدأ التقويم البيئي للمشاريع، وإعداد دراسات التقويم البيئي ضمن دراسات الجدوى، وربط ترخيص المشاريع والمرافق بموافقة الجهة المسؤولة عن حماية البيئة على نتائج هذه الدراسات».

وفقاً لهذا القرار، فان المشاريع التي تتطلب إعداد وتقديم تقرير تقويم الآثار البيئية هي التي تتضمن تخصيص مناطق معينة لأنماط خاصة من التنمية، مثل المدن (المناطق) والخدمات الصناعية والضواحي الجديدة، والمشاريع المتضمنة إنشاء مصانع أو القيام بعمليات يحتمل أن تؤدي إلى تلوث الهواء أو الماء أو التربة، بما في ذلك التلوث الكيميائي والبيولوجي والحراري والإشعاعي، أو تؤدي إلى إحداث ضوضاء أو أي تلوث آخر محتمل.

ومن المشاريع ذات السعة الكافية لإحداث تأثير محسوس على جودة الهواء المحيط بحسب القرار، الصناعات التعدينية حيث تصهر المواد الخام لاستخلاص الفلزات أو المعادن. ومن المشاريع ذات السعة الكافية لإحداث تلوث محسوس على جودة الماء، تخزين النفايات ومعالجتها وصرفها باستخدام خليج أو بركة أو منطقة ري أو بئر أو محجر أو خندق.

ويجب أن تشمل العوامل التي تؤخذ في الاعتبار عند تحليل التفاعلات البيئية المحتملة ما يأتي:

- أي أثر بيئي على صحة الإنسان والتجمعات السكانية.

- أي أثر بيئي على الأنظمة الإيكولوجية في منطقة المشروع أو أي أنظمة إيكولوجية قد تتأثر بالمشروع.

- أي تأثير على مكان أو مبنى له أهمية جمالية أو أثرية أو ترفيهية أو انثروبولوجية أو معمارية أو ثقافية أو تاريخية أو علمية أو اجتماعية، أو أي خصائص بيئية أخرى لها قيمة خاصة للحاضر أو للأجيال القادمة.

- أي تهديد لأي نوع من المجموعات الحيوانية والنباتية.

- أي تأثير على البيئة بعيد المدى.

- أي تغير في نوعية البيئة في المنطقة المعنية.

- أي تلوث للبيئة أو تهديد لسلامتها.

- أي تقليص لمدى الاستخدامات النافعة للبيئة.

- أي مشاكل بيئية مرتبطة بالتخلص من النفايات.

 

تنظيم القطاع سعودياً

يهدف النظام العام للبيئة في المملكة العربية السعودية إلى تنمية العمل البيئي المتوازن، والاهتمام بالبيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية، ورفع مستوى الوعي البيئي في المجتمع، وصولاً إلى جعل التخطيط الشامل للتنمية في جميع قطاعاتها متوافقاً مع تحقيق مفهوم التنمية المستدامة، وهو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه كل دول العالم. ونظام البيئة الصادر في 28/7/1422 هجرية (15/10/2011 ميلادية) برقم م/34 يؤكد في المادة الخامسة أن على الجهات المختصة المرخصة التأكد من إجراء دراسات التقويم البيئي في مرحلة دراسات الجدوى للمشروع الذي يمكن أن يحدث تأثيرات سلبية على البيئة.

ويعرَّف تلوث البيئة قانونياً في النظام السعودي بأنه وجود مادة أو أكثر من المواد أو العوامل، بكميات أو صفات أو لمدة زمنية تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالصحة العامة أو الأحياء أو الموارد الطبيعية أو الممتلكات، أو تؤثر سلباً على نوعية الحياة ورفاهية الإنسان.

أما تلويث الأراضي فيعرَّف بالقيام بأي نشاط أو إدخال أي مواد بشكل مباشر أو غير مباشر في الأراضي والتربة بأنواعها المختلفة، ينتج عنه ضرر بالخواص الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية أو بها جميعها، أو يهدد صحة الإنسان أو يعوق الأنشطة الزراعية أو العمرانية.

وتؤكد الفقرة الثالثة من المادة التاسعة في نظام البيئة أن كل شخص يشرف على مشروع أو مرفق يقوم بأعمال لها تأثيرات سلبية محتملة هو ملزم بوضع خطط طوارئ لمنع أو تخفيف مخاطر تلك التأثيرات، ويجب أن تكون لديه الوسائل الكفيلة بتنفيذ تلك الخطط. ونلاحظ هنا أن عملية التخفيف من المخاطر تستلزم إجراء فحص دوري للتأثيرات التي قد تطرأ خلال أعمال شركات التنقيب والتعدين، ولذا يجب عليها اتخاذ إجراءات لتخفيف هذه الأضرار. وهذا ما تؤكده الفقرة الرابعة من المادة التاسعة التي توجب مراجعة دورية لمدى ملاءمة خطط الطوارئ. وتلزم المادة 13 من نظام البيئة السعودي باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على التربة والحد من تدهورها أو تلوثها.

أما في ما يتعلق بالعقوبات، فان المادة 17 من الفصل الثالث الفقرة 1/أ/ب تلزم الجهات المختصة، عند الإخلال بالمقاييس والمعايير التي تم النص عليها في اللائحة التنفيذية، إزالة أي تأثيرات سلبية وإيقافها ومعالجة آثارها بما يتفق مع المقاييس والمعايير البيئية خلال مدة معينة، وتقديم تقرير عن الخطوات التي تم القيام بها لمنع تكرار حدوث أي مخالفات لتلك المقاييس والمعايير في المستقبل، على أن تحظى هذه الخطوات بموافقة الجهة المختصة.

أما المعايير المتعلقة بالمواد الكيميائية ونسبة التلوث الواردة في اللائحة التنفيذية لنظام البيئة، فقد نصت على ألا تتعدى نسب المواد التالية أكثر من 5 في المئة في المياه المتلقية للملوثات ومنطقة الخلط: أمونيا، زرنيخ، كادميوم، نحاس، زئبق، أوكسيجين مذاب، كروم، رصاص، زنك. وأما التصريف غير المباشر، فالمتوسط الشهري يجب ألا يتخطى الكميات الآتية: أمونيا 1 مليغرام/ليتر، زرنيخ 0,1 مليغرام/ليتر، كادميوم 0,02 مليغرام/ليتر، زئبق 0,001 مليغرام/ليتر، رصاص 0,1 مليغرام/ليتر. وفي المعالجة الأولية قبل التصريف إلى مرافق المعالجة المركزية، فان الحد الأقصى الوارد في اللائحة هو الآتي: زرنيخ 1 مليغرام/ليتر، كادميوم 0,5 مليغرام/ ليتر، رصاص 1 مليغرام/ليتر.

وفي دراسة للدكتور عبدالله الفراج حول مهد الذهب والشركات التعدينية في تلك المنطقة، جاء أن النسب المرتفعة من المواد الخطرة قد تتسبب في مشاكل صحية ما لم تتم معالجتها عبر تغطية المرادم وانشاء مرادم أخرى بعيدة عن المناطق المأهولة، مع الالتزام بالتغطية اليومية لتلك المرادم. وأكدت الدراسة على أهمية الوعي البيئي للسكان لمعرفة الاخطار التي قد تنشأ من مثل هذه الانشطة ما لم تتخذ احتياطات السلامة والوقاية.

إن الاعتراف بأهمية حماية البيئة، من قبل المسؤولين الحكوميين ومسؤولي الشركات والمجتمع بمؤسساته وأفراده، يمثل الخطوة الأولى في التوجه السليم نحو مجتمع يعي التحديات البيئية المعاصرة. وانطلاقاً من هذا الاعتراف، يتم التوجه إلى التطبيق الفعال بخطوات منهجية من الإعداد فالتنفيذ ثم المراجعة، وأخيراً إعادة دورة الحماية والرعاية والنقد مرة أخرى. لذا من المهم جداً ألا تقتصر المعاهدات والأنظمة على حماية البيئة بطبيعتها وتطورها الاحيائي، بل عليها أيضاً أن تحمي الطبيعة المهددة من الأنشطة الإنسانية. من ناحية أخرى، على مؤسسات المجتمع المدني والبلديات والباحثين الوقوف على التجاوزات التي ترتكبها الشركات، والمشاركة في توعية ثقافية بيئية للمواطنين، بل المبادرة الى نقد الشركات التي تضر أنشطتها البيئة والصحة العامة.

 

ويتحتم على الشركات العاملة في المناجم والتعدين عدم الإخلال بأنظمة العمل، وبمسؤوليتها تجاه العاملين لديها عند إصابتهم أو إيقافهم عن العمل، متخلية بذلك عمن قدموا جزءاً من صحتهم وجهدهم في سبيل نجاح الشركة. فبالإضافة إلى ما تمليه أنظمة العمل من تعويضات وحق العلاج، يبقى على تلك الشركات ألا تهمل تقديم واجبها تجاههم بما يضمن لهم العيش بكرامة، خصوصاً إذا كانت الإصابة تحجمهم عن العمل في ما بعد. فبذلك تضرب نموذجاً في تطبيق المسؤولية الاجتماعية والبيئية لشركات المناجم والتعدين.


 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.