صادف يوم 22 أغسطس (آب) من الأسبوع الفائت "يوم تجاوز موارد الأرض"، وهو التاريخ الذي يتجاوز فيه طلب البشرية على الموارد والخدمات البيئية في سنة معينة ما يمكن أن تجدّده الأرض في تلك السنة. هذا يعني أن العالم استنزف كامل ميزانيته لسنة 2020، وبدأ الاستدانة من رأس المال الطبيعي، ابتداءً من ذلك اليوم وحتى نهاية السنة. ويستمر العجز من خلال استهلاك مخزون الموارد البيئية ومراكمة النفايات، وبالأخص ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
المُلفت هذه السنة أن العالم بدأ "يستدين" من الطبيعة في يوم متأخر عن السنة التي سبقت، وذلك بسبب انخفاض الانبعاثات والاستهلاك نتيجة لجائحة كورونا. ففي عام 2019 تم استهلاك ميزانية الطبيعة في 29 تموز (يوليو). وفي حين قد يفسر البعض هذا بأننا ربحنا 3 أسابيع عن العام الفائت، فالواقع أن هذا التغيير طارئ وموقت، وستتضاعف الانبعاثات عندما تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران، إذا استمرت أنماط الاستهلاك والإنتاج نفسها.
ويشارك المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) كل سنة "الشبكة العالمية للبصمة البيئية" في رصد هذا اليوم. وكان المنتدى أصدر عام 2012 تقريراً عن البصمة البيئية في البلدان العربية، وجد أن استهلاك العرب لمنتجات الطبيعة وخدماتها يبلغ ضعفي ما يمكن للأنظمة الطبيعية في هذه البلدان أن توفره من موارد متجددة.
تستخدم البشرية 50 في المائة أكثر من الموارد الطبيعية التي يمكن للأرض أن تجدّدها، مما يعني أننا بحاجة إلى كوكب ونصف لتلبية احتياجاتنا بشكل مريح. مثلاً، إذا عاش البشر بأسلوب حياة المواطن الأميركي العادي، فسنحتاج إلى 5 كواكب لتلبية طلبهم على الموارد. إما إذا عاشوا مثل معدل المواطن العربي العادي، فسوف يحتاجون إلى 1.2 كوكب.
إنها فكرة مخيفة، لكنها حقيقة لم يفهمها الناس تماماً، حيث أن الموارد لا تزال موجودة، حتى الآن. ولكن إذا أردنا حماية أطفالنا من العيش في عالم مقفر، حيث يصبح كل ما نأخذه اليوم كأمر مسلّم به، كالطعام والماء، أمراً نادراً، فعلينا المساعدة في تقليل بصمتنا البيئية.
كيف يتم إحتساب البصمة البيئية؟
إنها طريقة بسيطة لقياس طلب البشرية على الطبيعة. قهي تقيس بصمتنا بناءً على مساحة الأرض والمياه التي تستخدمها حضارتنا لتزويدنا بما نحتاجه للبقاء على قيد الحياة، بالإجابة على الأسئلة التالية:
• ما هي مساحة الأرض التي نحتاجها لزراعة محاصيل كافية وبناء البنى التحتية؟
• كم نحتاج من مساحة المحيط لنؤمن طلباتنا الغذائية؟
• هل توجد أنظمة بيئية كافية لامتصاص ما ننتجه نفايات وانبعاثات؟
يمكن لنظام القياس هذا أيضاً تحديد القدرة الحيوية للأرض، أو الموارد المتاحة. باختصار، البصمة البيئية هي مقدار الأنظمة والموارد الطبيعية اللازمة لتزويدنا بما نحتاجه لدعم أنماط حياتنا وإبقائنا على قيد الحياة. أي الكميات التي نستخدمها، مقابل مقدار الموارد الموجودة بالفعل.
نحن لا نتعامل مع موضوع البصمة البيئية بشكل جدّي. فالكثير من الناس تظن أن الماء الذي نشربه والأشجار في الغابات والأسماك في البحار، ستكون موجودة طالما أننا نحتاج إليها. لذا فإننا نواصل حياتنا كما لو أن قلة إدراكنا هذه لا تأتي بالضرر. ولكن الحقيقة هي أنه إذا إستمرينا بالعيش كما نفعل الآن، فلن تكون هناك موارد متبقية لجيل المستقبل.
في الوقت الحالي، لا يزال بإمكاننا العمل على عكس الضرر، عن طريق تقليل البصمة البيئية الخاصة بنا. وهذا هو التحدي الذي نواجهه. فالهدف هو أن يعيش جميع البشر حياة مُرضية دون الإضرار بموارد كوكبنا.
هنا مجموعة من الأمور التي يمكن القيام بها للمساهمة في ذلك:
1. وفّر في إستخدام الكهرباء
2. وفّر في إستخدام الماء
3. إشترِ المنتجات العضوية والمحلية
4. إستخدم حقيبة التسوق الخاصة بك، والمصنوعة من القماش
5. أعِد تدوير البلاستيك والكرتون والورق والزجاج
6. إزرع الأشجار المحلية
7. إختَر الأجهزة والإلكترونيات الموفّرة للطاقة
8. إشترِ المنتجات القابلة للتحلل البيولوجي والصديقة للبيئة
9. أعِد استخدام المواد ولا ترميها
10. لا تشترِ أي منتجات على علاقة بالحيوانات المعرضة لخطر الانقراض
من الآن وحتى نعثر على كواكب أخرى شبيهة بالأرض يمكننا الذهاب إليها، فإن هذه الأرض هي كل ما نملكه.