في إطار مبادرة خضراء لنشر المعرفة البيئية في المملكة العربية السعودية، اعدت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ,ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري), والجمعية السعودية عام 2008 برنامجاً يهدف إلى تعزيز التربية البيئية في المؤسسات التعليمية (دون الجامعية). وشملت مخرجات البرنامج تنفيذ نماذج لمواد التربية البيئية.
ويعد برنامج التربية البيئية من الآليات الهامة للنهوض بالعمل البيئي في السعودية، من خلال دمج البعد البيئي داخل العملية التعليمية، واكتساب المهارات العملية التي تُساعد على المشاركة الإيجابية في أنشطة ومشروعات التنمية المستدامة. وتهدف المبادرة الخضراء إلى تعميم المفهوم السليم للبيئة وتشابك عناصرها كمؤثر أساسي في المجالات المختلفة، لتحفيز الممارسات البيئية الإيجابية. ويهدف مكون التربية البيئية إلى إدراج أسس ومبادئ التربية البيئية ضمن العملية التعليمية في السعودية، وترسيخ ثقافة المشاركة الجماعية، التي هي ركيزة التقدم للمجتمعات العصرية، بمشاركة فاعلة من المجتمع المدني والقطاع الخاص. وهذا يساهم في بناء قيادات وكوادر شبابية مؤهلة لتطبيق الممارسات البيئية السليمة والمسؤولة، من خلال استيعاب وتطبيق تقنيات العصر الحديث، مع مواكبة التغيرات الدولية المتلاحقة.
ومن أبرز الأهداف العامة للبرنامج التنفيذي للتربية البيئية: رفع الوعي لدى منسوبي قطاع التعليم وأسرهم ومجتمعهم، وتنمية روح التعاون والعمل كفريق للقيام بمشروعات بيئية على المستوى المحلي، وتنمية الحس الجمالي البيئي، واكتساب المهارات التي تساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى البيئة المحلية.
تم تصميم فعاليات البرنامج ومكوناته، المتمثلة في الحقائب التربوية ومحتوياتها من كتب ومطبوعات وأدوات التدريب المرتبطة بها، انطلاقاً من اهتمام السعودية والتزامها الجاد بالقرارات والتوصيات العالمية في مجال التربية البيئية. وكان الهدف توزيع هذه الحقائب على المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات في المرحلة المتوسطة في مختلف المناطق. ويشمل البرنامج تدريب المعلمين والمعلمات ومشرفي التربية البيئية في المدارس على تنفيذ أنشطة المبادرة بصورة عملية، وذلك من خلال التنسيق والتعاون المستمر مع وزارة التربية والتعليم وجمعية البيئة السعودية، بالإضافة إلى الشركاء المعنيين، في مراحل التنفيذ المختلفة، خاصة المنظمات الدولية والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية.
أما شعار البرنامج فكان "بيئتي حياتي"، باعتبار أن بيئة سليمة نظيفة تعني حياة آمنة رغيدة، كما تعني النقاء والعذوبة والجمال، والنفس الطيبة والهادئة. فنحن نتعلم من البيئة عن البيئة ومن أجل البيئة، لبناء رعاة البيئة.
أكّد البرنامج على التوافق مع المقررات الدولية بشأن البيئة والتنمية المستدامة ومبادئ التربية البيئية. واستند في محتوياته إلى ست خصائص رئيسية هي: العدالة والدقة، العمق، بناء المهارات، التوجه العملي نحو الفعل، سلامة العملية التعليمية، سهولة الاستعمال.
الحقيبة التربوية
تم تصميم مواد "بيئتي حياتي" بحيث تتناسب مع طرق وأساليب التدريب، انطلاقاً من اهتمام السعودية والتزامها بالأجندة العالمية في مجال التربية البيئية. اعتمدت المواد على الإيجابية والنشاط في التعلم والتثقيف، والتعلم عن طريق العمل، مما يؤدي إلى التفاعل الإيجابي مع المعرفة والمعطيات المتاحة. وتتمثل أبرز مكونات البرنامج في حقيبتين للمعلمين والطلاب. تتضمن الأولى كتاب التربية البيئية من أجل التنمية المستدامة، وإرشادات لتقييم مواد التربية البيئية، ومجموعة كتب داعمة لأنشطة المبادرة. أما حقيبة التربية البيئية للطلاب فتتضمن سبعة كتب للأنشطة البيئية، ولوحات حائط وملصقات توضيحية، وأدوات مساعدة لتنفيذ الأنشطة.
ومن مكونات البرنامج الأخرى مجموعة من الملصقات تتضمن لوحات عن الكائنات المختلفة وأماكن انتشارها على خريطة المملكة وأهم المخاطر التي تتهددها، وخريطة المحميات الطبيعية، وإرشادات حول المحافظة على الطاقة في البيت والمدرسة. ومن المنتجات الأخرى بطاقات بريدية عليها صور لأهم الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض، ومناظر من أهم المحميات الطبيعية والتكوينات الجيولوجية وينابيع الماء والوديان، مع دعوة للتشجيع على زيارة هذه الأماكن والمحافظة عليها.
ومن عناصر البرنامج إنشاء مكتبة بيئية في المدرسة، تضم عدداً من الكتب للكبار (المعلمين والمعلمات) والصغار (الطلاب والطالبات)، ويتم اختيار كتب ذات صلة بالموضوعات المثارة، للتشجيع على القراءة والاطلاع والبحث والاستزادة من المعارف والمعلومات.
ومع التطورات والتغيرات في العمل المؤسسي في البيئة , يتم العمل على دمج المبادرة للتوافق مع رؤية 2030 وبرامج التحول فيما يخص تحقيق اهداف التنمية المستدامة وتحويلها الى برامج الكترونية مع الاحتفاظ بالجوانب التطبيقية العملية.
الدكتور سيد فتحي أحمد الخولي، نائب المدير التنفيذي لمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري) وأستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة.