تشير جميع الأحداث في هامبورغ الى اللون الأخضر. فمن خلال أكثر من 1500 فعالية، وبضعة عشر معرضاً ومؤتمراً دولياً، تستقطب المدينة الألمانية اهتماماً دولياً في ما يتعلق بحماية البيئة والمناخ. بهذا البرنامج الحافل طوال 12 شهراً، سيتعرف العالم الى العوامل الحاسمة التي دفعت المفوضية الأوروبية الى منحها لقب «عاصمة أوروبا الخضراء لسنة 2011».

يقطن في هامبورغ 1,8 مليون نسمة. نوعية الهواء فيها جيدة جداً، وتعتمد فيها خطة متكاملة لإدارة النفايات الصلبة والسائلة، ومعايير صارمة للانتاج الصناعي الأنظف. وقد اتخذت إجراءات متنوعة للاقتصاد بالطاقة في المباني العامة والخاصة، من استبدال مصابيح الإضاءة التقليدية بأخرى اقتصادية وتحديث أجهزة التبريد والتدفئة الى اعتماد تصاميم مقتصدة بالطاقة في الهندسة الداخلية والخارجية للمباني. ويحظى جميع سكان المدينة بمساحات خضراء ومحطات للنقل العام قريبة من منازلهم وأماكن عملهم.

وضعت هامبورغ خطة شاملة لحماية المناخ ينتهجها مجلس الشيوخ في المدينة وتضم مجموعة واسعة من التدابير ضمن استراتيجية طويلة الأجل. وكانت هذه الخطة المناخية عاملاً حاسماً في إقناع هيئة التحكيم بمنحها لقب عاصمة أوروبا الخضراء. فعلى رغم كونها مدينة ميناء وحاضرة صناعية تنمو باستمرار، نجحت في تخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 15 في المئة منذ العام 1990. وهي تعتزم، بحسب خطتها، تخفيض انبعاثاتها بنسبة 40 في المئة بحلول سنة 2020، وصولاً إلى نسبة 80 في المئة بحلول 2050.

وتشمل التدابير المتخذة لتحقيق هذا الهدف الادارة المستدامة، والبناء المستدام، والنقل الصديق للبيئة، وحماية الطبيعة، والاستهلاك المستدام، وبرامج التوعية البيئية والمناخية.

وينمو قطاع الطاقة المتجددة بشكل سريع في المدينة، التي باتت تضم عشرات الشركات العاملة في حقول طاقة الشمس والرياح والكتلة الحيوية.

معارض ومؤتمرات بيئية

الأضواء مسلطة أوروبياً وعالمياً على هامبورغ منذ بداية هذه السنة كنموذج للمدينة الصديقة للبيئة. وتنظم جولات سياحية وعروض للمشاريع وأنشطة إعلامية وثقافية، للاطلاع عن كثب على إجراءات حماية البيئة والمناخ في المدينة. وقد شهدت هامبورغ إقامة معارض «خضراء»، كمعرض Reisen Hamburg للسياحة والسفر في شباط (فبراير) حيث قدمت عروض خاصة لقضاء عطلات صديقة للبيئة، وخصصت أجنحة لأحدث معدات السفر الخاصة بمحبي ركوب الدراجات. وفي آذار (مارس) أقيم معرض Internorga  الدولي للفندقة والضيافة والمطاعم والمخابز وصناعة الحلوى. وهو يعتبر الأكبر من نوعه في أوروبا، وقد شاركت فيه نحو 1000 شركة من 25 بلداً، وتخللته عروض للممارسات الصحية والصديقة للبيئة في هذه المجالات.

وكان «مؤتمر الطقس المتطرف» الذي انعقد في نيسان (أبريل) أحد الفعاليات البارزة، حيث عرضت أحدث المعارف في مجال تغير المناخ العالمي. وتعقد في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) مؤتمرات إقليمية حول الوضع المناخي واستخدام الطاقات المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول بحر البلطيق.

وفي الفترة من 27 الى 29 أيار (مايو) يقام معرض Goodgoods  الذي يعتبر أكبر معرض ألماني للاستهلاك المستدام، حيث تقدم مئات الشركات منتجات وخدمات مستدامة مبتكرة في مجالات السكن والأزياء والتكنولوجيا والتنقل والتجارة والتغذية والصحة، بهدف التوفيق بين جودة التصميم والأداء من جهة والمسؤولية البيئية من جهة أخرى.

ويلتقي خبراء دوليون في H2Expo  في 8 و9 حزيران (يونيو) لمناقشة أحدث تكنولوجيات النقل الذكي. ويركز هذا المؤتمر والمعرض الدولي، المختص بالهيدروجين وخلايا الوقود والمحركات الكهربائية، على أحدث التطبيقات في السيارات والنقل الجوي والبحري وإمدادات الطاقة. ومن 5 الى 9 أيلول (سبتمبر) تجتمع قطاعات صناعة الطاقة الشمسية الضوئية في CESVP UE الذي يعد من أهم المعارض والمؤتمرات الدولية في هذا المجال.

أما المؤتمر الدولي Acqua Alta  فيعقد من 11 الى 13 تشرين الأول (أكتوبر) ويتناول فيه علماء وسياسيون واقتصاديون تأثيرات تغير المناخ والاستراتيجيات المعتمدة والمبتكرة للتكيف معها. ويرافقه معرض مختص بإدارة الفيضانات والكوارث.

بهذه الفعاليات المتنوعة تفتح هامبورغ باب الحوار وتبادل المعلومات والخبرات في حماية المناخ والبيئة. فهي نجحت في الجمع بين الاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية. وباتت مثلاً يقتدى به عالمياً، إذ أظهرت أن في وسعها كمركز اقتصادي مزدهر، يضم ثالث أكبر ميناء في أوروبا وأكثر من 500 شركة صناعية، تقديم مساهمة قيمة في حماية البيئة والمناخ العالمي.

«قطار الأفكار» يحمل الى أوروبا رؤى لمدن المستقبل

انطلق «قطار الأفكار» من هامبورغ في 22 نيسان (أبريل) 2011 ليكون معرضاً متنقلاً يتجول في أنحاء أوروبا خلال الأشهر السبعة المقبلة، ويعرض أفكاراً مبتكرة للمدن المستدامة تحت شعار «رؤى لمدن المستقبل».

يقدم هذا المعرض الجوال أكثر من 100 مشروع من هامبورغ ومدن أوروبية أخرى في ست مقطورات متصلة، وذلك في مجالات «التنمية الحضرية، والنقل، والطاقة، والمناخ، والطبيعة والحدائق، وحماية الموارد في الأعمال، والاستهلاك المستدام.

تعرض هامبورغ في «قطار الأفكار» برامجها الرئيسية لتخطيط المدن وحماية البيئة، من بينها حي هامبورغ الجديد «هافن سيتي»، و«تلة الطاقة» على جزيرة فيلهلمسبورغ. وتعرض مدينة مالمو السويدية «سيج بارك» الذي يعتبر أضخم مشروع اسكندينافي للألواح الضوئية. وتقدم مدينة نانت الفرنسية، التي ستكون عاصمة أوروبا الخضراء لسنة 2013، مشروعاً يتيح للمواطنين إبداء آرائهم في الاستراتيجيات المناخية للمدينة.

تأخذ المقطورة الأولى الزائر في جولة سياحية افتراضية عبر مدينة هامبورغ. وتدعو المقطورة الثانية الزوار للتعبير عن آرائهم وتطوير أفكارهم حول حماية المناخ والبيئة في مدينتهم. وتعرض في المقطورة الثالثة تدابير صديقة للبيئة والمناخ معتمدة في هامبورغ ومدن أخرى، في حين تقدم المقطورة الرابعة نظرة عن قرب الى الطبيعة كخزنة للعيش الحضري. وتتناول المقطورتان الأخيرتان تناقص الموارد العالمية وتأثير التغير المناخي على المدن والدول.