في 25 أيلول (سبتمبر) 2016 صنعت سويسرا إنجازاً تاريخياً عالمياً ، وإن لم يكن بقدر ما نود.
أصبحت سويسرا البلد الأول الذي اقترع على تنفيذ أوعدم تنفيذ اقتصاد أخضر. ومبادرة التصويت على اقتصاد أخضر شجعت كفاءة الموارد وتنفيذ اقتصاد دائري. وعلاوة على ذلك، وضعت هدفاً محدداً، هو تخفيض استهلاك الموارد في سويسرا إلى مستوى يمكن استنساخه في أنحاء العالم. تحتاج البشرية حالياً إلى ثلاثة كواكب أرضية إذا عاش الجميع مثل السويسريين، وكان الهدف من مبادرة الاقتراع الاكتفاء بكرة أرضية واحدة بحلول سنة 2050.
يعترف الدستور السويسري أصلاً بالحاجة إلى العيش ضمن قدرات الطبيعة. وتنص المادة 73 على أن «الاتحاد والكانتونات يجب أن تسعى إلى تحقيق علاقة متوازنة ومستدامة بين الطبيعة وقدرتها التجديدية والمطالب التي يلقيها السكان على عاتقها»، لكنه لا يحدد موعداً نهائياً لتحقيق هذا الهدف.
لقد أثارت المبادرة جدلاً حامياً، لكن الارتباك الأكبر في هذا الجدل كان الآتي: هل من مصلحة سويسرا أن تتصرف بقساوة؟
هناك بداية إيجابية، هي أن معظم الأطراف أدركوا الحاجة إلى إدارة مواردنا بعناية، وأن علينا أن نعيش ضمن قدرات الكوكب، خصوصاً إذا كنا نقصد البشرية. وكان موقف المؤيدين أنه لبلوغ الهدف الذي تم إقراره في إتفاقية باريس المناخية بحصر ارتفاع معدل درجات الحرارة العالمية ضمن درجتين مئويتين فإن المطلوب تخفيضات في البصمة البيئية. وقالوا أيضاً إن معظم الابتكارات تحفزها أهداف طموحة، وإن الانجازات البيئية التي حققتها سويسرا في مجال الماء والهواء النظيفين سرّعتها أهداف سياسية قاسية.
لقد حرصت حملة الاقتصاد الأخضر على عدم تخويف الناس، بل طرحه كإمكانية إيجابية ودّية ممتعة. أما المعارضون فمارسوا لعبة التخويف، واصفين المبادرة بأنها «إكراه أخضر غالي الثمن». وقالوا إنها ستؤدي مثلاً إلى استحمام الناس بمياه باردة ووقف استيراد الكاكاو. وأشاروا إلى أن سنة 2050 قريبة جداً، وأن التحول سيكون قاسياً جداً على الاقتصاد السويسري.
ومن المثير للاهتمام أن الفعاليات الاقتصادية كانت منقسمة. فالبعض عارضوا بشدة، فيما آخرون مثل شركة «إيكيا» أيدوا اقتصاد الكوكب الواحد.
كيف انتهى التصويت؟
في المرحلة السابقة للاقتراع، أظهرت استطلاعات الرأي اهتماماً ايجابياً كبيراً. لكن ما إن اقترب موعد التصويت حتى أودى الخوف من التغيير بالتقدم المحقق. ومع ذلك، صوت 36 في المئة من المقترعين بـ «نعم» للعيش ضمن قدرات كوكب واحد. وكانت جنيف الكانتون الوحيد في سويسرا الذي حقق غالبية مؤيدة للمبادرة.
أن يجري بلد مثل هذا التصويت، وأن يدرك كثيرون الحاجة إلى تحول كبير في طريقة استهلاكنا للموارد، سابقة تاريخية عالمية. ونأسف للتغطية الواهية لهذا الجدل وهذا الحدث المهم في أخبار العالم. فهذه هي المواضيع التي يجب أن نناقشها عند البحث في كيفية بناء مستقبل يعيش فيه الجميع حياة كريمة ضمن إمكانات كوكبنا الواحد الوحيد.
ماتيس واكرناغل هو مؤسس ورئيس شبكة البصمة البيئية العالمية.
|