شقوق في أوعية الضغط وحريق في نظام الإمداد الكهربائي وتسرب زيت، حوادث شهدتها محطتان نوويتان لإنتاج الكهرباء في بلجيكا
تثير مخاوف في هولندا وألمانيا ولوكسمبور من وقوع حوادث أخطر في المستقبل
ما إن تنبعث أبخرة بيضاء كثيفة من برجي التبريد في محطة دويل للطاقة النووية في بلجيكا، حتى يتملك التوتر أهالي بلدة نيونامين الحدودية في هولندا. ويشاطرهم القلق أناس كثيرون في هولندا وألمانيا ولوكسمبور المجاورة، بشأن سلامة المفاعلات السبعة المتقادمة في محطتي دويل وتيهانج النوويتين في بلجيكا.
قال فيليب فان فليربرغ مشيراً إلى محطة دويل التي تطل على متجره في بلدة نيونامين: «أنا سعيد للتحرك الحاصل في هولندا وألمانيا ولوكسمبور، لأن المسؤولين هناك لا يصغون إليك أو إلي». وأبدى تخوفه من قرار الحكومة البلجيكية في كانون الأول (ديسمبر) 2015 تمديد خدمة المفاعلين «دويل 1» و«دويل 2»، اللذين مضى على تشغيلهما 40 عاماً، حتى سنة 2025 بموجب خطة للحفاظ على الوظائف والاستثمار في التحول إلى طاقة أنظف، مضيفاً: «أنا خائف لأنهما قديمان جداً».
سلسلة حوادث
أثارت هاتان المحطتان النوويتان مخاوف جيران بلجيكا، بعد حصول عدة حوادث راوحت من تسربات إلى شقوق إلى حادث تخريبي.
وكان المفاعل «دويل 1»، وهو الأقدم في البلاد، أُقفل في شباط (فبراير) 2015 بموجب قانون يدعو إلى التخلص التدريجي من الطاقة النووية في بلجيكا. لكن الحكومة أعادت تشغيله بموجب خطة التمديد. وبعد ثلاثة أيام أقفلت المحطة التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن مدينة أنتويرب الساحلية بسبب عطل في مولد كهربائي، ثم أعيد تشغيلها.
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2015 أعلنت شركة «إلكترابيل» المشغلة للمحطتين أنها أعادت تشغيل مفاعل في محطة تيهانج، بعد أيام قليلة على إغلاقه إثر حريق في نظام الإمداد الكهربائي.
وأدى اكتشاف شقوق صغيرة عام 2012 في أوعية الضغط في المفاعلين «دويل 3» و«تيهانج 2» إلى إغلاقهما لفترة طويلة، وأعيد تشغيلهما في نهاية 2015، ولم يلبث أن أقفل أحدهما مجدداً لبضعة أيام بعد تسرب مائي.
كذلك أغلق المفاعل «دويل 4» بشكل عاجل في آب (أغسطس) 2014، بعد حادث غامض في قاعة التوربينات أدى إلى تسرب 65 ألف ليتر من زيت التزليق. ولم يستبعد محققون بلجيكيون أن يكون التسرب ناجماً عن عمل إرهاربي أو انتقامي.
تحرك ألماني
في كانون الثاني (يناير) 2016 أرسلت وزيرة البيئة الألمانية باربرا هندريكس مجموعة أسئلة متعلقة بالسلامة إلى الوكالة البلجيكية للرقابة النووية، التي أكدت أن جميع المفاعلات مأمونة. وأعلنت الوكالة وشركة «إلكترابيل» أن جميع المشاكل التي حصلت مؤخراً كانت في الأجزاء غير النووية من المفاعلات، ولا خطر من «القلب» النووي على رغم الشقوق الصغيرة.
وجواباً عن سؤال بشأن الشقوق، قالت فلورنس كوبينول الناطقة باسم «إلكترابيل»: «استأنفنا الخدمة بعد تدقيق أجرته مؤسسة أبحاث أميركية دولية ضمنت السلامة الهيكلية لأوعية الضغط».
لكن إلوا غلوريو، المسؤول عن حملة «غرينبيس» المناهضة للطاقة النووية في بلجيكا، يصر على أن الشقوق الصغيرة في أوعيـة الضغط في المفاعلين «دويل 3» و«تيهانج 2» هي مدعاة قلق، لأن هذه الأوعية هي من الأجزاء الأكثر هشاشة في المحطة النووية. وحذر من أنه «إذا تعطل وعاء الضغط في المفاعل فسوف نشهد حادثاً من نوع تشيرنوبيل وفوكوشيما».
في آذار (مارس) 2011، تسبب زلزال وتسونامي ضربا اليابان بأعطال في محطة فوكوشيما نجم عنها أسوأ كارثة نووية في العالم منذ كارثة تشيرنوبيل في أوكرانيا قبل 25 عاماً. وقد دفع هذا الحادث ألمانيا إلى اتخاد قرار بالتخلص تدريجياً من محطاتها النووية. وحذر غلوريو من أن أي كارثة نووية في بلجيكا ستكون أسوأ كثيراً مما حدث في فوكوشيما أو تشيرنوبيل، لأن محطتيها تقعان قرب مناطق مكتظة بالسكان. فثمة 9 ملايين نسمة يعيشون ضمن مسافة 75 كيلومتراً من محطة دويل. كما أن محطة تيهانج تبعد 20 كيلومتراً عن مدينة لييج البلجيكية، و40 كيلومتراً عن مدينة ماسترخت الهولندية، و60 كيلومتراً عن مدينة آخن الألمانية، وقد أوكلت السلطات في ماسترخت وآخن إلى محامين النظر في إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضد بلجيكا لضمان سلامة المحطتين أو إجبارها على إقفالهما.
لكن كوبينول زعمت أن الانتقادات الموجهة إلى بلجيكا «أخطأت وجهتها»، إذ إن هولندا مددت خدمة مفاعلها على الحدود مع بلجيكا حتى سنة 2033، في حين يستمر عمل تسعة مفاعلات ألمانية حتى سنة 2022.