تهرُّب المواطنين من دفع فواتير المياه دفع رئيسة اتحاد المرأة الأردنية في محافظة أربد فردوس الشبّار إلى تطبيق خطة للتقليل من قيمة الفاتورة التي يدفعها الأردنيون في هذه المحافظة، على أمل أن يلتزموا بتسديدها. واستعانت برجل دين لاقناع النساء بأن التبذير والهدر في المياه غير محبّذ، وفق الآية القرآنية «لا تسرفوا إن اللـه لا يحب المسرفين».
خلال الأشهر الستة الأولى، لمست الشبّار انخفاضاً في نسبة استهلاك المياه بنحو 10 إلى 20 في المئة. وهي أوضحت، خلال ورشة عمل إقليمية نظّمها معهد استوكهولم الدولي للمياه في مدينة افران المغربية بالتعاون مع جامعة الأخوين، أن كثيراً من الأردنيين يعتقدون أن هناك تلاعباً وتزويراً في قراءات عدادات المياه، مما يدفع أرباب الأسر إلى المشاجرة أحياناً مع موظفي الدولة. وقد تم تدريب النساء على قراءة عداد المياه، ما يدفعهن إلى الالتزام بتقليل الكمية المستهلكة لدفع فواتير أقل. وشملت إجراءات التوفير تركيب قطع خاصة في الصنابير والدشّات، وإقفال العداد لكي لا يخزّن الهواء.
تجربة الشبّار، التي عرضتها في ورشة العمل التدريبية حول «المرأة والنزاهة في قطاع المياه» في أيار (مايو) 2016، دليل على أن المرأة يمكنها المساهمة بفعالية في تعزيز النزاهة في قطاع المياه. وقد أعد المشاركون في الورشة، من لبنان والمغرب والأردن وفلسطين المحتلة، خطة عمل لتنفيذها في المؤسسات والمنظمات التي يعملون فيها لتعزيز سلامة المياه.
عرضت سهام فاتوكي، من المغرب، تجربتها في المديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في متنزه أفران الوطني، لتعزيز التوعية على مفهوم النزاهة في قطاع المياه. وذلك في حملة شملت أربع مدارس لتعريف الطلاب إلى هذا المفهوم من خلال منشورات ومحاضرات. وهي تنوي استهداف شرائح أوسع تشمل طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية العامة.
وقدمت لمى نخال، الطالبة في جامعة البلمند في لبنان، خطة عملها من خلال الجامعة، التي شملت محاضرات ومناقشات وتقريراً عن التوعية بأهمية المياه من خلال الربط بينها وبين الفقر. وهي تطمح إلى توسيع حملة التوعية لتشمل جامعات أخرى.
لبنان وتحديات النزاهة في قطاع المياه
تقول منسقة مشروع بناء قدرات النزاهة في إدارة قطاع المياه في لبنان سيلفا كراكزيان، من معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، إن المشروع انطلق في أيار (مايو) 2014 عبر دراسة تقييمية أجراها فريق البحث في المعهد لتحديد التحديات في قطاع المياه. وتم تنظيم أربع ورش عمل تم خلالها التواصل مع مؤسسات حكومية ومنظمات المجتمع المدني وصنّاع القرار في لبنان. وأسفرت عن إطلاق تقرير «في سبيل الحفاظ على المياه في لبنان: التقييم الوطني للمخاطر التي تهدد الإدارة النزيهة للمياه». وذلك في إطار برنامج «بناء قدرات النزاهة في إدارة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي ينفذه معهد استوكهولم الدولي للمياه بدعم من الحكومة السويدية.
تقول كراكزيان: «تم تقييم وضع النزاهة في قطاع المياه بعد دعوة رؤساء المصالح في الوزارات وممثلين عن التفتيش المركزي وديوان المحاسبة». ولفتت إلى وجود أربع مسودات قوانين في مجلس النواب ينبغي الضغط لإقرارها، تتعلق بحماية المبلّغين عن الفساد، وإعادة صياغة قانون الإثراء غير المشروع، وتشكيل لجنة وطنية لمكافحة الفساد، والحق في الوصول إلى المعلومات».
وقـد أقـرت الحكومـة عـام 2000 قانوناً أوكل مهمة إدارة قطاع المياه إلى وزارة الطاقة والمياه على المستوى الوطني وأربع مؤسسات مستقلة على المستوى المحلي، بالإضافة إلى المصلحة الوطنية لنهر الليطاني. وبدأ لبنان بالفعل دمج بعض مبادئ النزاهـة في مجال تخطيط موارده، ضمن الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه وقانون البيئة. ولكن يبقى المطلوب بعد تنظيم القطاع إصدار مراسيم تطبيقية، وهنا مكمن الخلل.
وتعتبر كراكزيان أن من أبرز التحديات في قطاع المياه في لبنان الآبار غير القانونية وعدم تعيير الاستهلاك. تقول: «ليس هناك عدادات مضبوطة تظهر كمية المياه المستخدمة، ولا ملاحقة فعالة للتعديات على العدادات والشبكات».
المغرب وتونس: ضبط المخالفات وتعزيز تكافؤ الفرص
أفادت مديرة وكالة الحوض المائي لنهر سبو في المغرب سميرة الحواط أن الوكالة تستطيع التدخل في حال حدوث اختلالات في تطبيق القوانين. فشرطة المياه مدمجة في ضبط الحوض، ويتم تحديد الأشخاص المخالفين وتسطير مذكرات قضائيـة في حقهم، وهناك هيئات مخولة للفصل في الشكاوى، مع حملات استباقية للتحذير من الرشوة.
ومن تونس المجاورة، عرضت المهندسة ذكرى الهدري اقتراح الاتحاد التونسي على وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تبدليل المنظومة الحاليـة من خلال إطلاق حوار وطني، في غياب تكافؤ الفرص بين المـرأة والرجل في المجامع المهنية التونسية. ويركـز الحوار على تحقيق المساواة في الأجور وتحسين التغطية للمنظومة الاجتماعية للمرأة.
وبالمقارنة مع لبنان، قطع المغرب أشواطاً في مجال التشريعات التي تعزز النزاهة، خصوصاً في مجال المياه. وقد صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2007، وأصدر قانوناً يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، وقانوناً حول الحق في الحصول على معلومات. ولكن تبقى قضية الآبار العشوائية إحدى العقبات الرئيسية.
فلسطين المحتلة: وسائل التواصل الاجتماعي في مواجهة الفساد
تحدثت الناشطـة ديانا الخراز من «منتدى شارك الشبابي» عن تجربـة فريـدة لتعزيـز مفهوم النزاهـة ومواجهـة الفسـاد في فلسطين المحتلة، حيث يضطـر الناس إلى شراء مياه الشفة والاستخدام المنزلي من سلطة الاحتلال.
وقد سعى المنتدى الشبابي إلى إيجاد طريقة للتواصل مع المسؤولين من دون وساطـة. وبات في وسـع أي شخص الـدخـول الى مـوقع YouKnow وفتح حساب خاص له وتـدوين الشكوى المتعلقة بأي بلدية. وساهم ذلك في حل العديد من المشاكل في الضفة الغربية.
ويؤكـد مدير البرامج في معهد استـوكهـولم للمياه جيمس لاتان على أهمية إشراك المجتمع المدني للتعاون مع الحكومـات كي تبني سياسات أكـثر نزاهـة في قطـاع المياه، مع الاستثمـار في بناء القدرات وزيادة الـوعي لتحقيق تنمية منصفة قوامهـا توفيـر الخدمات العامة وتحقيق حكـم القانـون.