تزايد الطلب مؤخراً على الطاقة الكهربائية في البلدان العربية بشكل ملحوظ، حتى وصل الى 7 في المئة سنوياً، ما يشكل أكثر من ضعفي معدل الزيادة العالمية. ودفع ذلك بعض الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، الى التفكير الجدي بإقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. وبالفعل، وقعت دولة الامارات العربية المتحدة في أواخر العام 2009 عقوداً مع شركات كورية لإقامة أربع محطات نووية بقدرة 6000 ميغاواط. ووصلت مصر الى مرحلة إعداد وثائق مناقصة لإقامة أول محطة نووية على ساحل المتوسط قرب الاسكندرية.
لكن الكارثة الطبيعية التي حلت باليابان في آذار (مارس) الماضي وأدت الى كارثة نووية كبيرة دفعت العديد من دول العالم الى مراجعة برامجها للتوسع في إقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء. كما دفعت الامارات الى الطلب من الشركة الكورية المتعاقدة دراسة معمقة لنظم الأمان النووي في المفاعلات المعتزم إقامتها. كذلك قامت مصر بمراجعة وثائق المناقصة لتضمن أقصى درجات الأمان في المحطة النووية العتيدة.
وفي هذا الإطار، تدارس مؤتمر الطاقة العربي التاسع الذي عقد في أيار (مايو) 2010 ورقة مفصلة قدمها الباحث الدكتور عدنان شهاب الدين، حول دور الطاقة النووية والطاقة المتجددة في توليد الكهرباء. وتضمنت الورقة تفصيلات بشأن مستلزمات إطلاق برنامج نووي في أية دولة. وذكر أن هذا قد يتطلب ما بين عشر سنين وخمس عشرة سنة من الإعداد الجدي والمكلف لإقامة كل البنى التحتية، القانونية والتشريعية والرقابية، والهيئات الناظمة لمثل هذا البرنامج. كذلك عُقد المؤتمر العربي الأول حول آفاق توليد الكهرباء وإزالة ملوحة مياه البحر بالطاقة النووية في حزيران (يونيو) 2010، نظمته الهيئة العربية للطاقة الذرية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وعلى رغم أن الأوراق والمداولات شرحت الفوائد التي يمكن للدول العربية أن تجنيها من استخدامات الطاقة النووية في توليد الكهرباء، إلا أنها أكدت على ضرورة إعداد الكوادر البشرية العربية المتخصصة أولاً، وإنجاز البنى التحتية الضرورية، القانونية والصناعية والخدماتية، قبل البدء بأي مشروع لإقامة محطة نووية في أية دولة عربية.
مبررات استخدام الطاقة النووية
تشير بعض الدراسات الحديثة الى أن محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية تصبح ذات جدوى اقتصادية عندما يتجاوز متوسط سعر برميل النفط 75 دولاراً، مع الإشارة الى أن هذه الجدوى تقوم على افتراض أن الكلفة الرئيسية للمحطات النووية هي في إنشائها، لأن كلفة الوقود وتشغيل المحطة لا تتجاوز نسبة 10 في المئة من كلفة تمويل الاستثمار لإقامة هذه المحطات. وبالطبع فإن هذه الدراسات تهمل كلفة التعامل اللاحق مع الوقود النووي المستهلك، كما تهمل كلفة الأحداث الطارئة التي قد تقع في هذه المحطات.
إلا أن التبرير الحقيقي لدى الدول العربية المصدرة للنفط والغاز يرتكز على كيفية تعاملها مع تسعير الكهرباء فيها، واضطرارها لالتزام حصصها في إنتاج النفط ضمن منظمة أوبك. فمعظم هذه الدول تبيع الكهرباء بأسعار متدنية جداً، من منطلق أنها تبيع منتجات النفط الى شركات توليد الكهرباء بأسعار مدعومة. لكن تزايد الطلب على الكهرباء بدأ يأكل من حصص تصدير النفط في هذه الدول، وبالتالي فقد يخفض من عائدات صادراتها النفطية التي تشكل، في معظمها، أكثر من 80 في المئة من مجمل الناتج المحلي. لذا تجد مبرراً لاستخدام الطاقة البديلة في توليد الكهرباء، بما في ذلك الطاقة النووية، للإبقاء على حصص التصدير ولاستخدام النفط والغاز في مجالات صناعية أخرى.
يضاف الى ذلك ضغوط التغير المناخي بسبب الاحتباس الحراري الناتج من غازات الدفيئة، ذلك أن جزءاً رئيسياً من هذه الغازات ينبعث من حرق الوقود الأحفوري في محطات توليد الكهرباء. وقد بدأت عدة دول عربية تحضر لإقامة محطات توليد بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أن تكنولوجيات هذه المحطات ما زالت في مراحل التطوير، ما يجعلها مكلفة أكثر من المحطات النووية. يضاف إلى ذلك عدم انتظام الإنتاج فيها خلال ساعات اليوم الواحد، وخلال العام الواحد، والاضطرار بالتالي إلى إقامة نظم توليد رديفة، أو نظم كبيرة لتخزين الطاقة، ما زالت تقنياتها غالية الثمن.
البرامج النووية في الأقطار العربية
بدأت مصر باكراً، في أواسط خمسينات القرن الماضي، بوضع برنامج وطني للطاقة النووية. ولحقتها حينذاك دول عربية أخرى، منها العراق ثم الجزائر وبعدهما ليبيا وسورية. ولا توجد حالياً أية محطات نووية عاملة لتوليد الكهرباء في المنطقة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت إعلان العديد من الدول العربية عن خطط لإقامة مثل هذه المحطات. ونستعرض هنا بإيجاز الوضع في بعض الدول العربية التي أعلنت عن برامج نووية، علماً أن العديد من الدول العربية لا تملك أية تجهيزات نووية ولا برامج وطنية لإقامة مثل هذه التجهيزات.
الأردن
أعلن الأردن في تموز (يوليو) 2010 عن خطة لإقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء تكون عاملة سنة 2020، بقدرة 1000 ميغاواط، قادرة على توفير نحو 20 في المئة من الطلب على الطاقة الكهربائية، على أن تُلحق بمحطة نووية أخرى، لتغطي الطاقة النووية 30 في المئة من احتياجات الكهرباء بحلول سنة 2030.
وكان الأردن قد بدأ عام 2009 ، بالتعاون مع شركة من كوريا الجنوبية، مشروع إقامة مفاعل نووي للأبحاث، بقدرة 10 ميغاواط، في جامعة الأردن للعلم والتكنولوجيا. كما أنشئ في هذه الجامعة برنامج بكالوريوس في الهندسة النووية بدأ عام 2007.
من جهة أخرى، وقع الأردن مع الصين عام 2008 عقداً لاستغلال خامات اليورانيوم المتوافرة في أراضيه والتي تقدر بنحو 200 ألف طن. وفي العام 2009 أعيد تنظيم الهيئات المعنية بالطاقة الذرية، فشكلت مفوضية الطاقة الذرية بقانون، وتلتها هيئة مستقلة للرقابة النووية.
الامارات العربية المتحدة
في نيسان (أبريل) 2008، أعلنت الإمارات برنامجها الوطني للطاقة النووية، مؤكدة على معايير الأمان النووي الدولية وعلى الاستخدامات السلمية لهذا البرنامج. وكلفت مجموعات كبيرة من الخبرات العالمية لإعداد ما يلزم لتنفيذه. وفي 2008 أيضاً أعلنت عن تشكيل شركة الإمارات للطاقة النووية (ENEC) كهيئة مستقلة مسؤولة عن توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، ولتشرف على جميع الأنشطة النووية والاشعاعية في الدولة، بما في ذلك تطبيق كل المعايير الدولية. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 أعلنت الإمارات عن تشكيل الهيئة الوطنية الرقابية الناظمة لقضايا الطاقة النووية. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2009 وقعت ENEC مع مجموعة من الشركات العالمية، على رأسها شركة كوريا لتوليد الكهرباء (KEPCO)، عقداً لبناء وتشغيل أربعة مفاعلات نووية، قدرة كل منها 1500 ميغاواط. وتجاوزت قيمة العقد 20 بليون دولار، على أن يبدأ بناء المفاعل الأول سنة 2012، وأن تكتمل جميع المفاعلات وتربط بالشبكة الكهربائية بحلول سنة 2020. ويتضمن العقد مسؤولية الشركة المتعاقدة عن تفكيك هذه المفاعلات عند انتهاء عمرها المحدد (50 سنة)، وتداول الوقود المنضب المشع، على أن تكون كلفة ذلك ( نحو 20 بليون دولار أيضاً) خارج العقد الحالي.
وفي نيسان (أبريل) 2010 أعلنت الإمارات اختيار منطقة براكة في الغرب موقعاً لإقامة المفاعل الأول. وبدأت الشركات المتعاقدة إعداد الدراسات والبنى التحتية المطلوبة، وكذلك إعداد البرامج التعليمية والتدريبية لمواطني الامارات الذين سيشاركون في هذا البرنامج. وأنشأت جامعة الامارات برنامج بكالوريوس في الهندسة النووية، وهي تنظر في تخفيض مدة الدراسة في هذا البرنامج لتسريع تأهيل المواطنين للمشاركة في إدارة وتشغيل المحطات النووية، علماً أنه عند اكتمال بناء المحطات الأربع ستكون هنالك حاجة إلى أكثر من 2000 خبير من الإمارات بين مهندس وفني وإداري، لإدارة هذه المحطات وتشغيلها.
وبعد كارثة اليابان تقدمت سلطة الامارات الناظمة للطاقة النووية بأسئلة محددة الى المجموعة المتعاقدة حول الدروس التي يمكن تطبيقها على نظم أمان المحطات النووية.
سورية
أعلنت سورية في آذار (مارس) 2010 أنها تدرس الاستفادة من مختلف أنواع الطاقة البديلة. وذكرت أن التطبيقات السلمية للطاقة النووية يجب أن تكون متوافرة للجميع، لا حكراً على القلة التي تمتلك التكنولوجيا النووية.
وكانت سورية بدأت بناء مفاعل للأبحاث بتصميم كوري شمالي وبمشاركة فنيين كوريين. كما أنجزت مشروع مفاعل للأبحاث عام 1991 بتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو مفاعل مصغر لإنتاج النيوترون (MNRS). وتم تدريب خبراء فنيين على تشغيل المفاعل في بولندا وفي الاتحاد السوفياتي السابق. وأقامت عام 1998 مفاعلاً للبحث صيني التصميم، بمساعدة الوكالة الدولية أيضاً، في دير الحجر لإنتاج النظائر المشعة وللتدريب.
الجزائر
أعلنت الجزائر في مطلع 2011 عن نيتها بناء عدة محطات لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، بحيث يبدأ بناء أول محطة سنة 2020، يليها بناء محطة كل خمس سنوات.
وتملك الجزائر حالياً مفاعلين للأبحاث، كما تملك في أراضيها ما تصل كميته الى 56 ألف طن من خامات اليورانيوم التي يمكن الاستفادة منها.
مصر
تعد مصر أول دولة عربية اهتمت بوضع برنامج وطني للطاقة النووية، وأنشأت عام 1955 لجنة الطاقة الذرية التي تحولت الى هيئة الطاقة الذرية عام 1957. وتملك هذه الهيئة اليوم عدة مراكز للأبحاث النووية، بما في ذلك مركز البحوث النووية في أنشاص وفيه مفاعلان للأبحاث أحدهما بقدرة 2 ميغاواط والآخر بقدرة 22 ميغاواط، والمركز القومي لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع، والمركز القومي للأمان النووي والوقاية الشعاعية.
وكانت مصر تنوي تشييد محطة نووية لتوليد الكهرباء في ثمانينات القرن الماضي، إلا أن المشروع تأخر لأسباب فنية واقتصادية. وفي أواخر 2010 أعادت إحياء هذا البرنامج، وكلفت شركة استشارية عالمية لإدارة المشروع بحيث يعاد تحديث كل الدراسات، بما في ذلك دراسة اختيار المواقع المقترحة، وإعداد الوثائق الضرورية لاستدراج عروض بناء المحطة النووية الأولى، وكذلك إعداد ما يلزم من بنى تحتية تشريعية وتقنية وصناعية. وكان المتوقع أن تنشر الدعوة لاستدراج العروض مبكراً سنة 2011، إلا أن ذلك تأخر بسبب الأحداث السياسية التي طرأت.
وبعد كارثة اليابان، تقوم مصر بدراسة إجراءات اضافية تزاد على وثائق المناقصة، لضمان أمن كل المحطات النووية المزمع إقامتها. ومن المتوقع أن تكتمل المحطة الأولى بحلول سنة 2019، على أن يبلغ مجمل طاقة المحطات المعتزم إقامتها (وعددها ما بين 4 و6 محطات) 4000 ميغاواط.
بقية الدول العربية
لم تنفذ أية دولة عربية أخرى خطوات ملموسة لإقامة محطات توليد كهرباء بالطاقة النووية، وإن كان بعضها مؤخراً أعلن نيته إقامة مثل هذه المحطات. فقد أعلنت البحرين عام 2010 نيتها البدء بإقامة أول محطة نووية سنة 2017. وأنشأت الكويت عام 2010 اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، على أن تسعى لبناء أربع محطات نووية بقدرة 1000 ميغاواط لكل منها، بحيث تبدأ الدراسات لهذه المحطات سنة 2013، وتبدأ المحطة الأولى بالعمل في حدود 2020.
وفي تموز (يوليو) 2010 أعلن المغرب خطة وطنية للطاقة تتضمن إقامة عدة محطات نووية بدءاً من سنة 2022، على أن يتم قبل ذلك إنشاء الهيئات الرقابية والتشريعية اللازمة لمثل هذا البرنامج.
وفي العام 2010 افتتحت المملكة العربية السعودية مدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة، لتشرف على جميع الأنشطة في مجال الطاقة النووية. لكنها لم تعلن أي خطوات محددة في هذا الإطار، باستثناء إمكان سعيها الى الاستفادة من خامات اليورانيوم المتوافرة في أراضيها.
يتبين من هذا العرض أن البلدان العربية ما زالت بعيدة جداً عن امتلاك قدرات نووية حقيقية، وبشكل خاص إعداد الكوادر البشرية العربية المتخصصة القادرة على القيام بالمهمات المطلوبة لبرامج وطنية للطاقة النووية. فالبرامج الوطنية الناجحة تتطلب خبرات متنوعة ومطلعة، كما تتطلب إقامة الهيئات الوطنية الناظمة والتشريعية لتوفير البنى التحتية الضرورية. وأي تقييم موضوعي يشير الى أن مصر ما زالت الوحيدة التي تمتلك ما يلزم لإعداد الكوادر البشرية المتخصصة، في حين أن الدول الأخرى ما زالت متأخرة جداً في إعداد هذه الكوادر.
الدكتور حسن الشريف مستشار في المجلس الوطني للبحوث العلمية ومحرر مجلة «الطاقة المستدامة» الالكترونية.
كادر
مطالبة بإلغاء خطط الأردن النووية
تتعالى الأصوات المطالبة بالتخلّي عن الخطط النووية في الأردن بعد حادث محطة فوكوشيما اليابانية، حتى إن هيئة الطاقة الذرية الأردنية أكدت استعدادها لطرح المشروع في «استفتاء عام».
وقال خالد الايراني، وهو وزير طاقة وبيئة سابق، لوكالة فرانس برس إنه «في بلد مثل الأردن، لا يمكن الا أن تحاول تنويع مصادر طاقتك، فنحن نستورد 95 في المئة من طاقتنا». وأضاف أن الاستراتيجية التي أعدّت في 2006 و2007 مبنية على تنويع مصادر الطاقة، مشيراً الى أن الطاقة النووية كانت جزءاً من هذه الاستراتيجية. لكنه أضاف أن «هناك أسئلة كثيرة حول المشروع لم يتم الجواب عنها إلى الآن، منها دراسة الجدوى والأثر البيئي وكميات المياه المطلوبة ومكان إقامة المحطة وكيفية التعامل مع النفايات والحجم والتمويل».
واعتبر مستشار وزير البيئة رؤوف الدباس أن المشروع يفتقد الدراسات الخاصة بالأثر البيئي والجدوى الاقتصادية، «كما أننا لا نعرف الكلفة الحقيقية، وما هي التدابير الاحترازية التي سنقوم باتخاذها للحيلولة دون وقوع أي كارثة نووية».
وكان مجلس النواب الاردني أقر عام 2007 قانوناً يسمح بامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، خصوصاً توليد الكهرباء وتحلية المياه. ووقّع الاردن لهذا الغرض اتفاقات تعاون مع تسع دول على رأسها اليابان. ويسعى الأردن، الذي تثير احتياطاته من اليورانيوم اهتمام العديد من البلدان، الى إنشاء أول مفاعل نووي بحلول سنة 2019. وقد اقترح موقعين لذلك، الأول في جنوب خليج العقبة، والثاني في منطقة المجدل بين الزرقاء والمفرق. وبحسب الدباس، فإن «اكبر تحد في مشروع بناء المفاعلات النووية هو عملية التبريد، في حين نحن في بلد يعدّ واحداً من أربع أفقر دول العالم في المياه. وهناك مشكلة ثانية، وهي أن منطقتنا كلها معرضة للزلازل، وعندما كنا نقول لهم هذا، كان يأتينا ردهم: انظروا الى اليابان، فلديها 25 مفاعلاً نووياً وهي لا تتعرض لمشاكل».
وأكد الدباس أن «الطاقة البديلة، كالرياح والشمس، متوافرة لدينا وتكفي لاقامة مشاريع تولد آلاف الميغاواطات من الطاقة التي تمكننا حتى من التصدير الى دول الجوار، كما يجدر بنا اتباع سياسة ترشيد الاستهلاك». وحذر من أن «بلدنا صغير جغرافياً وأي تسرب نووي يمكنه البقاء في مساحة الأردن خمسة آلاف سنة».
وسعت هيئة الطاقة الذرية الأردنية الى طمأنة المواطنين، مؤكدة أن المفاعل المزمع إنشاؤه هو من الجيل الثالث، ويحتوي على أنظمة أمان كامنة حاسوبية متطورة جداً، وحجرات خاصة محصنة لاحتواء الوقود النووي في حال ذوبانه. وأشارت الى أن «ما حصل في اليابان كان نتيجة تسونامي، وهو ما لن يحدث في الأردن»، وأنها منفتحة على كل الأفكار والطروحات العلمية والهادفة، ومستعدة لطرح هذا المشروع الوطني والاستراتيجي لاستفتاء عام اذا ما دعت الحاجة الى ذلك.
كادر
المشروع النووي المصري: خلاف على «الضبعة» كموقع آمن
القاهرة ـ من نهال لاشين
اتخذت مصر قراراً بإعادة النظر في مشروعها النووي بعد كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان. هذا ما أكده الدكتور ياسين ابراهيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المحطات النووية في مصر، مضيفاً: «لا بد من البحث عن إجراءات إضافية للأمان النووي».
والنظر في مفردات هذا الأمان يشمل اختيار موقع المفاعل، الذي استقر عليه الرأي في منطقة الضبعة في مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. لكن الدكتور خالد عودة، أستاذ الجيولوجيا في جامعة أسيوط، رأى أن الضبعة خيار غير آمن، «فإذا انفجر المفاعل نتيجة أي خطأ بشري، وهذا وارد، أو نتيجة تعرض المنطقة لتسونامي، أو تعرض المفاعل لضربة عسكرية، فإن الغبار الذري الناجم عنه سيصل إلى القاهرة وما بعدها».
وأوضح أن تداعيات الانفجار، إذا حدث، تبدأ عادة بخروج سحابة ذريّة تنتشر في دائرة شعاعها 10 كيلومترات، يتبعها الغبار الذري الذي ينتشر في دائرة شعاعها 300 كيلومتر، تتدرج خطورتها من شديدة في أول 100 كيلومتر إلى أقل خطورة في الـ 200 كيلومتر التالية. وأضاف: «يتجه الغبار الذري مع حركة الرياح التي تكون من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي، ما يعني وصوله سريعاً الى القاهرة التي تبعد عن الضبعة 200 كيلومتر، امتداداً الى غرب الدلتا».
أما الدكتور أحمد أبو العطا، أستاذ الجيوفيزياء التطبيقية في كلية العلوم بجامعة عين شمس الذي شارك في تحديث الدراسات الفنية الخاصة بمنطقة الضبعة وما حولها لبناء المفاعل، فأشار الى أنها كانت المنطقة الوحيدة المتاحة والمناسبة آنذاك، «حيث قمنا بدراسة فنية لثلاث مناطق اختارتها الدولة، وهي الضبعة وجنوب الزعفرانة وسفاجا. وقد بحثنا على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، لكن معظم المناطق تحولت قرى سياحية».
وأشار الدكتور عودة الى ثلاثة مواقع بديلة أكثر أماناً لبناء المفاعل. أحدها منطقة شلاتين جنوب مرسى علم، مشيراً الى أنها بعيدة عن خط الزلازل، «ولو حدث انفجار للمفاعل فإن الغبار الذري سيسقط في البحر الأحمر ولن يصل إلى السعودية». والمنطقة الثانية سيدي براني وتبعد عن القاهرة 600 كيلومتر. أما الثالثة فهي غرب العريش، وقال عنها عودة: «بالطبع هي مغامرة، ولكن ستضمن أن إسرائيل هي التي ستسعى الى إصلاح أي عطل في المفاعل، لأنها أول من سيتضرر».