ما قيمة التعويضات المستحقة لرواد الشواطئ وأصحاب المصالح بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى الشواطئ لفترات طويلة والانتفاع منها كما يجب لأغراض السياحة أو الاستجمام أو الصيد؟
هذا ما سعت مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية (AGIDI) إلى إظهاره، بدعم من هيئة البيئة ـ أبوظبي، من خلال دراسة لتقييم خدمات النظم البيئية في إطار مشروع «الكربون الأزرق». وقُدرت النتائج الأولية لقيمة التعويضات المطلوبة بنحو ثلاثة بلايين درهم (800 مليون دولار) سنوياً. وسوف تساهم نتائج التقييم في إعداد إطار عمل في ما يتعلق باتخاذ القرارات الحكيمة بشأن بناء المجمعات العقارية واستخدام الأراضي من قبل صناع القرار في الدولة.
يقيس تقييم خدمات النظم البيئية التكاليف الناجمة عن ازدهار الطحالب الضارة، المعروف بالمد الأحمر، الذي يتسبب بمنع الأفراد من الدخول إلى المنطقة الساحلية للترفيه، والأضرار المترتبة على تدهور الحياة البحرية في تلك المناطق الشاطئية الذي يبرز في انخفاض نمو الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية بشكل ملحوظ.
وتوفر الأنظمة البيئية الساحلية عدداً ضخماً من الخدمات الساحلية الأساسية، حيث تدعم صيد الأسماك وحماية الشواطئ والسياحة والاستجمام، فضلاً عن أهميتها في الموروث الثقافي. ويعتمد دورها على صحة جميع النظم الإيكولوجية التي تحتضنها، مثل الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية وأشجار القرم (المنغروف).
تنمية حضرية وتراجع إيكولوجي
شهدت إمارة أبوظبي خلال العقود الأربعة الماضية طفرة نوعية في جودة مرافق وخدمات الراحة والاستجمام، الأمر الذي ساهم في تسويق الإمارة كوجهة مثالية. ولكن نتيجة حركة التنمية الحضرية المتسارعة بالقرب من الساحل، أصبح توفر هذه الخدمات التي تقدمها النظم الساحلية غير مضمون. فمع تزايد حالات المد الأحمر، تراجع أداء الوظائف الإيكولوجية البحرية، مترافقاً مع تقلص الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية. وإذا استمر تدهور البيئة البحرية وفق معدل التراجع الحالي، ستترتب خسائر فادحة على خدمات الراحة المقدمة على المنطقة الساحلية. والمطلوب مزيد من البحث والدراسة لتحديد الأثر.
جمعت عملية التقييم أصحاب المصلحة وصناع القرار السياسي وخبراء التنوع البيولوجي البحري. وتضمنت دراسة إمكانية دفع تعويضات مقابل الحفاظ على الموائل البحرية الساحلية التي تمت معاينتها ضمن المشروع الإرشادي للكربون الأزرق في إمارة أبوظبي. وتم إجراء استطلاع لمجموعتين. ضمت المجموعة الأولى مدراء العقارات والفنادق المطلة على الساحل ضمن حدود إمارة أبوظبي، نظراً لأن عملياتها التجارية تعتمد بشكل أساسي على الوجهة البحرية. وضمت المجموعة الثانية رواد الشواطئ.
خسائر بالأرقام
شملت الدراسة أكثر من 95 في المئة من الفنادق المطلة على شواطئ أبوظبي، بهدف تحديد التغير المحتمل في العوائد الناتجة عن عدم تقديم خدمات الراحة والاستجمام. فتبين أن الخسائر تقدر بنحو 517 مليون درهم سنوياً (140 مليون دولار)، وأن الانخفاض في إيرادات الفندق الواحد يتطلب تعويضاً يتراوح بين 30 و35 في المئة من قيمة دورة المبيعات. كما يمكن أن يشهد القطاع تأثراً في العائدات على المدى القصير، ما يتسبب في تراجع اقتصادي لقطاع الضيافة والقطاعات الأخرى ذات الصلة.
كما شملت الدراسة أكثر من 100 شخص من رواد الشواطئ الأساسية، بهدف تحديد خسائر عدم القدرة على الوصول إلى أحد الشواطئ أو جميعها. فأفاد المشاركون، المقيمون والسياح، أنهم قد يذهبون إلى شاطئ بديل إذا تضرر الشاطئ الذي يقصدونه عادة، وفي هذه الحال قدرت قيمة الخسائر بنحو 566 مليون درهم سنوياً (154 مليون دولار ). أما في حال تضرر كل الشواطئ، فإن الخسارة المحتملة في قيمة الخدمات قد تصل إلى 450 مليون درهم للهكتار الواحد (122 مليون دولار).
وتم طرح توصيات لتعزيز الخدمات التي توفر أنظمة ساحلية صحية وفق ثلاث مراحل تكاملية. تشمل المرحلة الأولى سلسلة من ورش العمل حول النمذجة المشتركة لتقييم الخدمات ذات الأولوية، بما فيها أصول الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي في المنطقة الغربية، وتطوير مشاريع البحوث التقييمة. تلي ذلك مرحلة تحديد القيمة الوطنية والدولية لأصول المنطقة الغربية لإرشاد الإدارة المستقبلية. أما المرحلة الثالثة فهي لتحليل العلاقة بين خسارة الإيرادات المتوقعة وتكاليف الترميم. وبعد الانتهاء من جميع المراحل، يُعتزم إجراء تقييم مماثل في أنحاء الإمارات وفي منطقة الخليج العربي.
ولكن حتى في حال استعادة النظم البيئية، فإن الخدمات الإيكولوجية قد لا تستطيع تلبية المتطلبات البشرية المرتفعة التي تشكل عبئاً على النظام، ما يقتضي تضافر الحلول الهندسية مع إدارة بيئية متطورة لتوفير بيئة معيشية مقبولة.
يمكن الاطلاع على موجز الدراسة من خلال الرابط www.agedi.org