عندما «أشرق» عصر البلاستيك عام 1907 مع ابتكار «الباكليت» انفتح عالم جديد. كان ذلك البلاستيك الاصطناعي الأول ثورياً، أتاح صنع أشياء كثيرة، من أكواب الأطفال المقاومة للكسر إلى قطع الآليات العسكرية.
أقبل العالم على البلاستيك بشراهة لتعدد استعمالاته ومتانته، وهما الصفتان اللتان أدخلتانا في الأزمة التي نعاني منها حالياً. قيل في حسناته إنه «يدوم إلى الأبد»، إذ لم تتطور كائنات حية قادرة على هضم هذه المواد الاصطناعية المعقدة التي تشكلها سلاسل طويلة من حلقات الكربون لا تستطيع الطبيعة تفكيكها. لكن هذه الميزة هي أيضاً مشكلة كبرى، فقد يبقى البلاستيك في مطمر أو في الطبيعة آلاف السنين من دون أن يتحلل.
«الوحش» ماثل بيننا. لدينا مادة عجائبية، لكنها ذات جانب قاتم، وما زلنا نستخدمها على نطاق واسع مغيّرين البرّ والبحر تغييراً دائماً.
حقائق غير سارة
● يصنع معظم البلاستيك من البترول، الناجم عن كائنات حية تحللت طبيعياً على مدى ملايين السنين. ويعتبر الباكليت الذي ابتكره الكيميائي البلجيكي ـ الأميركي ليو باكلاند عام 1907 أول بلاستيك مصنّع.
● تم تطوير البوليستيرين عام 1929، والبوليستر عام 1930، والبوليفينيل كلورايد (PVC) والبوليثين عام 1933، والنايلون عام 1935.
● أدى البلاستيك دوراً كبيراً في الحرب العالمية الثانية، اذ تم استعماله في كل شيء، من المركبات العسكرية إلى المواد العازلة للرادارات، ما نشّط صناعته. وبنت شركات البترول مصانع لتحويل النفط الخام إلى بلاستيك. وعندما وضعت الحرب أوزارها، واجهت الصناعة «تخمة» تم تجاوزها بابتكار أنواع لا تحصى من الاستعمالات الجديدة لهذه المادة.
● يستهلك إنتاج البلاستيك نحو 8 في المئة من إنتاج النفط العالمي. ويتم تصنيع نحو 300 مليون طن من البلاستيك سنوياً.
● البلاستيك الذي يدفن في مطامر يمكن أن ترشح منه مواد كيميائية ضارة تتسرب إلى المياه الجوفية.
● ينتهي نحو 8 ملايين طن من البلاستيك سنوياً في المحيطات حيث يتوقع أن يبقى آلاف السنين. وهو موجود في كل مكان، من أعماق المحيطات إلى جليد القطب الشمالي.
● ثمة بيانات عن أكثر من 700 نوع من الأحياء البحرية ابتلعت قطعاً بلاستيكية. ويتوقع العلماء أن يُعثر على البلاستيك في أجسام 99 في المئة من الطيور البحرية بحلول سنة 2050.
● تشكل النفايات البلاستيكية العائمة وسائل نقل لأنواع غازية، من الأسماك إلى الديدان والطحالب، ما يتسبب في فوضى بيئية. على سبيل المثال، في جزيرة غرب القارة القطبية الجنوبية (أنتارتيكا)، عثر على 10 أنواع من اللافقاريات الدخيلة ملتصقة بنفايات بلاستيكية على الجليد.
● في أجسام ثمانية أطفال من كل عشرة في الولايات المتحدة مستويات قابلة للقياس من الفثالات السامة، التي تستعمل كمواد بلاستيكية في عدد من المنتجات. وأظهرت دراسة لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة أن في بَوْل 93 في المئة من السكان مستويات يمكن اكتشافها من ثنائي الفينول أ (BPA) الذي يستعمل في القوارير وبطانات علب الطعام والمشروبات. وقد بينت أبحاث أن مادتي الفثالات وBPA تؤثران على التناسل في الحيوانات التي تمت دراستها، وتضعفان نمو القشريات والبرمائيات.
● يقدر أن نحو 500 بليون من الأكياس البلاستيكية تستعمل كل سنة حول العالم، أي أكثر من مليون كيس كل دقيقة.
● خلال السنوات العشر الأولى من هذا القرن صُنع من البلاستيك أكثر مما في كل القرن العشرين.
● البلاستيك من المواد الأكثر ديمومة التي يصنعها الإنسان، وهو يستغرق ما بين 500 و1000 سنة لكي يتحلل.
● 50 في المئة من البلاستيك الذي يتم إنتاجه يستعمل مرة واحدة ويُرمى.
أفكار للعيش مع بلاستيك أقل
من شبه المستحيل تصور حياتنا من دون بلاستيك، لكن هذا يبقى هدفاً نبيلاً يسعى إليه مزيد من الناس الذين يطلبون بدائل أسلم للصحة والبيئة ويخففون من النفايات البلاستيكية التي تملأ المطامر. هنا بعض الأفكار للتخفيف من استخدام البلاستيك في المنزل:
تجنب أسوأ أنواع البلاستيك
إذا تفحصت الجانب السفلي لوعاء بلاستيكي، سترى رقماً من 1 إلى 7 داخل مثلث من سهام. أسوأ أنواع البلاستيك هي:
الرقم 3: بوليفينيل كلورايد، هو بلاستيك سام جداً يحتوي على إضافات مثل الرصاص والفثالات، ويستعمل في الأغلفة البلاستيكية الرقيقة وبعض القوارير وأوعية زبدة الفول السوداني ولعب الأطفال وغيرها.
الرقم 6: بوليستيرين، يحتوي على الستيرين وهي مادة سامة للدماغ والجهاز العصبي، ويستعمل في الستيروفوم والأطباق وأدوات المائدة البلاستيكية التي ترمى بعد الاستعمال وأوعية الطعام الجاهز.
الرقم 7: بوليكربونات، يحتوي على ثنائي الفينول أ ويوجد في معظم بطانات علب الطعام المعدنية وقوارير المشروبات الرياضية وأوعية العصائر والكاتشاب.
استعمل الأوعية غير البلاستيكية
استخدم كوباً خزفياً أو زجاجياً وليس أكواباً بلاستيكية ترمى بعد الاستعمال. ضع وجبة غدائك في وعاء زجاجي. خذ معك أكياساً يعاد استخدامها إلى السوبرماركت أو سوق الخضار.
لا تشرب مياهاً معبأة
احمل قارورة مياه رياضية أو زجاجية يمكن إعادة تعبئتها، بدلاً من القوارير الجاهزة المعبأة التي تسفر عن نفايات بلاستيكية لا يعاد تدوير إلا القليل منها. وهي عادة مصنوعة من بلاستيك لا يصلح لإعادة التعبئة أو الاستخدام.
تسوَّق بكمية أكبر
شراء كمية أكبر من سلعة أو مادة تحتاج إليها يوفر كمية أكبر من التغليف، كما يوفر الوقود الذي تحرقه سيارتك في رحلات إضافية إلى المتجر. ابحث عن أصناف خالية من الأغلفة البلاستيكية.
تجنب الأطعمة المجلدة
تأتي الأطعمة المجلدة عادة مغلفة بالبلاستيك ومعبأة بصناديق كرتون غالباً ما تكون مبطنة بالبلاستيك أيضاً.
لا تستخدم أواني الطبخ غير اللاصقة
لا تعرض نفسك وأسرتك للمواد الكيميائية الفلورية التي تنطلق من أواني الطبخ والقلي غير اللاصقة مثل التفلون. واستبدلها بأوان مصنوعة من حديد الصبّ (castiron) وهي غير لاصقة أيضاً، أو من الفولاذ الذي لا يصدأ.
توقف عن شراء العصائر والمرطبات المعبأة في قوارير بلاستيكية
يمكن شراء مشروبات غازية في قوارير زجاجية قابلة للردّ مقابل استرجاع قيمتها. فليكن ذلك خيارك قدر الإمكان. في كل حال، الأفضل أن تأكل فواكه وعصائر طازجة، وأن تستبعد هذا السكّر الإضافي من نظامك الغذائي.
توقف عن مضغ العلكة
مضغ العلكة هو بمثابة مضغ البلاستيك. فمنذ الحرب العالمية الثانية، توقف استعمال المطاط الطبيعي في صنع العلكة واستبدل بالمطاط الاصطناعي، الذي يعرف أيضاً بأسيتات البوليفينيل والبوليثيلين. هاتان المادتان تعتبران سامتين وبينت تجارب أنهما تسببان نمواً ورمياً لدى جرذان المختبر، لكن لم يتم حظرهما نتيجة ضغط من الصناعة. فكر أيضاً أين تنتهي العلكة بعد مضغها، فهي غير قابلة للتحلل البيولوجي.
تناول الآيس كريم في مخروط
تجنب استعمال أكواب الستيروفوم والملاعق البلاستيكية لأكل الآيس كريم، واختر بدلاً من ذلك تعبئتها في مخروط من البسكويت. يمكن أيضاً اقتناء ماكينة لصنع الآيس كريم في المنزل.
اصنع مخللاتك ومشروباتك
تحضير المخللات تجربة ممتعة تتيح لك الحصول على ما يكفي لسنة كاملة. اصنع مخللات الخيار والباذنجان والفلفل واللفت وغيرها، وصلصة البندورة (طماطم)، في مواسمها عندما تكون أسعارها منخفضة، وضعها في أوعية زجاجية حافظة. يمكنك أيضاً صنع شراب الليمون والتوت والرمان وغيرها وحفظها في قوارير زجاجية.
اصنع اللبن بنفسك
من السهل جداً تحضير اللبن الزبادي واللبنة في المنزل من حليب البقر الطازج أو المجفف. هذا ما كانت تفعله معظم ربات البيوت في الماضي غير البعيد.
الرسوم خاصّة بـ"البيئة والتنمية"© من لوسيان دي غروت