Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
"البيئة والتنمية" الملعب القاتل  
تشرين الثاني-كانون الأول/ نوفمبر-ديسمبر 2015 / عدد 212
  
تدوير بطاريات السيارات سمم قرية إندونيسية لكن مشروعاً تطهيرياً أثبت أن إعادة التأهيل ممكنة مع ازدياد الوعي وتقبّل السكان وتطبيق القوانين
 
بطاريات السيارات المستعملة هي مصدر رئيسي للدخل وفي الوقت نفسه خطر صحي كبير لسكان قرية سينانغكا التي تبعد 45 كيلومتراً عن العاصمة الإندونيسية جاكرتا. فقد نشأت في القرية صناعة غير نظامية لتدوير بطاريات الرصاص الحمضية في تسعينات القرن العشرين، بعد أن تعذر على المصانع الثلاثة التي تتولى التخلص من البطاريات في البلاد معالجة الكمية الكبيرة من البطاريات المستوردة. فبدأ العمال يأخذون بطاريات الى منازلهم للحصول على دخل إضافي. لكن تفكيكها بطريقة بدائية في حدائقهم ومنازلهم لوث القرية بالرصاص السام الذي يتلف الأعصاب.
يقول بودي سوسيلوريني، منسق مشروع تطهير القرية من التلوث الرصاصي الذي يقوم به معهد بلاكسميث لأبحاث صحة البيئة ومركزه نيويورك: «الناس لا يعرفون ما هي التأثيرات التي خلفتها هذه العمليات، بل يشعرون بأنهم لا يستطيعون التنفس، وأن ثمة أمراً غريباً في الهواء الذي يستنشقونه».
كان سكان سينانغكا يفككون البطاريات بالفؤوس والسكاكين، ويلقون محتوياتها في جرن عمقه متر محاط بجدار من الطوب المثبت بالإسمنت. بعد ذلك يسكبون المياه الحمضية ويضعون الفحم فوقها، ثم يضرمون النار في البطارية، فيستعيدون الرصاص السائل ويصنعون منه سبائك يبيعونها الى مصانع التدوير النظامية. أما نفايات عمليات الصهر فكانت تلقى في حفر ضحلة ومكبات سطحية في أنحاء القرية وفي ملعب كرة القدم وفي الوادي المجاور.
وكان ملعب كرة القدم مقصداً لمئات التلاميذ في مدرسة القرية التي تبعد عنه مئة متر. وعلى مر السنين، تعرض كثير من الفتيان للمواد الخطرة المنتشرة تحت أقدامهم الحافية أثناء اللعب.
بدأ بعض سكان القرية يدركون تدريجياً أن عمليات الصهر العشوائي تؤثر على بيئتهم وعلى صحتهم. فاشتكوا الى بلدية القرية. لكن عندما حاولت السلطات البلدية منع صهر البطاريات واجهت معارضة شرسة وصلت إلى إحراق مركز البلدية.
وفي العام 2013 أطلق معهد بلاكسميث مشروع تطهير ملعب كرة القدم، أحد أسوأ مواقع التلوث في سينانغكا. وتم انجاز المشروع خلال سنة، ليبين من دون شك أن الإصلاح قابل للتنفيذ في هذه القرية وفي مناطق أخرى ملوثة بالسموم. كما أثبت إمكان تغيير وجهة نظر السكان المحليين وصانعي القرار تجاه مشاكل التلوث.
 
تأثيرات صحية
بينت التحاليل والتحقيقات وجود أماكن عديدة في القرية تعاني من تلوث التربة، حيث مستويات الرصاص أعلى من 200 ألف جزء في المليون، في حين أن الحد الأعلى المأمون في المناطق السكنية هو 400 جزء في المليون وفق معايير وكالة حماية البيئة الأميركية. وأظهرت عينات دم من 40 تلميذاً وجود رصاص بمعدل 37 ميكروغراماً في كل دسيليتر، في حين أن المقياس لدى منظمة الصحة العالمية هو 10.
قال سوسيلوريني: «شاهدت أطفال صاحب مصهر البطاريات، وهم أيضاً مصابون بإعاقات عقلية وجسدية».
يمكن أن تكون للتسمم بالرصاص، الناتج من تلوث التربة أو الهواء، تأثيرات صحية رهيبة تكون أكثر مأسوية عندما تتعرض له النساء الحوامل.
وكانت جمعية محلية أعدت خريطة مبدئية لتلوث التربة في سينانغكا. وحدد المساحون 70 «بقعة ساخنة» طرحت فيها البطاريات المستعملة، بما فيها المصاهر ونقاط التجميع. وقدر مجمل حجم التربة الملوثة بأكثر من 2500 متر مكعب.
وباستخدام خريطة الجمعية للنقاط الساخنة، أجرى فريق معهد بلاكسميث تقييماً للمواقع، وحدد المواقع العشرة الأوائل التي تشهد أعلى تركيز للرصاص في التربة ويقيم فيها أكبر عدد من السكان المعرضين للخطر. وفي النهاية، تم اختيار ملعب كرة القدم لتنفيذ المشروع الاصلاحي التجريبي.
أجريت العمليات الإصلاحية في الموقع بين أيلول (سبتمبر) 2013 وآذار (مارس) 2014. وتماشياً مع معايير وكالة حماية البيئة الأميركية، استُخدمت استراتيجية التغليف لعزل التربة الملوثة. فتم نبش تربة ملعب كرة القدم حتى عمق ستة أمتار، وتبطين الحفرة العميقة بطبقات من الطين الصلصالي لمنع تسرب الرصاص إلى المياه الجوفية. وبعد إعادة فرش التربة الملوثة، تمت تغطية أرض الملعب بتربة نظيفة بسماكة مترين، وهو الآن آمن للعب.
لقد توقفت عمليات صهر الرصاص النظامية الى حد كبير في سينانغكا خلال العقد الماضي، بعد حظر استيراد بطاريات الرصاص الحمضية المستعملة الى إندونيسيا. لكن التلوث ما زال قائماً، وكذلك التدوير العشوائي لهذه البطاريات. ومقارنة بمصادر أخرى للدخل مثل الزراعة ومزارع المطاط، يعتبر صهر الرصاص أسهل وأكثر ربحية، وإن يكن غير قانوني.
لكن معهد بلاكسميث يأمل أن يؤدي وعي المخاطر وتطبيق القوانين إلى تحسين الأوضاع. يقول سوسيلوريني: «باتت الحكومات تدرك القضايا الناشئة عن سوء إدارة النفايات الخطرة، لذا يمكننا تقديم توصيات لإصلاح السياسات. لقد بدأت بلدان كثيرة تخصص أموالاً في الموازنات الوطنية لتطهير المواقع الملوثة».
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.