أشوك خوسلا رئيس منظمة «بدائل التنمية» AlternativesDevelopment في الهند. وكان رئيس الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ورئيس نادي روما. وقد نال تقديرات عالمية، بينها جائزة ساساكاوا البيئية وجائزة زايد الدولية للبيئة. وهو يكتب سلسلة مقالات خاصة بمجلة «البيئة والتنمية».
أي أمل لهذا الكوكب إذا بدأت بلدان الجنوب تستهلك الموارد كما تفعل بلدان الشمال اليوم؟ أو إذا طالب الفقراء الكثيرون بالأشياء ذاتها المتاحة للقلة الغنية؟ هذا حق لهم بموجب أي مفهوم للإنصاف والعدالة، وتشجعهم عليه قوى السوق العالمية.
وماذا سيكون التأثير الديموغرافي والاقتصادي والبيئي في المدى الطويل إذا زاد الفقر والتهميش في اقتصاد عالمنا تأخير استقرار أعداد سكانه.
لا يمكن تحقيق أهداف عالم أفضل للجميع إذا بقيت أنماط الحياة الحضرية الصناعية أو التطلعات المادية والمالية الحالية. كما لا يمكن تحقيقها مع الفوارق التي خلقناها داخل البلدان وبينها. التنمية المستدامة لا تقتضي فقط إدارة كفوءة وسليمة بيئياً للموارد، بل تحتاج إلى ترسيخ العدالة الاجتماعية والتمكين السياسي.
من بين المسائل الدائمة المتعلقة بأنماط الاستهلاك الشمالية والنمو السكاني الجنوبي، القضيتان المركزيتان هما الكفاية والكفاءة (efficiencysufficiency and). ما هي الكمية التي تكفينا، وما هو الحد الأدنى الذي علينا استهلاكه للحصول عليها؟ هذا يعني أن الأهداف الإنمائية تتطلب منا أيضاً إعادة توجيه الطريقة التي ننتج بها البضائع والخدمات التي نستهلكها. إن معادلة الاستدامة تجمع بالضرورة بين كفاية الاستهلاك وكفاءة الإنتاج. وهذا يعني أن القلقين على المستقبل يجب أن يعملوا بشكل أوثق مع الذين يعيشون يوماً بيوم.
يجب أن يكون الهدفان المحوريان لحياتنا رفاهية جسدية ومادية مصحوبة برضا فكري وروحي. ويجب أن تكون الأهداف المحورية لنظمنا الاجتماعية والسياسية تمكيننا من تحقيق هذين الهدفين. ويجب ألا تقتصر الأهداف المحورية لنظمنا الإنتاجية على إنتاج البضائع والخدمات، بل أن تهتم أيضاً بخلق الوظائف والاستعمال الكفوء للموارد الطبيعية. وبالنسبة إلى النصف الأفقر من سكان العالم، هذا يترجم إلى إشباع الحاجات الأساسية، وتحسين الدخل والقوة الشرائية، والحفاظ على إنتاجية قاعدة الموارد. علينا الآن أن نتعلم من جديد ونبيّن كيف يمكن ربط جميع هذه العوامل عملياً للحصول على استراتيجية أفضل للتنمية المستدامة.
الطرق الصناعية هذه الأيام ليست جيدة. فهي تحتاج الى رؤوس أموال كبيرة جداً. وهي تهدر موارد كثيرة جداً. وتسبب تلوثاً كبيراً جداً. وتعطل نظماً كثيرة جداً لدعم الحياة. ويقدر أن تكون التدفقات المادية التي تولدها البشرية حالياً مماثلة للتدفقات الجيولوجية. الصناعة الواسعة النطاق تسبب اضطراباً واسع النطاق، بيئياً واجتماعياً على حد سواء.
نحن بحاجة إلى تكنولوجيات جديدة، وأيضاً إلى علم اقتصاد جديد. علينا أن نخلق أماكن عمل ووظائف بواحد في المئة من كلفة الوظائف التي نخلقها حالياً في اقتصادنا المعولم. ونحن بحاجة إلى زيادة إنتاجية استخدام الموارد المادية عشرة أضعاف على الأقل. ومما لا جدل فيه أن التصنيع المستدام يجب أن يكون أكثر لامركزية وكفاءة واستجابة مما هو اليوم. ويجب أن يكون مبنياً على فهم أفضل لتسعير الموارد، والحسابات البيئية، ومستويات الإنتاج، ونظم التمويل، والعوامل الكثيرة الأخرى المطلوبة لتحقيق تغيير جذري.
وفق التقاليد العظيمة للحضارة البشرية، الغرض من الحياة هو العيش بوئام بعضنا مع بعض ومع بقية الخلق، حيث الجنس البشري والطبيعة يدعم أحدهما الآخر في دوائر متنامية من الصحة والرفاهية والوفاء المتبادل. ولإعادة توجيه اقتصاداتنا وسياساتنا نحو هذا الغرض، نحتاج إلى تغييرات أساسية جداً في مجتمعاتنا. وهذا يحتاج إلى عقليات جديدة تتطلب تحولاً أساسياً في كل واحد منا.
الحركة البيئية اليوم في طليعة الكفاح لإعادة تصميم أنماطنا الاستهلاكية ونظمنا الإنتاجية. لكن هذا لا يكفي. الريادة يجب أن تكون لأولئك المتأثرين من مفعول أنماطنا الحياتية على الجنس البشري. واجبنا أن نجمع هذه الرؤى، من الحكمة التقليدية الأصلية إلى الإنسانية العصرية القائمة على العلم، وندخلها في المعادلة.