الدعم غير المتوازن لأسعار الماء والطاقة والغذاء في المنطقة العربية يشجع على أنماط استهلاكية تتسم بالتبذير والهدر، ولا يساعد بالضرورة على تخفيف العبء عن الفقراء، إذ يذهب نحو 90 في المئة من أموال الدعم إلى الأغنياء. لكن هناك اتجاهاً واضحاً إلى تغيير هذا النمط، بحيث بدأت ست دول عربية تطبيق إجراءات إصلاحية لنظام دعم الأسعار. هذا ما ركز عليه تقرير «الاستهلاك المستدام» للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، الذي تم إطلاقه ومناقشته في المؤتمر السنوي للمنتدى في بيروت من 16 إلى 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. وأكد التقرير أن كل برامج رعاية البيئة لن تجدي ما لم تترافق مع تبديل جذري في العادات الاستهلاكية.
عقد المؤتمر في فندق فينيسيا في بيروت، بمشاركة نحو 600 مندوب من 48 دولة، مثلوا 180 مؤسسة من القطاعين العام والخاص والمنظمات الإقليمية والدولية ومراكز الأبحاث والجامعات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام. كما شارك فيه نحو 40 طالباً جامعياً من 12 بلداً عربياً، في إطار مبادرة «قادة المستقبل البيئيين» التي يرعاها المنتدى العربي للبيئة والتنمية. وكانت هيئة البيئة في أبوظبي الشريك الرسمي في مؤتمر «أفد».
يشير تقرير «الاستهلاك المستدام»، وهو الثامن في سلسلة «البيئة العربية» التي يصدرها «أفد»، إلى أن قبول المستهلكين بالتغيير يبقى شرطاً أساسياً لوضع سياسات الاستهلاك المستدام موضع التنفيذ. فإذا خفف المواطن العربي، مثلاً، معدل استهلاك اللحوم الحمراء 25 في المئة، من 17 كيلوغراماً للفرد في السنة حالياً، يمكن توفير 27 بليون متر مكعب من المياه، على اعتبار أن انتاج كيلوغرام واحد من اللحم يتطلب 16 متراً مكعباً من المياه.
ومن أهم استنتاجات التقرير أن الحل ليس دائماً في تخفيف كمية الاستهلاك، بل في التحوّل إلى أصناف أخرى أقل ضرراً بالبيئة والصحة، من اللحم إلى السمك والحبوب والخضار مثلاً، أو من الكهرباء المنتجة من النفط والفحم إلى طاقة الشمس والرياح. وقد أيد استنتاجات «أفد» تقرير حديث صدر عن منظمة الصحة العالمية وفيه أن استهلاك كميات كبيرة من اللحم الأحمر واللحوم المصنّعة قد يزيد الاصابة بالسرطان بنسبة 18 في المئة.
وعُرضت في المؤتمر نتائج استطلاع الرأي العام العربي الذي أجراه «أفد» من أجل معرفة مدى استعداد الناس لتبديل عاداتهم الاستهلاكية، وقد استقطب 31 ألف مشارك من 22 بلداً عربياً. ووجد الاستطلاع أن الجمهور العربي على استعداد لكي يدفـع أكثر لقاء الكهرباء والوقود والماء، ولتغيير عاداته الاستهلاكية، اذا كان هذا يساهم في رعاية الموارد وحماية البيئة، على أن يتم تعويض ذلك بمنافع اجتماعية أكبر، مثل التعليم والضمان الصحي ونظم تقاعد مناسبة. (يمكن الاطلاع على نتائج الاستطلاع من موقع «أفد» www.afedonline.org)
وتم عرض فيلم أنتجه «أفد» بعنوان «استهلاك المستقبل».
واقتصرت وجبات الغداء خلال المؤتمر على أطباق صحية من النظام الغذائي لحوض البحر المتوسط والمنتجات المحلية والعضوية، انسجاماً مع مضمون تقرير «الاستهلاك المستدام». واستعيض عن عبوات المياه البلاستيكية بعبوات زجاجية يمكن إعادة تعبئتها.
بدران: ستبقى بيروت
افتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية من رئيس مجلس أمناء «أفد» الدكتور عدنان بدران الذي قـال: «يصدر تقرير الاستهلاك المستدام في وقت لا تزال بعض البلدان العربية الأعلى عالمياً في استهلاك الطاقة والمياه، وكفاءة الري سلبية إذ يذهب أكثر من نصف المياه هدراً»، منوهاً ببعض المبادرات العربية لتعزيز الكفاءة والاستثمار في الطاقة المتجددة. وعن عـودة المؤتمر السنوي للمنتدى إلى بيروت بعد سنتين، قـال بدران: «ستبقى بيروت مدينة حية ترفض التقاعس والشرنقة. فلبنان حيّ بديناميكية وريادة وإبداعات شعبه، وقد علمتنا بيروت وعلمنا لبنان عشق الحياة والحريات والعمـل الدؤوب مهمـا بلغت الخلافـات بين قياداته السياسية».
صعب: الإصلاح البيئي
قدم نجيب صعب الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية، تقرير أعمـال المنتدى لسنة 2015. فأكد أن المنتدى «يستمر في السعي لجعل البيئة وإدارة الموارد جزءاً أساسياً في خيارات البقاء العربية، لأنه رغم كل الحروب والنزاعات لن يستطيع سكان المنطقة الهرب من واجب الحفاظ على الرأسمال الطبيعي وتنميته لضمان استمرار الحياة نفسها». وأوضح أنه «في حين منعت الأوضـاع السائدة في المنطقة تحقيق بعض البرامج بالكامل لسنة 2015، تم تجاوز الأهداف المحددة لبرامج أخرى». وعـدّد أعمال «أفد» في مجـال تطوير السياسات والاقتصاد الأخضر والتربية والتوعية البيئية، مركزاً على دور «أفد» في الاصلاحات التي بدأتها ست دول عربية لسياسات دعم أسعار الطاقة والمياه «التي تؤدي إلى هدر كبير في الموارد». (تقرير أعمال «أفد» لسنة 2015 في الصفحة 30)
غانم: برامج البنك الدولي
ألقى الدكتور حـافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كلمة رئيسية ركز فيها على التمويل الأخضر، ووجهة نظر البنك الدولي بشأن كيفية مساعدة المنطقـة في التغلب على الصعوبات التي تواجههـا. ولفت إلى أن عمل البنك الدولي في لبنان تأثر في الفترة الأخيرة بعدم قدرة البرلمان على إقـرار المشاريع والقروض. لكن هـذا العمل سيستأنف بعـد موافقة البرلمان مؤخراً على ثلاثـة مشاريع، وثمة دراسات لمشاريع مستقبلية.
وأوضح غانم أن البنك الدولي يعتمد مؤشرات للإجهاد البيئي في المنطقة، محذراً من أن البلدان العربية تبدد رأسمالها الطبيعي الذي تعتمد عليه اقتصاداتها، بما في ذلك الغابات والنفـط والهواء النظيف والمياه العذبة. وأكد على العلاقة الوثيقـة بين التدهور البيئي وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، منوهاً بالمنتدى العربي للبيئة والتنمية «الذي يخلق اندفاعة في المنطقـة العربية نحو مستقبل أكثر استدامة، بتحويل التحديات البيئية إلى فرص»، مضيفاً: «الرعايـة البيئيـة الجيدة هي تنميـة جيدة».
وناقشت جلسات المؤتمر على امتداد يومين القضايا التي تناولها تقرير «أفد» حول الاستهلاك المستدام ومساهمته في إدارة أفضل للموارد في البلدان العربية، إضافة إلى مبادرات وبرامج في هذا الإطار تنفذ في المنطقة العربية. ومن المواضيع الرئيسية التي تمت مناقشتها أنماط استهلاك الماء والغذاء وكيف تؤثر على البيئة، برامج الغذاء المستدام وخصوصاً النظام الغذائي لحوض البحر المتوسط، الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتأثيرهما في إدارة الاستهلاك، إصلاح سياسات دعم الأسعار، مكافحة تغير المناخ من خلال تغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج، التمويل الأخضر، مشاريع مبتكرة شبابية لنمط حياة مستدام. وقد تضمنت كل جلسة عروضاً من خبراء ومسؤولين واختتمت بنقاش مع الحضور.
وبعد المناقشات وأخذ آراء المشاركين، أصدر المؤتمر مجموعة توصيات لمساعدة البلدان العربية في التحول إلى أنماط مستدامة للاستهلاك والإنتاج، وفق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بكل بلد. ومن أهم هذه التوصيات الدعوة إلى سياسات تدعم أنماط الاستهلاك والإنتاج الأكثر استدامة، وفرض ضرائب على الممارسات غير المستدامة بدل فرضها على الإنتاج، واعتماد مبدأ «الملوث يدفع» بما يعكس الكلفة الحقيقية للموارد الطبيعية، وإدخال مفهوم الاستدامة وحسابات الموارد في النظام التعليمي.
كما أوصى المؤتمر بتخصيص ميزانيات للبحث العلمي والتطوير لا تقل عن 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، خاصة في تكنولوجيات تحلية المياه والطاقة المتجددة ومعالجة مياه الصرف الصحي ومعدات الري الموفرة للمياه ومكونات البناء الأخضر. ■
كادر
من الهيئات المشاركة في المؤتمر
المعهدالدوليلبحوثالسياساتالغذائية(IFPRI)في واشنطن، البنك الدولي، شبكة البصمة العالمية (GFN)، منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، هيئة البيئة – أبوظبي، المركز الدولي المتوسطي للدراسات الزراعية المتقدمة(CIHEAM)، معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، المعهد العالي لدراسات التنمية في جنيف، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، برنامج الغذاء العالمي، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، مركز الأنشطة الإقليمي للإنتاج والاستهلاك المستدامين (SCP/RAC)،جامعةالدولالعربية،خطةالبحرالمتوسط (UNEP/MAP)، البنك الإسلامي للتنمية، الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، مجلس الشورى السعودي، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، المركز اللبناني لحفظ الطاقة، برنامج النمو المستدام في سيداري، بنك البحر المتوسط، البنك المغربي للتجارة الخارجية لأفريقيا، شركة الكازار للطاقة، المعهد العالي للعلوم الفلاحية في تونس، الجامعة الأميركية في بيروت، جامعة الخليج العربي، جامعة الروح القدس ـ الكسليك، الجامعة الأميركية في الشارقة، جامعة بيروت العربية، جامعة البتراء، الجامعة الأردنية، الجامعة اللبنانية، الشبكة العربية للبيئة والتنمية(رائد).
إعلان قادة المستقبل البيئيين في مؤتمر «أفد» 2015
نريد قوانين وأسساً متينة
لاستهلاك وإنتاج مستدامين
كانت للشباب مشاركة مميزة في المؤتمر الثامن للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، وبشكل خاص طلاب من 14 جامعة عربية شاركوا في إطار مبادرة «قادة المستقبل البيئيين» التي يرعاها المنتدى. وهم عقدوا جلسات خاصة ناقشوا خلالها المواضيع المطروحة في تقرير «أفد» حول الاستهلاك المستدام. وقدموا توصيات إلى الجلسة الختامية في ستة مجالات:
المياه: مجد اللوزي (الجامعة الأردنية)، ناي نصير، ناي كرم، سارة شهاب، أرين كازاريان، أنطوني رعشيني (الجامعة الأميركية في بيروت)، سارة قاسم (جامعة الخليج العربي).
الطاقة: هالة جباري، أحمد دهموس، لوما سكرية (جامعة البترا)، رواد نصر، لوري كنترجيان (الجامعة الأميركية في بيروت)، كريستين عبدالنور (جامعة الروح القدس ـ الكسليك).
الغذاء: فرح أبي مصلح، ناديا ابراهيم (الجامعة الأميركية في بيروت)، آية مرواني، فريدريك مراد، محاسن وتار، محمد ابراهيم (الجامعة اللبنانية الأميركية)، كارين بوغوص (جامعة الروح القدس ـ الكسليك).
دعم الأسعار: جنى أبوشقرا، زينة الهرت، مروان المصري، محمد جوني (جامعة بيروت العربية).
السياسات: أنس جوهر (جامعة البترا)، تمارا الأتاسي (الجامعة الأميركية في الشارقة)، نورا العنيزي، منال صادق، فاديا تشتوش، إيمان منصوري (جامعة الخليج العربي).
وسائل الإعلام: كورين شلفون، هادي فولادكار، حوراء فلا، سارة شحادة (الجامعة اللبنانية).
وتلت منسقة المجموعة الطلابية ميشيل معوض، من الجامعة الأميركية في بيروت، إعلان «قادة المستقبل البيئيين» حول الاستهلاك المستدام الذي أعده الطلاب الجامعيون خلال اجتماعاتهم، وهنا نصه:
ليس من السهل أن نعيش في العالم العربي. فنحن نكافح باستمرار من أجل الحصول على الموارد المتجددة. والإدارة السليمة لهذه الموارد تشكل تحدياً لا نهاية له. نحن، كبلدان عربية، أغنياء في الطاقة ـ على الأقل بعض منا ـ ولكننا نعاني من شح في المياه ونقص في الإنتاج الزراعي. بالإضافة إلى هذه التحديات، نحن من أكثر المناطق عرضة اقتصادياً وبيئياً للتغير المناخي. وعلينا أن نواجه الزيادة السكانية ونمو المدن السريع. في العام 2010، بلغ عدد سكان الدول العربية 352 مليون نسمة، 56 في المئة منهم يعيشون في المدن. وبحلول 2050، يتوقع أن يبلغ عددهم نحو 646 مليون نسمة، 68 في المئة منهم في المدن.
علينا التأقلم مع التحولات في أنماط الحياة ومستوى المعيشة. فوفق استطلاع المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) عام 2015 حول أنماط الاستهلاك في المنطقة العربية، سجلت في قطر أدنى نسبة من الأفراد الذين يشترون الأجهزة الكهربائية على أساس الكفاءة (9%)، في حين سجلت أعلى المعدلات في تونس (57%) والأردن (56%). وكانت أعلى نسبة للأفراد الذين يختارون سيارة بناءً على كفاءة الوقود في الأردن (72%)، وأدناها في قطر (16%)، والسعودية (17%). وهذا دليل على أهمية القوانين وأنظمة التسعير في تعديل الأنماط الاستهلاكية.
يجب على حكومات الدول العربية جميعها، ومؤسسات المجتمع المدني، أن تعمل على تشجيع الاستهلاك والإنتاج المستدامين. وينبغي إيجاد التوازن بين الموارد غير المتجددة والموارد المتجددة. لدينا الشمس كمصدر للطاقة، دعونا لا نضيعها. يجب تخفيض هدر الطعام خلال مراحل الإنتاج والتوزيع، وبعد وصوله إلى المستهلك. وينبغي استخدام المياه بوعي كامل، لأنها نادرة في بلداننا ولها دور أساسي في إنتاج الطاقة والإنتاج الغذائي. تتطلب هذه الخطوات قوانين صارمة من حكوماتنا. لذلك نحثها على التوصل إلى قوانين واضحة وأسس متينة للاستهلاك والإنتاج المستدامين.
تطبيق مفهوم الاستهلاك والإنتاج المستدامين لا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها. إنه نهج جديد، ثقافة جديدة، ويحتاج الى سياسات جديدة. لكل دولة عربية ظروف اجتماعية واقتصادية، يتعين على أساسها تحديد أولويات العمل والظروف المؤاتية اللازمة لتسهيل الانتقال.
إن الشباب العربي في منتدى قادة المستقبل البيئيين (FELF) يؤيد النتائج والتوصيات المذكورة في تقرير «أفد» من أجل تعزيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، ويوصي بالتعاون والتكامل العربيين نحو مستقبل مستدام.
نتحدث اليـوم عن تـرك أرض أفضل للأجيال القادمة. فلماذا لا نترك، من خلال التربية والتعليم، أجيالاً أفضل لأرضنا؟ إن لم نستطع أن نتعلَّم ونعلِّم احترام أرضنا ومواردنا، فسوف نخسرها. ■
توصيات المؤتمر الثامن للمنتدى العربي للبيئة والتنمية
الاستثمار الأخضر ورفع الدعم تدريجياً مع حوافز وخدمات
ناقشت جلسات مؤتمر «أفد» السنوي الثامن مضمون تقرير «الاستهلاك المستدام». وبعد أخذ آراء المشاركين، أصدر المؤتمر مجموعة توصيات لمساعدة البلدان العربية في التحول إلى استهلاك وإنتاج مستدامين وفق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بكل بلد
أقرّ مؤتمر «أفد» الثامن ما توصل إليه تقرير «أفد» لسنة 2015 من أن اعتماد أنماط ملائمة للاستهلاك شرط لتحقيق الإدارة الرشيدة للموارد بما يساهم في دعم مسار التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. وأخذ في الاعتبار الاستراتيجية العربية للاستهلاك والإنتاج المستدامين، التي صدرت عن مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة. وأكد على العلاقة المترابطة بين الطاقة والمياه والغذاء، خاصة مع تعاظم تأثيرات تغير المناخ. ولما كانت زيادة الإنتاج تستنزف الموارد ولا تؤدي وحدها إلى ضمان حصول جميع الناس على حصة عادلة منها، فلا بد من تعديل أنماط الاستهلاك وتعزيز الكفاءة، لأن هذا أقل كلفة على الاقتصاد والبيئة معاً. كما أيد المؤتمر الدعوة إلى تحسين كفاءة الطاقة وترشيد استخدامها وتعميم مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وتحسين كفاءة استهلاك المياه، وتعديل العادات الغذائية بالتحول إلى بدائل أقل استهلاكاً للمياه وأفضل للصحة، كالتخفيف من تناول اللحوم الحمراء وزيادة استهلاك البقول والخضار والسمك والدجاج.
وإذ رأى المؤتمر أن الدعم غير المتوازن لأسعار الماء والطاقة والغذاء يشجع على أنماط استهلاكية تتسم بالتبذير والهدر، أشاد باتجاه بعض البلدان العربية إلى تغيير هذا النمط، بحيث بدأت ست منها تطبيق إجراءات إصلاحية لنظام دعم الأسعار بما يحقق ترشيد الاستهلاك. ونوه المؤتمر بالدور الذي لعبه «أفد» في هذا التحول، خصوصاً في تقاريره حول المياه والطاقة والأمن الغذائي والاقتصاد الأخضر، التي وضعت في أولويات توصياتها الاستبدال التدريجي للدعم بخدمات وتقديمات اجتماعية ملائمة.
يتطلب تغيير الأنماط الاستهلاكية جهوداً حثيثة في التربية والتوعية، تترافق مع حزمة من السياسات الحكومية واستراتيجيات قطاع الأعمال ومبادرات المجتمع المدني والأكاديمي ووسائل الإعلام. غير أن قبول المستهلكين يبقى الأساس لوضع السياسات موضع التنفيذ. وقد أظهر استطلاع «أفد» للرأي العام في 22 بلداً عربياً أن الجمهور مستعد لقبول تعديلات جذرية في عاداته بما يؤدي إلى ترشيد الاستهلاك وينعكس إيجاباً على تخفيض الطلب على الطاقة والمياه وتعديل أنماط التغذية، شرط توفير الحوافز والبدائل.
وجد الاستطلاع، الذي استقطب 31 ألف مشارك، أن الجمهور العربي على استعداد لكي يدفع أكثر لقاء الكهرباء والوقود والماء ولتغيير عاداته الاستهلاكية، اذا كان هذا يساهم في رعاية الموارد وحماية البيئة. وعبّرت أكثرية تجاوزت 80 في المئة عن قبولها بتغيير في العادات الغذائية وأصناف الطعام، شرط توفير الأصناف البديلة بكميات كافية وأسعار مناسبة. كما أظهر الاستطلاع اهتماماً متزايداً بكفاءة الطاقة، إذ قال أكثر من النصف إن مستوى استهلاك الكهرباء والوقود هو الشرط الأساسي الذي يحكم اختيارهم للأجهزة المنزلية أو للسيارة. واللافت أن 82 في المئة وجدوا أن الحكومات لا تعمل ما فيه الكفاية لمعالجة المشاكل البيئية، ووصلت النسبة إلى 99 في المئة في بلدين. ووجد 72 في المئة أن وضع البيئة في بلدانهم تدهور خلال السنين العشر الأخيرة.
أوصى المؤتمر بمجموعة من الاجراءات التي تساعد البلدان العربية على التحوّل إلى الاستهلاك والإنتاج المستدامين، وفق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بكل بلد:
1. الحوكمة الرشيدة: نظام حوكمة يعزز الشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية، من أجل دعم أنماط الاستهلاك والإنتاج الأكثر استدامة والتحول الى اقتصاد أخضر، مع ضمان توزيع منصف وعادل للثروة وإشراك المرأة والشباب ومختلف شرائح المجتمع في عملية صنع القرار.
2. السياسات التكاملية: اعتماد سياسات إنمائية متكاملة، تدمج الاستهلاك والإنتاج المستدامين وتخضير الاقتصاد كعناصر أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في القطاعات الاقتصادية كافة.
3. الإطار التنظيمي: قوانين وأنظمة تدعم وتشجع الانتقال إلى أنماط استهلاك وإنتاج أكثر استدامة، مثل مواصفات البناء (CODES)، والترخيص للمنتجات الزراعية المستدامة (CERTIFICATION)، وإلصاق التصنيف البيئي وكفاءة الطاقة والمياه على الأدوات المنزلية والصناعية ووسائل النقل (LABELING).
4. الحوافز: الاستبدال التدريجي للدعم بخدمات وتقديمات اجتماعية أفضل، لكي تعكس الأسعار الكلفة الحقيقية للموارد، خاصة الطاقة والمياه. وضع حوافز اقتصادية تشجع على التحول إلى أنماط استهلاك وإنتاج أكثر استدامة، وإصلاح النظام المالي والضريبي لتحقيق هذا الهدف، مثل فرض ضرائب على الممارسات غير المستدامة بدل فرضها على الإنتاج، واعتماد مبدأ «الملوث يدفع»، بما يعكس الكلفة الحقيقية للموارد الطبيعية.
5. الموارد البشرية: الاستثمار في تنمية الموارد البشرية لإحداث تحوُّل نوعي نحو أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة، من خلال نظام تعليمي يدمج اعتبارات الاستدامة في جميع التخصصات وينتج عنه خلق محترفين مختصين في مختلف المجالات، بما يدعم الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة يستخدم الموارد على نحو متعقّل وكفوء.
6. التمويل: توجيه مزيد من الموارد المالية نحو خطط وبرامج ونشاطات تنموية مستدامة، على أن تشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويجب استعمال أدوات التمويل لتحفيز الطلب المحلي والاستثمارات والممارسات التي تعزز الاستهلاك والإنتاج المستدامين، بما في ذلك الطاقة المتجددة والمحاصيل الزراعية المستدامة والسلع والمنتجات ووسائل النقل بما في ذلك النقل العام والسيارات الصديقة للبيئة.
7. الأبحاث والتطوير: تخصيص ميزانيات للبحث العلمي والتطوير لا تقل عن 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والتوجه إلى تطوير تكنولوجيات مبتكرة، خاصة في مجالات تحلية المياه والطاقة المتجددة ومعالجة مياه الصرف الصحي والمدخلات الزراعية ومعدات الري الموفرة للمياه ومكونات البناء الأخضر وغيرها من التقنيات.
8. المشتريات الحكومية الخضراء: توجيه الإنفاق على المشتريات الحكومية لتحفيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، بإعطاء أفضلية للمنتجات والخدمات الصديقة للبيئة اللازمة للدوائر الحكومية والمدارس والمستشفيات ومختلف ادارات الدولة الأخرى، ونظم النقل والبنية التحتية العامة ومواد البناء والمعدات واللوازم المكتبية وسواها.
9. التوعية ونشر المعلومات: استخدام جميع وسائل الإعلام والإعلان والنشر والتوعية والاتصال الاجتماعي لتعميم الفوائد الناجمة عن أنماط الاستهلاك المستدام، وذلك لإيصال المعلومات الصحيحة إلى مختلف شرائح الشعب بمن فيهم صانعو القرار، والقطاع الخاص، وعامة الناس، ودفع الجمهور إلى اتخاذ القرارات الاستهلاكية الصائبة. ■
جلسات مؤتمر «أفد»
ناقشت جلسات المؤتمر القضايا التي تناولها تقرير «أفد» حول الاستهلاك المستدام، إضافة إلى مبادرات وبرامج تنفذ في المنطقة العربية. تضمنت كل جلسة عروضاً من خبراء ومسؤولين، واختتمت بنقاش مع الحضور. هنا عرض لجلسات المؤتمر
الاستهلاك المستدام والرأي العام العربي
النتائج الرئيسية لتقرير «أفد» حول الاستهلاك المستدام واستطلاع «أفد» للرأي العام العربي قدمها الدكتور ابراهيم عبدالجليل، المحرر المشارك للتقرير والأستاذ في جامعة الخليج العربي. وتلت ذلك جلسة رفيعة المستوى لمناقشة التقرير، شارك فيها الدكتور طاهر الشخشير وزير البيئة الأردني، والدكتور جعفر عبدالـله وزير الدولة للثروة الحيوانية في السودان، ومحمد المشنوق وزير البيئة في لبنان، والدكتور عماد عدلي المنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد) ممثلاً المجتمع المدني. وأدار النقاش أمين عام «أفد» نجيب صعب.
أشار الدكتور ابراهيم عبدالجليل إلى تركيز تقرير «أفد» على أن المنطقة العربية غنية بمصادر الطاقة لكنها تعاني شحاً مائياً ونقصاً غذائياً، وهي من أكثر مناطق العالم عرضة لتأثيرات تغير المناخ اقتصادياً وبيئياً. وهذا يستدعي تطبيق مقاربة التلازم (nexus) في إدارة الموارد الحيوية الثلاثة وهي الطاقة والمياه والغذاء.
ولفت التقرير إلى أن المنطقة العربية هي أحد أكبر مراكز الطلب على الطاقة في العالم، مع تفاوت بين البلدان. فنصيب الفرد من استهلاك الطاقة هو الأعلى في قطر حيث يساوي 20 مرة المتوسط العالمي، ويستهلك المواطن الكويتي ما قد تستهلكه 13 أسرة سودانية يتألف كل منها من خمسة أشخاص. والمنطقة العربية من أكثر مناطق العالم إجهاداً مائياً، لكن مستوى استهلاك الفرد في بعض بلدانها، خصوصاً بلدان الخليج، هو من أعلى المعدلات العالمية. ويبلغ معدل السعر المفروض على المياه نحو 35 في المئة من كلفة الإنتاج، وفي حالة المياه المحلاة يبلغ 10 في المئة فقط.
وتشهد المنطقة ابتعاداً عن النظام الغذائي التقليدي الأكثر موسمية وتنوعـاً، الغني بالحبوب الكاملة والفواكه والخضر، إلى نظام غذائي غربي غني بالحبوب المكررة والبروتين الحيواني والشحوم والسكر والملح. وقد حصلت زيادة كبيرة في انتشار البدانة والأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي مثل السكري وأمراض القلب والشرايين والسرطان.
ونبّه تقرير «أفد» إلى أن دعم الأسعار في المنطقة العربية لا يعزز إلا السلوك الاستهلاكي المبذر، ولا يساعد في التخفيف من العبء الذي يتحملـه الفقراء، فـأكثر من 90 في المئة من الدعم العام يذهب إلى الأغنياء. وأشار إلى أن وضع سياسات تسعير مناسبة يمكن أن ينقل إلى المستهلكين القيمة الحقيقية للمياه والطاقة ويدفعهم إلى كفاءة الاستخدام، منوهـاً بـأن ست دول عربيـة بدأت تطبيق إجراءات إصلاحية لنظـام دعم الأسعار.
وركز التقرير على أن الحـل ليس دائماً في تخفيف كمية الاستهلاك، بل في التحول إلى أصناف أخرى أقل ضرراً بالبيئة والصحة، من اللحم الأحمر إلى السمك والحبوب والخضـار مثلاً، أو من الكهرباء المنتجة من النفط والفحم إلى طاقة الشمس والرياح.
أما استطلاع الرأي العام العربي الذي أجراه «أفد» من أجل معرفة مدى استعداد الناس لتبديل عاداتهم الاستهلاكية واستقطب 31 ألف مشارك من 22 بلداً عربياً، فقد وجد أن الجمهور العربي على استعداد لكي يدفع أكثر لقاء الكهرباء والوقود والماء، ولتغيير عاداته الاستهلاكية، اذا كان هذا يساهم في رعاية الموارد وحماية البيئة. وعبرت أكثرية تجاوزت 80 في المئة عن قبولها بتغيير في العادات الغذائية وأصناف الطعام، مثل استبدال اللحم الأحمر بالدجاج والسمك، وزيادة استهلاك الخضار والفاكهة والبقول، التي هي أفضل للبيئة والصحة معاً، شرط توفير الأصناف البديلة بكميات كافية وأسعار مناسبة. وأظهر الاستطلاع اهتماماً متزايداً بكفاءة الطاقة، إذ قال أكثر من نصف المشاركين إن مستوى استهلاك الكهرباء والوقود هو الشرط الأساسي الذي يحكم اختيارهم للأجهزة المنزلية أو للسيارة. واللافت أن غالبية كبيرة وصلت الى 99 في المئة في بعض البلدان تعتقد أن الحكومات لا تعمل ما فيه الكفاية لمعالجة المشاكل البيئية، وأن وضع البيئة في بلدانها تدهور خلال السنين العشر الأخيرة. (التقرير ونتائج الاستطلاع على موقع «أفد» ( www.afedonline.org)
بعد عرض نتائج التقرير والاستطلاع، تحدث الوزير الدكتور طاهر الشخشير، فأكد على ضرورة إعادة النظر في سياسات الدعم، ووضع خطة عمل لكل بلد تتعلق بالزيادة السكانية والاستهلاك، مع رفع الوعي في المدارس والجامعات بشكل خاص لتشجيع ممارسات الاستهلاك المستدامة. وأشار إلى أن الأردن بدأ استراتيجية للاستهلاك المستدام لسنة 2025، ويطرح مشاريع استثمارية للقطاع الخاص في معالجة النفايات وتوليد الطاقة البديلة، ويتم توجيه المستهلكين إلى شراء المصابيح والأجهزة الكهربائية المقتصدة بالطاقة والسيارات الكهربائية.
وشدد الوزير جعفر عبدالـله على أهمية إيجاد آلية لتنفيذ توصيات تقرير «أفد»، مع توجيهات عملية لكي تأخذ بها الحكومات وتعمل على تنفيذها. وأكد وجوب سن قوانين وتشريعات في البلدان العربية لتنظيم استهلاك الطاقة والمياه، ورفع الدعم عنهما تدريجياً، واستخدام المردود لتعزيز معيشة الطبقات الفقيرة. ولفت إلى أن السودان يملك 150 مليون رأس من الماشية والأغنام، ولا يعـاني من نقص في المياه، وهذا يقلل من الاهتمام بالدواجن والأسماك.
ودعا الوزير محمد المشنوق للعودة إلى أنماط الغذاء التقليدية الأسلم صحياً وبيئياً، خصوصاً أن البلدان العربية تستورد معظم حاجاتها الغذائية من الخارج وباتت الأنظمة الغذائية الغربية غير الصحية هي السائدة.
ورأى عماد عدلي أن وضع النفايات أليم في المنطقة العربيـة، داعيـاً إلى العـمل على تغيير العـادات الاستهلاكيـة وفـق «مثلث» يضم تعزيز الوعـي والسلوكيـات السليمة في جميع القطاعات، وتوفير البيئة المساعدة من خلال سن التشريعـات وتقديم الحوافز، وتحديد بدائل خصوصـاً في مجالات الطاقـة والميـاه والزراعـة. أمـا قاعـدة هـذا المثلث فهي تنسيق العمـل بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
أنماط استهلاك الغذاء والماء وتأثيراتها على البيئة
الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية لاستهلاك الماء والغذاء كانت موضوع جلسة أدارها الدكتور عبدالكريم صادق، كبير الاقتصاديين في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. وهو لفت إلى محدودية الأراضي الزراعية والموارد المائية في المنطقة العربية، وتعرضها الكبير لتأثيرات تغير المناخ، ما يعقد عملية إنتاج الغذاء. والمستقبل ينذر بصعوبات أكبر للمنطقة التي تستورد حالياً نحو 60 في المئة من حاجتها إلى الحبوب. ودعا البلدان العربية إلى حشد الموارد المالية لتنفيذ المشاريع المائية وتحسين إنتاجية المياه، خصوصاً كفاءة الري التي لا تتجاوز حالياً 50 في المئة، وبزيادتها إلى 70 في المئة يمكن توفير نحو 50 بليون متر مكعب من المياه سنوياً.
وأشار الدكتور وليد الزباري، منسق برنامج إدارة الموارد المائية في جامعة الخليج العربي في البحرين، إلى أن البلدان العربية انفقت بلايين الدولارات على البنى التحتية لإمداد المياه، من دون إيلاء اهتمام كاف لكفاءة إيصالها واستخدامها. وكفاءة المياه منخفضة عرضاً وطلباً في القطاعات الزراعية والبلدية والصناعية. وبسبب الدعم الكبير للمياه، بات لدى المواطن الخليجي بشكل خاص اعتقاد بوجود وفرة مائية وليس ندرة، ما يؤدي إلى الاسراف في استخدامها في القطاعات الزراعية والبلدية والصناعية. ويهدر نحو 50 في المئة من المياه قبل أن تصل إلى المستهلك. ولتعزيز الأمن المائي، يتحتم على البلدان العربية أن تزيد كفاءة المياه بتخفيض الاستخدام المسرف في جميع القطاعات وتحقيق الإنتاجية القصوى لكل متر مكعب يتم استهلاكه. واعتبر الزباري أن حملات التوعية لا تكفي، بل يجب أن تكون هناك تشريعات وقوانين تضمن الاقتصاد بالمياه.
ورأت الدكتورة نهلا حولاّ، عميدة كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، أن النظام الغذائي الأفضل لصحة كوكبنا هو غالباً النظام الأفضل لصحتنا. ولفتت إلى أن أنماط استهلاك الغذاء الحالية في البلدان العربية غير مستدامة، ولها تأثيرات ضارة على صحة الإنسان فضلاً عن عواقب بيئية، مما زاد حال انعدام الأمن الغذائي والتغذوي. ويمكن تخفيف هذا العبء، من خلال تحويل أنماط الاستهلاك إلى نظم غذائية مستدامة معقولة الكلفة وتوفر تغذية محسنة بأدنى تأثيرات بيئية واجتماعية. على سبيل المثال، من خلال تخفيض استهلاك اللحم الأحمر إلى أقل من 100 غرام في الأسبوع للفرد، يستطيع سكان البلدان العربية التمتع بطعام مغذٍ مع تخفيض بصمتهم المائية الافتراضية بأكثر من 70 بليون متر مكعب في السنة. ودعت الى الاتحاد لدمج مبادئ الاستدامة في تعزيز إنتاج الغذاء بطريقة مراعية للبيئة وبحيث يكون الوصول إليه عادلاً ومجدياً اقتصادياً ويكون استخدامه صحياً.
الدكتور عبدالسلام ولد أحمد، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، تحدث عن الحفاظ على البيئة من خلال تغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج. وقال إن الفاو منذ تأسيسها عام 1945 تساعد البلدان الأعضاء في رفع المستوى الغذائي لسكانها، خصوصاً عن طريق زيادات مستمرة في الإنتاج الزراعي. لكن هذه الإنجازات أتت بتكاليف مرتفعة، من حيث خسارة التنوع البيولوجي واستنزاف الموارد الطبيعية مع استمرار عبء سوء التغذية والفقر. وأكد على ضرورة حصول تغيير كبير في النظم الغذائية، وهذا يتطلب تغييرات في عمليات صنع السياسة وفي السلوكيات، واستثماراً مسؤولاً يماشي العلاقة التلازمية بين الغذاء والماء والطاقة.
وعلق الدكتور جعفر أحمد عبدالـله، وزير الدولة للثروة الحيوانية في السودان، على نتائج تقرير «أفد»، مؤكداً بشكل خاص على ضرورة التعاون العربي والتنسيق لتنفيذ مشاريع مشتركة تخدم المنطقة العربية. ولفت إلى إمكانات بلاده في هذا المجال، قائلاً إن السودان غني بالمياه الجوفية والسطحية، وهو ينعم باثني عشر شهراً مشمساً تقريباً يمكن استغلالها لإنتاج طاقة متجددة مستدامة. وفيه مجلس أعلى للأمن الغذائي ولجنة تحضيرية لتنفيذ السياسات والخطط في هذا المجال. ودعا البلدان العربية الفقيرة مائياً إلى الاستفادة من هذه الموارد في مشاريع مشتركة.
الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة
خصصت جلسة للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتأثير على إدارة الاستهلاك. فتحدثت إبرو شيشكليورت، مديرة التسويق في جنرال إلكتريك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط، التي تتمتع بأضخم موارد الطاقة في العالم، أصبحت من المناطق الأكثف استهلاكاً للطاقة. ومن المهم جداً أن تنوع مصادرها باستغلال الطاقة المتجددة وأن تحسن كفاءة التوليد والاستهلاك لكي تتمكن من الحفاظ على قدرتها التنافسية الاقتصادية، نظراً لارتباط الناتج المحلي بكثافة استهلاك الطاقة. وفي هذا المجال، توفر جنرال إلكتريك مجموعة من التكنولوجيات والبرمجيات والخبرات العالمية لتلبية حاجات المنطقة إلى حلول ذكية للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وذلك في قطاعات الصناعة والنقل والسكن وغيرها. وأكدت على ضرورة وجود هيئات وطنية قوية مسؤولة عن كفاءة الطاقة ومراقبة استهلاكها، واعتماد آليات حكيمة لتسعير الطاقة من أجل التشجيع على كفاءة الاستهلاك.
مدير المركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار خوري قال إن معظم البلدان العربية وضعت أهدافاً وطنية طموحة للطاقة المتجددة، وهذا يشجع على الاستثمار في هذا المجال ويفتح أبواب فرص عمل جديدة. لكنه لفت إلى اهتمام أقل بكفاءة الطاقة، ربما لأن نتائجها «غير مرئية» مثل مشاريع الطاقة المتجددة، داعياً إلى تقوية أنظمة الكفاءة في البناء والنقل والإضاءة والأجهزة الكهربائية والمعدات الصناعية وغيرها. كما لفت إلى مشاريع إقامة محطات نووية لتوليد الطاقة في بعض البلدان العربية، وضرورة دراسة تأثير ذلك على مشاريع الطاقة المتجددة كالشمس والرياح والمياه. وقال إن الطاقة المتجددة تشكل حالياً نحو 7 في المئة من المزيج الطاقوي في لبنان، والهدف الذي أعلنته الحكومة هو رفع هذه النسبة إلى 12 في المئة بحلول سنة 2020. كما أقرت الحكومة خطة لرفع الدعم تدريجياً عن الطاقة، ولكن لا بد قبل التنفيذ من توفير الكهرباء بلا انقطاع وتحفيز ممارسات كفاءة الطاقة. وذكر أن مصرف لبنان يدعم الآلية الوطنية لتمويل مشاريع كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة (NEEREA) التي تمنح القروض بمعدلات فائدة تصل إلى الصفر، متوقعاً تركيب ما يصل إلى 300 ميغاواط بحلول سنة 2020 إذا فتح للقطاع الخاص باب إنتاج الكهرباء الشمسية وربطها بشبكة مؤسسة كهرباء لبنان.
سياسات دعم الأسعار
تأثير سياسات دعم الأسعار على أنماط الاستهلاك كان محور جلسة أدارها الدكتور ابراهيم عبدالجليل، المحرر المشارك لتقرير «أفد» حول الاستهلاك المستدام.
تحدث الدكتور محمود الدويري، وزير الزراعة السابق في الأردن، عن دعم أسعار الغذاء. فقال إن السكان في العالم العربي يعتمدون بشكل كبير على هذا الدعم، الذي يقدم لجميع القطاعات، وللأغنياء والفقراء. وقد أعطيت له مبررات مختلفة، منها حماية الفقراء بدعم الخبز، ودعم العلف لإنتاج المواشي، ودعم المياه لزيادة الإنتاج الزراعي بدلاً من الإنتاجية. وأشار إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي حالت دون إصلاح أنظمة الدعم هو تخوف الحكومات من أعمال شغب واضطرابات مدنية قد تنشأ نتيجة هذه الاصلاحات. لذا على الحكومات أن تكون شجاعة وشفافة في تنفيذ خطة الاصلاح، وتثبت أن الوفر سيكون مبلغاً معلناً يذهب لتمويل مشاريع محددة تفيد شرائح السكان الأكثر حاجة إليها. فيذهب المال الموفر من دعم العلف مثلاً إلى صغار رعاة المواشي، والمال الموفر من دعم المياه لتأمين تقنيات الري المقتصدة (كالتنقيط) والزراعات ذات المردود العالي والمحاصيل التي لا تحتاج إلى مياه كثيرة. وبحوار وتعاون مع الشرائح المختلفة، بما فيها المنظمات غير الحكومية والشباب، تدرك المجتمعات أن هذا الإصلاح يعود لمصلحتها.
الدكتور علي الطخيس، رئيس لجنة الزراعة والمياه والبيئة في مجلس الشورى السعودي، قال إن الوقت حان لإدارة الطلب على المياه، بعدما كانت إدارة العرض هي السائدة. ولفت إلى الهدر الكبير في منطقة الخليج حيث المياه شبه مجانية، ما لا يساعد على ترشيد الاستهلاك. لكن المياه العذبة تأتي من تحلية مياه البحر ومن ضخ المياه الجوفية غير المتجددة، وكلاهما مكلفان، ويجب أن يعرف المواطن الكلفة الحقيقية للمياه. وأضاف أن الطاقة أيضاً مدعومة، علماً أن صيف الخليج يدوم ثمانية أشهر والمكيفات تعمل بلا انقطاع في حرارة قد تتجاوز 50 درجة مئوية. إلا أن هذا لا يبرر الإضاءة المسرفة والتكييف المبالغ فيه واقتناء السيارات الشرهة للوقود. ولكن قبل رفع الدم عن المياه والكهرباء يجب توفيرهما 24 ساعة يومياً، وتيسير التحول من الري السطحي إلى التنقيط، وتوفير النقل العام. ونوه الطخيس بالمركز السعودي لكفاءة الطاقة الذي يعمل على إدخال إصلاحات تنظيمية وتوعية الناس. وأشار إلى أن وزارة المياه والكهرباء السعودية وزعت ملايين حقائب الترشيد وألزمت الدوائر الحكومية والمساجد والمستشفيات وغيرها باتخاذ تدابير لكفاءة الاستهلاك. وقررت الدولة إعادة النظر في تعرفة القطاعات الصناعية والتجارية وربما لاحقاً القطاع المنزلي، علماً أن السعودية تستهلك نحو 40 في المئة من نفطها حالياً.
وأشار الدكتور حمو العمراني، مستشار التكيف مع تغير المناخ في قطاع المياه بجامعة الدول العربية، إلى أن الدعم ليس ظاهرة عربية بل هو موجود في جميع البلدان تقريباً، مع اختلافات في درجة الاستفادة، لكنه عبء على موازنات الدول. ولفت إلى أن كل شيء يمكن تسعيره بسهولة إلا المياه التي يعتبرها كثيرون «حقاً إلهياً»، وهي كالصحة لا تقدر بثمن، ولكن لها كلفة. ولذلك يجب تحقيق العدالة الاجتماعية بالتوازي مع رفع الدعم عنها. واستشهد بنموذج في المغرب والأردن أثبت أنه يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية مع فرض الكلفة الحقيقية للمياه، حيث يقرر المستهلك الكمية التي يستهلكها وفق قدرته على الدفع، وحيث يختار المزارع الزراعة التي يستطيع أن يديرها. ودعا إلى ترشيد الدعم وتوجيهه، ودعم الاقتصاد بدل الاستهلاك، معتبراً أن من الأخطاء الاقتصادية دعم استهلاك مورد شحيح.في الكويت مثلاً، حيث تتم معالجة مياه الصرف، يمكن دعم المزارعين الذين يستفيدون من مياه الصرف المعالجة بالمواصفات الدولية المأمونة. وفي مثال ناجح عن رفع الدعم أن الحكومة التونسية كانت تدعم مصانع الاسمنت بنحو 200 مليون دولار سنوياً، وبعد رفع الدعم كلياً عام 2014 لم يقفل أي مصنع منها، بل هبط سعر الإسمنت مع تحرير الأسعار.
التمويل الأخضر
خصصت جلسة للتمويل الأخضر وتأثيره على أنماط الاستهلاك والإنتاج، أدارها الدكتور ستيفن ستون رئيس شعبة الاقتصاد والتجارة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة. فتحدث الدكتور حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن تمويل البنك الدولي شركات صناعية في القاهرة والاسكندرية لتطبيق ممارسات الإنتاج الأنظف. وطلبت حكومة المغرب من البنك الدولي المساهمة في تمويل أحد أضخم حقول الكهرباء الشمسية في العالم بقدرة 500 ميغاواط، كخطوة نحو تحقيق هدف المغرب إنتاج 42 في المئة من كهربائه من الطاقات المتجددة بحلول سنة 2020. واعتبر أن تخصيص البنك الدولي حالياً نحو 10 بلايين دولار للمشاريع البيئية «خطوات طفولية» لا بد من تقويتها ومضاعفتها، إذ هناك حاجة إلى استثمارات بقيمة نحو 700 بليون دولار، لافتاً إلى جدوى اعتماد السندات الخضراء. وأكد على أهمية إدارة البصمة الكربونية للبلدان العربية.
وقال الدكتور عبدالكريم صادق، كبير الاقتصاديين في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، إن كل مشروع يقلص البصمة البيئية يمكن أن يستحق التمويل، في الزراعة والصرف الصحي والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وكفاءة الري وغير ذلك، بشرط أن يتبع خطوطاً توجيهية تضمن حماية البيئة. وأوضح أن الصندوق الكويتي وصناديق عربية مانحة أخرى مثل صندوق أبوظبي تقدم التمويل بما يتفق مع حاجات الدول وأولوياتها وطلباتها، وتشجع على إعطاء أفضلية لمشاريع تتعلق بالأمن الغذائي وتوفير الطاقة للمناطق المحرومة والحد من قطع الأشجار، على أن تراعى فيها الاعتبارات البيئية.
ورأى الدكتور مازن سويد، كبير الاقتصاديين في بنك البحر المتوسط، أن على الحكومة اللبنانية تقليص دعم أسعار الكهرباء التي تراوح بين بليون وبليوني دولار سنوياً، ما يوفر أموالاً للاستثمار في البنى التحتية ويشجع على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة. وأكد الحاجة إلى حكومة قوية وذكية تضع أنظمة وهيكلية للتمويل الأخضر تجعل الاستثمار في المشاريع الصديقة للبيئة جذاباً وفي مصلحة المستثمرين. ولفت إلى أن في فرنسا مثلاً وزارة للتنمية المستدامة.
أما ماركوس فون هانيل، مدير شركة الكازار للطاقة في دبي، فأكد على الحاجة الكبيرة في المنطقة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، لكن ثمة عوامل مهمة للاستثمار وخصوصاً الاستقرار وإمكانية تقدير الأرباح وتوقع احتمالات المستقبل. وقد تأسست شركة الكازار للطاقة في أوائل 2014، وتتركز عملياتها في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، لتلبية حاجتها الملحة إلى تنويع مصادر الطاقة وأمن الطاقة ومواكبة التحول المتنامي إلى تكنولوجيات الطاقة المتجددة، خصوصاً الكهرباء الشمسية وطاقة الرياح. ويتمثل عملها في تحفيز مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصاً المتوسطة الحجم، وتطويرها وهيكلتها وحيازتها وتشغيلها. وقد أظهرت دراسة للشركة أن نقص الطاقة الحالي في المنطقة يستلزم استثمار 200 بليون دولار في الطاقة المتجددة بحلول سنة 2020. ويتزايد اهتمام الحكومات بالحد من الاعتماد على الوقود السائل والالتزام بأهداف طموحة للطاقة المتجددة وتعزيز دخول أسواقها. ويتجسد هذا الاتجاه حالياً في فرص استثمارية متزايدة في بلدان مثل الأردن ومصر وتونس. وسيكون لمشاريع الشركة، التي استطاعت خلال هذه الفترة القصيرة اجتذاب استثمارات بنحو 130 مليون دولار، أثر اجتماعي واقتصادي كبير، إذ توفر محطات الطاقة المتجددة فرص عمل جديدة، كما سيكون لها أثر بيئي مهم باعتبار أن للمنطقة أعلى بصمة كربونية في العالم.
وأشارت غزلان مصون، من البنك المغربي للتجارة الخارجية لأفريقيا، إلى عدم التشدد في تطبيق قوانين الحفاظ على البيئة في البلدان العربية، وهذا عائق أمام القروض الخضراء. وتناولت المخطط الأخضر للقطاع الزراعي ومشاريع الطاقة المتجددة الطموحة في المغرب كأمثلة ناجحة للتمويل الأخضر وتناسق الجهود بين القطاع العام والقطاع الخاص. ولفتت إلى أن القطاع الصناعي هو ثاني مستهلك للطاقة في المغرب. وقد أقام البنك شراكة مع مورّدي معدات الإنتاج المقتصدة بالطاقة. ويقوم منذ العام 2012 بتمويل المؤسسات الصناعية لتحسين كفاءة الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة وممارسة مبادئ الإنتاج الأنظف، ما رفع قدراتها على تصدير منتجاتها إلى الأسواق الدولية.
النظام الغذائي لحوض البحر المتوسط
برامج الغذاء المستدام والنظام الغذائي لحوض البحر المتوسط كانت محـور جلسة تحدث فيهـا الدكتور كوزيمو لاسيرينيولا الأمين العام للمركز الدولي المتوسطي للدراسات الزراعية المتقدمة (CIHEAM)، والدكتور حميد البلالي مسؤول الغذاء والتنمية في المركز. فأشارا إلى أن المركز ومنظمة الأغذية والزراعـة (فاو) يستخدمان النظام الغذائي المتوسطي الصحي كدراسة حالة لتقييم استدامة النظم الغذائية.
وقد أطلق المركز برنامج MED DIET 4.0 في معرض إكسبو ميلانو لتسليط الضوء على الفوائد المتعددة الوجوه للنظام الغذائي المتوسطي، فهو ليس مفيداً فقط من الناحيتين الصحية والتغذوية، بل بيئيـاً واجتماعيـاً وثقافيـاً واقتصاديـاً أيضـاً. لذلك، هناك حاجة إلى أجندة أبحاث وسياسات على نطاق متوسطي لترويج النظام الغذائي المتوسطي والمنتجات التقليدية المتوسطية.
وقدمت ورقة للدكتور أليساندرو غالي، مدير برنامج المتوسط في شبكة البصمة البيئية العالمية (GFN) نبّه فيها إلى أن السكان في كثير من بلدان حوض البحر المتوسط يبتعدون عن النظام الغذائي المتوسطي، على رغم فوائده الصحية والبيئية. فبدلاً من استهلاك الحبوب والخضار وزيت الزيتون والسمك، التي تعتبر مثالية في النظام الغذائي المتوسطي ولها بصمة بيئية منخفضة، تستهلك بلدان المنطقة مزيداً من اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان ذات البصمة البيئية المرتفعة. لذا يجب إعادة التقاليد الغذائية المتوسطية كخطوة لتحسين الصحة وتخفيض البصمة الغذائية في المنطقة.
وأشـارت الـدكتـورة لارا حنـا واكيم، عميـدة كليـة العلـوم الزراعيـة والغذائيـة في جامعـة الـروح القدس ـ الكسليك، إلى دراسة حديثة أظهرت أن النظام الغذائي المتوسطي يقـي من انكماش الدمـاغ، إذ إن الأشخـاص الذين يتبعونـه يصابـون بضمـور الدمـاغ أقـل كثيراً من الذين لا يتبعونـه.
عين على الأرض
نظمت خلال المؤتمر جلسة خاصة لعرض ومناقشة نتائج «قمة عين على الأرض» الثانية للبيانات البيئية، التي استضافتها أبوظبي من 6 إلى 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2015. وذلك بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) وهيئة البيئة ـ أبوظبي. أدار الجلسة جيرارد كاننغهام منسق «عين على الأرض» في «يونيب». وشارك فيها الدكتور أحمد عبدالرحيم من «سيداري»، وميلاني هتشينسون من «يونيب»، وهدى بترا شمالية من «أجيدي»، ومازن ملكاوي من مركز أنشطة الصحة البيئية التابع لمنظمة الصحة العالمية في عمّان، وزياد سماحة من برنامج IUCN لإدارة المناطق البحرية والساحلية في عمّان.
حملت «عين على الأرض» الثانية شعار «قرارات واعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة». وهي ركزت على احتياجات واضعي السياسات إلى البيانات البيئية، والتحديات المتعلقة بالعثور على المعلومات المطلوبة من أجل اتخاذ القرارات بناء على الأدلة العلمية والمعرفة. وشارك فيها نحو 700 من واضعي السياسات الحكومية ومندوبي الوكالات الدولية والمنظمات والقطاع الخاص والأكاديميين والمجتمع المدني.
وأعربت الوفود المشاركة في القمة عن التزامها بتنفيذ عدد من الآليات والتوصيات والإجراءات العملية بشأن توفير البيانات البيئية النوعية، وكيفية الاستفادة منها في مجالات التنمية المستدامة، وبنـاء قدرات البلدان لدمج تلك البيانات ضمن إجراءاتها لصنع القرار.
وتم الاتفاق في أبوظبي على أن يؤسس تحالف «عين على الأرض» ائتلافاً عالمياً لمجموعات «علم المواطن» لمواصلة تفعيل دورها في توفير بيانات جديدة في المجالات التي تتضمن فجوات واضحة، وعلى تشكيل إطار حوكمة وإجراءات مؤسسية وتوسيع نطاق التحالف.
مكافحة تغير المناخ بتغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج
تغيير الأنماط الحالية للاستهلاك والإنتاج كأداة لمكافحة تغير المناخ كان موضوع جلسة أدارها الدكتور حبيب الهبر نائب المنسق العام لخطة البحر المتوسط. وشاركت فيها ميلاني هتشينسون، المنسقة الإقليمية للتنمية في «يونيب»، التي ألقت مداخلة من الدكتور محمد العشري، الزميل الأول في مؤسسة الأمم المتحدة، ركز فيها على الجهود التي قادها المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) لإصلاح نظم دعم الأسعار في البلدان العربية. فالدعم السخي وغير الموجه، خصوصاً للمياه والطاقة والغذاء، شجع على الاستهلاك المفرط وزاد من التدهور البيئي واستنزاف الموارد. وهو لا يساعد المحتاجين فعلاً، إذ يذهب نحو 90 في المئة منه إلى الأغنياء. وقد اقترح «أفد» نهجاً مختلفاً يقوم على إبدال الدعم غير الموجه بمنافع اجتماعية مباشرة للذين يحتاجون إليها، خصوصاً تأمين فرص عمل ودخل لائق وضمان صحي وتعليم جيد.
«جوع من صنع الإنسان» كان عنوان كلمة الدكتورة آن صعب، أستاذة القانون الدولي للمناخ في المعهد العالي لدراسات التنمية في جنيف. وهي تساءلت: هل المطلوب مزيد من الغذاء أم غذاء مختلف يمكن الوصول إليه؟ وتناولت التركيز الكبير والدائم على زيادة إنتاج الغذاء في مناقشات تغير المناخ، وتجاهل مسألة مهمة جداً هي الحاجة إلى تغيير أنماط استهلاك الغذاء وتحسين إمكانات الوصول إليه. ورأت أن هناك حالياً الكثير من الاهتمام بتغير المناخ الناجم عن أفعال البشر، ويجب أن يكون هناك أيضاً مزيد من الاهتمام بالأسباب الكامنة وراء الجوع الناجم عن أفعال البشر. وأشارت إلى تقارير منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التي تفيد أن الإنتاج الغذائي يكفي العالم، لكن المشكلة هي في سوء توزيع الغذاء وإهداره وتلفه. واعتبرت أن التصدي لقضايا انعدام الأمن الغذائي في مواجهة تغير المناخ يجب أن يتبع نهجاً أكثر شمولية لا يقتصر على زيادة الإنتاج، بل يركز أيضاً على تغيير أنماط الاستهلاك وتحسين توزيع الغذاء وإمكانات الوصول إليه.
وتحدث حسين أباظة، مستشار وزير البيئة المصري ومدير برنامج الاقتصاد الأخضر في «أفد»، عن أهمية تحول البلدان العربية إلى الاقتصاد الأخضر. فمع أن مساهمتها ضئيلة في التسبب بتغير المناخ، وأنها ستتحمل أقسى تأثيراته، إلا أنها لن تحصل على دعم المجتمع الدولي ما لم تثبت أنها تقوم بتغييرات وتحسينات للحد من الانبعاثات والتكيف مع التأثيرات. وأشار إلى أن تغير المناخ شبه مغيّب في السياسات المصرية وفي كثير من البلدان العربية، ويجب ادخال ممارسات الاقتصاد الأخضر واستدامة الاستهلاك والإنتاج في جميع القطاعات، مع الاستثمار في الموارد البشرية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
التأثيرات البالغة لتغير المناخ على إنتاج الغذاء وتفاقم الجوع كانت محور عرض الدكتور كليمنس برايسنغر، من المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) في واشنطن الذي يقدم حلولاً وسياسات لتقليص الفقر والجوع وسوء التغذية بطرق مستدامة. وقد أظهرت أبحاث حديثة للمعهد أن نسبة السكان المعرضين للجوع ستكون في سنة 2050 أقل مما كانت في سنة 2010، نتيجة التنمية الاقتصادية، مع أنها يمكن أن تكون أقل بكثير لو لم يحصل تغير في المناخ. لكن المنطقة الوحيدة في العالم التي ستكون نسبة الجوع فيها أعلى في سنة 2050 هي المنطقة العربية، لأنها ستتعرض لأقسى تأثيرات تغير المناخ وما يرافقها من انخفاض الإنتاجية، ولأنها تعتمد بشكل كبير على الصادرات الغذائية المعرضة لارتفاع الأسعار. لذلك لا بد من اعتماد تكنولوجيات محسَّنة، مثل الزراعة بلا حراثة، والاستخدام الأمثل للنيتروجين والأسمدة، وحصاد المياه، وحماية المحاصيل، والتحول إلى أصناف تحتمل الجفاف والحرارة، والإدارة المتكاملة لخصوبة التربة. وتشير نماذج تحليل البيانات إلى نتائج متفائلة بتقليل عدد الأطفال السيئي التغذية والسكان المعرضين للجوع إذا اعتمدت هذه الأساليب لتخفيف تأثيرات تغير المناخ. أما من ناحية الاستهلاك، فقد أظهرت تحليلات النماذج البيانية أن سكان الدول الغنية، إذا خففوا أكل اللحوم إلى النصف بحلول سنة 2050 كمساهمة في الأمن الغذائي العالمي ولتحسين صحتهم وإطالة أعمارهم، فسوف يؤدي ذلك إلى تخفيض عدد الجياع بنسبة 3 في المئة، خصوصاً في هذه المنطقة المستوردة للحبوب باعتبار أن الحد من تربية المواشي سيخفض أسعار المحاصيل الغذائية التي تستخدم أعلافاً. أما إذا اعتمدت الأساليب المحسنة على صعيدي الإنتاج والاستهلاك معاً، فيمكن تقليص عدد السكان المعرضين للجوع بنسبة 15 في المئة. ودعا برايسنغر إلى الاستفادة من «الحيز العربي» على الإنترنت www.arabspatial.org وهو موقع تفاعلي يتيح لمستخدميه رؤية ومقارنة ورصد مجموعة واسعة من المؤشرات المتعلقة بأمن الغذاء والتغذية والفقر والتنمية في 22 بلداً عربياً.
الاستهلاك والإنتاج في أجندة 2030
نُظمت بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) جلسة حول أهمية الاستهلاك والإنتاج المستدامين في أجندة التنميـة المستدامـة لسنة 2030 التي اعتمدتهـا الأمم المتحدة مؤخراً. تحدث فيها الدكتور كارلو سكارملا المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي، وحسين أباظة مستشار وزير البيئة في مصر ومدير برنامج الاقتصاد الأخضر في «أفد»، والدكتور شكري ثابت الأستاذ في المعهد العالي للعلوم الفلاحية في تونس، والدكتور حسام علام المدير الإقليمي لبرنامج النمو المستدام في سيداري، وفيديل بيرنغيرو مستشار الشؤون الاقتصادية في الإسكوا. وأدارت الجلسة رلى مجدلاني مديرة شعبة التنمية المستدامة والإنتاجية في الإسكوا.
أجمع المشاركون على أن اعتماد أهداف التنمية المستدامة في أيلول (سبتمبر) 2015 شكل لحظة أمل، والآن حان الوقت للعمل، الذي يجب أن يبدأ بتحديد آلية مناسبة للتنفيذ والمراقبة والمساءلة في المنطقة العربية. وتستكمل الأجندة الجديدة الأهداف الانمائية للألفية التي انتهت مهلتها في 2015، وتتضمن 17 هدفاً تغطي الأعمدة الثلاثة للتنمية المستدامة، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ويتقاطع بعضها مع مجموعة من الأهداف والمؤشرات.
من هذه الأهداف «الهدف12» حول الاستهلاك والإنتاج المستدامين، الذي يدعو إلى تحسين رفاهية السكان مع الحد من التأثيرات البيئية السلبية. ويشكل تحقيقه تحدياً في المنطقة العربية، حيث تستهلك غالبية البلدان أكثر كثيراً مما تستطيع مواردها تجديده، في حين ما زال عدد كبير منها يسعى إلى مستوى أقصى من الدخل والتنمية.
أشار المتحاورون إلى أن المنطقة العربية تعاني أزمات طال أمدها، تؤثر في ملايين الأشخاص وتؤدي إلى نزوح السكان داخلياً وعبر الحدود. ولهذه الأزمات أثر سلبي على البنى التحتية ومستوى المعيشة والإنتاج والأسواق والقدرات والبيئة وتوفير الخدمات الأساسية وسواها. ومن المتوقع أن تؤثر سلباً في إمكانات تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاستهلاك والإنتاج المستدامين.
المطلوب تغييرات سريعة تشمل تغيير العقلية السائدة في المنطقة. من هنا، يجب عدم النظر الى الاتفاقات الدولية كالتزامات، بل كفرص لمزيد من التنمية. وعلى المنطقة العربية أن تتعلم من مناطق أخرى أقل اقتداراً ونِعَماً، استطاعت أن تنمو أسرع من خلال استخدام الموارد بكفاءة أكبر، واعتماد إطار مؤسسي رشيد، وبناء شراكات مثمرة بين القطاع العام والقطاع الخاص، مع الحرص على تأمين درجة جيدة من الحوكمة والشفافية والمشاركة والمساءلة وبناء القدرات. فهذه جميعها تشكل الأساس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والاستهلاك والإنتاج المستدامين.
ونبه المتحاورون أيضاً الى أن كثيراً من السياسات السائدة لا تدعم التنمية المستدامة ويجب التخلي عنها تدريجياً. وهي تشمل دعم أسعار المياه والطاقة وغيرهما، ما يؤدي إلى الاستهلاك المفرط للموارد وعدم كفاءة نظم الإنتاج. وثمة أدلة علمية على أن رفع الدعم عن المياه يمكن أن يؤدي إلى كفاءة أكبر في المغرب وتونس مثلاً، لكن يجب موازنته على ضوء النتائج الاجتماعية والاقتصادية غير المقصودة، خصوصاً في ضوء الوضع المتقلب السائد حالياً. ولتحقيق هذه الغاية، يجب توضيح فوائد خطط العمل الوطنية المناسبة والهادفة، كما جرى في مصر، حيث تم تطوير خطة عمل تستهدف القضايا المترابطة لقطاعات المياه والطاقة والزراعة وإدارة النفايات، في نهج يشمل جميع الأطراف ذات المصلحة ويتصدى لحاجات مثل خلق فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة، مع تعزيز الحفاظ على قاعدة الموارد الطبيعية. وقد شددت خطة العمل على الإدارة المتكاملة للموارد، من خلال الدعوة مثلاً الى استعمال مضخات المياه العاملة بالطاقة الشمسية من أجل ري أكثر كفاءة، ما يمثل أحد الحلول المتكاملة لمشاكل المياه والطاقة والزراعة والبيئة معاً. كما حددت الخطة مؤشرات مستهدفة لتسهيل التنفيذ والمراقبة.
وفي ما يتعلق بالأولويات، أشار المتحاورون إلى أن المنطقة العربية يجب أن تتصدى لقضايا الفقر والعدالة والأسواق والتنافسية وحل النزاعات، فضلاً عن الإدارة الرشيدة والبعيدة النظر للموارد الطبيعية. ويجب أن توفر أجندة التنمية الجديدة، ومن ضمنها الاستهلاك والإنتاج المستدامان، إطاراً ومدخلاً لمواجهة المخاوف الملحة، خصوصاً تلك المتعلقة بالفقر والعدالة.
واختتم المتحاورون بأن الوقت حان لتغيير طريقة تفكيرنا والبدء في العمل بشكل مختلف من أجل وضع المنطقة على مسار صالح للتنمية يقود إلى مستقبل قوي.
«يونيب» في مؤتمر «أفد» الثامن
نظم المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) في غرب آسيا لقاءين خلال مؤتمر «أفد». فعلى ضوء الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) 2015، عُقدت جلسة نقاش حول تقرير توقعات البيئة العالمية السادس GEO-6.
قدم مدير «يونيب» الإقليمي الدكتور إياد أبومغلي الأولويات البيئية الإقليمية التي حددتها الآلية التشاورية الإقليمية التي أُنشئت عام 2015، وهي تبرز أهمية السلام والأمن كشرط لتحقيق تنمية مستدامة. وقد بدأ التحضير لإطلاق تقـرير GEO-6 بعنوان «كوكب صحي، أناس أصحاء»، وتنهمك مجموعات العمل في التصدي للأولويات المحددة. ويصدر هذا التقرير المرجعي كل أربع سنوات، بجهود مجموعة دولية من الخبراء والعلماء، لرصد القضايا البيئية العالمية والإقليمية الناشئة والسعي لوضعها على جدول أعمال صناع السياسة لاتخاذ إجراءات إزاءها. وهو يطرح حلولاً لمساعدة البلدان، بما فيها العربية، على الاستجابة للحاجات البيئية الملحة.
وبناء على تحليلات ونماذج علمية، حدد الخبراء 12 أولوية إقليمية هي: السلام والأمن والبيئة، المياه العذبة، كفاءة الموارد، التوسع الحضري، إدارة النفايات، الصحة العامة، إدارة التنوع البيولوجي، إدارة المناطق البحرية والساحلية، الحوكمة البيئية، خليط الطاقة، تغير المناخ، التصحر. وأشاروا إلى أن أحوال الطقس المتطرفة والقاسية تؤثر على نحو 95 في المئة من الأراضي القاحلة وشبه القاحلة في المنطقة العربية. وفي ظل نقص الإدارة الحضرية الرشيدة والأبحاث الضرورية، والأثر المدمر للنزاعات والحروب التي يغذيها جزئياً الصراع على الموارد الطبيعية، وأنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة، وغياب استراتيجيات واضحة للتخفيف من مشكلة شح المياه العذبة، والطلب المتنامي على الموارد الطبيعية نتيجة النمو السكاني المفرط، تزداد التحديات البيئية التي تشهدها منطقة غرب آسيا. هذه العوامل جميعها تحول دون تنفيذ عملية التنمية المستدامة.
تناول المتحاورون في الجلسة، وهم الدكتور أحمد عبدالرحيم والدكتور محمد عبيدو والدكتور عبدالقادر عابد وأحمد عثمان، أولويات مختلفة وربطوها بأنماط الاستهلاك على المستويات الوطنية والاجتماعية والفردية.
وعلى هامش المؤتمر، عقد «يونيب» اجتماعاً تشاورياً إقليمياً للمجموعات الرئيسية دام ست ساعات وجمع ممثلين عن المجتمع المدني من دول غرب آسيا. تركزت النقاشات على أجندة التنمية لسنة 2030، والتحضيرات للاجتماع الثاني للجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة (UNEA2)، وتعزيز مشاركة الجهات المعنية مع «يونيب». وتم التأكيد بشكل خاص على قرار UNEA الذي يتوقع تبنيه حول اعتماد المجموعات الرئيسية ودورها في نظام صنع القرار في «يونيب». كذلك نوقشت سبل تقوية شبكة المجموعات الرئيسية وتعزيز مساهمتها في تنفيذ أجندة التنمية لسنة 2030 في المنطقة. وكان واضحاً أن الشبكة يجب أن تكون أكثر فعالية واستباقية في مشاركة المعلومات وإيصالها والاستعانة بـ«يونيب» في العمل الإقليمي والوطني. وتم انتخاب ممثلين لحضور UNEA2 وآخرين لتحضير بيان عن المنطقة العربية لتقديمه في الاجتماع العالمي الذي سيسبق انعقاد الجمعية العامة.
مشاريع مبتكرة لنمط حياة مستدام
خصصت جلسة لمشاريع شبابية مبتكرة تساهم في إشاعة أنماط حياة مستدامة، بالتعاون مع مركز الأنشطة الإقليمي للاستهلاك والإنتاج المستدامين (SCP/RAC) في برشلونة. أدار الجلسة جورجيو موسنجيني، رئيس فريق الريادة الخضراء في المركز، الذي عرض مشروع SwitchMed لترويج ودعم المبادرات الاجتماعية والبيئية والابتكارات في قطاع الإنتاج والمجتمع المدني في الدول المتوسطية. وذلك عن طريـق التدريب والتمويل والربط الشبكي والمساعدة في ريادة الأعمال الخضراء. وقد خصص موقعاً على الإنترنت للنشاطات والابتكارات في مجال الأعمال والاستهلاك والإنتاج المستدامين (www.scprac.org).
وقدم حميدي فواز، مدير «حاضنة الأعمال» (BIAT) في طرابلس، لبنان، نبذة عن جمعيته التي تدعم رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن مبدأ العمل الأخضر، بما في ذلك معالجة النفايات وتنقية المياه والنقل المستدام والبناء الأخضر وكفاءة الطاقة والموارد وفرص العمل ذات القيمة المضافة. وتستهدف بشكل خاص مساعدة العائلات المنخفضة الدخل على عيش حياة كريمة ومستدامة.
وتحدث نبيل طرزي، مؤسس Ecohotels في الأردن، عن نزل فينان البيئي في محمية ضانا للمحيط الحيوي في جنوب الأردن، الذي يعتبر نموذجاً عالمياً في ضيافة السياحة البيئية. وهو يقوم على أربع ركائز: إتاحة تجربة فريدة للنزلاء، والمساهمة في حماية الطبيعة، وإفادة المجتمع المحلي، وكل ذلك بأقل أثر على البيئة. وقد حصل على أكثر من 20 جائزة دولية، وأدرجته مجلة «ناشونال جيوغرافيك» مرتين في قائمتها لأفضل 25 نزلاً بيئياً في العالم. وإلى النشاطات الترفيهية والرحلات إلى مواقع طبيعية وأثرية، يتعرف الزوار إلى الأطباق والحرف المحلية وتحويل النفايات العضوية إلى سماد وإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية.
وعرض آدم مولينو بري نشاطـات مؤسسة icecairo التي تعمل على تطوير تكنولوجيات خضراء في القاهرة، وهي جزء من الشبكة العالمية iceHubs. تعمل عن طريق شبكة من المبدعين والأكاديميين والخبراء والتقنيين وشركاء من القطاعين الخاص والعام والمجتمع المدني، لتحويل التحديات البيئية والاجتماعية إلى أعمال خضراء تشغل الشباب المصريين. وقد استفاد من نشاطات المؤسسة أكثر من 33 ألف فرد، وتم تدريب 2500 شاب وشابة، والمساهمة في إنشاء نحو 300 شركة صغيرة وجمعية ومبادرة، وتطوير أكثر من 20 منتجاً في مختبر التصنيع (Fablab). ولها شراكات مع نحو 50 منظمة. ومن نشاطاتها التدريب على صنع وتركيب سخانات شمسية رخيصة، وإعادة تدوير الأكياس البلاستيكية وتحويلها إلى حقائب ولوازم أخرى.
وشرح كريم سخن, مؤسس خدمة «دغري» للبريد السريع بواسطة الدراجات الهوائية في بيروت وضواحيها، تفاصيل هذه الخدمة الرخيصة والموثوقة وغير الملوثة، والتي تساهم في تعزيز ثقافة ركوب الدراجة في لبنان. وثمة خطة لتوسيع العمل إلى خدمة «دراجات أجرة». وهي الخدمة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، ويتم الإعداد حالياً لنقل التجربة الى بلدان أخرى مثل تونس ومصـر والأردن وسورية والعراق وكردستان وتركيا.
آراء مشاركين في المؤتمر
سيكون تقرير «أفد» 2015 بالتأكيد مساعداً جداً لبلدان المنطقة في سياساتها للاستهلاك والإنتاج المستدامين. أرجو تزويد «إيكاردا» بنسخ منه لتوزيعها على أصحاب العلاقة.
وأهنئكم على مؤتمر «أفد» السنوي الراقي والبرنامج الاحترافي والمشاركة الممتازة. كما أهنئكم على الاتفاقية المناخية التي تحققت أخيراً في باريس والتي ساهم «أفد» فيها.
بعد تقرير «أفد» لسنة 2009 حول أثر تغير المناخ على البلدان العربية، وبعد اتفاقية باريس، سيكون من الجيد أن يعدّ «أفد» تقريراً جديداً حول التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها والمرونة إزاءها في البلدان العربية.
د. محمود الصلح
المدير العام، المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)
يعتز المركز الدولي المتوسطي للدراسات الزراعية المتقدمة بمشاركته في مؤتمر «أفد» الثامن. لقد عمَّمنا رابط تقرير «أفد» حول الاستهلاك المستدام على جميع البلدان والشبكات الأعضاء. ويسعدنا أن نتابع تعاوننا ونتشارك في الندوات والمؤتمرات وبرامج الأبحاث لتعزيز تبادل المعارف في المنطقة.
د. كوزيمو لاسيرينيولا
الأمين العام، المركز الدولي المتوسطي للدراسات الزراعية المتقدمة (CIHEAM)
خالص تقديري واحترامي لجهودكم الثمينة في جعل المنتدى العربي للبيئة والتنمية منصة حقيقية للبحث في الشؤون البيئية وزيادة الوعي حول القضايا الملحة، التي يتوجب علينا حكومات وشعوباً أن نلتفت إليها ونعمل من أجل ضمان مستقبل مستدام على مستوى الوطن العربي.
رزان المبارك
الأمين العام، هيئة البيئة ـ أبوظبي
سررنا بالمشاركة مجدداً في هذا المؤتمر الإقليمي المحكم الإعداد. شخصياً، تعلمت الكثير من تقرير «أفد» ومن جلسات المؤتمر. نتطلع إلى متابعة تعاوننا المثمر.
عبدالسلام ولد أحمد
المدير العام المساعد والممثل الإقليمي
منظمة الأغذية والزراعة (فاو)
أهنئكم على المؤتمر الرائع الذي عقد في أصعب الأوقات في لبنان والشرق الأوسط عامة، لإرساء رسالة «أفد» النبيلة. إني على ثقة بأن المشاركين في مؤتمر «أفد» سنة 2050 سيذكرون بإعجاب الجهود الجبارة التي بذلها فريق «أفد» عام 2015 للحفاظ على هذه الرسالة.
سامر يونس
الشريك المؤسس والمدير
Quantum للاستشارات الإدارية، لندن
حدث ناجح بكل المقاييس. أجريتُ لقاءات واتصالات مفيدة جداً خلال المؤتمر الذي أثبت أيضاً أنه فرصة ممتازة للتواصل. شكراً على حسن الضيافة، وسأعود بالتأكيد إلى لبنان لقضاء إجازة.
جيرارد كننغهام
منسق «عين على الأرض»
شعبة الإنذار المبكر والتقييم
برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)
إطلاق تقرير «الاستهلاك المستدام» لقي قبولاً ممتازاً، وكانت جلسات المؤتمر منظمة وغنية. وأهنئكم على فكرة وجبتي الغداء المتوسطي، فقد كانت ملائمة تماماً لموضوع المؤتمر.
حسين أباظة
مستشار وزير البيئة في مصر
مدير برنامج الاقتصاد الأخضر في «أفد»
تنظيم ممتاز للجلسات التي شارك فيها مفكرون وباحثون وصناع قرار مرموقون إقليمياً وعالمياً، إلى جانب منظمات المجتمع المدني وطلاب الجامعات. أشكركم على دعوتي للمشاركة في هذا الحدث التاريخي الذي أعادني إلى لبنان بعد غياب.
د. حمو العمراني
مستشار التكيف مع تغير المناخ
في قطاع المياه، جامعة الدول العربية
المواضيع التي تم بحثها والمعارف التي تعلمناها خلال المؤتمر لا بد أن تنعكس تحسناً في حياتنا وبيئتنا.
سحر سمارة
مدرسة الوردية، عمّان
كان المؤتمر جيد التنظيم وغنياً بالمعلومات. وفي التوصيات التي خرج بها فائدة للبلدان العربية.
عبير المليفي
مسؤولة برنامج المياه والطاقة
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
شكراً لدعوتنا إلى المؤتمر وإعطائنا فرصة تنظيم جلسة رواد الأعمال الشباب التي لقيت صدى إيجابياً وعملياً لدى الجهات المعنية.
جورجيو موسنجيني
رئيس فريق الريادة الخضراء
SwitchMed, SCP/RAC
شكراً لاستضافتكم جلسة «يونيب» النقاشية للمجموعات الرئيسية. لقد تميز المؤتمر كالعادة بمتحدثين مميزين ونقاشات شائقة. وأحببت كثيراً وجبتي الغداء المتوسطي الصحي. للمرة الأولى أغادر مؤتمراً وأنا مفعمة بالنشاط وغير متخمة.
ميلاني هتشينسون
المنسقة الإقليمية للتنمية
برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)
حقق المؤتمر نجاحاً باهراً. تحياتي إلى جميع أفراد فريق العمل.
د. نداء حلو
منسق التدريب، كلية العلوم الصحية الجامعة الأميركية في بيروت
نشكر لكم حسن ضيافتكم وجهودكم لإنجاح المؤتمر وتطويره بشكل دائم. ونرغب بمتابعة التواصل والتشارك مع «أفد».
أنيسة صيداوي
رئيسة الجمعية السورية للبيئة
لم يكن لدي شك في نجاح مؤتمر «أفد». كنت متأكداً أنه سيكون حدثاً ممتازاً، لمعرفتي بخبراتكم وقدراتكم.
غايتانو ليون
منسق خطة البحر المتوسط UNEP/MAP