اتفاقية نموذجية ضمن برنامج +REDD العالمي لتقليص الانبعاثات الناجمة عن زوال الغابات، تُصرف مدفوعاتها لحماية الغطاء الأخضر في غيانا وتأمين معيشة المجتمعات الأصلية وتنفيذ مشاريع تنموية مستدامة
إذا طرت فوق غيانا فسوف ترى امتداداً متواصلاً من رؤوس الأشجار الخضراء. إنها جنة للحياة البرية، لكنها أيضاً معقل لصادرات الخشب الصلب التي تهدد خضرتها وتنوعها البيولوجي.
في العام 2009 عرضت النروج على غيانا طريقة لكسب المال من غاباتها من دون قطع أشجارها. وخلال السنوات الخمس التي تنتهي في 2015، تدفع النروج الى غيانا ما مجموعه 250 مليون دولار، لكي لا تزيد معدل إزالة الغابات بالوتيرة السابقة، وفي الوقت نفسه تكسب النروج «أرصدة كربون» للوفاء بأهداف سياستها الطاقوية والمناخية.
النروج بلد صغير وغني يسكنه خمسة ملايين نسمة ويتمتع بثروة من النفط والغاز. والنروجيون قلقون إزاء تغير المناخ ويرغبون في تقليص بصمتهم الكربونية. وقد وُصف مشروع النروج وغيانا بأنه قصة نجاح لاتفاقية نموذجية في برنامج +REDD العالمي لتقليص الانبعاثات الناجمة عن زوال الغابات.
في 8 أيار (مايو) 2015 أعلنت غيانا عن تسلمها مبلغ 40 مليون دولار من حكومة النروج للحفاظ على معدلات منخفضة لإزالة الغابات وتحسين إدارتها. ومع وصول هذه الدفعة الخامسة يصبح مجموع مداخيل غيانا من الاتفاقية 190 مليون دولار. وتعتبر هذه المداخيل من الأعلى في العالم بموجب اتفاقية شراكة ثنائية ضمن برنامج +REDD وتأتي في المرتبة الثالثة بعد البرازيل وإندونيسيا التي تعهدت النروج بمنح كل منهما بليون دولار. لكنها الأعلى نسبياً، باعتبار أن مساحة غيانا 215 ألف كيلومتر مربع وسكانها 750 ألف نسمة، في حين أن مساحة البرازيل 8.5 مليون كيلومتر مربع وسكانها 200 مليون، ومساحة إندونيسيا 1.9 مليون كيلومتر مربع وسكانها 255 مليوناً.
دعمت هذه المدفوعات أهداف غيانا لكبح إزالة الغابات، مع تعزيز التنمية والنمو الاقتصادي من خلال استراتيجيتها التنموية المنخفضة الكربون. وتستخدم الأموال في مجموعة متنوعة من المشاريع، تشمل تمليك الأراضي وتأمين سبل معيشة مستدامة للمجتمعات الأصلية. كما بدأ العمل على مشروع للطاقة الكهرمائية في شلالات أمايلا يتوقع أن يلبي 90 في المئة من احتياجات غيانا، ويقلص استهلاك الوقود الأحفوري 35 في المئة، ويخفض كلفة الكهرباء على المستهلكين 20 في المئة، ويوفر على البلاد 3.5 بليون دولار خلال 20 عاماً.
وسوف تسمح الدفعة الأخيرة بالتطور على عدة جبهات، تشمل زيادة الوصول الى الإنترنت في المجتمعات النائية، وتقوية البنية التحتية للتكيف في مواجهة الفيضانات الساحلية وموجات الجفاف في سهول السفانا.
وفي هذا السبيل، وضعت برامج لإشراك المجتمعات الأصلية في حماية الغابات وتوعيتها بشأن الاستراتيجية التنموية المنخفضة الكربون، مع استفادتها مادياً من مدفوعات الاتفاقية. كما تعمل الحكومة على تحسين الشفافية في قطاع الموارد الطبيعية، خصوصاً من خلال طلبها الانضمام إلى «مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية».
وقد تراجع معدل إزالة الغابات في غيانا بنسبة 14 في المئة عن مستويات العام 2012، ليصبح 0.068 في المئة، وهذا من أدنى المعدلات في العالم.
وتؤيد الحكومتان النروجية والغيانية إدخال مبادرة +REDD في اتفاقية ملزمة بشأن تغير المناخ يؤمل التوصل إليها في قمة باريس في كانون الأول (ديسمبر) 2015. كما وقع البلدان «إعلان نيويورك للغابات» في أيلول (سبتمبر) 2014 الذي يدعو إلى تحرك طموح قبل دخول اتفاقية المناخ حيز التنفيذ.
ويبحث البلدان حالياً في تجديد شـراكتهمـا للفترة 2015 ـ 2020.