أسفر استفتاء شعبي عن بقاء مالطا البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي يسمح بالصيد الترفيهي للطيور في موسم الربيع
صيد طيور الفرّي والترغلّ في الربيع نشاط محظور في أنحاء أوروبا، لكنه باقٍ في مالطا بعد رفض حظر مقترح في استفتاء حكومي.
أجري الاستفتاء في نيسان (أبريل) 2015 بناء على التماس من ناشطين ومنظمات بيئية، لفرض حظر على صيد هذين الطائرين في موسم الصيد الربيعي بين 14 و30 نيسان (أبريل). وذلك للحؤول دون قتل الطيور المهاجرة عبر البحر المتوسط قبل أن تتاح لها فرصة التزاوج وتفقيس البيض. ولم يشمل الاستفتاء موسم الصيد في فصل الخريف. وربح معارضو الحظر بفارق 2000 صوت فقط من أصل 250 ألف مقترع.
وقال رئيس الوزراء جوزف موسكات إن الجمهور منح الصيادين فرصة أخيرة لممارسة هوايتهم التقليدية، «لكن عليهم أن يعلموا أن الأمور تغيرت كلياً، وأن عليهم احترام القانون، فنصف الشعب لا يريد استمرار الصيد الربيعي».
اعتبرت منظمة «بيرد لايف مالطا» التي قادت حملة الحظر أن ما حصل «فرصة ضائعة للإقلاع عن قتل الطيور في الربيع». لكن المعروف أن الصيادين مجموعة قوية سياسياً في مالطا، وقد أعلن زعيما الحزبين الرئيسيين قبل التصويت أنهما لا يؤيدان حظر الصيد الربيعي.
وفي حين يعتبر الصيادون أن الحظر يعرّض تقليداً مالطياً عريقاً للخطر، يتهمهم الناشطون بقتل أعداد مفرطة من الطيور واستباحة الفضاءات المفتوحة في الجزيرة. ويقولون إن أعداد الترغلّ انخفضت 77 في المئة منذ العام 1980، وان بعض الصيادين يستغلّون موسم الصيد لاقتناص أنواع محمية أثناء فترة الهجرة حين تعبر الطيور فوق مالطا في طريقها الى البر الأوروبي.
ويذكّر اعتبار صيد الطيور في مالطا تراثاً وطنياً يجب الحفاظ عليه بالحجج التي يطلقها أنصار الصيد العشوائي في لبنان. فهم يخوضون منذ سنوات حملة ضد قانون منع الصيد، باعتباره مناقضاً للحرية الشخصية، ولو كان الصيد مضراً بالتوازن البيئي. فهل يعود هذا التشابه في الموقف إلى الأصول الفينيقية المشتركة بين مالطا ولبنان؟
مالطا جزيرة صغيرة في البحر المتوسط، تبلغ مساحتها 284 كيلومتراً مربعاً ويسكنها نحو 425 ألف نسمة، وتعتبر من أكثر دول العالم كثافة سكانية. وهي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي يسمح بالصيد الترفيهي في الربيع. وكانت محكمة العدل الأوروبية منحتها إذناً خاصاً لصيد طيور الفري (السمّان) والترغلّ (القمري) عام 2009 خلال فترة محدودة في الربيع، إذ لم تكن هناك أعداد كافية من الطيور في موسم الصيد الخريفي.
ربح الصيادون في الاستفتاء، لكن الدعم الشعبي للصيد خف كثيراً. حتى الناشطون البيئيون ومناهضو الصيد يقرون بأن الوضع تغير بشكل كبير في مالطا منذ ثمانينات القرن العشرين عندما كان هواية غير منضبطة وغير منظمة. فمنذ انضمام مالطا الى الاتحاد الأوروبي، فرضت السلطات غرامات وعقوبات على الأشخاص الذين يصطادون بطريقة غير مشروعة، وخُفضت الفترات التي يسمح بالصيد خلالها.
ولا يجوز حالياً أن يتجاوز مجموع الطرائد 5000 من الفري و11,000 من القمري في موسم الصيد الربيعي. ولا يسمح للصياد بقتل أكثر من طائرين في اليوم، على ألا يتعدى المجموع أربعة طيور طوال الموسم. ويترتب على الصيادين المجازين تقديم طلب للحصول على رخصة خاصة بالصيد الربيعي.
ويبلغ عدد الصيادين في مالطا عشرة آلاف، وهم مطالبون قانونياً بإبلاغ السلطات المختصة متى يذهبون الى الصيد ومتى يصطادون أحد الطيور. أما العقوبات فهي 5000 يورو وسنة في السجن وسحب الرخصة للمخالفة الأولى، و10,000 يورو وسنتان في السجن للمخالفة الثانية.