Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
علي ياحي - تونس المرأة في الريف التونسي  
أيار-حزيران/ مايو-يونيو / عدد 206
 تعاني المرأة الريفية في تونس من هجرة الرجال الى المدن بحثاً عن العمل. وتواجه الكثيرات وحدهن المصاعب في مناطق معزولة. فهن مسؤولات عن تربية الأبناء والبحث في الوقت نفسه عن سبل ضمان حياة كريمة، في بيئة لا تعترف بالاتكال على الآخر ولا تتسامح مع التقاليد. وغالباً ما يلجأن الى خدمة الأرض، المصدر الوحيد للبقاء، في مهمة ليست سهلة بغياب كبير للحقوق والإمكانيات.
خرجت المرأة التونسية الى جانب الرجل أملاً بحياة أفضل ومستقبل زاهر، في ثورة أخذت عنوان ياسمين تونس وهزت العالم وكانت الشرارة التي ألهبت دولاً عربية أخرى. ومع ذلك ما زالت المرأة التونسية، ولا سيما الريفية، تعاني الأمرّين، بل يرى كثيرون أن مكانتها تراجعت في المجتمع.
تمثل النساء الريفيات، بحسب الإحصاءات الرسمية، 36 في المئة من مجموع النساء في البلاد و60 في المئة من اليد العاملة في القطاع الزراعي. وتتحدث الأرقام عن أن 75 في المئة من الريفيات عاجزات عن توفير حاجات أسرهم وتأمين عيش كريم. وهن يعملن أكثر من 12 ساعة يومياً، وتقدر نسبة العمل غير المدفوع الأجر بنحو 97 في المئة من معدل ميزانية الوقت اليومي، حسب دراسة حديثة.
 
 
أشغال شاقة
تساهم المرأة في تونس بنسبة 68 في المئة من الدخل القومي الخام، وتؤمن إنتاج الخضر والغلال بنسبة 90 في المئة، وفق أحدث دراسة للمعهد الوطني للإحصاء. ولولا تفانيها ونشاطها المتميز في الريف لما أكل التونسيون خضراً ولا غلالاً، هكذا علّق معظم من التقيناهم في مناطق مختلفة. فالنساء اليوم يمثلن نحو ثلاثة أرباع ثروة البلاد، بل يطعمن شعباً بأسره.
يقول لطفي حجّاج، عضو «تنسيقية القطب المدني للتنمية وحقوق الإنسان»، إن الريف التونسي يشهد اليوم هجرة كبرى نحو المدن نتيجة استمرار معاناة النساء الريفيات، مشيراً الى ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي بما يؤثر سلباً على مداخيلهن.
لكن ما يجهله معظم الناس أن المرأة الريفية التونسية تعاني من ظروف العمليات الإنتاجية التي تبقى متخلفة، وتعتمد في المقام الأول على الجهد العضلي في الحرث والتسميد والزرع والقطف والحصاد، في حين يكتفي الرجال بأعمال أقل مشقة كنقل الغلال من المزارع الى الأسواق وشراء البذور وبيع المحصول. كما تهتم المرأة وحدها تقريباً بتربية الماشية والدواجن.
ما تقوم به المرأة في ريف تونس يوصف بأشغال شاقة تدفع هي ثمنها صحياً وتعليمياً، خاصة أن المرافق الطبية تكاد تكون شبه مغيبة. فالريفية تعمل في ظروف عمل قاسية، لا يعيلها إلا جهدها، إن قويت عملت وإن مرضت جاعت وقد لا تجد من يوفر لها حبة دواء.
قالت زينة البالغة من العمر 36 سنة وهي أم لأربعة أطفال، في حديث إلى «البيئة والتنمية»، إنها تخرج في ساعات الصباح الباكر لتعود منهكة في نهاية النهار، بعد ساعات طويلة من العمل المتواصل في قرية العنب التي تبعد خمسة كيلومترات عن بيتها. وأضافت: «أجاهد كي أجهز لأبنائي طعامهم وأغسل ملابسهم وأنظف البيت الصغير. أما الراحة فلا أعرفها، لأنني أكاد لا أنام خمس ساعات لأستيقظ في اليوم التالي وأعود إلى العمل والتعب والشقاء».
 
 
حلول للارتقاء بوضعهن
تسجل الإحصاءات الرسمية أن نسبة الأمية تتجاوز 30 في المئة من مجموع الريفيات، وتتجاوز نسبة المنقطعات عن التعليم في سن مبكرة 65 في المئة، ما ينعكس عليهن سلباً طوال حياتهن.
يؤكد الدكتور زهير بن يوسف، نائب رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، أن النساء الريفيات يعانين من الاضطهاد الاقتصادي والاجتماعي، و64 في المئة منهن يعملن من دون عقود. وعلى رغم هشاشة الوضع الاقتصادي وغياب الحماية القانونية في عقود العمل، فما زالت المرأة الريفية تحقق جزءاً رئيسياً من الأمن الغذائي. ودعا الى البحث عن حلول للارتقاء بوضعها الاجتماعي والاقتصادي، كتحسين الرعاية الصحية وظروف العمل والأجر وتطوير قدراتها المهنية والحرفية.
وقد أفادت منظمة اليونسكو أن الأسر التي تعيش في المناطق الريفية، وخاصة تلك التي تقودها نساء، هي أكثر فقراً من تلك التي تعيش في مناطق حضرية، وأن 60 في المئة من النساء هناك يعانين من الجوع وسوء التغذية، و80 في المئة من الإناث لا يحصلن على فرص التعليم المناسب.
لذلك، ينبغي أولاً العمل للقضاء على أمية المرأة الريفية في تونس، وتحسين ظروف عملها وتنمية مهاراتها خصوصاً في الزراعة، وتيسير حصولها على القروض، وتخفيف حدة فقرها، وإدماجها في مسارات صنع القرار، والحد من أنواع التلوث في البيئة الريفية التي تضر بصحتها، وتوفير الرعاية الصحية الجيدة في الوقت والمكان المناسبين، وضمان حصولها على دخل مادي عادل يتفق مع الجهد الذي تبذله.
فهل من مجيب ينقذ العلاقة الحميمة بين المرأة والأرض في تونس؟
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.