في أوائل القرن الثامن الميلادي هبط على سواحل جزر في المحيط الهندي رحالة عرب تعود أصولهم الى عدن ومسقط وحضرموت. وكان القمر آنذاك بدراً، فسموها جزر القمر. وثمة رواية أخرى لتسميتها هي أنها على شكل هلال.
يقع أرخبيل القمر عند مدخـل قناة موزمبيق على مقربة من الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا. ويتكون من أربع جزر هي القمر الكبرى وهنزوان وموهلي ومايوت، فضلاً عن جزر صغيرة، تكونت كلها بفعل النشاط البركاني. وهي أصبحت مستعمرة فرنسية عام 1912. وفي 1975 أصدر برلمانها قراراً من جانب واحد يعلن استقلالها، ما عدا جزيرة مايوت التي آثرت البقاء تحت السلطة الفرنسية لأسباب اقتصادية. وفي تلك السنة أصبحت عضواً في الأمم المتحدة، وانضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1993، وبات اسمها رسمياً جمهورية القمر المتحدة. تبلغ مساحتها 2170 كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانها نحو 700 ألف نسمة معظمهم مزارعون ورعاة وصيادون.
كانت الجزر بمثابة محطة في طريق التجار المبحرين الى الهند والشرق الأقصى، حتى افتتاح قناة السويس التي قللت كثيراً عبورهم قناة موزمبيق. ثم قام مستوطنون فرنسيون وشركات فرنسية وأثرياء عرب ببناء اقتصاد قائم على الزراعة، وحتى الآن يعتمد الاقتصاد على ثلث مساحة الأراضي الزراعية لإنتاج محاصيل للتصدير مثل الفانيلا والبن والكاكاو وجوز الهند وكبش القرنفل. وتنتشر فيها حقول الياسمين والكشمش (كاسيس) والليمون، التي تستخلص من أزهارها الزيوت الأساسية لأفخر شركات العطور في العالم، لذلك ليس غريباً أن يطلق البعض على جزر القمر لقب «أرخبيل العطور».
كائنات فريدة
المناخ في الجـزر استوائي معتدل عموماً، وهناك فصلان رئيسيان تهطل خلالهما أمطار غزيرة. وتتراوح المناطق الداخلية بين جبال عالية وتلال خفيضة. ويقع في جزيرة القمر الكبرى بركان كارثالا النشط الذي يعد أعلى جبل في البلاد، إذ يبلغ ارتفاعه 2360 متراً، وعليه بقعة من الغابات المطيرة الآخذة في التلاشي. وتضم الجزر أنواعاً كثيرة من النباتات الاستوائية. وكانت غاباتها كثيفة أصلاً، ولكن أزيل معظمها لاستغلال أراضيها في الزراعة.
تزخر جزر القمر بثروة من الأنواع الحيوانية المتوطنة، منها الليمور البني والدلفين ذو المنقار والسلحفاة الخضراء والقنفذ الصغير الذي لا ذيل له ووطواط الفاكهة النهاري الضخم الذي يحلق بجناحين يمتدان أكثر من 1.2 متر. وتخلو الجزر من الحيوانات الأفريقية الضخمة، لكنها تنفرد بـ22 نوعاً من الطيور المتوطنة التي لا تعيش في مكان آخر ويواجه الكثير منها خطر الانقراض.
وهناك وفرة من الكائنات البحرية في المحيط الهندي حول الجزر، منها الحيتان وأسماك القرش وأسماك الراي (الشفنين) والكركند والسلاطعين والروبيان. كما تزخر المياه المحاذية لها بالشعاب المرجانية والشواطئ الرملية المترامية، فضلاً عن مجاري المياه العذبة والينابيع الساحلية التي توفر موائل لكائنات بحرية متعددة.
تتمتع جزر القمر بطبيعة ساحرة وشواطئ نظيفـة وهواء عليل وغابات كثيفة وأشجار مثمرة متنوعة وزهور فواحة، إلى جانب مناخها المعتدل، ما جعل بعض زوارها يطلقون عليها تسمية «جـزر هاواي العربيـة». لكنها تحتاج إلى جهود كبرى لبناء قطاعها السياحي واجتذاب الزوار للتمتع بجمالاتها الطبيعية.
|