Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
أشوك خوسلا القوة الناعمة والخطر الضروري  
أيلول-تشرين الأول (سبتمبر -أكتوبر) 2014 / عدد 198-199
 هناك مجتمعات واقتصادات قليلة في العالم كانت محصنة في وجه التحول إلى نمط أكثر اندماجاً ومركزية وتسلطاً خلال العقود الأخيرة. بعض المجتمعات كانت كذلك دائماً بالطبع، لكن مجتمعات أخرى ذات تاريخ طويل من الديموقراطية التشاركية ترتد الآن الى ممارسات الأزمنة الاقطاعية والاستعمارية. في هذا العصر، حيث الحاجة ماسة إلى المجتمع المدني، يتعرض هذا المجتمع المدني في كل مكان لهجوم متزايد، ليس من الناس عموماً بل خصوصاً من قوى الحكومات والشركات الكبرى.
لقد بدأت نظمنا البشرية تتعافى من الأزمات الاقتصادية الأخيرة. والسؤال هو ما إذا كانت النظم الطبيعية ستتبعها. الطبيعة شديدة المرونة. لقد كافحت ببسالة لصد هجماتنا الوحشية والتغيير الذي نفرضه عليها بتكديس غازات الدفيئة في الغلاف الجوي وتحميض المحيطات واستقدام أنواع حية دخيلة واستخراج متهوِّر للموارد وغير ذلك. لكن قد تكون هناك نقطة يبدأ بعدها المحيط الحيوي بالانهيار، آخذاً الجنس البشري معه. تلك النقطة، برأي كثير من علماء الأرض حالياً، ليست بعيدة في الزمن.
في مواجهة هذا التهديد المطلق الداهم المتعدد الأوجه، يأتي المجتمع المدني بمجموعة من الأدوات السلمية ولكن القوية، من خلال منظماته غير الحكومية ومؤسساته البحثية وفرقه التطوعية وهيئاته اللاربحية. نحن نعلم أن معارفنا النافعة حول الطبيعة مُعْدية، تنتشر في أنحاء العالم مثل فيروس حميد، محولة الناس والمؤسسات على السواء. وعملنا الناجح في تمكين الناس المهمشين للحفاظ على النظم الايكولوجية هو تعامل طوعي معتمد على الطلب، يوازن الحقوق الجديدة مع المسؤوليات العريضة. كلتا المقايضتين تذكراننا بأنه في كل أعمالنا مع الحوكمة، التي يراوح تأثيرها من الأمم المتحدة الى المناطق النائية في العالم النامي، تكون منظمات المجتمع المدني من الجهات التي لا تمارس ولا تستطيع ممارسة القوة الصارمة أو قوة القانون أو قوة البندقية.
إن اعتمادنا «القوة الناعمة» هو مصدر السمعة الحسنة لشبكة المنظمات المستقلة، ولكل منها مشاكل وأدوات حلول. إنها الفكرة الخالدة بأن الحوكمة الشاملة والعادلة والمنصفة والمستدامة للمجتمع والطبيعة هي، بحسب ما كتب آلدو ليوبولد، «امكانية تطورية وضرورة إيكولوجية».
كل سنة، فيما يؤدي ازدياد شح الموارد الى مزيد من النزاعات، وفيما يخلق الاحترار العالمي لاجئي مناخ، وفيما تحد خسارة التنوع البيولوجي سعينا الى حياة أفضل، تكون القوة الناعمة في قطاعنا على المحك أكثر من أي وقت مضى. وثمة إغراء لأي نخبة بأن تحاول فرض تغييرات، فتفرض تعديلات سريعة تستثني أكثر الناس تعرضاً للخطر. لكننا ندرك أن «التكتيكات» المقصورة على مجموعات معينة تأتي دائماً بنتائج عكسية، إذ تفقد الثقة، وهي القوة التي تشد أواصر المجتمع ولحمته بسرعة لمواجهة التحديات الخطيرة. القوة الصارمة سريعة الزوال. وحدها القوة الناعمة تدوم.
هذه الحقيقة تدفعنا الى تنظيم دورنا وموقعنا في مجال الحوكمة، عالمياً ووطنياً، ومحلياً على وجه الخصوص. العالم على مفترق طرق، وكذلك المجتمع المدني. كيف تستطيع المنظمات غير الحكومية أن تستفيد بأقصى فعالية من المعرفة والتمكين بطرق تعزز العدالة الاجتماعية الحقيقية والحماية الفعالة على جميع مستويات الحوكمة؟ علمتنا التجربة أن الهرميّة (نظم التسلسل الهرمي) يمكن أن تتداعى، لكن الشبكات تبقى مرنة وصامدة. إن شبكاتنا العالمية الفريدة تصل بين الناس وصانعي القرارات، وبين الشركات والحكومات، وبين الأغنياء والفقراء، وبين العلم والمجتمع المدني، وبين الشعوب الأصلية ومسؤولي الأمم المتحدة. وفي رأس أولويات هذه الشبكة ما هو ممكن تطورياً وما هو ضروري إيكولوجياً.
لذلك نعمل على ما يأتي: حماية المجتمع والمحيط الحيوي بتركيز على الأدلة التي تظهر قيمة العدالة والحماية،  تحليل المسائل الاقتصادية والتوزيعية في الحماية، أو الفشل في القيام بذلك، توضيح الأسس لإقامة علاقات ملائمة بين المجتمع المدني وقطاع الأعمال، تحسين الإدراك لدى جميع شرائح المجتمع بأن العدالة الاجتماعية والاقتصادية هي في مصلحة الجميع، رفع مستوى العمل بشأن عمليات النظم الايكولوجية الى مستوى العمل بشأن الأنواع الحية والموائل.
يتطلب الجهد المطلوب لتنفيذ هذه الأولويات إشراك جماهير واسعة. وتتضمن التحويلات التي ذكرناها، لإعادة التنظيم الاداري والمنهجي والبرنامجي، درجة معينة من المخاطرة. بل إن تحولنا المستمر ربما كان مرادفاً للخطر. لكنه، وفق أي منظور، خطر محسوب، خطر ضروري، مثل جميع أشكال التغير التطوري في الطبيعة. والتحديات التي يواجهها الجنس البشري على كوكبنا، الذي يزداد تمديناً وسخونة وجوعاً واكتظاظاً، تجعل عدم التحرك أكبر خطر على الإطلاق.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
بوغوص غوكاسيان الدفلى: شجرة سامة بخصائص طبية
أبوظبي ـ «البيئة والتنمية» الوعي البيئي في أبوظبي
"البيئة والتنمية" يوم تجاوزنا قدرة الأرض
روب بايلي نفط للأكل
"البيئة والتنمية" كيف نقتصد بالورق
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.