Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
كتاب الطبيعة
 
زمبرة وزمبريتا  
أيلول-تشرين الأول (سبتمبر -أكتوبر) 2014 / عدد 198-199
 جزيرتان صنفتهما اليونسكو محمية للمحيط الحيوي تتميزان بتنوع نباتي وحيواني فريد ومناظر خلابة تشرف على البحر المتوسط
 نبيل بن ابراهم (تونس)
زمبرة وزمبريتا اسم أول حديقة وطنية أحدثتها الدولة  التونسية عام 1977. وتتكون من الجزيرة الأم زمبرة ومساحتها 389 هكتاراً وجزيرة زمبريتا التي تبعد عنها خمسة كيلومترات ولا تتجاوز الهكتارين، إضافة إلى مساحة بحرية ضمن ثلاثة كيلومترات حول كل من الجزيرتين.
تقع هذه الجنة الصغيرة، التي صنفتها منظمة اليونسكو ضمن محميات المحيط الحيوي، قبالة شبه جزيرة الوطن القبلي التي تمثل الساحل الشمالي الشرقي لتونس، على بعد 15 كيلومتراً من قرية الهوارية الساحلية.
كانت زمبرة في الستينات مقصداً سياحياً لهواة الغوص والصيد في الأعماق. وتدل على ذلك قوارير الأوكسيجين المعدنية الصدئة التي يمكن مشاهدتها منتصبة على ضفتي الميناء الصغير الوحيد. كما تدل على ذلك تلك البيوت الصغيرة المتجاورة والمتجانسة ذات الأسقف الدائرية والطلاء الأبيض والأزرق على سفح الجبل المقابل للميناء، وذلك المبنى الكبير القريب من الشاطئ الرملي الوحيد في الجزيرة الذي كان مطعماً ومشرباً وملهى لروادها.
اليوم لا يقيم في الجزيرة سوى جالية عسكرية صغيرة، ولا يسمح بارتيادها إلا لرحلات ومهمات علمية قليلة بعد الحصول على رخصة مسبقة من وزارة الدفاع الوطني.
وتبعاً لذلك، ونظراً للحماية الصارمة التي تتمتع بها الحديقة الوطنية منذ قرابة 40 سنة، فإن القاع البحري هناك هو من أثرى القيعان في الحوض المتوسطي. وقد أحصى الباحثون نحو 149 نوعاً من النباتات البحرية، منها أنواع من الطحالب لم تعاين في أماكن أخرى من البحر المتوسط. ومن أبرز هذه النباتات البوسيدونيا، وهي النبتة المميزة للمتوسط وتلعب دوراً أساسياً في توازن المنظومة البحرية المتوسطية، لأنها تساهم في حماية السواحل من الانجراف البحري إذ تمثل حاجزاً طبيعياً أمام الأمواج العاتية، ودورها من هذه الناحية يشبه دور أشجار المنغروف.
وسط هذا التنوع النباتي ثراء حيواني تميزه وفرة المرجان المتشعب البرتقالي الذي يستوطن المنطقة الغربية والجنوبية من البحر المتوسط، وهو نوع مهدد بصفة جدية. أما الأسماك فأعدادها وافرة، بينها المنّاني الذي يحبذ القاع الصخري حيث المغاور والتجاويف الكثيرة، وميزته الغريبة أن الذكر قد يتحول الى أنثى بتقدم العمر.
ويمكن مشاهدة الدلافين تقفز في الماء، خاصة في الأيام التي يكون فيها البحر ساكناً.
وفي فصل الربيع تكثر أسماك التونة المهاجرة، الآتية من رحلة طويلة من المحيط الأطلسي، وهي تطارد أسماك الماكرو التي تلاحق بدورها أسماك السردين.
وتؤوي مياه الجزيرة السلحفاة الكبيرة الرأس التي تتناقص أعدادها بشكل كبير في كامل الحوض المتوسطي بفعل التلوث والصيد غير المشروع.
أما الكائن الذي يثير مصيره جدلاً كبيراً فهو الفقمة الناسكة التي أصبحت على شفير الانقراض، على رغم إعلان بعض الصيادين رؤيتها خارج المنطقة المحمية من حين إلى آخر.
تحفل الجزيرتان بتنوع فريد من النباتات على رغم صغر مساحتهما، فقد سجل فيهما 266 نوعاً، منها أنواع متوطنة أو نادرة أو مهددة بالانقراض عالمياً.
على بر جزيرة زمبرة يمكن للزائر أن يتخذ أحد ثلاثة مسالك: يقوده الأول إلى «وادي الزيتون»، حيث يمر على عين ماء تدعى عين الريحان، وهي شحيحة ولكنها مهمة لحياة أروية كورسيكا التي تم إدخالها الى الجزيرة في الستينات. وتطغى على المكان أشجار الزيتون البري، وينتهي بمنحدر صخري حاد في شكل واد يؤدي الى البحر. ويشاهد في الفجوات الصخرية صيفاً الطائر المميز للجزيرة واسمه الجلّم الرمادي، فالجزيرة هي أهم موقع لتعشيشه في العالم، بوجود أكثر من 140 ألف زوج معشش بحسب تعداد 2010.
المسلك الثاني، الأكثر وعورة، يقود إلى عين كبّار، التي تجاور أكبر تجمع لنباتات الكبّار البري في الجزيرة، في منخفض مجاور للبحر. ولكن للوصول إليه عليك أولاً أن تجتاز حرجاً تنتشر فيه أشجار الريحان ذات الأوراق الرمحية والزهور البيضاء، وأشجاء العرعار الفينيقي ذات الثمار الصلبة الحمراء، والذّرو والكتم والحلاّب ونباتات أخرى أقل ارتفاعاً مثل الخلنج. ينتهي هذا الحرج عند منبسط خال من النباتات ومرتفع مطل على شاطئ صخري مفروش بالحصى اسمه «عنق الجمل»، لأن عوامل التعرية نحتت جدرانه الصخرية المقابلة للبحر «تمثالاً» على هيئة جمل.
وفيما سلكنا طريقنا الى عين كبّار، طالعنا ربما أكبر تجمع في العالم لنبتة خسّ كريت، وهي نبتة حولية مغاربية أصبحت شديدة الندرة، وربما كانت زمبرة آخر معاقلها في العالم.
أما المسلك الثالث فيقود إلى أعلى نقطة في الجزيرة، ترتفع 435 متراً، حيث يوجد مركز مراقبة قديم مطل على البحر المتوسط. ولكن قبل الوصول إلى القمة عليك أن تمر بأطلال «بيت الشاعر»، المحاط بأشجار السرول، وأمامه حديقة صغيرة فيها أشجار تين. يقال إن شاعراً اختار أن يعيش هنا، في مكان مرتفع يشرف على خضرة الغابة وزرقة البحر. وإذ تصعد شيئاً فشيئاً يلفتك تزايد أعداد أشجار اللّنج ذات الثمار الصفراء التي تتحول حمراء عند نضجها. وهي تشبه ثمار الفراولة (الفريز)، ولكن طعمها أقل حلاوة، وتستعمل في الطب الطبيعي لعلاج الإسهال والسكر وارتفاع ضغط الدم.
عند الوصول الى القمة تكافأ مرتين: أولاً لأنك ستلاقي نباتات صغيرة نادرة وتستمد وجودها من قلب الصخور، مثل قرنفلة الصخور المتوطنة في تونس والأندلسية الدائمة الازهرار، وثانياً لأنك ستشرف من هذا المكان على جلال المتوسط وعلى تضاريس الجزيرة الخلابة.
سرب من طيور الجلم الرمادية فوق مياه زمبرة وزمبريتا
رحلة في الحديقة الوطنية
كبش من أروية كورسيكا
طائر الجلم الرمادي الذي تعتبر زمبرة أهم موقع لتعشيشه في العالم
شجرة اللنج ذات الثمار الصفراء التي تتحول حمراء عند نضجها
خس كريت
زهرة خس كريت
قرنفل الصخور
شجرة العرعار الفينيقي
وادي الزيتون
بيت الشاعر يطلّ على البحر المتوسط
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.