Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
أشوك خوسلا أعطني قطرة وخذ مملكتي  
أيار-حزيران/ مايو-يونيو 2014 / عدد 194-195
 قد يظن الجنس البشري أنه يفوز في معركته مع الطبيعة، لكن إذا استمر النزاع مدة طويلة، فمن المؤكد أنه سوف يخسر الحرب. وقبل أن ننجح في القضاء على الأنواع الأخرى التي تشاركنا هذا الكوكب، سيؤدي دمار النظم الطبيعية الهشة الداعمة لحياتها إلى زوال كل ما نعتبره اليوم حضارة.
الناس يزدادون كل يوم، وكل واحد منهم يريد مزيداً من الأشياء، وهذه ليست حالة مستدامة بوجود قاعدة موارد محدودة. في إمكان الذكاء البشري والتكنولوجيا شراء وقت قصير للبشر، ولكن لا يمكنهما حل المشكلة الأساسية الكامنة. وحده إبطاء نمو الطلب على الخدمات التي توفرها بيئتنا يمكنه أن يفعل ذلك.
خلال السنوات الأربعين الماضية، أصبحت الحدود التي وضعتها الطبيعة واضحة بشكل متزايد للبعض منا، لكن ليس للكثيرين. والسبب الرئيسي، طبعاً، أن من الأسهل لمعظم الناس – كما لمعظم النعام – أن يتجاهلوا الخطر الوشيك بدل أن يجروا التغييرات المزعجة المطلوبة للتعامل مع هذا الخطر. بالنسبة إليهم، لا توجد هذه الحدود إلا بعد انتهاكها. والمشكلة في ذلك، في ضوء حسابات العمليات الطبيعية والفترات الطويلة الفاصلة بين السبب والأثر، أنه عندما يصبح الدليل متوافراً يكون الأوان قد فات.
كم من الأدلة نريد؟ الوقود الأحفوري قد يبدو متوافراً بكثرة حالياً، لكن لن تمضي بضعة عقود حتى يصبح نادر الوجود، خصوصاً إذا بدأ كل شخص يستعمله بإسراف كما في البلدان الصناعية الآن. وإلا، فلماذا تذهب بلدان متقدمة إلى الحرب مع بلدان أخرى لحماية إمداداتها من هذه الموارد؟
الأخطار التي تهدد النظم الأخرى الداعمة للحياة، مثل طبقة الأوزون الستراتوسفيرية والمناخ العالمي والتنوع البيولوجي، بلغت مراحل جعلت هذه المسائل على رأس الأجندة الدولية خلال عقد من إدراكها.
ومن بين جميع الموارد والعمليات الطبيعية، المياه هي المورد الذي يرجح أن تنشب نزاعات رئيسية عليه خلال العقود القليلة المقبلة. وليس فقط بين الدول، بل أيضاً بين أقاليم الدولة الواحدة وداخل المجتمعات.
الدلائل على هذا النزاع ماثلة أمامنا، وغالباً ما تحجبها هدنات واتفاقات، كما في الجنوب الغربي الأميركي وفي حوض نهر الدانوب وفي شبه القارة الهندية. النزاع الأهلي على المياه حدث فعلاً بين ولايات في جنوب الهند، وأدى إلى توترات بين مدن كبرى والمناطق الريفية المجاورة لها.
المياه عماد معظم النشاطات البشرية، زراعية كانت أم صناعية أم منزلية. وهي تشكل نحو 70 في المئة من جميع الأنسجة الحية، وأكثر من 50 في المئة من جميع المواد الأولية التي تدخل في الإنتاج الصناعي. المياه ليست رفيقة الحضارة وحدها، بل رفيقة الحياة نفسها.
يعود الاستخفاف بالمياه وعدم التعاطي معها كمورد إلى أنها كانت متوافرة مجاناً وبكثرة عبر التاريخ في معظم مناطق العالم المأهولة. وفجأة لم تعد كذلك. فقد حولها النمو السكاني والنشاط الاقتصادي خلال عقود قليلة من وفرة عالمية إلى ندرة محلية.
والسبب الرئيسي لذلك أنه، بحسب العادات والتقاليد، كانت المياه مورداً مفتوحاً. كانت متوافرة على أساس أن من يأتي أولاً يحصل عليها أولاً بحرّية ومجاناً. وهذا يعني أنها كانت تُستعمل، ويُساء استعمالها، من دون اعتبار لكلفتها الحقيقية أو مساهمتها في القيمة المضافة، ولا لتأثير هذا الاستغلال على وفرتها في المدى البعيد. وإذ باتت تشح بشكل متزايد، فسوف تذهب بالطبع أولاً إلى الذين يملكون السلطة السياسية أو الرأسمال الاقتصادي للاستيلاء عليها بالسيطرة على مصادرها.
أظهرت دراسات حديثة أن المياه، ربما أكثر من أي مورد آخر، تسعَّر أدنى كثيراً من قيمتها الحقيقية. ويحصل عليها كثير من مستعمليها في الزراعة والصناعة والمنازل بسعر لا يتعدى واحداً في المئة من كلفة توصيلها، وواحداً في الألف من القيمة التي تضيفها الى المنتجات والخدمات التي توفرها.
فلا عجب أن تعتمد زراعتنا وصناعتنا على تكنولوجيات تهدر هذا المورد الثمين بهذا القدر من التبذير. والنتيجة هذا الشح المتسارع جداً.
المياه، مثل الموارد الشحيحة الأخرى، يجب أن تسعَّر. ولا يكون السعر مرتفعاً كثيراً ولا منخفضاً كثيراً، بل متدرجاً بمقياس محكّم يجعلها في متناول جميع شرائح المجتمع، مع التقليل من أي هدر. ويجب أيضاً وضعها تحت الإشراف المحلي للمجتمعات، التي يمكن أن تتخذ القرارات المناسبة بشأن توزيعها على مختلف الاستعمالات والمستعملين الذين يحتاجون إليها.
هكذا فقط تحفظ المياه وتصان، وتكون متوافرة للجميع، فقراء وأغنياء، بشكل عادل ومنصف.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.