|
|
|
|
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA |
Leading Arabic Environment Magazine |
|
|
|
|
|
المجلة البيئية العربية الاولى |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
مقالات |
|
عبدالحليم سواس (المدينة المنورة) |
حقول تنقّي مياه الصرف تموز - آب2011 / عدد 160-161 |
|
|
|
معالجة مياه الصرف الصحي عامل رئيسي في تحقيق الاستدامة البيئية. وهي تعتمد على أكسدة هوائية ولا هوائية تحفزها البكتيريا المعوية التي تطرح مع فضلات الانسان في مياه الصرف الصحي. ويعتبر توافر الأوكسيجين مفتاح نجاح المعالجة الهوائية، حيث تتحول بقايا المواد الغذائية والشرهة للأوكسيجين الى مركبات ذات كثافة أعلى من الماء، فترسب وينساب الماء رائقاً.
الأوكسيجين الهوائي هو أرخص المصادر لتنفيذ عملية المعالجة. ولقد طبقت تقنيات، من أهمها التخمير المنشط والترشيح، تحتاج الى تقنيات عالية في التشغيل وتتأثر بالظروف البيئية من حرارة وارتفاع عن سطح البحر لارتباطهما بنسبة ذوبان الأوكسيجين. كما أنها تتم في حوض أسطواني قد يصل ارتفاعه الى عدة أمتار، ما يجعل ذوبان الأوكسيجين الهوائي عبر عمود خزان المعالجة غير متجانس، وبالتالي تكون الأكسدة الهوائية متغيرة. وقد تنافس الباحثون في تطوير تقنيات هذه المعالجة لزيادة كفاءة نتائجها، بما في ذلك تركيب صفائح عائمة لزيادة مساحة سطح التهوئة في خزان المعالجة، وإضافة بكتيريا محوَّرة وراثياً، وكلاهما يتصاحب مع نتائج إيجابية إلا أنها ذات كلفة اقتصادية عالية، كما قد تنطوي البكتيريا المحوَّرة على مخاطر بيولوجية عند الطفرات الوراثية أو كوسيط لنمو بعض الفيروسات. وكثيراً ما يفشل تطبيق المعالجة، خصوصاً في البلدان النامية التي تفتقر الى الكفاءات التقنية والخطط الانمائية والخدمات المساندة.
لكن ثمة وسيلة حيوية تعتمد الآن بنجاح في بلدان متقدمة ونامية، وهي استخدام النبات في معالجة مياه الصرف الصحي وأشكال أخرى من المياه الملوثة. ويحتاج النبات لنموه الى الهواء الجوي في محيطه وحول جذوره. بيد أن نقص الأوكسيجين للجذور يثبط فاعلية النمو. إلا أن بعض النباتات تمتلك خاصية اجتذاب الأوكسيجين الهوائي من الغلاف الجوي عبر الأوراق والساق ذات النفاذية للأوكسيجين الذي يسري الى الجذور ويغنيها عن أوكسيجين التربة. ومنها نبات الحلفا القصبي (reed) الذي يستوطن المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وينتشر في دول عربية أخرى ومنها مصر والسودان. ولقد فطن العالم الألماني أود باولي لهذه الخاصية وطورها في بحث نال عليه درجة الدكتوراه عام 1980، ومن ثم سهلت له هيئة البحث العلمي الألماني اختبار التطبيق الميداني الأول في منطقة نورديني الألمانية عام 1991. وقد تم اعتماد بحثه وطريقته لمعالجة مياه الصرف الصحي في مناطق كثيرة.
صمم باولي وحدة معالجة مياه الصرف الصحي والحمأة مستخدماً الآتي:
ـ خنادق أرضية مخروطية معزولة تماماً عن طبقة المياه السطحية باستخدام غلاف عازل من اللدائن البلاستيكية غير النفاذة.
ـ طبقة ترشيح طبيعي مكونة من أحجام متدرجة من الحصى، وفي أعلاها الرمل الذي يلي طبقة زراعة النبات السطحية. هذا يسمح للماء المعالج عبر جذور النبات بأن يترسب محتواه عبر طبقات ذات مسامية متزايدة تدريجياً، بالتصفية والانسياب تحت تأثير الجاذبية الأرضية، ثم ينساب في ميزاب مخروطي في قاع الخندق.
ـ طور نبات الحلفا وراثيـاً كي تزداد قدرة الجذور على تزويد الأوكسيجين، مما يسمح بتوضُّع البكتيريا الهوائية في جوار الجذور، تليها منطقة مجاورة من البكتيريا اللاهوائية. وهكذا فان ماء الصرف الصحي الذي يضخ عبر الجذور يتعرض للأكسدة الهوائية واللاهوائية في آن واحد وبصورة متجانسة نتيجة التحكم بمعدل جريان ماء المعالجة.
ـ تحقق هذه التقنية استخلاص 85 في المئة من الماء المعالج، ويفقد 15 في المئة بالتبخر الجوي. والى ذلك تمتد بقعة خضراء تثبت التربة وتمنع العواصف الرملية، وتلطف الجو. وهذه التقنية في معالجة حمأة الصرف الصحي تسمح باستخدام الحمأة كأسمدة عضوية مأمونة تغني عن الأسمدة الصناعية.
توالت مشاريـع الحلفا في ألمانيا حتى زادت على خمسين، لمعالجة مياه الصرف الصحي في بلدات ومدن مختلفة. وامتد تطبيقها الى النمسا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا والأرجنتين. كذلك استخدمت في المنتجعات السياحية في تايلاند وفي الأقصر في مصر، خصوصاً لمعالجة مياه الصرف الصحي لمراكب الرحلات النيلية، ما يدل على إمكان تطبيق هذه التقنية بطاقة استيعابية صغيرة أو كبيرة وبمواصفات بيئية وجمالية عالية. وحديثاً تم تطبيقها في منطقة هرينغن الألمانية عام 2010 لمعالجة مياه المسابح وإعادة استخدامها، مما يشير أيضاً الى كفاءة المعالجة التي تفي بالصحة البيئية. ونجحت هذه التقنية في مشاتل أوسترالية بإزالة 90 في المئة من النيتروجين و96 في المئة من الفوسفات من مياه الصرف الزراعي.
لقد اهتدى هذا العالم الألماني الى نعمة من نعم الله سخرها كي يسترشد بها الانسان ويعالج مخلفات صرفه الصحي، بما فيها الحمأة التي تتحول الى سماد معالج وصالح للزراعة. وغاب عن أبناء منطقتنا، ونبات الحلفا حولهم، التفكير فيه وتسخيره لخدمة الاستدامة البيئية. ولقد زرت منطقة بحيرة اصطناعية من مخلفات مياه الصرف في المنطقة الشرقية في السعودية، وفوجئت بأن نبات الحلفا يحيط بجنباتها بكثافة. وسألت من زرعه، فأخبروني أنه نما تلقائياً. حتى في مياه الصرف الصحي المعالج بصورة غير كاملة ينمو هذا النبات تلقائياً في أحواض المعالجة، كما في برنامج الصرف الصحي في مدينة الرياض. وكان نموه في تجمعات مياه الصرف الصحي أكبر مما في المياه المعالجة بصورة غير كاملة. كما أنه نما في مدخل المياه غير المكتملة المعالجة وليس في أدنى الحوض، ما يشير الى أن نموه يتناسب طردياً مع نسبة تركيز المخلفات. وهنا نتساءل، هل ينمو هذا النبات عفوياً أم أنه «غراب قابيل» سخره الله العلي القدير كي يرشد الانسان لمعالجة ما يلوثه من مياه ويحافظ على مصادرها فتتحقق الاستدامة البيئية؟
الدكتور عبدالحليم أحمد سواس أستاذ في جامعة طيبة في المدينة المنورة، السعودية.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
اضف تعليق |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
|
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.
|