أحمد الخويطر هو كبير المهندسين والمدير التنفيذي لتطوير الأعمال في أرامكو السعودية، وقد أعد هذا الرأي لـ«البيئة والتنمية» من كلمة ألقاها في مؤتمر ومعرض إدارة الطاقة في البحرين.
تُعتبر إدارة الطاقة من أكبر التحديات التي نواجهها في العصر الحديث، ومن أعظم الفرص أيضاً التي نسعى لتحقيقها. فهي من دون شك أساس الاستدامة الاقتصادية. ومن الممكن أن تكون عاملاً رئيسياً للقدرة التنافسية بين المؤسسات العلمية. فالإدارة الصحيحة والفاعلة لمواردنا الطاقوية يمكن أن تحدث الفرق بين اقتصاد استهلاكي مهدر واقتصاد منتج متنام.
نحن هنا في الخليج العربي على مفترق طرق. فقد شهدنا نمواً غير مسبوق في اقتصاداتنا المحلية خلال السنوات الأخيرة. ولكن هذا النمو والتطور الذي صاحبه ترافقا مع بعض أعلى معدلات كثافة استهلاك الطاقة في العالم. ولحسن الحظ، أدرك قادة المنطقة أهمية إدارة الطاقة ورفع مستوى كفاءتها، وشرعوا في إرساء خطط لكبح جماح الاستهلاك المفرط واعتماد استخدام تكنولوجيات الكفاءة.
ونسمع هذه الأيام الكثير مما يُقال عن غموض يكتنف مستقبل الطاقة في العالم. وأعتقد أن علينا إجراء تقييم واقعي للوضع الحالي. كما يجب أن نتبنى نهجاً عملياً يعترف بالدور العظيم لمصادرنا الطاقوية التقليدية والإمكانات المستقبلية الضخمة لأدائها وكفاءتها، مع تعزيز اعتماد بدائل مصادر الطاقة في الوقت ذاته. كذلك علينا أن تكون لدينا الرغبة لتوفير الاستثمارات الكبيرة المطلوبة في الوقت المناسب، وأن نلزم أنفسنا بالعمل متعاونين وليس من منطلق أهداف متضاربة.
هناك بالفعل تكنولوجيات أثبتت نجاحها في كفاءة الطاقة، ومصادر واعدة للطاقة البديلة، وهي سوف تنمو وتتطور بالتأكيد مع مرور الوقت. وهذا، في رأيي، ليس مرغوباً فقط، بل هو ضروري، نظراً إلى النمو الكبير المتوقع لمجمل الطلب العالمي على الطاقة.
الواقع أن تحدي كفاءة الطاقة في المنطقة ليس فقط في قابليتها للنجاح تقنياً أو اقتصادياً، وإنما هو التحدي العملي الناجم عن غياب حوافز السوق بسبب الدعم الكبير الذي تقدمه حكوماتنا المحلية لأسعار الطاقة. لقد كان الدعم في الأساس بمثابة جهود حسنة النية لمساعدة من هم في أمس الحاجة إليه، ولتسريع نمو الاقتصادات الناشئة في مراحلها المبكرة. لكنه اليوم يؤدي الى استهلاك مفرط لمصادر الطاقة واستثمار غير مجد اقتصادياً. ويجب أن نعمل سوياً لإيجاد وسائل تمكننا من التغلب على هذا النقص في الحوافز، واجتذاب الاستثمار الذي يؤمّن بالتأكيد عوائد مضاعفة.
نحن في أرامكو السعودية نستثمر بفعالية في تطوير كفاءة الطاقة، علماً أن الشركة هي الممول الرئيسي لمصادر الطاقة في المملكة العربية السعودية والمنتج الأول للنفط في العالم. لقد ازداد الطلب على الطاقة بشكل دراماتيكي خلال العقود الثلاثة الأخيرة. ومنذ أيامها الأولى، أدركت أرامكو السعودية تماماً أهمية الاستخدام الكفوء للموارد التي تنتجها. لذلك أطلقت عدة مبادرات بهدف تحسين استخدام الطاقة، من خلال اعتماد حلول ابتكارية قليلة الكلفة وممارسات كفوءة لإدارة الموارد. على سبيل المثال، طورت أرامكو السعودية خلال السنين العشر الماضية خطتها الناجحة لمحطات التوليد المشترك، التي باتت معياراً للتصميم الأمثل لأي مرافق جديدة تنشئها. وتكنولوجيا التوليد المشترك هي أكثر كفاءة إلى حد بعيد من التكنولوجيا التقليدية، إذ تنتج الطاقة والبخار باستعمال وقود أقل وبكفاءة أعلى، مع إنتاج كمية أقل من الملوثات. وتتجاوز كفاءتها الحرارية 80 في المئة، بالمقارنة مع التوليد التقليدي الذي تتراوح كفاءته الحرارية بين 40 و50 في المئة.
وفي ما يتعلق بالطاقات المتجددة، طورت أرامكو السعودية أحد أكبر نظم الخلايا الفوتوفولطية الشمسية بقدرة 10 ميغاواط، وهو يغطي مواقف السيارات المحيطة بمبنى المكاتب الحديث المكون من 13 طبقة في مقر الشركة الرئيسي في الظهران.
إضافة إلى ذلك، أسست الشركة فرعاً باسم «مشاريع الطاقة في أرامكو السعودية» (SAEV) بهدف الاستثمار عالمياً في شركات ناشئة ومتطورة لديها تكنولوجيات ذات أهمية استراتيجية لأرامكو السعودية، وتسريع تطويرها وانتشارها في المملكة. ومن التكنولوجيات الرئيسية التي تركز عليها SAEV تكنولوجيات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. نحن نرى أن هذه التكنولوجيات تؤدي دوراً مهماً في المملكة وفي المنطقة، ونريد أن تكون أرامكو السعودية في المقدمة عالمياً في هذا المجال، ليس فقط في إنتاج البترول بل في مصادر الطاقة بوجه عام.
ويسرنا أن بلداناً مجاورة تطور مشاريع واعدة في مجال كفاءة الطاقة والتكنولوجيات البديلة، ونود التعاون لنستفيد ونتبادل المعلومات حول قصص النجاح.
|