ظلت شجرة الأركان (argan) رمزاً للمغرب، تجسد ثقافة متجذرة في عمق حضارته وتاريخه. غاباتها نظام إيكولوجي يغطي نحو 800 ألف هكتار من جنوب البلاد، أي 14 في المئة من غابات المغرب، بما يقارب 21 مليون شجرة أركان. يمتد مجالها الجغرافي الطبيعي في محاذاة الساحل الأطلسي، من مدينة أسفي وصولاً الى تزنيت، كما يمتد إلى داخل البلاد حتى تارودانت شرقاً.
تحظى شجرة الأركان باهتمام اقتصادي كبير. فغاباتها تشكل درعاً بيولوجياً واقياً من التصحر. ونظامها الإيكولوجي يتحدى الجفاف، ويحمي التربة من الانجراف ومن زحف الرمال، ويغذي الفرشة المائية الجوفية، خصوصاً على مستوى سهل سوس ـ ماسة في الجنوب. ويضمن مجالها عيش نحو ثلاثة ملايين شخص، منهم 2.2 مليون في الوسط القروي، ويساهم في دخل العائلات بمعدل يتراوح بين 25 و45 في المئة حسب المناطق، أي 9.000 إلى 15.000 درهم في السنة لكل عائلة (1100 ـ 1850 دولاراً ).
يستخرج من ثمار الأركان زيت ثمين يستعمل في تحضير أطباق مغربية متعددة. وهو خفيف وسهل الهضم ويساعد على تقليص نسبة الكولسترول «المؤذي» في الدم، فضلاً عن احتوائه على نسبة مهمة من الفيتامينات. وهو يستعمل منذ مئات السنين في علاج عدد من الأمراض، كالقروح الجلدية وآلام الروماتيزم، كما يستعمل تقليدياً ضد العقم. ويدخل في تركيب مستحضرات التجميل، وقد أدخلته المختبرات الفرنسية ضمن مكونات منتجاتها للحد من انحلال الأنسجة والحماية من أشعة الشمس وعلاج جفاف الجلد والأظافر.
وتختلف إنتاجية ثمار الأركان حسب العمر والكثافة، بمعدل 40 كيلوغراماً من «اللوز» للشجرة في السنة. وتقدر الإنتاجية الممكنة من الزيت بنحو 4000 طن في السنة.
عرفت السنوات الخمس عشرة الأخيرة تحولاً من الإنتاج التقليدي لزيت الأركان الى إنتاج منظم ضمن تعاونيات. في العام 1995 أطلقت الحكومة المغربية برنامجاً لحماية شجرة الأركان وتطويرها، أفضى إلى إحداث «تعاونية تيسليوين» النسائية لإنتاج وتسويق زيت الأركان في إقليم الصويرة، وكذلك خلق أول تجمع للتعاونيات النسائية المنتجة لهذا الزيت عام 1999.
وأطلقت وكالة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي عام 2003 مشروعاً لشجرة الأركان، أسفر عن إحداث الجمعية الوطنية لتعاونيات الأركان. وبعدما كان هناك عدد صغير من الجمعيات النسائية لإنتاج الزيت تضم بضع مئات من النساء عام 1999، أصبح هناك 247 جمعية تضم نحو 7000 امرأة عام 2013.
ونظمت مجموعة من هيئات المجتمع المدني عام 2002 «شبكة جمعيات محمية المحيط الحيوي لشجرة أركان» (RARBA). وفي إطار القانون المتعلق بالعلامات المميزة للأصل والجودة، تأسست الجمعية المغربية للمؤشر الجغرافي لزيت الأركان عام 2008، وهي تعنى بمحمية الأركان التي أسستها وزارة الفلاحة والصيد البحري عام 2008.
تعاني أشجار الأركان حالياً صعوبات تهدد وجودها، خصوصـاً الاستغلال المفرط والرعي العشوائي والاقتلاع والحرائق. وتتولى المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر صون نظام الأركان وتطويره كجزء من برنامج يمتد من 2005 إلى 2014. وقد صنفت اليونسكو عام 1998 مجال الأركان كمحمية للمحيط الحيوي، تمتد على مساحة 2.5 مليون هكتار وتضم غابات ومزارع وتجمعات حضرية.
كادر
المؤتمر الدولي الثاني حول شجر الأركان
نظم في كانون الأول (ديسمبر) 2013 المؤتمر الدولي الثاني حول شجرة الأركان، بمبادرة من الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان. وأجمع المشاركون على وجوب الترويج لمنافع هذه الشجرة في محيطها الحيوي، بيئياً واجتماعياً واقتصادياً. ودعوا إلى تنفيذ برامج للبحث العلمي والتقني لاستثمارها في برنامج الزراعة العصرية، وتسويق منتجـات الأركـان وطنيـاً ودوليـاً.
|