ما هي الجزيرة؟ هي قطعة أرض تحيط بها المياه. والجزر تنشأ دائماً، وأحياناً تُدمر. وفي مسح حديث أجراه باحثون من جامعة ديوك وكلية ميريديث في ولاية نورث كارولينا الأميركية، تم إحصاء 2149 جزيرة حاجزية (barrier island) في أنحاء العالم باستعمال صور الأقمار الاصطناعية والخرائط الطوبوغرافية والرسوم البيانية الملاحية. هذا يعني أن هناك 657 جزيرة أخرى غير الـ 1492 جزيرة التي تم إحصاؤها في مسح أجري عام 2001 ولم تستخدم فيه صور الأقمار الاصطناعية المتاحة اليوم للعموم.
يبلغ طول الجزر الـ 2149 ما مجموعه 21 ألف كيلومتر. وهي موجودة في جميع القارات ما عدا القارة القطبية الجنوبية (أنتارتيكا)، وفي جميع المحيطات، وتشكل نحو 10 في المئة من الخطوط الساحلية القاريّة للأرض. ويقع 74 في المئة منها في نصف الكرة الشمالي.
تقع الجزر القاريّة على الجرف القاري لإحدى القارات. أما جزر المحيطات فلا تقع على أجراف قارية، وغالبيتها العظمى ذات منشأ بركاني، والقلة الباقية ذات منشأ زلزالي تظهر الى الوجود حيثما تؤدي تحركات الصفائح التكتونية الى رفع قاع المحيط العميق فوق سطح المياه.
ولتوزُّع الجزر علاقة وثيقة بتاريخ مستوى البحر، إضافة الى تأثير الموضع التكتوني. ويعتبر ارتفاع مستوى البحر خلال العصر الحديث الأخير (الهولوسيني قبل 5000 سنة) سبباً لظهور أكبر عدد من الجزر، خصوصاً في المنبسطات الساحلية الشمالية للمحيط الأطلسي والمحيط المتجمد الشمالي. أما استقرار مستوى البحر أو انخفاضه في الاطار الزمني ذاته، وهو نمط سائد في نصف الكرة الجنوبي، فيرتبط بقلة الجزر وبارتفاع نسبة وجودها في محاذاة دلتات (مصبات) الأنهار وليس في المنبسطات الساحلية.
ويتأثر شكل الجزر الى حد بعيد بالمناخ. فمعدل أطوال الجزر في المحيط المتجمد الشمالي يبلغ خمسة كيلومترات، أي نصف المعدل العالمي الذي يبلغ 10 كيلومترات، بسبب تأثير الجليد البحري على مهب الريح وبالتالي على طاقة الأمواج. ويفترض أن تكرار العواصف في المناطق البعيدة والمتوسطة البعد عن خط الاستواء يتسبب في جزر أقصر وأضيق، بالمقارنة مع تلك التي على سواحل المناطق القريبة من خط الاستواء حيث تهيمن الأمواج الطويلة.
يقول أورين بيلكي، أستاذ الجيولوجيا في جامعة ديوك: «هذا دليل على أن الجزر توجد في كل مناخ وفي كل وضع للمد والموج. وقد وجدنا أنه حيثما توجد قطعة أرض مسطحة قرب الساحل، وامدادت معقولة من الرمال، وأمواج كافية لنقل الرمال أو الرسوبيات، وارتفاع حديث في مستوى البحر خلَّف خطاً ساحلياً ملتوياً، تكون هناك جزر حاجزية».
وغالباً ما تتشكل الجزر الحاجزية كسلاسل تراكمات طويلة ومنخفضة وضيقة من الرمال والرسوبيات، تمتد في موازاة الساحل ولكن تفصلها عنه خلجان أو مصبات أنهار أو قنوات مائية. وبخلاف أشكال الأرض الثابتة، فإن الجزر الحاجزية تتضخم وتتآكل وترتحل وتعيد بناء ذاتها مع مرور الزمن، استجابة للأمواج وحركات المد والجزر والتيارات وعمليات طبيعية أخرى في بيئة المحيطات المكشوفة.
يقول ماتيو ستوتز، أستاذ علوم الأرض في كلية ميريديث، ان الجزر الحاجزية الـ 657 التي تم رصدها مؤخراً لم تظهر بشكل عجائبي، بل هي موجودة منذ زمن طويل، لكن تم إغفالها في مسوحات سابقة.
في الماضي، مثلاً، اعتقد العلماء أن الجزر الحاجزية لا يمكن أن توجد في أماكن يزيد فيها ارتفاع المد الموسمي على أربعة أمتار. لكن مسحاً أجراه ستوتز وبيلكي رصد أطول سلسلة من الجزر الحاجزية في العالم على امتداد الساحل الاستوائي للبرازيل، حيث تصل أمواج المد الربيعية الى ارتفاع نحو 7,5 أمتار. تضم هذه السلسلة 54 جزيرة وتمتد نحو 650 كيلومتراً على حافة غابة المنغروف (القرم) جنوب مصب نهر الأمازون. ويقول ستوتز إن المسوحات السابقة لم تميز أنها ساحل جزر حاجزية، والسبب جزئياً هو أن صور الأقمار الاصطناعية القديمة القليلة الوضوح لم تظهر فاصلاً واضحاً بين الجزر والمنغروف، لكن أيضاً لأن السلسلة لم تطابق معايير أمواج المدّ التي تستعمل لتصنيف الجزر في الولايات المتحدة حيث أجريت غالبية الدراسات. وفات العلماء أن إمدادات الرمل الوفيرة على الساحل البرازيلي الاستوائي تسدّ الفراغات ويمكنها التعويض عن التآكل الذي يسببه المد الربيعي العالي.