من قرد هبت عليه عاصفة ثلجية، الى دب قطبي يتربص في مياه جليدية لاصطياد فريسة، الى بومة تنقضّ لاختطاف فأر، صور معبرة فازت في مسابقة مصوري الحياة الفطرية لهذه السنة في فئاتها المختلفة.
لكن الفائز بلقب "أفضل مصور لسنة 2013" هو غريغ دي توا من جنوب أفريقيا، الذي اقترب من أفيال أفريقية تجمعت حول جب ماء ساكنة وانعكست خيالاتها على صفحتها، فالتقط لها صورة في لحظة اندفاع أحد الصغار أمامه.
وفاز بجائزة فئة الشبيبة الفتى الهندي أودايان راو باوار (14 عاماً) عن صورة لأنثى تمساح وقد اعتلت فراخها رأسها فبدت مثل تاج صنع من صغار تماسيح.
هذه المسابقة السنوية، التي ينظمها متحف التاريخ الطبيعي في لندن ومجلة BBC للحياة الفطرية منذ 49 عاماً، استقطبت هذه السنة نحو 43 ألف صورة من 96 بلداً. وقد نظرت فيها لجنة محكمين محترفين. وتُعرض في متحف التاريخ الطبيعي أجمل 100 صورة مشاركة تمثل التنوع في الطبيعة، من 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 إلى 23 آذار (مارس) 2014. ومن ثم يجول المعرض في أنحاء بريطانيا وعدد من بلدان العالم.
تقبل المشاركات في دورة 2014، وهي السنة الخمسون للمسابقة، ابتداء من 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013. وهي مفتوحة للمصورين الهواة والمحترفين في بلدان العالم أجمع. ويمكن الاطلاع على التفاصيل من خلال الموقع الإلكتروني:
www.nhm.ac.uk/wildphoto
جوهر الفيلة
غريغ دي توا، جنوب أفريقيا (أفضل مصور للحياة الفطرية 2013)
منذ التقط غريغ دي توا الكاميرا للمرة الأولى وهو يصور الفيلة الأفريقية يقول: "أردت أن أخلق صورة تبين طاقة الفيلة وحالة الوعي التي أشعر بها عندما أكون معها. وهذه الصورة هي الأقرب إلى ذلك". وقد التقطها عند جبّ ماء في محمية تولي في بوتسوانا، من مخبأ (مستوعب شحن أُغرق في الماء) وفّر له رؤية على مستوى الأرض. اختار استعمال سرعة إغلاق بطيئة لعدسة الكاميرا "لتصوير هذه العمالقة الوديقة بطريقة تظهرها كأشباح". واستعمل عدسة wide-angle مائلة إلى أعلى لتضخيم أي فيل يدخل مقدمة الصورة. واختار فتحة ضيقة تعطي عمقاً واسعاً للحقل بحيث تكون الأفيال التي في الخلفية ضمن نطاق التركيز.
أمل دي توا أن تجيء الفيلة قبل الفجر، لكنها وصلت بعد شروق الشمس. ومن أجل إبراز "الطبيعة الغامضة" لهذه الكائنات، ركّب فلتر استقطاب وعيَّر ميزانه على درجة حرارة باردة. أما عنصر الحظ الذي أضاف اللمسة الأخيرة الى استعداده فكان الفيل الصغير، الذي اندفع في محاذاة المخبأ، قريباً من المصور حتى كاد يلمسه.
سرعة الإغلاق البطيئة نقلت الحركة، وأدت ومضة فلاش قصيرة إلى تجميد تفاصيل سريعة الزوال.
تاج أمّ التماسيح
أودايان راو باوار، الهند (أفضل مصور في فئة الشبيبة)
في إحدى الليالي، خيَّم باوار قرب مستعمرة لتماسيح الغاريال على ضفة نهر شامبال. كانت هناك مجموعتان، تضم كل منهما أكثر من 100 فرخ فقست حديثاً. قبل بزوغ الفجر، زحف واختبأ خلف الصخور قرب الصغار. يقول: "كنت أسمع أصواتها الخافتة. وسرعان ما ظهرت أنثى كبيرة على سطح الماء قرب الضفة لتتفقد صغارها. فسبحت بعض الفراخ نحوها، وتسلقت رأسها، ربما لتشعر بالأمان". وتبيَّن أنها الأنثى "الزعيمة" في المجموعة، وهي ترعى جميع الفراخ. ورأى أودايان إناثاً أخرى وذكراً، لكنها لم تقترب.
كانت تماسيح الغاريال في الماضي تعيش بأعداد كبيرة في أنهار شبه القارة الهندية. أما الآن فلم يبق إلا نحو 200 من التماسيح البالغة المتزاوجة، تعيش في 2 في المئة فقط من نطاقها السابق. يقول أودايان: "نهر شامبال هو آخر معقل لتماسيح الغاريال، لكنه مهدد باستخراج الرمال والصيد غير القانونيين".
لحظة الثلج
جاسبر دويست، هولندا (الفائز في فئة الرؤى المبدعة)
صوّر دويست قردة المكاك اليابانية الشهيرة قرب الينابيع الحارة في جيغوكوداني، وسط اليابان. وفتنته التأثيرات "السوريالية" التي يحدثها هبوب ريح باردة. أحياناً، تهب عصفة ريح عبر البخار المتصاعد من البرك، وإذا كان الثلج يتساقط تكون النتيجة تشكيلة مذهلة من البخار المدوّم ورقع الثلج، تلتف حول القرود المستدفئة في البرك. انتظر دويست في الثلج حتى ظهر قرد بالغ وقفز الى صخرة في وسط البركة، "وعندما بدأت أنفض الثلج، علمت أن اللحظة حانت".
دب في الماء
بول ساودرز، الولايات المتحدة (الفائز في فئة سلوك الحيوانات في بيئتها)
معظم صور الدببة القطبية تظهرها على الجليد ولا تظهر سلوكها. أخذ ساودرز قاربه إلى خليج هادسن في كندا خلال فصل الصيف. هناك أمضى ثلاثة أيام وهو يبحث عن دب على الجليد. أخيراً لمح هذه الدبة على بعد 50 كيلومتراً من الشاطئ. قال: "اقتربت منها ببطء شديد، ثم جرفني التيار. وبقينا على هذه الحال كما في لعبة القط والفأر. كنت أسمع زفيرها البطيء وهي تراقبني بفضول من تحت سطح الماء، وشهيقها عندما تصعد إلى السطح. كان الوضع استثنائياً". وكانت شمس منتصف الليل تتسلل عبر دخان حرائق الغابات المستعرة بعيداً إلى الجنوب، إشارة إلى ظاهرة ارتفاع الحرارة في منطقة القطب الشمالي.
جبل النار
سيرغي غورشكو، روسيا (الفائز في فئة المشاهد الطبيعية)
صورة غورشكو هي الفائزة الوحيدة التي لا يظهر فيها حيوان. في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 سمع أن بركان بلوسكي في هضبة تولباشنيك البركانية بدأ يثور. ركب طائرة هليكوبتر ليصور الحدث. لكن سحابة الرماد والدخان المنبعثة كانت سميكة جداً الى حدّ أنه لم يتمكن من رؤية فوهة البركان. وعلى رغم الهواء الساخن الذي لف الطائرة، أوثق غورشكو جسده ببابها المفتوح وراح يلتقط الصور.
الغوّاص
لويس خافيير ساندوفال، المكسيك (الفائز في فئة الحيوانات ذوات الدم البارد)
شواطئ شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك، قرب كانكون، مواقع تعشيش تقليدية للسلحفاة الخضراء المعرضة للانقراض، وهي تجتذب السياح. قال ساندوفال: "السلاحف معتادة على رؤية الناس في الماء، حتى أنها تظنهم جزءاً من البيئة. هذه الأنثى التي يبلغ طولها متراً كانت تقتات على الأعشاب البحرية. وهي لم تعر وجودي أي انتباه، باستثناء إلقاء نظرات عجلى إلى أعلى".
غزل خشن
جو ماكدونالد، الولايات المتحدة (الفائز في فئة سلوك الثدييات)
كانت منطقة بانتانال البرازيلية مسرحاً لمنازلة بين فهد وفهدة من نوع الجاغوار. فقد ظهر الذكر، واقترب من الأنثى التي كانت مستلقية في وضع أشبه بمحاولة إغراء. لكنها نهضت غاضبة، مهمدرة، وهجمت عليه فجأة وهي تكيل له الضربات. تراجع الذكر متلافياً مخالبها المسلطة. وقبل أن يختفيا داخل الغابة لاستئناف مغازلتهما الخشنة، تمكن ماكدونالد من التقاط هذه الصورة المعبرة.
وضع شائك
إيزاك بريتوريوس، جنوب أفريقيا (الفائز في فئة سلوك الطيور)
في أيار (مايو) من كل سنة تحط طيور النودي البحرية على اليابسة للتزاوج. ويتزامن وصولها إلى جزيرة كوزين الصغيرة في أرخبيل سيشيل مع اكتمال شباك العناكب الذهبية ذات القوائم الحمراء. تنسج إناث هذه العناكب، التي تنمو حتى حجم اليد، شباكاً ضخمة يصل قطرها إلى متر ونصف متر، تتجمع فيها الذكور الصغيرة، وتعلق فيها العصافير العابرة. وتستطيع طيور النودي عادة اختراق الشباك، لكن هذا الطائر كان منهكاً فعلق في الشبكة. قال بريتوريوس: "التقطت له صورة قبل أن أحرره من قدر مشؤوم".
مسار البوم
كونور ستيفانيسون، كندا (الفائز بجائزة إريك هوسكينغ لمجموعات الصور)
يتخذ البوم المخطط من منطقة برنابي في بريتش كولومبيا (كندا) موئلاً له. راقب ستيفانيسون هذه الطيور الليلية لبعض الوقت، حتى تعرف على مسارات طيرانها، كي يسهل عليه تصويرها. ثبت الكاميرا في المكان المناسب، ووضع فأراً نافقاً على منصة فوقها منتظراً وصول البومة. قال: "اختطفت البومة الفأر، وعادت الى مجثمها، وأخذت تنادي رفيقها. إنها من الصيحات الأكثر إثارة التي يمكن سماعها في البرية".