أسفرت عشرون سنة من الدراسات الميدانية في البراري شبه المجهولة المتبقية على الأرض عن أروع الاكتشافات البيولوجية خلال العقدين الأخيرين، وساعدت المجتمعات والشركات والدول في اتخاذ قرارات أذكى في التنمية واستعمال الأراضي والمياه. هذا ما أعلنته منظمـة Conservation International لمناسبـة إصدارها كتـاب «ما زلنا نحصي» (Still Counting)، الذي يضيء على النتائج الحمائية المؤثرة لبرنامج التقييم السريع (RAP) الذي تتولى تنفيذه.
أتى الكتاب ثمرة رحلات قام بها علماء المنظمة الى بعض أكثر المناطق بعداً وغموضاً على الأرض، مسجلين التحديات والتجارب التي مروا بها. وهو يحوي أكثر من 400 صورة ملونة لأنواع نادرة من أنحاء المعمورة احتفاء بالسنوات العشرين من عمل منظمة «كـونزرفيشن إنترناشونال» في استكشاف الأنواع الحية في المناطق النائية، اختارت المنظمة «نجوم» برنامجها (Rap stars) العشرين الأوائل. وتشمل القائمة بعض الأنواع الأكثر غرابة أو فرادة أو تعرضاً للخطر، من بين 1300 نوع جديد أو نادر عثر عليه علماؤها. وقد نفذ البرنامج 80 مسحاً بيولوجياً في 27 بلداً، منها 51 في البرّ و15 في البحر و13 في مياه عذبة.
هناك الآن نحو 1,5 مليـون نوع من الحيوانات التي تم توثيقهـا في العالم، ولكن يقدر العلمـاء أن ثمة ما بين 10 و30 مليون نوع من الكائنات لم تكتشف وتصنف علمياً بعد. وقد اختفت أنواع كثيرة قبل أن تتاح للعلماء فرصة اكتشافها ودراستها. وأجرت منظمة «كـونزرفيشن إنترناشونال» مسوحات في مواقع مخططة للتنمية الصناعية، فتمكنت من اكتشاف وتوصيف أنواع جديدة لولا ذلك لعاشت واختفت من دون أن يعرف بها أحد.
تم اختيار مواقع المسوحات بعد تحليل صور فضائية وجوية. وتركزت داخل «النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي»، وهي مناطق تتميز بتنوع كبير وفرادة في الأنواع التي لا توجد في مكان آخر، لكن مع تهديد أقل وموئل طبيعي أكثر اتساعاً للاستكشاف.
بالنسبة الى مستقبل البرنامج، قال الدكتور روس ميترماير رئيس منظمة «كونزرفيشن إنترناشونال» الخبير في علم الرئيسيـات: «على رغـم كل ما تعلمناه، ما زال هناك الكثير مما يجب أن نفعله. الضغوط لم تتضاءل على البلدان الأغنى بالتنوع البيولوجي، وما زالت مناطق كثيرة غير مكتشفة. المعرفة ساعدت في الحفاظ على بعض المناطق ذات الأولوية القصوى في العالم، وسوف تبقى المعرفة أداتنـا الأقـوى في ضمان مستقبل الحياة على كوكبنـا».
العنكبوت الدينوصوريةRicinoides atewa
وجدت عام 2006 في محمية غابات جبال أتيوا في غانا. تجمع بين شكل عنكبوت وسلطعون، وللذكور أعضاء تناسلية على قوائمها. وهي تنتسب الى مجموعة حيوانات لم يطرأ عليها تغيير يذكر منذ العصر الكربوني قبل 300 مليون سنة. تعيش حالياً في أميركا الوسطى والجنوبية وغرب أفريقيا، وتقتات بالنمال البيضاء ويرقات النمال.
الجندب الطاووسي Pterochroza ocellata
شوهد في جبال أكاراي في غيانا عام 2006. وهو يعيش في غابات المطر ويستخدم طريقتين فعالتين لحماية نفسه من المفترسات. ففي لمحة يبدو شبيهاً بورقة شجر ذاوية، لكن في حال تعرضه لخطر يبرز في أعلى جناحيه نقطتين شبيهتين بعينين براقتين ويعمد الى الوثب باهتياج، ما يعطي انطباعاً بأنه رأس عملاق لطائر ينقضّ على المهاجم. تطلق الذكور أصواتاً تزاوجية عالية جداً، لكنها غالباً فوق سمعية فلا يستطيع البشر سماعها.
القرش الماشي Hemiscyllium galei
اكتشف في خليج سندراواسي في إندونيسيا عام 2006. يستطيع السباحة بالطبع، لكن يفضل المشي على زعانفة فوق مسطحات الشعاب المرجانية الضحلة، ملتهماً الروبيان (الجمبري) والسلاطعين والحلزون والأسماك الصغيرة. وقد أحدث اكتشافه ضجة إعلامية.
العنكبوت الآكلة للطيور Theraphosa blondi
هي أكبر العناكب حجماً في العالم، اذ يصل وزنها الى 170 غراماً ويبلغ طول قوائمها 30 سنتيمتراً، وقد شوهدت في غيانا عام 2006. تعيش هذه العناكب في جحور على أرض غابات المطر. وعلى رغم اسمها، تتغذى أساساً باللافقاريات، لكنها شوهدت تأكل ثدييات صغيرة وسحالي وحتى أفاعي سامة. لها أنياب محتوية على سم (ليس مميتاً للبشر) لكن خط دفاعها الرئيسي هو شعر يغطي بدنها ويتسبب بطفح جلدي وبثور حكاكة. وعندما تشعر بالخطر، تفرك قوائمها على بطنها وترسل سحابة من الأشواك الميكروسكوبية التي تغرز في جلد المهاجم وأغشيته المخاطية، مسببة ألماً وتهيجاً يدوم وقتاً طويلاً.
جرذ الشنشيلا الشجري Cuscomys ashaninka
اكتشف عام 1997 في سلسلة جبال فيلكابامبا على مقربة من أطلال مدينة ماتشو بيكتشو البائدة في البيرو. لونه رمادي باهت، وله مخالب كبيرة، ويتميز بشريط أبيض على الرأس. وهوينتسب الى جرذان الشنشيلا التي كانت تدفن الى جانب الأموات من شعب الإنكا.
جندب راب Brachyamytta rapidoaestima
تم اكتشافه خلال مسح أجري في غانا وغينيا عام 2002. وهو مفترس متربص يختبئ على أسفل أوراق الأشجار ويهاجم الحشرات الصغيرة التي تحط عليها. وتتواصل الذكور مع الاناث بأغان فوق سمعية.
آكل العسل الأدخن Smoky honeyeater
نوع جديد تم اكتشافه عام 2005 على ارتفاع 1650 متراً فوق سطح البحر في جبال فوجا في غرب نيوغينيا. له منقار قصير، تحيط بعينيه رقعة حمراء من الجلد العاري، تتدلى تحتها زائدة لحمية. وتميزه هذه الصفات عن آكل العسل الأدخن الشائع الأكثر انتشاراً. وهو هادئ جداً ونادراً ما يطلق صوتاً. يقتات على الرحيق فيلقح الأزهار، كما يأكل الحشرات.
الضفدع الشجرية الكبيرة Nyctimystes sp.
طولها نحو 15 سنتمتراً، لها عينان ضخمتان، عثر عليها قرب نهر جبلي في بابوا نيوغينيا عام 2008. وهي تنتسب الى مجموعة ضفادع تميزها علامة شبيهة بالوريد على الجفن، ولفراخها أفواه ضخمة شبيهة بمصاصة تمكنها من لعق الصخور المكشوفة في مجاري المياه المتدفقة.
السام الأبرص (أبو بريص) الشيطاني الورقي الذيل Uroplatus phantasticus
شوهد خلال مسح علمي في ممر مانتاديا زاهامينا في مدغشقر عام 1998. وهو أصغر نوع في هذه العائلة الغريبة الشكل التي تعيش في الأشجار وتنشط ليلاً وتتموه بشكل يخفيها تماماً عن المفترسات. وهي متوطنة في مدغشقر ولا توجد إلا في غابات بدائية لم تعبث بها يد الإنسان، لذلك فإن وجودها سريع التأثر بتدمير الموئل. تأكل هذه العظاءات حشرات وفقاريات صغيرة، وللأنواع الكبيرة منها عدد من الأسنان يفوق ما لدى أي فقاريات أرضية أخرى.
في العام 2004، أدرج الصندوق العالمي لحماية الطبيعة WWF جميع أنواع السام الأبرص في «قائمة الأنواع الحيوانية العشرة الأوائل المطلوبة» التي يتهددها الإتجار غير المشروع بالأحياء البرية، «إذ يتم احتجازها وبيعها بمعدلات منذرة بالخطر في التجارة الدولية بالحيوانات الأليفة».
حشرة بلاتودين Simandoa conserfariam
هذه الحشرة المثيرة للاهتمام تعيش في كهف وحيد في سلسلة جبال سيماندوا في غينيا. وهي تقتات على فضلات الوطاويط العملاقة الآكلة للثمار التي تستوطن الكهف.
اليعسوب Platycypha eliseva
اكتشف في جمهورية الكونغو الديموقراطية عام 2004. لذكوره تشكيلة من الألوان المميزة، خصوصاً طرف البطن المستدق الأصفر والسيقان الحمراء والبيضاء. وجد هذا النوع في ثلاثة جداول رملية صافية على بعد خمسة كيلومترات من نهر الكونغو. اليعاسيب مؤشرات جيدة على نوعية المياه، اذ تحتاج الى مياه صافية. وهي تغذي على حشرات وكائنات مائية أخرى. يرقاتها مفترسات نهمة ليرقات البعوض، وتستعمل في برامج صحية بشرية لمكافحة البعوض الناقل للأمراض.
النملة الشصِّية Polyrhachis bihamata
شوهدت في متنزه فيراشي الوطني في كمبوديا عام 2007. هذه النملة الكبيرة التي يبلغ طولها 1,5 سنتيمتر تتفادى المفترسات ، فالأشواك المعقوفة في ظهرها تنغرز في الجلد وتبقى فيه. وهي تعيش بأعداد كبيرة داخل جذوع الأشجار اليابسة. وعندما تتعرض لهجوم مفترس تحتشد وتتشابك ما يجعل انتزاع واحدة منها أمراً صعباً. سلوك التشابك هذا فعال جداً كآلية دفاعية. تؤدي النمال دوراً ايكولوجياً مهماً اذ تقتات بالقمامة والحشرات والحيوانات النافقة، ما يساعد في تدوير المواد العضوية وإعادتها الى النظام الايكولوجي.
النملة النمرية Strumigenys tigris
شوهدت في سلسلة جبال مولر في بابوا نيو غينيا عام 2009. وهي ليست بحجم نمر، إذ يبلغ طولها نحو مليمترين، لكنها شرسة، تتجول بين أوراق الشجر المتساقطة في غابات المطر وهي فاتحة فكيها لالتقاط اللافقاريات الصغيرة بسرعة البرق. وتساعدها ألوانها الجميلة على التموه بين العيدان البالية.
السمندل الفضائي Bolitoglossa sp. nov
اكتشف في الغابات الرطبة في جنوب الإكوادور عام 2009. له أقدام كفِّية تساعده في التسلق لبلوغ أعالي الغابات الإستوائية. ليست له رئتان، بل يتنفس من خلال جلده.
السمكة المصاصة Paracheilinus nursalim
اكتشفت عام 2006 في غرب بابوا في إندونيسيا. تقوم الذكور بحركات تودد مذهلة، حيث تومض ألواناً «كهربائية» لاجتذاب الاناث. تحدث رقصة التودد هذه بعد ظهر كل يوم، مبتدئة قبل ساعة من غروب الشمس ومستمرة حتى الغسق. شكل الفم والشفتين يمكن السمكة من أن تتغذى وتتنفس وتلتصق بتربة القاع من خلال الامتصاص. والرعاية الأبوية ملحوظة، اذ يحرس الذكر البيوض وأحياناً اليرقات.
سمكة السلّور الماصّة Pseudancistrus kwinti
اكتشفت في سورينام عام 2005، وسُميت تيمناً بشعب كوينتي الفطري الذي يعيش على نهر كوبينام. الفم الماصّ يمكن هذه السمكة من الالتصاق بالأجسام حتى في المياه السريعة التدفق، والأسنان مهيأة لقضم تشكيلة من المغذيات مثل الطحالب واللافقاريات وفتات الصخور. وتحرك السمكة فكيها دائرياً لكشط تربة القاع كي تأكل الطحالب وسواها.
العقرب الامبراطوري Pandinus imperator
يبلغ طوله 20 سنتيمتراً وهو من أكبر العقارب في العالم، وقد شوهد في منطقة أتيوا في غانا عام 2006. يتغذى بالنمال البيضاء ولافقاريات صغيرة أخرى. سمه غير مؤذ كثيراً للبشر، ويحتوي على مركبات يجري اختيارها كعقاقير محتملة لضبط عدم انتظام النبض. كما تتم دراسة مركبات البيتاكاربولين المتوهجة الزرقاء التي تغطي جسمه (تشاهد فقط في الضوء فوق البنفسجي) لفهم الانحلال التأكسدي للبروتينات في عدسات عيون البشر، ما يؤدي الى العمى الناتج عن إعتام عدسة العين.
الوطواط الأنبوبي الأنف الآكل الثمار Nyctimene sp.
وُجد عام 2009 في سلسلة جبال مولر في بابوا نيوغينيا. ويعتقد أنه متفرد في غابات التلال على الجزيرة. وتعتبر الوطاويط الآكلة للثمار ناثرات بذور هامة في الغابات الاستوائية.