وقع ممثلو دول الشعوب الأصلية في العالم، الذين اجتمعوا في أقصى شمال النروج في 12 حزيران (يونيو) 2013، وثيقة تاريخية تلوم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على دعم التهميش والاستغلال التاريخيين لحقوقهم ومواردهم. وقد تجلى ذلك مؤخراً بالاستيلاء غير القانوني على الأراضي من قبل حكومات وشركات متعددة الجنسيات، في سباق لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الغذاء والوقود والألياف والمعادن.
«لدينا القدرة، كشعب أصلي، على حماية وصون الغابات والجبال والمحيطات والمياه والموارد الأخرى التي يحتاج إليها العالم لكي يبقى ويستمر»، هذا ما أكدته فيكتوريا تولي كوربوز، التي ترأست الاجتماع الذي ضم نحو 600 زعيم لشعوب أصلية واستضافه شعب «السامي» الأصلي في اسكندينافيا في عاصمته ألتا المعروفة برسوم كهوفها التي تعود إلى ما قبل التاريخ وبقطعان أيائل الرَّنة. ودعا «إعلان ألتا» الصادر عن المؤتمرين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى وقف تأييد نماذج التنمية التي تدوس حقوق الشعوب الأصلية وسبل عيشها وصحتها، وتلحق أضراراً بيئية بالموارد الطبيعية، من الغابات إلى الأنهار والمجالد، التي لها أهمية عالمية كبيرة في المعركة ضد الآثار الكارثية لتغير المناخ.
نماذج من العالم
يواجه السكان الأصليون في نيكاراغوا، الذين يعيشون في غابة المطر، غرباء يقطعون أشجار غابتهم بشكل غير مشروع ليتاجروا بخشبها.
ويخوض سكان أصليون في الكاميرون حرباً ضارية لحماية غاباتهم وأراضيهم النائية من شركات زيت النخيل. وقد حقق نحو 45 ألفاً منهم في الجنوب الغربي انتصاراً موقتاً عندما أمرت الحكومة الكاميرونية شركة «هيراكلز» للتطوير العقاري، ومقرها الولايات المتحدة، بوقف خطط بقيمة 350 مليون دولار لزراعة نخيل الزيت. ولكن بعد بضعة أيام سُمح للشركة باستئناف عملياتها.
وفي البرازيل، سوف تدمر السدود المخطط لها في نهر الأمازون أراضي السكان الأصليين وسبل عيشهم. سدّ بيلو مونتي، الذي تمت الموافقة عليه هذا الربيع وسيكون ثالث أكبر سدّ في العالم بعد إنجازه، سوف يشرد نحو 12 ألف شخص. وفي محاولة لاقناع الحكومة بعدم الحاجة إلى السدود الضخمة، تقوم بعض القبائل باختبار مزارع الرياح.
أما في إندونيسيا، فقد أيدت المحاكم مؤخراً حقوق الشعوب الأصلية في غاباتها وأراضيها. لكن الخلاف على كيفية تطبيق القانون قد يقوض هذا التطور الايجابي. وفي آذار (مارس) 2013 أدى نزاع على هذه الحقوق في شمال سومطرة إلى مقتل سبعة قرويين و15 جندياً.
في انتظار مؤتمر 2014
يطالب إعلان ألتا بأن تحصل الحكومات أولاً على موافقة السكان الأصليين الذين تُستهدف أراضيهم لإقامة السدود والمناجم وغيرها من المنشآت، قبل مباشرة هذه المشاريع المخلة بأوضاعهم. ويطلب من الحكومات أن تتشارك مع السكان الأصليين لتطوير طرائق مستدامة أو بدائل لاستخراج الموارد الطبيعية.
وقد أظهرت التقارير التي قُدمت في أيار (مايو) 2013، خلال المنتدى الدائم للأمم المتحدة حول قضايا الشعوب الأصلية في نيويورك، أن للصناعات الاستخراجية التي تعمل على إزالة الموارد الطبيعية من الأرض تأثيرات سلبية على الصحة والرفاه الاقتصادي للشعوب الأصلية في أنحاء العالم.
ويهدف إعلان ألتا إلى إغناء وتفعيل أجندة المؤتمر العالمي للشعوب الأصلية، الذي سيعقد في نيويورك في 22 و23 أيلول (سبتمبر) 2014. وسوف تشهد الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة أول اجتماع رفيع المستوى لتقييم التقدم أو التباطؤ في تبني الدول الأعضاء لإعلان الأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية الصادر عام 2007.
فمنذ توقيع هذا الاعلان غير الملزم، يقول قادة الشعوب الأصلية إنهم شاهدوا بلدانهم تتخلى عن التزاماتها بدعم حقوقهم. لذلك يدعو إعلان ألتا الى تحقيق تعهد ملزم لحقوق الشعوب الأصلية وإقامة «ذراع» للأمم المتحدة لدعم هذه الحقوق.