أوحت ألعاب أطفال لشاب أفغاني ـ هولندي باختراع غريب الشكل يأمل أن ينقذ الآلاف من الموت أو من بتر الأطراف في حوادث انفجار الألغام في المناطق التي شهدت حروباً
يان هينوب (إندهوفن، هولندا)
تركت عقود من الحروب الأرياف الأفغانية الوعرة مزروعة بألغام أرضية تصطاد ضحاياها بلا شفقة، ولا سيما الأطفال.
واليوم، في ورشة صغيرة في المنطقة الصناعية لمدينة إندهوفن في جنوب هولندا، ها هو مسعود حساني (29 عاماً) يثبت البراغي في قوائم جهاز كروي متدحرج، تدفعه الرياح، صممه لنزع الألغام المضادة للأفراد، وأطلق عليه اسم «كافون الألغام».
قال حساني: «أتت الفكرة من ألعاب الأطفال التي كنا نلهو بها في ضواحي كابول».
الكافون تصغير لكلمة «كافوندان»، التي تعني بلغة الداري الأفغانية «شيئاً ينفجر». وهو يتألف من 150 قائمة من أغصان الخيزران (بامبو) مثبتة بالبراغي في كرة معدنية مركزية. وفي الطرف الآخر لكل قائمة قرص بلاستيكي أبيض مستدير مربوط بمطاط أسود لتثبيت أعمدة الإدارة.
يتحرك الكافون الكروي مع الريح، فهو مصمم ليتدحرج على الأرض مفجراً الألغام. ويمكن استبدال قوائمه الخيزرانية بسهولة، فعندما تتكسر نتيجة الانفجار تثبَّت أخرى في مكانها بواسطة البراغي. وهذا يعني إمكان استعماله تكراراً.
وفي داخل الكرة الفولاذية جهاز GPS يحدد مسار الكافون وهو يتدحرج عبر منطقة قد تكون مزروعة بالألغام، فيبين على خريطة إلكترونية الأماكن التي يمكن المشي فيها بأمان.
ما زال حساني في مراحل اختبار جهازه، ويهمه التأكد من أن «أقدام» الكافون تلامس الأرض بنسبة 100 في المئة، بحيث لا تخطئ أي لغم.
لكن التجارب الأولية، وفي بعضها تم استخدم متفجرات بمساعدة الجيش الهولندي، كذلك اختبارات الدحرجة الميدانية التي أجراها حساني في المغرب قبل أشهر، أظهرت نتائج واعدة. وهو قال: «هذا الجهاز نموذج أولي عملي، وما زلنا نحتاج الى كثير من الاختبارات»، مؤكداً أن الكافون لن يستخدم في أوضاع حقيقية إلا بعد التثبت منه 100 في المئة. وهو ما زال يبحث، مع أخيه محمود (27 عاماً)، عن رعاة لتمويل تطوير الجهاز وأخذه الى أفغانستان في أواخر صيف 2013 لمزيد من التجارب. وستكون تلك أول عودة للأخوين الى بلدهما، بعدما تركا كابول أثناء حكم طالبان عام 1998 في رحلة شاقة عبر باكستان وأوزبكستان، وصولاً الى هولندا، حيث قُبلا كلاجئين. وهما الآن يحملان الجنسية الهولندية.
على رغم التقدم الكبير في نزع الألغام في أفغانستان خلال السنوات الأخيرة، فإنها تبقى من أكثر البلدان احتواء على الألغام في العالم. فمنذ 1989، تم جمع نحو 650 ألف لغم مضاد للأفراد و27 ألف لغم مضاد للدبابات وأكثر من 15 مليون قطعة من الذخيرة غير المنفجرة، بحسب مركز تنسيق أعمال الألغام في أفغانستان (MACCA) الذي تموله الأمم المتحدة. وفي حزيران (يونيو) 2012، أفادت الأمم المتحدة أنه ما زالت هناك 5233 «منطقة خطر» تغطي 588 كيلومتراً مربعاً وتعرّض أكثر من 750 ألف مواطن للخطر.
قال حساني: «يقتل أناس كل يوم تقريباً في بلدي، وللأسف غالبيتهم أولاد».
|