«أحلم بمصر خالية من التلوث»
تعايشت الدكتورة ليلى راشد اسكندر مع ظروف الزبالين الاجتماعية والبيئية الصعبة، وساعدتهم في إقامة مشاريع حرفية بسيطة. فتم منحها جائزة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس للإبداع الاجتماعي، تقديراً لأعمالها التطوعية في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وزيرة البيئة في الحكومة المصرية الجديدة، وإحدى ثلاث نساء ضمتهن الوزارة. حصلت على بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، ثم تزوجت وهاجرت مع زوجها الى الولايات المتحدة عام 1968 حيث استقرت في ولاية كاليفورنيا، وحصلت على شهادة في تطوير التعليم الدولي من جامعة بيركلي، وعملت في ميدان التدريس.
وبعد عشر سنوات في الولايات المتحدة، عملت لمدة سنة ونصف سنة في الصندوق الصناعي السعودي، عادت بعدها إلى مصر. هناك، قررت أن تنقل خبرتها إلى حي الزبالين، أحد أفقر الأحياء المصرية. ومن خلال العمل التطوعي على مدى 15 عاماً، أسست شركة خاصة هي «مؤسسة التنمية المجتمعية والمؤسسية للاستشارات» (CID)، التي تعمل على محو أمية أهل الحي وتنميتهم اجتماعياً واقتصادياً، من خلال المشاريع والحرف البسيطة التي تضع لها برنامجاً ومنهج عمل. وقد تبنت الشركة إنشاء ورش صغيرة ومتوسطة في مجال إعادة تدوير المخلفات في حي الزبالين، تقوم بتوريد المخلفات المفروزة إلى نحو 60 مصنعاً في أنحاء البلاد لإعادة تصنيعها.
«البيئة والتنمية» أجرت في القاهـرة حواراً مع وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ليلى راشد اسكندر.
العمل التطوعي كان طريقها الى كرسي الوزارة، بعدما أمضت 15 عاماً من عمرها في تعليم أهالي حي الزبالين في منطقة جبل المقطم في القاهرة.
حاورتها غادة زين العابدين
في البداية، ما رأيك في حجم تمثيل المرأة في الحكومة الجديدة؟
العدد ليس كافياً على الإطلاق: ثلاث نساء من أصل 36 وزيراً. المرأة المصرية تستحق تمثيلها بنسبة أكبر، ويمكنها أن تحقق نجاحاً حقيقياً في كل مجال. أتمنى زيادة عدد النساء في الوزارة المقبلة.
المعروف أن فترة هذه الحكومة محدودة، تنتهي باختيار رئيس جديد للبلاد. فما هي الملفات البيئية التي سيتم إعطاؤها الأولوية خلال هذه الفترة؟
هناك تكليف واضح من رئيس الحكومة بأنها ليست حكومة تسيير أعمال، بل هي حكومة انتقالية، ومهمتها الأولى التخطيط لما بعد المرحلة الانتقالية. سوف نعمل على تحديد المهام والاختصاصات والمسؤوليات لوضع خطة جديدة للبيئة، وفتح حوار على المستوى القومي لأبرز القضايا البيئية مثل الطاقة والاحتباس الحراري والتلوث وغيرها.
ما الملف الذي تبدأين به خطة عملك؟
سأبدأ بمنظومة إعادة تدوير المخلفات الصلبة، وهو المجال الذي حققت فيه نجاحاً حقيقياً من خلال عملي التطوعي. فقد درست اقتصاديات إعادة التدوير، وركزت على دراسة أحوال جامعي القمامة ومشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية. وقمنا بتصميم وتنفيذ مشاريع لأهالي الحي ساهمت كثيراً في تحسين أوضاعهم، ومن بينها مشروع خاص بالمرأة هو «مشروع النول اليدوي» للنسيج، حيث تم وضع برنامج لتعليم فتيات الحي كيفية العمل على النول وأصول الحساب وكيف يتم البيع والشراء. وثمة مشاريع لتدوير البلاستيك ومخلفات أخرى.
كيف تقومين بتحويل التجربة من مشروع صغير داخل حي الزبالين الى منظومة قومية على مستوى مصر؟
أولاً، تعلمت من تجربتي في العمل التطوعي أن التنمية لا يمكن أن تتحقق من دون تنمية الإنسان وتعليمه ومراعاة البيئة التي يعيش فيها. ومن هذا المنطلق سأقوم بتنفيذ خطة العمل في الوزارة، التي ستركز على الاهتمام بمحاور التنمية المستدامة وهي الأرض وكرامة الانسان والجانب الاقتصادي.
ثانياً، منظومة تدوير القمامة يمكن أن تحقق نتائج فعالة، إذ يصل حجم المخلفات الصلبة التي تخرج من منازلنا في مصر الى معدلات ضخمة. فالقاهرة وحدها تنتج يومياً 14 ألف طن، و80 في المئة من المخلفات التي يجمعها الزبالون يمكن إعادة تدويرها. ومن هنا سيتم التركيز على تأسيس شركات صغيرة تقوم بجمع المخلفات من المنازل بعد فرزها داخل المنزل، بحيث نوجه المخلفات العضوية إلى مصانع السماد، ونوجه المخلفات الصلبة للتجهيز والكبس ثم نرسلها إلى مصانع كبرى لإعادة تدويرها. وهذا الأمر يتطلب رفع الوعي الجماهيري، لأن فصل المخلفات يجب أن يتم داخل المنازل والمنشآت قبل عملية جمعها. ولذلك ستتبنى الوزارة حملات واسعة للتوعية لكي نضمن مشاركة المواطن ونجاح المنظومة.
لكن هذه التجربة بدأت منذ سنوات ولم تكتمل.
لدينا بالفعل 1500 مصنع محلي تقوم بتوريد المخلفات إلى المصانع الكبيرة، لكن هذا العدد غير كاف على الإطلاق. كما أن هذا قطاع أهلي غير مرخص، وبالتالي تواجهه مشاكل عديدة. سأعطي الأولوية لإنشاء عدد أكبر من مصانع التدوير، إذ نحتاج على الأقل إلى خمسة آلاف مصنع. كما سأهتم بتسهيل العقبات أمام ترخيص هذه المصانع لكي نضمن أن تكون آمنة صناعياً وبيئياً. وسيتم العمل بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية، التي ستلعب دوراً كبيراً في تنظيم عقود الشركات وتقسيم الأحياء وتخصيص محطات وسيطة لمخلفات السماد.
أي أهداف يمكن أن تتحقق من تطبيق هذه المنظومة؟
أهداف عديدة، أهمها الحفاظ على الصحة العامة، والمساهمة في حل مشكلة البطالة من خلال توفير وظائف للشباب. فكل طن من المخلفات يمكن أن يوفر 7 فرص عمل، كما تؤكد الدراسات التي قمت بها. ومن أهم الأهداف أيضاً تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال العائد المادي الذي سيترتب على إعادة تدوير المخلفات.
ما هي الملفات الأخرى التي تضعينها على قائمة أولويات خطة الوزارة؟
ملف المحميات الطبيعية، فمصر تضم ثلاثين محمية طبيعية، وهي ثروة لا تقدر بثمن، لكنها للأسف لا تلقى الاهتمام أو الدعم الكافي، ولا يتم استغلالها سياحياً أو الترويج لها بالصورة التي تستحقها. وأنا الآن أقوم بدراسة هذا الملف وجمع المعلومات الكاملة تمهيداً لوضع خطة متكاملة لتطوير هذه المحميات ودراسة القوانين التي تنظمها وضمان تنفيذ هذه القوانين. ومن القضايا التي ستكون لها الأولوية أيضاً تلوث مياه النيل والبحيرات وأثر ذلك على صحة الإنسان المصري.
هل ملف التغيرات المناخية وتأثيرها على مصر من الأولويات؟
للأسف، هذا الملف لم يأخذ حقه من الاهتمام والدراسة والاستعدادات على رغم خطورته. وهو سيكون أيضاً من بين الملفات التي سأقوم بدراستها. بالطبع، للتغيرات المناخية تأثيرات سلبية كثيرة على مصر، لكن انشغال بلادنا بالقضايا الساخنة في الفترة الأخيرة أثر كثيراً على اهتمامها بهذه القضية واستعدادها لمواجهتها.
ما رؤيتك لحال المرأة المصرية؟
المرأة المصرية تكدح طوال الوقت. فالمجتمع يلقي عليها بأعباء ومسؤوليات ضخمة في البيت وفي العمل، بالإضافة إلى صعوبة الحياة والفقر وضعف الإمكانيات. يجب علينا أن نراعي كل هذه الظروف عند وضع مشاريع التنمية.
ما هي أحلامك كوزيرة للبيئة في مصر من الأولويات؟
حلمي الكبير أن تختفي كل مظاهر تلوث الماء والهواء والغذاء التي أدت إلى تدهور البيئة وارتفاع معدل الإصابة بالأمراض، وأن نرتقي بالوعي البيئي، وأن ننجح في تغيير الاتجاه الخاطئ الذي كان يرى أن الاهتمام بالبيئة يمكن أن يعرقل عجلة التنمية، خاصة التنمية الصناعية. فالحقيقة أن البيئة الصحية هي قلب التنمية المستدامة التي تقوم، كما ذكرت، على الأرض وكرامة الإنسان والاقتصاد. التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق في ظل تجاهل حقوق البشر وظروف حياتهم ومعيشتهم.
ماذا عن هواياتك؟
أحب الرياضة وأمارس السباحة، كما أحب القراءة والموسيقى وأعزف على البيانو.